| | | | مر الكلام في قصة رزية الخميس عند الحديث عن الصحابة رضي الله عنهم، وهنا يكون الكلام فيما يتعلق بعمر رضي الله عنه. يقول إبن حجر في شرح هذا الحديث وفيه مقدمة لإعذار عمر. حدثنا قتيبة حدثنا سفيان عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير قال قال ابن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعه فقال ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ما شأنه أهجر استفهموه فذهبوا يردون عليه فقال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه وأوصاهم بثلاث قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم وسكت عن الثالثة أو قال فنسيتها فقال ((ما شأنه أهجر )). وقيل : قال ذلك لإرادة سكوت الذين لغطوا ورفعوا أصواتهم عنده , فكأنه قال : إن ذلك يؤذيه ويفضي في العادة إلى ما ذكر ويظهر لي ترجيح ثالث الاحتمالات التي ذكرها القرطبي ويكون قائل ذلك بعض من قرب دخوله في الإسلام وكان يعهد أن من اشتد عليه الوجع قد يشتغل به عن تحرير ما يريد أن يقوله لجواز وقوع ذلك , ولهذا وقع في الرواية الثانية " فقال بعضهم إنه قد غلبه الوجع " ووقع عند الإسماعيلي من طريق محمد بن خلاد عن سفيان في هذا الحديث " فقالوا ما شأنه يهجر , استفهموه " وعن ابن سعد من طريق أخرى عن سعيد بن جبير " أن نبي الله ليهجر " , ويؤيده أنه بعد أن قال ذلك استفهموه بصيغة الأمر بالاستفهام أي اختبروا أمره بأن يستفهموه عن هذا الذي أراده وابحثوا معه في كونه الأولى أولا. وقال النووي : اتفق قول العلماء على أن قول عمر " حسبنا كتاب الله " من قوة فقهه ودقيق نظره , لأنه خشي أن ((( يكتب ))) أمورا ربما عجزوا عنها فاستحقوا العقوبة لكونها منصوصة , وأراد أن لا ينسد باب الاجتهاد على العلماء . (وفي تركه صلى الله عليه وآله وسلم الإنكار على عمر إشارة إلى تصويبه رأيه). وأشار بقوله : " حسبنا كتاب الله " إلى قوله تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) . يحتمل أن يكون قصد التخفيف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما رأى ما هو فيه من شدة الكرب ,(((( وقامت عنده قرينة بأن الذي أراد كتابته ليس مما لا يستغنون عنه )))), إذ لو كان من هذا القبيل لم يتركه صلى الله عليه وآله وسلم لأجل اختلافهم , ولا يعارض ذلك قول ابن عباس إن الرزية إلخ , ل(((أن عمر كان أفقه منه قطعا))) . وقال الخطابي : لم يتوهم عمر الغلط فيما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد كتابته , بل امتناعه محمول على أنه لما رأى ما هو فيه من الكرب وحضور الموت (((خشي أن يجد المنافقون سبيلا إلى الطعن فيما يكتبه وإلى حمله على تلك الحالة التي جرت العادة فيها بوقوع بعض ما يخالف الاتفاق))) فكان ذلك سبب توقف عمر , لا أنه تعمد مخالفة قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا جواز وقوع الغلط عليه حاشا وكلا . وقال ابن تيمية: وأما قصة الكتاب الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يريد أن يكتبه فقد جاء مبينا كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه ادعى لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى ويأبي الله والمؤمنون إلا أبا بكر. وفي صحيح البخاري عن القاسم بن محمد قال قالت عائشة وارأساه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو كان وأنا حي فاستغفر لك وأدعو لك قالت عائشة واثكلاه والله إني لأظنك تحب موتي فلو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل أنا وارأساه لقد همت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه وأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون ويدفع الله ويأبى المؤمنون. وفي صحيح مسلم عن ابن أبي مليكة قال سمعت عائشة وسئلت من كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستخلفا لو استخلف قالت أبو بكر فقيل لها ثم من بعد أبي بكر قالت عمر قيل لها ثم من بعد عمر قالت أبو عبيدة عامر بن الجراح ثم انتهت إلى هذا وأما عمر فاشتبه عليه هل كان قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم من شدة المرض أو كان من أقواله المعروفة والمرض جائز على الأنبياء ولهذا قال ماله أهجر فشك في ذلك ولم يجزم بأنه هجر والشك جائز على عمر فإنه لا معصوم إلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا سيما وقد شك بشبهة فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان مريضا فلم يدر أكلامه كان من وهج المرض كما يعرض للمريض أو كان من كلامه المعروف الذي يجب قبوله وكذلك ظن أنه لم يمت حتى تبين أنه قد مات والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد عزم على أن يكتب الكتاب الذي ذكره لعائشة فلما رأى أن الشك قد وقع علم أن الكتاب لا يرفع الشك فلم يبق فيه فائدة وعلم أن الله يجمعهم على ما عزم عليه كما قال ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر وقول ابن عباس إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين أن يكتب الكتاب يقتضي أن هذا الحائل كان رزية وهو رزية في حق من شك في خلافة الصديق أو اشتبه عليه الأمر فإنه لو كان هناك كتاب لزال هذا الشك فأما من علم أن خلافته حق فلا رزية في حقه ولله الحمد. ومن توهم أن هذا الكتاب كان بخلافة علي فهو ضال باتفاق عامة الناس من علماء السنة والشيعة أما أهل السنة فمتفقون على تفضيل أبي بكر وتقديمه وأما الشيعة القائلون بأن عليا كان هو المستحق للإمامة فيقولون إنه قد نص على إمامته قبل ذلك نصا جليا ظاهرا معروفا وحينئذ فلم يكن يحتاج إلى كتاب وإن قيل إن الأمة جحدت النص المعلوم المشهور فلأن تكتم كتابا حضره طائفة قليلة أولى وأحرى وأيضا فلم يكن يجوز عندهم تأخير البيان إلى مرض موته ولا يجوز له ترك الكتاب لشك من شك فلو كان ما يكتبه في الكتاب مما يجب بيانه وكتابته لكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبينه ويكتبه ولا يلتفت إلى قول أحد فإنه أطوع الخلق له فعلم أنه لما ترك الكتاب لم يكن الكتاب واجبا ولا كان فيه من الدين ما تجب كتابته حينئذ إذ لو وجب لفعله ولو أن عمر رضي الله عنه اشتبه عليه أمر ثم تبين له أو شك في بعض الأمور فليس هو أعظم ممن يفتي ويقضي بأمور ويكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد حكم بخلافها مجتهدا في ذلك ولا يكون قد علم حكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإن الشك في الحق أخف من الجزم بنقيضه وكل هذا إذا كان باجتهاد سائغ كان غايته أن يكون من الخطأ الذي رفع الله المؤاخذه به كما قضى على في الحامل المتوفى عنها زوجها أنها تعتد أبعد الأجلين مع ما ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لما قيل له إن أبا السنابل بن بعكك أفتى بذلك لسبيعة الأسلمية فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذب أبو السنابل بل حللت فانكحى من شئت فقد كذب النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا الذي أفتى بهذا وأبو السنابل لم يكن من أهل الاجتهاد وما كان له أن يفتي بهذا مع حضور النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأما علي وابن عباس رضي الله عنهما وإن كانا أفتيا بذلك لكن كان ذلك عن اجتهاد وكان ذلك بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن بلغهما قصة سبيعة وهكذا سائر أهل الاجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم إذا اجتهدوا فأفتوا وقضوا وحكموا بأمر والسنة بخلافه ولم تبلغهم السنة كانوا مثابين على اجتهادهم مطيعين لله ورسوله فيما فعلوه من الاجتهاد بحسب استطاعتهم ولهم أجر على ذلك ومن اجتهد منهم وأصاب فله أجران. وفي الباب نفسه قال احدهم: هل تعلمون من هو المريض الذي منع من أبسط حقوقه? إنه نبي الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ومرجع الأمة وقائدها محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) !!! وتفصيل ذلك انه أراد ان يلخص الموقف فقال لم حظر عنده : قربوا أكتب لكم كتابا لن تظلوا بعده أبدا ، فتصدى له عمر بن الخطاب ، وقال : لاحاجة لنا بكتابة الكتاب ، حسبنا كتاب الله ، ان المرض قد اشتر برسول الله !!! وانقسم الحاضرون إلى قسمين ،قسم يقول قربوا يكبت لكم رسول الله ، والقسم الآخر يقول حسبنا كتاب الله ، ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) اشتر به الوجع ، أو إن رسول الله حاشاه يهجر ، فاختلفوا وتنازعوا وما ينبغي عند نبي تنازع ، فغضب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد صدموا خاطره الشريف بقولهم هجر أو يهجر ، وقال لهم قوموا عني ما أنا فيه خير مما أنتم فيه.[1] ولكن لنطلع على حادثة مشابهة لها يحدثنا بها أهل الحديث والتاريخ وهي[2] ، ( أبا بكر دعا عثمان خاليا فقال أكتب : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين ، قال ثم أغمي عليه ، فذهب عنه ، فكتب عثمان أما بعد فاني استخلف عليكم عمر بن الخطاب ، ولم آلكم خيرا ثم أفاق أبو بكر ، فقال : إقرأ علي ، فقرأ عليه ، فكبر أبو بكر ، وقال : آراك خفت ان يختلف الناس ان اسلمت نفسي في غشيتي ، قال نعم ، قال جزاك الله خيرا عن الإسلام وأهله وأقرها أبو بكر (رضي الله عنه) ، وذكر الطبري قبل ذلك أنه كان جالسا والناس معه ، ومعه شديد مولى لأبي بكر ، معه الصحيفة التي فيها استخلاف عمر ، وعمر يقول : أيها الناس اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أنه يقول أني لم آلكم نصحا .[3] ( ولنعقد مقارنة بسيطة بين هتين الحادثتين ) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) مرض ، وأبو بكر مرض ، رسول الله تكلم وهو مريض ، وأبو بكر تكلم وهو مريض ، وقد اشتد المرض برسول الله ولكن لم يغم عليه من شدة الوجع ، وأبو بكر اشتد به المرض ولكن أغمي عليه من شدة المرض ، وعمر حضر الاثنين ، ولكن عندما أراد ان يتكلم قال عمر : حسبنا كتاب الله ، ان الوجع قد اشتد برسول الله أو قال : استفهمون ان رسول الله يهجر !!! أما أبو بكر عندما أراد ان يتكلم قال : عمر أسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله ، أنه يقول : إني لم آلكم نصحا ! أقول أبو بكر يكتب ويقابل ما كتبه بكل احترام وتقدير ، وينفذ حرفيا ولا يكسر أحد بخاطره ، وتقوم الاعتراضات على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أراد ان يكتب مع ان الذي أراد ان يكتبه رسول الله هو الأمان من الظلالة ! ربما سيقال انه تعريض لشخص عمر أو غيره وهو الصحابي وهو الشخص الثالث في الأفضلية بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) وأبي بكر . أقول هذا ما اثبته التاريخ لنا فهل لنا ان نغمض أعيننا عنه مراعاة لكرامة ومنزلة صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ومن نعتبرهم أفضل الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أم نهمله من أجل ان لا نجرح شعور من اعتقد بهم وجعلهم أفضل الناس !! إلا يكون هذا بابا لا نعيد النظر في اعتباراتنا ونحقق ما نحن عليه بخطى علمية رصينه وأرواح طالبه للحق ؟؟ الرد: أما قولك فتصدى له عمر بن الخطاب ، وقال : لاحاجة لنا بكتابة الكتاب ، حسبنا كتاب الله ، ان المرض قد اشتر برسول الله...إلخ فأقول لك كلمة تصدى له عمر توحي بأنه منعه وقال له أسكت ولا تتكلم ومت لكي لا يحصل علي على الخلافة . وهذا يصف الحادث وكأنه هو الذي كان هناك!! كلامك هذه فيه إتهام لعلي رضي الله عنه لأن الذي يهاجم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويسكته ويتصدى له لا بد أن يواجهه أحد المخلصين ليردعه عن هذا الفعل الأثيم ، فنحن نقول أين على بن أبي طالب ليردعه بالسيف؟! ولماذا لم يأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بطرد عمر فقط ومن معه لكي يسمع المخلصين وحي الله؟! فإن قلتم هو رحيم بأمته ولا يفعل ما ينفر الناس قلنا لكم هو حقا رحيم ولكنه صلى الله عليه وآله وسلم لا يرحم من يمنع وحي الله أبدا لأنه حجر عثره فإن عمر كما تزعمون منع وحي الله عن الأمة. ثم ماذنب الذين أرادوا كتابة الكتاب؟! لماذا طردهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟!؟!؟ إن قلت لي لأنه لا ينبغي التخاصم عن نبي قلنا لك ولكن مصيبة منع الكتاب أكبر من موضوع التخاصم فلابد من الجهر بالوحي ولو خالفه عمر ومن معه كما تزعمون. وكذلك نحن نسألكم هل الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيكتبه هو أمر لم يقله سابقا؟! إن قلتم نعم أمر لم يقله سابقا قلنا لكم أنكم تكذبون بقوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم)..!!!! وإن قلتم هو قاله وأراد أن يؤكده مرة أخرى نقول لكم وهل بدون هذا التوكيد سيتحقق ضلال الأمة؟؟؟؟ إن قلتم نعم نقول لكم أنتم إتهمتم الله عزوجل في أنه أضل عباده بقبض روح رسوله قبل أن يقول لهم ويعيد عليهم الأمر الذي لن يحصل لهم هداية إلا به. فإن قلتم الحجة تقوم على العباد ولو بدون أن يكرر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نفس الكلام قلنا لكم بما أن هذا الأمر قد حصل في السابق فلماذا تنكرون على عمر رضي الله عنه في إراحة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الإعادة لأنه بين وشهد ببلاغ الرسول السابق وكتاب الله موجود فلن نضل بوجودهما بين أيدينا وصدورنا. ثم إني أقول لك وأسألك بالله هل كان الصحابة يعلمون أنه كان سيموت بعد أن يخرجهم من عنده؟! إن قلت لي نعم أقول لك كذبت لأنهم لو كانوا يعلمون أنه سيموت لما إضطربوا حتى عمر كان لم يصدق أنه مات وكانت صدمة الحال عليهم كبيرة كما هو في البخاري فلا بد أن تنقل لنا من كتبنا لتلزمنا به لأنه لا يجوز لك أن لا تقارن أحاديثنا بعضها ببعض لكي تحاججنا بها أما النتاف فلا. بما أنهم لم يكونوا يعلمون أنه سيموت لأنهم لا يعلمون الغيب فما العيب في أن يؤجل أمر الكتاب إلى أن يصح حال رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم. مع العلم أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل لهم إسمعوا منى لأني سأرحل ولن تسمعوا مني بعدها شيئا إلا الآن. أما قولك فغضب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد صدموا خاطره الشريف بقولهم هجر أو يهجر ، وقال لهم قوموا عني ما أنا فيه خير مما أنتم فيه . فأقول لك أولا أنت كأنك تتهم عمر أنه هو القائل يهجر؟! قلنا أن القائلين هم من المسلمين الجدد وليسوا من أهل المعرفة التامة من القدماء في الإسلام وذكرنا كلام ابن حجر فلماذا التمويه؟ أما غضب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فهو كان لتخاصمهم وليس لكلام عمر ولذلك أخرجهم جميعا ولي يستثني منهم الذين أرادوا كتابة الكتاب فتنبه. وهذا بدليل قولك وقال لهم قوموا عني ما أنا فيه خير مما أنتم فيه. ثم أنت لم تأتنا بمرجع هذه الجملة ولم تأتنا بشرحها من كتبنا لكي تقيم الحجة علينا كما تزعم. نحن لا نفسر أحاديثنا بهوى كلام الخصوم لأننا نقارن الأحاديث الصحيحة بعضها ببعض ونستنبط الكلام ولا نبتر شطر ونتجاهل الكلام المستفيض. تنبيه ( لا بد أن تأتنا بكل حديث حرفيا على حده مع المرجع ولا تخلط المراجع وتأتي بالأحاديث على نمط كلامك. لا بد من لفض الحديث ثم تعلق أنت بعده. ثم لا تنسى أن كتب التاريخ لا نأخذ منها إلا الصحيح فهل لك بتفصيل تصحيحي لكلامهم من علمائنا في الحديث؟! أما قولك جاء في تاريخ الطبري مجد 3 ص 429 سيرة عمر لابن الجوزي ص 37 ، تاريخ ابن خلدون ج 2 ص 85 ( أبا بكر دعا عثمان خاليا فقال أكتب : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين ، قال ثم أغمي عليه.....تاريخ الطبري ج 1 ص 2138.....وقد اشتد المرض برسول الله ولكن لم يغم عليه من شدة الوجع ، وأبو بكر اشتد به المرض ولكن أغمي عليه من شدة المرض ، وعمر حضر الاثنين ، ولكن عندما أراد ان يتكلم قال عمر : حسبنا كتاب الله ، ان الوجع قد اشتد برسول الله أو قال : استفهمون ان رسول الله يهجر !!! أما أبو بكر عندما أراد ان يتكلم قال : عمر أسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله ، أنه يقول : إني لم آلكم نصحا ........أقول أبو بكر يكتب ويقابل ما كتبه بكل احترام وتقدير ، وينفذ حرفيا ولا يكسر أحد بخاطره ، وتقوم الاعتراضات على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أراد ان يكتب مع ان الذي أراد ان يكتبه رسول الله هو الأمان من الظلالة !!! فأقول لك كذبت والله لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يقولون له يا رسول الله الصلاة فأراد أن يقوم ليصلى بالمسلمين فأغمي عليه ثلاث مرات وهم يصبون الماء عليه ثم أمرهم بأن يأمروا أبا بكر أن يصلي بالمسلمين ؟ ثم أنت كيف تقارن بين مرجع البخاري في الصحة عندنا وتقارنه بتاريخ ابن خلدون والسير وتاريخ الطبري وكل هذه الكتب هي فيها أمور كثيرة لا تثبت عندنا وحتى الطبري لم يشترط صحة كل ما في كتابه في التارخ وهذا تص كلامه كما هو في مقدمته(فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجها من الصحة ولا معنى في الحقيقة فليعلم أنه لم بوت في ذلك من قبلنا وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا وإنّا إنما أدينا ذلك على نحو ما أّدي إلينا)[4] فلماذا لم تبين لنا صحة الكلام بنقل كلام أهل الحديث؟ ثم أقول لك إن حالات الإحتضار تختلف من شخص لآخر وهذا لا يستطيع أحد أن يعلمه على وجه فاصل إلا العالم بأمر الروح وهو الله عزوجل أما الإغماء فليس معناه أنه يموت لأن كثير ممن أغمي عليه ويئس الطب منه رجع على أفضل مما كان عليه فعمر لم يقل للناس لا تسمعوا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأنه مثل الذي خرف أو أسكر على عقله وكلامه غير مقبول إلا إن قام على قدميه وإنما قال حسبنا كتاب الله فلماذا تتهم عمر بكلام قاله غيره من بعض من أسلم حديثا؟ أما القول من الذي منع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) من كتابة الكتاب ان قلت ( كثرة اللغو والاختلاف ) أقول صحيح ولكن من كان أول معارض لكتابة ذلك الكتاب ومن هو الذي أدى إلى هذا اللغو والاختلاف ؟؟ الظاهر من الأحاديث الواردة أن القوم انقسموا إلى قسمين قسم يؤيد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) وقسم يؤيد عمر وحصل الاختلاف بينهم . فأقول لك عمر رضي الله عنه لم يعارض كما ظننت أنت وإنما أراد أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الآن متعب بسبب المرض فلم لا يكتبه لاحقا بعد أن يصح؟؟ ثم إن عمر لا يعلم الغيب في أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سيموت بعد هذا الأمر بقليل ثم إن عمر كذلك لا يعلم الغيب في أن الصحابة سيختلفون بعد أن يقول تلك المقولة. والسبب في عدم الكتابة قد قال سببه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( قوموا عني فإنه لا ينبغي عندي التخاصم) ولاحظ أنه لم يقل قوموا عني فإنه لا ينبغي رد أمري وقلنا لكم مرارا أنه قد طرد الفريقان معا لأنه غضب على سلوكهم جميعا في الأخض والعطاء لبعضهم البعض بصوت عالى. إن لم يكن السبب من طردهم هو خصامهم فلماذا طرد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الفريقان معا ولم يبقى معه الذين أرادوا الكتابة؟ أليس لو كان عمر ومن معه كانوا يخططون ليتأكدوا من موت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قبل الكتابة لرفضوا الخروج أيضا كما رفضوا الكتابة؟ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعلم أنهم سيطيعونه لو كرر طلب الكتابة وأصر وهو يعلم أنهم ينقادون لأمره ولو كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعتقد أنهم خرجوا عليه عنادا لأمره ومكابرة له كما تزعمون أنتم لماطمع أن يطيعوه في طرده لهم ولكنهم فعلوا وخرجوا والخصام ليس بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإنما بين بعضهم البعض والذي أغضب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن كان من المفروض أن لا يتدخل الفريق الثاني ليعارضوا عمر ومن معه لأنه لو كان منكرا ما فعله عمر فالأولى للفريق الثاني من باب إنتظار كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو المفروض أن يتكلم وينكر على عمر لو كان ما فعله منكرا لأنه صلى الله عليه وآله وسلم هو أعلى وأبصر وأفضل من أنكر منكرا وأمر بمعروفا فالمفروض أن يتركوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يؤيد عمر أو ينكر عليه ولكنه صلى الله عليه وآله وسلم لم ينكر على عمر وعمر رضي الله عنه لم يكن يخنق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويضع يده على فيه ويقول له أسكت ومت وأنت مريض ولا تفضح خطتنا وعملية شغبنا. فالسبب هو الخصام بين الطرفين وليس أمرا آخر ولذلك حدث سابقا أنهم تلاحوا في موضوع القدر فخر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غاضبا كأنه فق حب الرمان في وجهه من الغضب. وكذلك عندما تلاحا رجلان في ليلة القدر رفعها الله ولم يقل الصحابة أنت يا فلان سبب رفع البركة لليلة القدر وإنما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مبينا سبب رفع البركة وهو تلاحي فلان وفلان وخصامهما وعدم إنتظار القول الفصل من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. ثم إن قلت لي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان مريضا متعبا لم يستطع أن يسكتهم ويسكت عمر ويكتب الكتاب قلنا لك يا سبحان الله عندما يبين عمر أنه مريض متعب تقولون أن عمر أسكته عنادا وليس رفقة به وعندما يكون الخصام تقولون أن الرسول مريض لا يستطيع أن يسكتهم!!! أليس هو صلى الله عليه وآله وسلم قد اسكتهم فعلا وقال لهم إنه لا ينبغي عند نبي خصام؟!؟! إذن هم سكتوا وسمعوا مقالته فلماذا عندما حانت له فرصه التكلم على الأقل بما في الكتاب لماذا لم يقل لهم من باب تبليغ أمر الله سوائا قبلوه أو رفضوه؟!؟!؟ لماذا لم يقل ثلاث كلمات بدون كتابة (( علي خليفة بعدي))؟؟!؟! لماذا قال كلمات أكثر من ثلاث وهي (( قوموا عني إنه لا ينبغى عندي خصام))؟؟!؟! أليس هذا دليلا على أن سبب الطرد هو الخصام وليس قول عمر ومن أيده؟!؟!؟ أما قولك ولعل ما نراه اليوم من شتات الأمة وفرقتها وانقسامها إلى فرق بعضها يكفر بعضا ويستبيح دمائهم وأموالهم هو بسبب عدم كتابة ذلك الكتاب ليكون وثيقة رسمية تسير عليها الأمة ومن خالفها فأنه يخرج عن ملة الإسلام وهل بعد هذا الضلال ضلال !! فأقول لك معنى كلامك أن الدين ناقص وأنت تكذب بقوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم)؟! اليس في كمال ديننا عصمة لنا عن الضلال بشرط التمسك به؟!؟!؟ إن الضلال الذي خالفه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو ليس ضلال في العقيدة أو الأحكام أو غيره وإنما كان خوفه صلى الله عليه وآله وسلم هو أن يطمع في الخلافة طامع يفرق كلمة المسلمين فأردا أن يثبت الأمر لأبي بكر رضي الله عنه مكاتبة. وأنتم إذا كنتم تحاججونا بما في البخاري وبما عندنا فيجب عليكم أن تنظروا لبقية الروايات التي تؤيد هذه الرواية لأن الشريعة تصدق بعضها بعضا ولا يجوز لك أن تبتر أمر وتتعامي عن أمر آخر لأن علماءنا يفسرون الحديث الواحد بأحاديث أخري تزيل إبهامه وكتاب فتح الباري هو خير مثال على ذلك فنحن نذكر مع هذه الرواية أيظا لأن الكل من عندنا.فهنا نذكر قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة(أدع لي أخاك أكتب لأبيك كتابا..إلخ) بمعناه ثم غير رأية صلى الله عليه وآله وسلم وقال(يأبي الله والمسلمين إلا أبا بكر) بمعناه وكذلك عندما سألوا عائشة رضي الله عنها عن الكتاب فقالت أنه أراد أن يكتب لأبي بكر. ولكن حدث ما أراده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو أن الخليفة أصبح بعده أبوبكر لأن الجميع من الصابة يعلم قدر الصديق رضي الله عنه. فلا تحتج علينا إلا بما يؤيده كذلك في بقية الروايات لأنك تلزمنا بما عندنا فيجب أن يكون كله أو تتركه كله فإن قلت لنا أنك لا تعترف ببقية الروايات قلنا لك وهل أنت أصلا تعترف بمصدرية هذا الحديث وبكل ما تستشهد به؟!؟! إن قلت لنا أنها موجودة عندكم ولكن من طريق أئمتكم بسند من عندكم قلنا لك إذا هذا ليس من عندنا وإنما من عندكم فالأمر إما كله وإما بدونه لأن الدين عندنا لا نأخذ منه نتف. ونحن لا نجعل القرآن عضين. أما قولك ومما يؤيد هذا قول ابن عباس (رضي الله عنه) ( إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب ) بل ان في بعض الفاظ الحديث انه عندما يذكر ذلك كانت دموعه تخضب الحصباء ، صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير ، باب جوائز الوفد ، بحيث اشتهرت هذه الحادثة عند المسلمين برزية يوم الخميس . فأقول لك ولماذا لم تنظر في شرح الحديث؟!؟! هل تظن أننا نقدم أبن عباس على عمر رضي الله عنهم؟ نحن لا نترك الأعلى إن خالفة من هو أقل منه علما وقدرا توثيقا. وصيحيح أن الصحابة كلهم عدول ولكن هو طبقات فإن إختلفوا لا نترك كلام الأعلى وإنما نقدمه على من هو دونه ومثاله أن أبي رضي الله عنه كان يفتي بأن المال الزائد عن الحاجة يجب أن ينفق كله في سبيل الله وإن أخرجت زكاته فهل نحن نترك كل الصحابة الذين هو أعلى عنه ونأخذ بكلامه؟ لا بد أن تقيس الأمر بقوانيننا هذا إن أردت أن تحاججنا. أما قولك الذي فيه بيان إنعدام رجاحة عقله هنا فهو (إن الروايات التي كانت تذكر أن أول من تصدى للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) قد أخرجها البخاري ومسلم بلفظ ( إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) قد غلب عليه الوجع والتي جاءت بلفظ ( فقالوا ماله هجر ؟ استفهموه ) نسبوا القول لقائل بدون ذكر اسمه ولكن هذا لاينفع فمراجعة الأحاديث حول الحادثة تظهر ان القائل هو عمر لأنها تذكر أن أول من تصدى له هو عمر ولم تذكر غيره ، أقول لك يا سبحان الله!!! أنت تبين أن هناك عصابة حرفت الحقائق وأخرجت صيغة المفرد وأبدلته بصيغة الجمع ليخفون أن القائل هو عمر!! أقول لك لو كان كلامك هذا حقا فهل هذه العصابة فاتها أن تخفي أيضا عمر وتجعله في صيغة الجمع أيضا وتقول بدل قال عمر.... قالوا غلب عليه الوجع. أما زعمك أن عمر قال كلمة أهجر (ان القائل هو عمر لأنها تذكر أن أول من تصدى له هو عمر ولم تذكر غيره) فأقول لك أما كلمة تصدي فرددنا عليك من قبل فيها وأما أنه هو القائل فأقول لك أليس يجب أن تحاججنا بما تجده في كتبنا ((( حرفيا))) أما قولك ثم ان كلمة ( غلب عليه الوجع ) لا تختلف كثيرا عن ( أهجر ) . فأقول لك ومن قال لك أنه لا فرق بينهما؟ أليس من المفروض أن تنقل لنا شواهد من القواميس وكلام العرب لتثبت لنا زعمك هذا. أما قولك ان عمر تصدى للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) ومنعه من كتابة الكتاب وقال ( إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، واضح انه يقصد انه لاحاجة لنا بالكتاب ، يكفينا كتاب الله . فأقول لك هل تعتبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ساكتا عن الحق؟ إن قلت الرسول صلى اله عليه وسلم لا يستطيع أن يحرك شفتيه لأنه مريض ومتعب لا يستطيع أن ينكر على عمر فأقول لك إذن كيف سيستطيع أن يأمر ويتكلم بالكتابة !؟ وكيف إستطاع أن يطردهم من عنده وقال لهم (قوموا عني.....إلخ)؟! إن كان قادرا على الكلام صلى الله عليه وآله وسلم فهو قادرا على الإنكار على عمر رضي الله عنه ولكنه لم يفعل. قال أحدهم: ورد في مسند أحمد بن حنبل ( باقي مسند المكثرين ) 14199 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عِنْدَ مَوْتِهِ بِصَحِيفَةٍ لِيَكْتُبَ فِيهَا كِتَابًا لَا يَضِلُّونَ بَعْدَهُ قَالَ فَخَالَفَ عَلَيْهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى رَفَضَهَا * اذا فاهل السنة والجماعة يقولون بذلك ويعترفون بأن النبي كان يريد أن يكتب وصية فمنع من قبل : الصحابي : عمر بن الخطاب الرد. أقول لك أنقل لنا التصحيح لهذا الحديث لتكون مناقشا على بينة. ثانيا وبدون أن تقول لنا التفصيل فأقول لك لا يعني هذا الحديث أن عمر رضي الله عنه رفض مدلول الكتاب وإنما رفض إختيار وقت كتابة هذا الكتاب وهو في وقت مرض الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. أما قولك أن جابر رضي الله عنه قال دعا عند مرض موته فأقول لك جابر رضي الله عنه لم يكن يعلم لا هو ولا عمر أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان في مرض موته. فهو لم يقول ذلك إلا بعد موته صلى الله عليه وآله وسلم لأن العالم بالأعمار هو الله وحده والرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل لهم أنه سيموت ولن يسمعوا الكتاب إلا الآن. فهناك ما يمسى بفقه الحديث ومقارنته وليس بالشروح المنكوسة حسب الأهواء قال أحدهم: مقولة ( غلب عليه الوجع ، حسبنا كتاب الله ) هل هي جائزة في حق الرسول ( ص ) وتليق بمقامه العظيم ، ثم أن محاولة التبرير لعمر بن الخطاب بأنه يريد ( راحة النبي ) وأراد – كما يدعي المبررون عنه – أن يؤجل الكتاب لحين آخر ، فذلك غير صحيح لأن عمر قال ( غلب عليه الوجع ) ثم ماذا قال ( حسبنا كتاب الله ) ولم يقل أنتظروا لغد أو بعد غد حتى يشفى ( لأن عمر لا يعلم الغيب ! ) فقول عمر ( حسبنا كتاب الله ) أمر خطير ( فهل يجوز ترك النبي ورفض أوامره ومخالفته ! ) طبعا لا يقول بذلك مسلم ، فلو كان الأمر رحمة بالنبي لما قال ( حسبنا كتاب الله !) .محاولة إقحام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في القصة تهرب صريح ومستغرب ويعد محاولة للهرب والتهرب من الحقيقة التي تدين عمر ، بل يصل الأمر الى كون القائل بذلك أنه من النواصب والعياذ بالله ، فليس دفاعك عن عمر يدعوك لأن تتهجم على علي ( ع) لأن الرسول يقول لعلي ( حربك حربي وسلمك سلمي ) وقال فيه أقوالا تسكت النواصب وترد كيدهم في نحورهم. اما ( تقديم عمر على ابن عباس ): اقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ابن عباس : أولا أنه ( حبر الأمة ), ( اللهم فقه في الدين ، وعلمه التأويل ) , ( اللهم علمه الحكمة ) , ( نعم ترجمان القرآن أنت ) ,( اللهم فقهه في الدين وانتشر منه ) , كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه. ورد في البخاري : 4538 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَسَمِعْتُ أَخَاهُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ رَضِي اللَّهم عَنْهم يَوْمًا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَ تَرَوْنَ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ ( أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ ) قَالُوا اللَّهُ أَعْلَمُ فَغَضِبَ عُمَرُ فَقَالَ قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لَا نَعْلَمُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ عُمَرُ يَا ابْنَ أَخِي قُلْ وَلَا تَحْقِرْ نَفْسَكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ضُرِبَتْ مَثَلًا لِعَمَلٍ قَالَ عُمَرُ أَيُّ عَمَلٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَمَلٍ قَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ غَنِيٍّ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ * وله من العلم والفضل ما لم ينله عمر وتكفيك قصة عمر وعمار في التيمم والكثير الكثير فاذا أردت أن نبين لك فضال ابن عباس على أبا حفص لأريناك الكثير فلا تعجل . الرد: أنت تقول أن القائل لكلمة يهجر هو عمر ودليلك رواية أحمد !!! ولكن الحديث ليس فيه كلمة أهجر أصلا ! أما قولك مقولة ( غلب عليه الوجع ، حسبنا كتاب الله ) هل هي جائزة في حق الرسول ( ص ) وتليق بمقامه العظيم فأقول لك أليس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بشر يغلبه الوضع كما يغلب غيره؟ هل أنت تفهم الكلام أصلا؟ ألم يحدث أن غلبه الوجع من قبل أكثر حتى غشي عليه صلى الله عليه وآله وسلم عندما أراد أن يصى بالمسلمين؟ إذاكنت أنت لا تجيز عليه غلبة الوجع لكان لزاما عليك أن تقول أن الموت لم يغلب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأن الموت أعلى من مجرد غلبة الوجع فإن كان معصوما من ذاك الوجع في مرضة فعصمته من الموت أولى لأن الموت أعلى من مجرد غلبة الوجع. أما قولك أن ابن عباس حبر هذه الأمة ..ألخ فأقول لك وما المشكلة في أن يكون عمر أفضل منه؟ هل أنت بكلامك هذا تعتبر أن ابن عباس أعلم من كل أئمتكم!؟ بالطبع لا أما حديث التيمم فما العيب في عمر إن نسي؟ أليس هو بشر؟ ثم هل أنتم تعتقدون أن ابن عباس معصوما بهذا الكلام؟ أما نقلك ( حربك حربي وسلمك سلمي ) فأقول لك المصدر مع التصحيح . وسأريحك برواية أعم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي وفاطمة والحسن والحسين (أنا سلم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم) ولكن الخبر الذي لا يسعدك يا هذا هو أن هذا الحديث رواه ابن ماجة[5] وهو ضعيف كما حكم عليه المحدث الألباني وكذلك رواه الترمذي[6] وقال حديث غريب والألباني قال ضعيف. أما قولك قول عمر أن النبي ليهجر بالله عليك ماذا يعني ! فأقول لك اليس المفروض أن تثبت أولا أن القائل هو عمر؟ أما قولك ليس هناك قرينة واحدة تدل على أن عمر رفض الوقت . فأقول لك إن عمر رضي الله عنه قال هذه القرينه ( إن رسول الله غلبه الوجع) أي أنه لو لم يغلبه الوجع وكان في صحته وعافيته لبادرنا لكلامه بما لا يتعبه أما وهو مريض الآن فلا بأس من أن ننتظر عافيته لأن المرض عليه شديد الآن ثم إن الدين قد كمّله الله عزوجل وهذا يعني أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لن يقول شيء جديد يزيد به على الدين وإنما سيكرر ما قاله سابقا من باب الوصية ولذلك قول عمر حق( فحسبنا كتاب الله) أما قولك اذا تكلم النبي هل يجوز لأحد أن يرد عليه ويعلمه بالوقت المناسب للكلام . فأقول لك بل يشير عليه ولا يعلمه ويرد عليه. ففي كتابة شروط صلح الحديبية طلب المشركون من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يمسح كلمة رسول الله من الكتاب فوافق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأمر علي بن أبي طالب أن يمسح كلمة رسول الله فرفض على رضي الله عنه هذا الأمر. فهل هذا يعني عندكم أن على رضي الله عنه يرد أمره يعلّم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بما هو المفروض فعله ؟ ولكن الملاحظ هنا أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أصر على رأيه في مسح كلمة رسول الله ولم يلتفت لكلام علي رضي الله عنه. ولكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يصر على كتابة الكتاب قبل موته ولم يقل أخرجوا المعترضين وليبقى الموافقين فقط على كتابة الكتاب ولنكتب الكتاب بالقوة ولنرفع السيوف في وجوه الكفرة المعنادين لأمري ونناجزوهم بالسيوف كما ناجزنا أبي جهل من قبل وأنتم قلة وهم كثيرون والآن حاربوا عمر وأكتبوا الكتاب لأنكم الآن أكثر من قبل وأنا معكم وهم ليس معهم إلا المنافق عمر. هذا كله لم يحدث وهو دليل على أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يجامل عمر وأصحابه لأنه أمر الله. فهل من المعقول أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في بداية دعوته وكل حياته لا يجامل أحد ويصر على تبليغ أمر الله قولا وعملا كما أصر من قبل على قطع يد المخزومية التي سرقت هل من المعقول في آخر حياته يسكت ولا يصر ولا يأمر المؤيدين له بإستعمال القوة لتبليغ إمكانية حصول كتابة الكتاب؟! أما قولك وردت الحاديث الكثيرة الدالة على أن النبي لا ينطق الا حقا في جميع الوقات والظروف والآية الكريمة تفهمك ذلك ( وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ) فأقول لك وهل عندما أمر الرسول صلى لله عليه وسلم علي بن أبي طالب بمسح كلمة رسول الله من كتاب شروط صلح الحديبية هل كان هذا الأمر هو نطق بالهوى؟ ولكن إعلم أن أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو أقسام ( ندب وإستحباب أو وجوب) فإن كان ندبا فلا يلزم فعله وهذا نعلمه من عدم إصرار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على حصول الأمر كما أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المرأة التي فارقت زوجها أن تعود إليه فسألت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هل هذا أمر أم تخيير؟ فبين لها أنه تخيير فإختارت عدم العودة لزوجها رغم بكائة في طلب إعادتها. أما الذي على الوجوب فهو كأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بقطع يد المخزومية فإنه صلى الله عليه وآله وسلم أصر على القطع رغم شدة التوسطات والتلميحات على منهم على عدم القطع. بعد هذا الإصرار علموا أن الأمر لا وساطة فيه ولا يغيره الله حتى ولو لم يفعلوا فسيبقون عاصين وأمر الله بالوجوب لن يتغير. ردود أخرى في الباب: من أين يثبت أن قائل هذا القول عمر ؟ مع أنه قد وقع في أكثر الروايات (( قالوا )) بصيغة الجمع (( استفهموه )) على طريق الإنكار ، فإن النبي لا يتكلم بالهذيان البتة وكانوا يعلمون انه صلى الله عليه وآله وسلم ما خطأ قط بل كان يمتنع صدور هذه الصنعة منه صلى الله عليه وآله وسلم لقوله تعالى ] وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخط بيمينك [ ولذا قالوا فاسئلوه . وتحقيق ذلك أن الهجر في اللغة هو أختلاط الكلام بوجه غير مفهم ، وهو على قسمين : قسم لا نزاع لحد في عروضه للأنبياء عليهم السلام وهو عدم تبيين الكلام لبحة الصوت وغلبة اليبس بالحرارة على اللسان كما في الحميات الحارة ، وقد ثبت بإجماع أهل السير أن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم كانت بحة الصوت عارضة له في مرض موته صلى الله عليه وآله وسلم. والقسم الآخر جريان الكلام غير المنتظم أو المخالف للمقصود على اللسان بسبب الغشى العارض بسبب الحميات المحرقة في الأكثر . وهذا القسم وإن كان ناشئاً من العوارض البدنية ولكن قد أختلف العلماء في جواز عروضه للأنبياء ، فجوزه بعضهم قياساً على النوم ، ومنعه آخرون ، فلعل القائل بذلك القول أراد القسم الأول يعنى ان هذا الكلام خلاف عادته صلى الله عليه وآله وسلم فلعنا لم نفهم كلامه بسبب وجود الضعف في ناطقته فلا إشكال . رد آخر على القول: (إن بعض الصحابة بقيادة عمر ارتكبوا خطأ جسيماً بحق النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى طردهم). سنذكر ههنا نص الحديث كما ورد في المصادر الحديثية لا كما أوردها المخالفون، وذلك لكي يتبين للقارئ الكريم ما وقع فيه هؤلاء من مجانبة للحق والصواب في هذا المطلب العظيم. - (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "هلمَّ أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده"، فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن. حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا؛ فمنهم من يقول قرّبوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتاباً لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر؛ فلمّا أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "قوموا". قال عبيد الله فكان يقول ابن عباس: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم) - وفي رواية عند البخاري قال صلى الله عليه وآله وسلم عندما كثر عنده اللغط: (دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه، وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم. قال الراوي ونسيت الثالثة). - وفي رواية أخرى للبخاري: (ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا: ما له أهجر؟ استفهموه. فقال: ذروني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه). - وفي رواية أخرى للبخاري أن من قال إن رسول الله وجع بعض الرجال دون نسبة هذا القول لعمر؛ وفيها أن طائفة من أهل البيت كانت مع عمر في رواية جاء فيها: (لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي البيت رجال فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "هلمّوا أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده". فقال بعضهم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده، ومنهم من يقول غير ذلك. فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قوموا). - وفي رواية عند الحاكم في المستدرك: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "توني بدواة وكتف أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً"ثم ولانا قفاه، ثم أقبل علينا فقال: "يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر"). وهذا يحتمل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتب شيئاً من ذلك الكتاب والذي يتضمن استخلاف أبي بكر . - وفي رواية "البيهقي" جاءت كلمة هجر بصيغة السؤال: (قالوا ما شأنه أهجر؟ استفهموه. فذهبوا يفدون عليه. قال: "دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه"). - وفي رواية له: (فقال بعض من كان عنده إن نبي الله ليهجر). وكذا عند الطبري. وعند الإمام أحمد بصيغة (فقالوا ما شأنه أهجر…). - وفي مسند الحميدي من حديث ابن عباس (فقال: ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع. فقالوا ما شأنه أهجر استفهموه…). - وعند أبي يعلى من غير لفظة (هجر) ولا (وجع) من حديث ابن عباس: (اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعه فقال: "ائتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده". فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع. فقال: "دعوني، فما أنا فيه خير مما تسألون عنه". قال أمرهم بثلاث). ما نستخلصه من مجموع هذه الروايات ما يلي: 1. قوله في الحديث "هجر رسول الله" -أي هذي- لم تنسب إلى عمر بن الخطاب في أي رواية لا في الصحيحين ولا في غيرهما من كتب أهل السنة كما يدعي البعض، وكما يدعي الكاتب الأمين في نقله حيث يقول: (فوجدتها مثبتة في الصحيحين). نعم هي مثبتة في الصحيحين لكن لا بلفظ هجر عن سيدنا عمر الذي هو محل الكلام، فماذا يسمى هذا في عرف أهل العلم؟ وإنما نسبت لبعض الرجال الحاضرين كما في رواية الشيخين. والأصح كما يقول الإمام النووي والسيوطي والقاضي عياض رواية (أهجر) بالهمز أي بالاستفهام اعتراضاً على من رفض الكتابة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أي هل يمكن أن يهذي حتى تمنعوا عن أن تحضروا دواة ليكتب لنا الكتاب؟ وقال الإمام النووي: (وإن صحت الروايات الأخرى كانت خطأ من قائلها، قالها بغير تحقيق بل لما أصابه من الحيرة والدهشة لعظيم ما شاهده من النبي صلى الله عليه وآله وسلم من هذه الحال الدالة على وفاته وعظيم المصاب وخوف الفتن والضلال بعده)اه ولك أن تقارن بين موقف أهل السنة من هذه الروايات ومحاولة حملها على معانٍ تليق بصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وموقف هؤلاء الطاعنون الذين شنعوا على الصحابة وطعنوا عليهم وقوّلوهم ما لم يثبت أنهم قالوه. 2. قول عمر "إنه وجع" عند البخاري ومسلم، معناه أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تعب والكتاب الذي سيكتبه سيطول ويؤذي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويطيل مرضه ولا نريد أن نؤذي رسول الله، فسيكتبه عندما يصح من وعكته، فإن الله لا يقبضه قبل إكمال الرسالة. وعمر لم يكن يتوهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدليل عدم تصديقه لخبر وفاته عندما أعلن عنها، فعدم كتابة ذلك كان شفقة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لئلا يتأذى لأن الكتابة ستطول. ولا يخفى أن إثبات لفظ الوجع من عمر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس فيه منقصة له عليه الصلاة والسلام. 3.إن رفض الكتابة لم يكن من عمر وحده فالروايات كما مر ذكرت "أهل البيت" و"بعض القوم". وهو شامل لكل من حضر في البيت كما ذكر في الصحيحين وغيره وحمله على عمر دون غيره تحكم ظاهر. 4. أمره عليه الصلاة والسلام لم يكن على وجه الوجوب وإنما على وجه الندب؛ كما بين الإمام المازري والقرطبي ذلك لقرائن فَهِمَها بعض الصحابة الذين رفضوا الكتابة، بينما ظن الباقون إنها للوجوب؛ فحمَلها مَن منعَ الكتابة على الندب كما حملوا قوله عليه السلام: "لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة". فكرهوا أن يكلفوه وهو في تلك الحالة مع استحضار قوله تعالى: )مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ(. والذي يدل على أن أمره كان للندب عدم إنكاره عليه الصلاة والسلام لمن خالف أمره لأن النبي لا يقر مخالفة الواجب إجماعاً واتفاقاً، وبقاؤه حياً أربعة أيام بعد ذلك دون أن يكتب كما نص على ذلك الإمام البخاري. ولو كان أمره واجباً والله أمره بالكتابة لما توانى لحظة عن الكتابة ولعاد إلى الطلب مراراً، وهو المأمور بتبليغ ما أمر به. وهذا موافق لما فهمه سيدنا علي في صلح الحديبية عندما أمره صلى الله عليه وآله وسلم بمحي كلمة رسول الله فلم يفعل ذلك سيدنا علي لحمله "على تقديم الأدب على الامتثال" كما ذكره أهل السنة. وإليك الفقرة من الحديث كما رواها أهل السنة والشيعة: عندما رفض المشركون كتابة "محمد رسول الله": ( فقال المشركون: لا تكتب محمد رسول الله؛ لو كنت رسولاً لم نقاتلك. فقال لعلي: "امحه". فقال علي: ما أنا بالذي أمحاه. فمحاه رسول الله بيده …). وفي كتب الشيعة مثل ذلك: ( امح يا علي واكتب محمد بن عبد الله. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما أمحو اسمك من النبوة أبداً فمحاه رسول الله بيده). اه 5. أنه عليه الصلاة والسلام عندما قال: ( دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه)، ليس إنكاراً على من رفض الكتابة، وإنما معناه: اتركوني لأتفكر وأذكر ربي وأحمده خير من هذا اللجاج. فمراقبة الله تعالى والاستعداد للقائه أفضل من اللجاج. 6. أنه عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين أوصى قبل موته وصيته المشهورة بإخراج المشركين من جزيرة العرب وإجازة الوفد والثالثة التي نسيها الراوي. مما يدل على نسخ أمر الله له بالكتابة وإلا لكتب كما أملى وصيته. 7. أنه صلى الله عليه وآله وسلم ربما أملى شيئاً من هذا الكتاب كما ذكر الحاكم في المستدرك: (أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً، ثم ولانا قفاه؛ ثم أقبل علينا فقال: يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر) ولم يمل غير ذلك؛ فكان باستطاعته أن يكمل الإملاء وقد عرفنا الكتاب ومضمونه فجعل الاستخلاف لأبي بكر دون غيره. 8. قال الإمام النووي: (وأما كلام عمر رضي الله عنه فقد اتفق علماء المتكلمين في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره لأنه خشي أن يكتب صلى الله عليه وآله وسلم أموراً ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة عليها لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها؛ فقال عمر: حسبنا كتاب الله. لقوله تعالى: ) مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ (، وقوله تعالى: )الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلال على الأمة). 9. لو كان مراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتب ما لا يستغنون عنه – من أصول دينهم، كما يدعي الشيعة بأن الإمامة إنما هي المصححة للتكليف- لم يتركه لاختلافهم ولا لغيره لقوله تعالى: )يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ(، وقوله تعالى: )الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ(. وهو صلى الله عليه وآله وسلم لم يترك ذلك لمخالفة من خالفه من المشركين واليهود ومعاداة من عاداه، فبأولى أن لا يتركه ههنا. ثم قبل ذلك وبعده لا يتصور منه صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتم شيئاً مما أمر بتبليغه، لأن ذلك مما يستحيل في حقه كما هو مبيّن في عقائد أهل السنة كأصل من أصول دينهم. 10. إن قول عمر كان لتحصيل الأمة فضيلة الاجتهاد ولئلا يسد هذا الباب الذي أصّله لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (إذا اجتهد الحاكم) الحديث. 11. إن أمره عليه الصلاة والسلام لصحابته بالكتابة أمر اجتهادي منه، وليس تبليغاً من الله تعالى، ويدل على ذلك أن عمر اجتهد سابقاً مخالفاً للحكم الظاهر عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ونزل القرآن بموافقته فظن عمر أن هذا المقام كتلك المقامات بأنه أمر اجتهادي من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، يرجع فيه إلى المقاصد والأصول العامة للدين، لا أمر منصوص عليه مقطوع به. والرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم ينكر عليه عدم كتابة ذلك فدل على أن الأمر كما ظن عمر بدليل إقراره عليه السلام بالسكوت. 12. قال الإمام النووي: (وقول عمر حسبنا كتاب الله رد على من نازعه لا على أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم) اه. وهذا حمل لطيف لكلام عمر رضي الله عنه، لما أن مهابته عليه السلام وإجلاله في قلوب الصحابة كانت أكبر من أن يواجه بالرد. على أن كلام عمر إذا تصورناه قيل بلطف لرسول الله، فليس فيه ما يشكل أبداً. وكلام النووي أن عمر قد جادله بعض الصحابة وأنكروا عليه مستدلين بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يستحيل عليه أن يهذي فلم تمنعنا من الكتابة، فأجابهم عمر: "حسبنا كتاب ربنا"، أي )تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ( كما قال الله تعالى. ويؤخذ من هذا الفهم عدم نسبة قول (أهجر؟) لسيدنا عمر رضي الله عنه بل لمن نازعه في منعه من الكتابة. 13. ثم إنه صلى الله عليه وآله وسلم لو نص على شيء أو أشياء لم يرفع ذلك الخلاف كما يقول ابن الجوزي، لأن الحوادث لا يمكن حصرها فهذا دليل على عدم جزمه عليه الصلاة والسلام بما أمر. أي أن الاختلاف سنة كونية باقية قطعاً فلو نص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على ما أراد التنصيص عليه لما رفع الخلاف ولأوهم الخطأ والكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله، ولكان مبرراً قوياً للطعن فيه وفي هذا الدين العظيم. 14. قال الخطابي في الحديث: ( لا يجوز أن يحمل قول عمر على أنه توهم الغلط على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو ظن ذلك مما لا يليق به بحال، ولكنه لما رأى ما غلب على رسول الله من الوجع وقرب الوفاة مع ما اعتراه من الكرب خاف أن يكون ذلك القول مما يقوله المريض مما لا عزيمة له فيه فيجد المنافقون بذلك سبيلاً إلى الكلام في الدين وقد كان أصحابه عليه الصلاة والسلام يراجعونه في بعض الأمور قبل أن يجزم فيها بتحتيم، كما راجعوه في يوم الحديبية في الخلاف وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش، فأما إذا أمر بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه فيه أحد منهم. قال: وأكثر العلماء على أنه يجوز عليه الخطأ فيما لم ينزل عليه، وقد أجمعوا كلهم على أنه لا يقر عليه. قال: ومعلوم أنه صلى الله عليه وآله وسلم وإن كان الله تعالى قد رفع درجته فوق الخلق كلهم فلم ينزهه عن سمات الحدث والعوارض البشرية، وقد سها في الصلاة، فلا ينكر أن يظن به حدوث بعض هذه الأمور في مرضه فيتوقف في مثل هذا الحال حتى تتبين حقيقته؛ فلهذه المعاني وشبهها راجعه عمر رضي الله عنه). 15. أن الإمامية أنفسهم نسبوا لبعض أئمتهم ما رموا به عمر من نسبة الهذيان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهذه رواية روتها كتب الشيعة الإمامية في حق أحد الأئمة وهو معصوم عندهم؛ ولا فرق بينه وبين النبي إلا بالوحي. تأمل. فقد قال ابن طاوس شرف العترة وركن الإسلام: (ومن ذلك في دلائل علي بن الحسين عليه السلام ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر بن رستم قال: حضر علي بن الحسين الموت فقال لولده: يا محمد أي ليلة هذه… ثم دعا بوضوء فجيء به، فقال: إن فيه فأرة، فقال بعض القوم إنه يهجر فجاءوا بالمصباح..). اه فانظر كيف أثبتوا لمعصوم عندهم بألسنتهم ما استشنعوه في حق معصوم آخر، على فرض ثبوته. 16. لا يستقيم أن يكون سيدنا عمر قد ارتكب خطأ جسيماً في حق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يقابل من سيدنا علي رضي الله عنه بهذا الثناء، كما ورد في نهج البلاغة، وكما هو مثبت في غيره من الكتب المعتمدة هند الشيعة؛ حتى أنه لفرط محبته له ولبقية الخلفاء الراشدين وتقديره لهم سمى بعض أبنائه أبا بكر، وعمر، وعثمان. وزوج ابنته من السيد فاطمة (أم كلثوم) من سيدنا عمر رضي الله عنه. والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، فهل يكون هذا فعل معصوم قد علم إساءة هؤلاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل وفسقهم وتآمرهم على الدين وردتهم، فيقابلهم بالمحبة والتقدير والثناء. والحمد لله رب العالمين. رد آخر. ومن هذه الشبهات مارواه البخاري ومسلم عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال في مرض موته يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام للصحابة الحاضرين في حجرته المباركة : (( أئتوني بكتف أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبدا )) فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبي تنازع . فقالوا : ماله ؟ أهجر ؟ أستفهموه . فقال : (( ذرونى ، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه )) فأمرهم بثلاث قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم . والثالثة إما أن سكت عنها ، وإما أن قالها فنسيتها . وهذه رواية أهل السنة الصحيحة وزعموا أنه يستفاد منها الطعن على عمر بوجوه : الأول أنه رد قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأقواله كلها وحي لقوله تعالى ] وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ورد الوحي كفر لقوله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون . والجواب على فرض تسليم أن هذا القول صدر من الفاروق فقط أنه لم يرد قوله صلى الله عليه وآله وسلم بل قصد راحته ورفع الحرج عنه صلى الله عليه وآله وسلم في حال شدة المرض ، إذ كل محب لا يرضى أن يتعب محبوبه ولا سيما في المرض ، مع عدم كون ذلك الآمر ضرورياً ، لم يخاطب بذلك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بل خاطب الحاضرين تأدباً وأثبت الاستغناء عن ذلك بقوله تعالى ] اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام ديناً [ وقد نزلت الآية قبل هذه الواقعة بثلاثة أشهر ، وقد أنسد باب النسخ والتبديل والزيادة والنقصان في الدين ، فيتمنع إحداث شئ ، وتأكيد المتقدم مستغني عنه لا سيما في تلك الحالة . ولو كان بيان المصلحة رد الوحي وقول الرسول للزم ذلك على الأمير أيضاً ، فقد روى البخاري الذى هو أصح الكتب عند أهل السنة بعد القرآن بطرق متعددة أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ذهب إلى بيت الأمير والبتول ليلة وايقظها من مضجعها وأمرهما بصلاة التهجد مؤكداً ، فقال الأمير : والله ما نصلى إلا ما كتب الله علينا أي الصلاة المفروضة ، وإنما أنفسنا بيد الله ، يعني لو وقفنا الله لصلاة التهجد لصلينا . فرجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يضرب على فخذيه ويقول ] وكان الإنسان أكثر شئ جدلاً [ فقد رد الأمير قول الرسول ، ولكن لما كانت القرائن الحالية دالة على صدق الأمير وأستقامته لم يلمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وروى البخاري أيضاً أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما تصالح مع قريش في الحديبية كتب الأمير كتاب الصلح وزاد لفظ (( رسول الله )) فأمتنع الكفار عن قبوله وقالوا : لو سلمنا بهذا اللقب لما حار بناه وصددناه عن طوائف البيت ، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم علياً أن يمحو هذا اللفظ وأكد ذلك ، فلم يمحه الأمير لكمال الإيمان وخالف الرسول في ذلك حتى محاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيده الشريفة . وقد ثبتت مخالفة الأمير أيضاً في كتبهم ، فقد روى محمد بن بابويه في ( الأمالى ) والديلمي في ( إرشاد القلوب ) أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطى فاطمة سبعة دراهم وقال : أعطيها علياً ومريه أن يشترى لأهل بيته طعاماً فقد غلب عليهم الجوع ، فأعطتها علياً وقالت : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرك أن تبتاع لنا طعاماً . فأخذها علي وخرج من بيته ليبتاع طعاماً لأهل بيته فسمع رجلاً يقول : من يقرض الملى الوفي ؟ فأعطاه الدراهم . فقد خالف قول الرسول ، وتصرف في مال الغير ، ومع ذلك فأهل السنة لا يطعنون على الأمير بمثل هذه المخالفات ، بل لا يعدون ذلك مخالفة . فكيف يطعنون على عمر بما هو اخف منها . وأما قولهم إن أقوال الرسول كلها وحي فمردود ، لأن أقواله صلى الله عليه وآله وسلم لو كانت كلها وحياً فلم قال الله تعالى ] عفا الله عنك لم أذنت لهم [ وقال تعالى ] ولاتكن للخائنين خصيماً [ وقال تعالى ] ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم [ وقال تعالى في المعاتبة عن أخذ الفدية من أسارى بدر ] لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم [ وأيضاً يلزمهم أن الأمير ايضاً قد رد لوحي حين أمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ومحو اللفظ ، وأبتياع الطعام مع انهم لا يقولون بذلك . الثالث من وجوه الطعن أنه رفع الصوت وتنازع في حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد قال تعالى يأيها الذين أمنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي . والجواب أنه من أين يثبت أن عمر أول من رفع الصوت ؟ وعلى تقديره فرفع صوته إنما كان على صوت غيره من الحاضرين لا على صوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم المنهي عنه في الآية ، والأول جائز والآية تدل عليه حيث قال كجهر بعضكم لبعض ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في إحدى الروايات (( قوما عني )) من قبيل قلة الصبر العارضة للمريض ، فإنه يضيق صدره إذا وقعت منازعة في حضوره ، وما يصدر من المريض في حق أحد لا يكون محلاً للطعن عليه ، مع أن الخطاب كان لجميع الحاضرين المجوزين والمانعين . الرابع من أوجه الطعن أنه أتلف حق الأمة ، إذ لو كتب الكتاب المذكور لحفظت الأمة من الضلالة ولم ترهم في كل واد يهيمون ، ووبال جميع ذلك على عمر . والجواب أنه إنما يتحقق الإتلاف لو حدث حكم من الله تعالى نافع للأمة ومنعه عمر . وقوله تعالى ] اليوم أكملت لكم دينكم [ الاية تدل على عدم الحدوث ، بل لم يكن الكتاب إلا لمصالح الملك وتأكيد ما بلغه ، وإلا فلا يتصور منه صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول أو يكتب في هذا الوقت الضيق ما لم يكن قاله قط ، مع أن زمن نبوته أمتد ثلاثاً وعشرين سنة ، وكيف يمتنع عن ذلك بمجرد منع عمر ، ولم يقله لأحد بعد ذلك مع عدم وجود عمر ، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم قد عاش بعد ذلك خمسة أيام باتفاق الفريقين . فإن قيل : لو لم يكن ما يكتب أمراً دينياً فلم قال (( لن تضلوا بعدي )) ؟ قلنا : للضلال معان ، والمراد ههنا عدم الخطأ في تدبير الملك وهو إخراج المشركين من جزيرة العرب ، وإجازة الوفد بنحو ما كان يجيزهم ، وتجهيز جيش أسامة منه ، لا الضلالة والغواية عن الدين . فقد تبين لك بطلان ما طعنوا به ، وأظهر لك فساده وقبيح كذبه . والحمد لله رب العالمين. شبهة: إذا كان عمر ابن الخطاب مُصيبا عندما رفض طلب النبي للدواة والقلم ليكتب كتابا لن يضل به أحد بعده ... فما هي العبرة المستفادة من لا وعي النبي يومها كسنة لنطبقها لأن فعل النبي سنة ؟ وما هو مصير من يتعرض للنبي بهذه الطريقة ؟ الردّ : وما مصير من يسب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ويُسيء الأدب مع أصهاره صلى الله عليه وآله وسلم ؟! فعُمر رضي الله عنه هو والِد حفصة أم المؤمنين ، وهو زوج أم كلثوم بنت عليّ . وعثمان رضي الله عنه هو زوج ابنتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم . ولم يُعرف عن أحد أنه جَمَع ابنتي نبيّ ، أي تزوّج بهما الواحدة بعد الأخرى ، سوى عثمان رضي الله عنه ، ومع ذلك لم يَسْلَم من الأذى والسب والشتم واللعن ! ومن آذى أصهار النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد آذى النبي صلى الله عليه وآله وسلم . وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : يا أيها الناس من آذى عَمِّي فقد آذاني . ونحن نقول : ومن آذى أصهاره فقد آذاه صلى الله عليه وآله وسلم . وأما القول إن عمر رفض طلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فهذا لا يصحّ ، وإنما قال عُمر رضي الله عنه ذلك من باب التأدّب مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولعدم رفع الصوت عنده صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكراهته لِلّغط عنده صلى الله عليه وآله وسلم . ثم إن ما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يَكتبه قاله ونُقِل إلينا . فإنه عليه الصلاة والسلام لما قال : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا . فتنازعوا - ولا ينبغي عند نبي تنازع – ثم قال : دَعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه . وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجِيزوا الوفد بنحو ما كنت أُجيزهم . قال الراوي : ونسيت الثالثة . رواه البخاري ومسلم . وسَبَق أنه عليه الصلاة والسلام قال لعائشة رضي الله عنها وهو في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى مُتَمَنٍّ ويقول قائل : أنا أولى . ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر . رواه مسلم . فهذا مما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقوله ويَكتبه . وعُمر رضي الله عنه كان ينهى عن رفع الصوت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي مسجده في حياته وبعد موته . روى البخاري من طريق السائب بن يزيد قال : كنت قائما في المسجد فحصبني رجل ، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب ، فقال : اذهب فأتني بهذين ، فجئته بهما . قال : من أنتما ؟ أو من أين أنتما ؟ قالا : من أهل الطائف . قال : لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ! ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فأنكر عمر رضي الله عنه رَفع الصوت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حال حياته ، وأنكر رفع الصوت في مسجده صلى الله عليه وآله وسلم بعد مماته . وهذا الطاعن يعتبر ذلك مَنقصة في حق عُمر ! رد آخر: رزية الخميس أو حديث الرزية , والرزية يعني المصيبة التي وقعت هذا الحديث يرويه بن عباس يقول : لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – يعني الوفاة – وفي البيت رجال فيهم عمر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (هلم أكتب كتاباً لا تضلون بعده ) , فقال عمر : ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ) , وأختلف أهل البيت وأختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتاباً لا تضلوا بعده , ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغو والإختلاف عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (قوموا ) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما . هم يطعنون على أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخاصة عمر من خلال هذا الحديث , مدار طعنهم في ماذا ؟ : أولا قالوا إن عمر قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهجر , وهذا قاله بعضهم كذباً وزوراً ونسبه إلى البخاري كذباً وزوراً وهو ليس في البخاري أن عمر قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهجر وإنما قال غلب عليه الوجع . ما معنى قول عمر : ( حسبنا كتاب الله ) هل معنى هذا أننا لا نريد السنة , هكذا هم يلبسون على الناس , إن معنى قول عمر ( حسبنا كتاب الله ) أي ما جاء في كتاب الله { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } يكفي كمل الدين دعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرتاح , إجتهد عمر في هذه .. أصاب أو أخطأ هذا موضوع آخر , لكن هل نقول إن عمر كتم الدين رضي الله عنه وأرضاه !! عندما قال ( حسبنا كتاب الله ) , هل كان الذي سيبلغه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمراً لازماً واجباً لابد منه وأحذروا قبل أن تقولوا نعم , لأننا إذا قلنا نعم هو أمر لازم واجب لابد منه والنبي لم يبلغه معناه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يتم الرسالة ولم يكملها وكتم بعضها والله جل وعلا يقول { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } قبل هذه الحادثة بثلاثة اشهر في حجة الوداع قال الله هذا الكلام سبحانه وتعالى وأنزله على نبيه قرآناً يتلى . بل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله والجنة إلا وأمرتكم به , وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا وقد نهيتكم عنه ) إذاً النبي بلغ الرسالة. بقي أمر وهو ما هو هذا الأمر الذي أراد النبي أن يبلغه ؟ , جاء في مسند أحمد بإسناد مرسل ولكنه صحيح – صحيح مرسل – إلى حُميد بن عبد الرحمن بن عوف أن علياً رضي الله عنه كان حاضراً في هذه الحادثة فلما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إئتوني بكتاب قال علي : يا رسول الله إني أحفظ , قل أحفظ , فقال : ( أوصيكم بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانكم ) إذاً بلّغ ما كان يريد صلوات الله وسلامه عليه .. ولنا أن نسأل هل كان علي حاضراً رضي الله عنه في هذه الحادثة .. قطعاً نعم عند الجميع عندنا وعند الشيعة هو حاضر , إذاً لما لم يكتب لما لم يذهب ويأتي بالدواة والقلم ويكتب مع من كان علي مع الذين منعوا أو مع الذين لم يمنعوا ؟! .. هذا الموقف من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قال : ( قوموا عني ) أمرهم أن يقوموا عنه صلوات الله وسلامه عليه .. لماذا قال قوموا عني ؟ .. لأنه صار صياح هذا يقول قرب وهذا يقول لا تقرب والنبي صلى الله عليه وآله وسلم في وادي وهم في وادٍ آخر , ولذلك أمرهم بالخروج صلوات الله وسلامه عليه . نعم هناك من قال يستفهم: أهجر ؟؟ يعني أهذا الذي يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم هجراً أو لا ؟؟ ولكن نقول من يقول أن الذي قال هذا عمر ؟ لماذا لا يكون قاله علي ! ونحن أيضاً نقول علي لم يقل هذا , إذاً من الذي قال : أهجر ؟ , لعله أحد الذين كانوا حديثي إسلام وحضروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا مثل هذه الكلمة .. ولكن لم يثبت أبداً أن أبا بكر قال هذه الكلمة أو عمر أو عثمان أو علي أو الزبير أو طلحة أو أحد من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم . النبي صلى الله عليه وآله وسلم معلوم أنه لما أصابه الوجع قبيل موته لما حضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الوفاة كما قال بن عباس إذ كان الأمر على النبي صلى الله عليه وآله وسلم شديداً صلى الله عليه وآله وسلم .. ولذلك بن مسعود لما حضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو على فراش الموت وجده يعرق عرقاً شديداً يتصبب العرق من جبينه , فقال يا رسول الله إنك توعك وعكاً شديداً قال : ( إني أوعك كرجلين منكم ) , قال : أذلك لأن لك الأجر مرتين ؟ , قال : ( نعم ). فشفقة عمر على النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي التي دفعته أن يقول ( حسبنا كتاب الله حسبنا كتاب الله ) يعني دعوا النبي يرتاح صلى الله عليه وآله وسلم . وقلنا ونعيد ونكرر قبلتم هذا أو لم تقبلوه , لكن هل هذا يُخرج عمر من الملة ؟ , هل هذا يجعل عمر عاصياً لله جل وعلا .. طبعاً هناك دعوى عريضة لا دليل عليها وهي أن هذا الكتاب هو خلافة علي ! دعوى من يقول إن هذه الدعوى صحيحة , أنا الآن في هذا المقام سأقول أن هذا الكتاب هو خلافة أبو بكر .. من يمنعني ؟ بل أنا صاحب الدليل لأنه ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( إئتوني بكتاب فإني أخشى أن يتمنى متمني ويأبى الله إلا أبا بكر ) ولذلك جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر هو الذي يصلي بالناس في مرض موته صلوات الله وسلامه عليه . من يقول أن هذا الكتاب هو خلافة علي ؟ ثم هذا الكتاب هو خلافة علي أليس النبي قد بلّغ خلافة علي – كما يدعي القوم - في الغدير وقبل الغدير في تبوك , وقبل تبوك في مكة في حديث الإنذار حديث الدار فلماذا صار الأمر إلا الآن .. الآن فقط يريد أن يبلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم , ثم تعالوا ننظر إلى ما بلغه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من القرآن ومن السنة كم نسبة المكتوب من غير المكتوب ولا شيء جل ما بلّغه النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسموع غير مكتوب , والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول : ( نحن أمة أمية لا نكتب الشهر عندنا هكذا وهكذا وهكذا ) يعد بأصابعه صلوات الله وسلامه عليه , ولذلك أنظروا كم حديث للرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي كتبه الصحابة وكم حديث للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي وعاه الصحابة وحفظوه لا مقارنة فلماذا هذه بالذات تُكتب , فالقصد أننا ننظر في هذا الذي أراده النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل هو أمر واجب أو أمر مستحب .. قطعا هو أمر مستحب وليس من الأمر الواجب لأننا قلنا قبل قليل إذا قلنا إنه من الأمر الواجب فإننا نقول إن النبي قد كتم والنبي لم يكتم صلى الله عليه وآله وسلم , هذا ليس امر واجب بل هو من المستحبات التي تركها للمصلحة صلوات الله وسلامه عليه . خاتمة : وختاماً نقول إقرأوا كتاب الله تبارك وتعالى تدبروا كلام الله جل وعلا إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز : { لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} , أي الذين أنفقوا من قبل الفتح والذين أنفقوا من بعد الفتح كلهم وعدهم الله تبارك وتعالى الحسنى , وماذا يترتب على وعد الله تبارك وتعالى بالحسنى , قال الله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ 101 لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ}. تدبروا قول الله تبارك وتعالى : { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ }. تدبروا قول الله تبارك وتعالى { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ.. }. تدبروا قول الله تعالى { لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ 8 وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 9} اقرأوا قول الله تبارك وتعالى { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا 18} , أيرضى الله عن المنافقين لا يرضى الله تبارك وتعالى أبداً عن المنافقين , إن الله لا يرضى إلا عن المؤمنين لأن الله تبارك وتعالى يعلم ما كان ويعلم ما يكون سبحانه وتعالى فالله بكل شيء عليم ولا يرضى الله عن المنافقين أبداً . إن من أبرز صفات المنافقين في كتاب الله جل وعلا وفي سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي واقع الأمر أنهم أجبن الناس , يخافون على أنفسهم ويخافون الموت ولذلك تجدهم مذبذبين كما قال الله جل وعلا { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء} , فهل هذه الصفات هي صفات أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم , إن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم هم الذين باعوا أنفسهم وأشتروا الجنة والذين بذلوا كل شيء في سبيل الله تبارك وتعالى هم الذين قاتلوا المرتدين , هم الذين فتحوا البلاد هم الذين فتحوا الهند والسند وفتحوا الشام ومصر وفتحوا العراق وفتحوا بلاد فارس هم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم , هم هؤلاء الذين تطعنون أنتم فيهم الله يقول { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ } والله سبحانه وتعالى يقول { لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ } الله تبارك وتعالى يقول { لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} ويقول بعدها { وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} وأنظروا أنتم ماذا تقولون أنتم وماذا يقول علمائكم عن أولئك الصحابة , أتصدقون الله ورسوله أو تصدقون علمائكم ؟ إنكم بين أمرين , كيف بمن جلس مع طلابه ثلاثاً وعشرين سنة يعلمهم صلوات الله وسلامه عليه وهو رسول الله أوتي جوامع الكلم .. أحرص الناس على الخير .. أتقى الناس لله .. أعلم الناس بالله .. أصدق الناس مؤيد من عند الله تبارك وتعالى ثم بعد ذلك لم ينجح أحد !! إلا ثلاثة .. إلا أربعة إلا خمسة .. إلا سبعة على روايات متفاوتة عندهم ... أتقبلون هذا !!؟ .. أتقبلون أن يُقال فشل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تربية أصحابه .. إنه الكفر بعينه إنه الطعن في ذات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم . إن صفات أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن أبداً أن تكون صفات المنافقين .. إقرأوا كتاب الله وتدبروه .. إقرأوا سورة التوبة لتعلموا ما هي صفات المنافقين وأقرأوا باقي القرآن , آل عمران والفتح وغيرها من كتاب الله حتى تعلموا صفات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , إنكم تطعنون في أقوام قد حطوا رحالهم في الجنة , إنكم تطعنون في أقوام كان علي يحبهم وكان أولاده يجلونهم , علي رضي الله عنه زوج إبنته أم كلثوم لعمر يا من تطعنون في عمر , علي رضي الله عنه سمى أولاده بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان , الحسن سمى أولاده بأسماء أبي بكر وعمر , علي بن الحسين سمى إبنته عائشة وسمى ولده عمر , سُكينة بنت الحسين من زوجها ؟ مصعب بن الزبير بن العوام . إن العلاقات بين أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأولادهم مع آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأولادهم كانت حميمة جداً والله ما كان بينهم ما يدعون من كفر أولئك وعصمة الآخرين بل كانت علاقة ود وصفاء ومحبة هكذا كانوا .. لماذا نقبل من الآخرين أن يسيروا فكرنا ولا ننظر نحن في كتب التاريخ وكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتراجم هؤلاء لنعرف الحقيقة بأنفسنا , كل منا سيحاسب في قبره لوحده سيحاسبه الله تبارك وتعالى لماذا أبغضت هؤلاء ؟ .. ما ذنبهم ؟ .. إنهم أولياء الله جل وعلا والله سبحانه وتعالى يقول : ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) , وإنما توعد الله بالحرب ثلاثة .. توعد آكل الربا , وتوعد الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً , وتوعد الذين يحاربون أولياءه فأحذر .. [1] - . ( المصادر صحيح البخاري ، كتاب المرض ،باب قول المريض قوموا عني ، وحواشيه ، صحيح مسلم آخر كتاب الوصية ، مسند الإمام أحمد مجد 1 / 355 ، تاريخ الطبري 2 / 193 ، الكامل لابن الأثير 2 / 320 ) . [2] - تاريخ الطبري مجد 3 ص 429 سيرة عمر لابن الجوزي ص 37 ، تاريخ ابن خلدون ج 2 ص 85 [3] - راجع تاريخ الطبري ج 1 ص 2138 . [4] - تاريخ الطبري ، ج1 [5] - (ج1 2) [6] - الترمذي (ج5 99) | | | | |
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |