عرض مشاركة واحدة
  #31  
قديم 01-03-2013, 11:24 PM
 





نسبها :

زينب بنت رئاب بن يعمر بن صبيرة بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة. جحش بن رباب
أمها : أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فهي ابنة عمة النبي صلى الله عليه و سلم
سيدة من سيدات النساء دينا و ورعا و جودا و معروفا رضي الله عنها


زواجها من زيد بن حارثة :

بعد هجرة المسلمين من مكة إلى المدينة، أراد النبي صلى الله عليه و سلم أن يبني المجتمع المدني على أسس جديدة فيها الثورة على كل الأعراف الجاهلية، و قيمها الزائفة. أراد أن يبني ذلك المجتمع على قاعدة صلبة من الإخاء الإنساني في الله، بحيث تكون بشرية الإنسان و الفرد، و تقواه مع الله هي مؤهلاته فقط، لا ماله و لا حسبه و لا بأسه و لا مكانته …
و بدأت الأخوة في الله .. ، فيروى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد قال لــ زينب بنت عمته: ” إني أريدك أن تتزوجي من زيد بن حارثة…و فاجأها الطلب”، فقالت:” يا رسول الله.. لا أرضاه لنفسي و أنا أيم قريش.” فقال صلى الله عليه و سلم:”فإني قد رضيته لك ..”

و كان القول الفصل، فما دام رسول الله صلى الله عليه و سلم هو الذي ارتضى زيدا لـ زينب فمعنى ذلك حكمة ما بعدها حكمة.
و تم زواج المولى زيد بن حارثة من الفتاة القرشية ذات الحسب و النسب زينب بنت جحش، و لم يعد هناك من فرق بين الزوجين لأن الإسلام سوى بينهما، فأكرمهما عند الله أتقاهما (1)
و نزل قوله تعالى : ” و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا “ الأحزاب 36
فما كان لزينب و أهلها إلا أن يقبلوا بهذه الزيجة امتثالا لأوامر الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم فتم الزواج بمشيئة الله تعالى
و لما دخل عليها زيد أرته من كبريائها و عظمتها ما لم يتحمله، فاستمر الخلاف بين الزوجين فتعذرت الحياة و تعسرت المعيشة فكان زيد رضي الله عنه يشكو من زينب للرسول صلى الله عليه و سلم فيقول له عليه الصلاة و السلام : ” أمسك عليك زوجك و اتقالله “، و لكن زيد لم يستطع أن يتحمل و ضاقت به نفسه فأخبر النبي صلى الله عليه و سلم بالعزم على طلاقها و قرر ذلك
(1) أورده ابن سعد في ” الطبقات الكبرى” (8/101)


زواجها من الرسول صلى الله عليه و سلم :

كان جبريل قد أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم بأن زينب ستكون زوجة له، و لكن النبي صلى الله عليه و سلم وجد في نفسه غضاضة أن يأمر زيدا بطلاقها، و يتزوجها من بعد ،فتشيع المقالة بين الناس : إن محمد تزوج حليلة ابنه
فهذا من خشية الناس،حتى أخفى ما أخبره الله به و هو نكاحها، و هو ما عاتبه الله عليه في قوله :
و تخفي في نفسك ما الله مبديه و تخشى الناس و الله أحق أن تخشاه ” الأحزاب 37
و قد صرح الله تعالى في كلامه بالسبب الباعث على هذا الزواج فقال : ” لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا و كان أمر الله مفعولا “ الأحزاب 37
و بعد أن أذن النبي صلى الله عليه و سلم لزيد بطلاقه لزينب بعد أن شكا له معاملتها و شكا له عزمه على الطلاق
فتزوجها النبي صلى الله عليه و سلم بأمر من الله تعالى حسما لهذا الشقاق من جهة و حفظا لشرفها أن يضيع بعد زواجها بمولى من جهة أخرى، : ” فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها ” الأحزاب 37
فزوجها الله تعالى بنبيه بنص كتابه، لا ولي و لا شاهد، فكانت زينب تفخر بذلك على أمهات المؤمنين، و تقول : ” زوجكن أهاليكن، و زوجني الله من فوق سبع سموات“

عن أنس رضي الله عنه، قال : جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ” اتق الله و أمسك عليك زوجك “ قال أنس : لو كان رسول الله صلى الله عليه و سلم كاتما شيئا لكتم هذه، قال : فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه و سلم تقول : ” زوجكن أهاليكن، و زوجني الله تعالى من فوق سبع سموات ” (1)
(1) صحيح: أخرجه البخاري ( 13/347-348) في التوحيد


آية الحجاب :

قال الله تعالى : ” يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه و لكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا و لا مستئنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم و الله لا يستحي من الحق و إذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم و قلوبهن و ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله و لا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما ” الأحزاب 53

عن أنس رضي الله عنه، قال: ” بني على النبي صلى الله عليه و سلم بزينب بنت جحش بخبز و لحم، فأُرْسِلْتُ على الطعام داعيا، فيجيء قوم فيأكلون و يخرجون، ثم يجيء قوم فيأكلون و يخرجون، فدعوت حتى ما أجد أحدا أدعو، فقال: يا نبي الله، ما أجد أحدا أدعوه، قال : ” فارفعوا طعامكم ”
و بقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت، فخرج النبي صلى الله عليه و سلم إلى حجرة عائشة فقال : ” السلام عليكم أهل البيت و رحمةالله ” ، فقالت : و عليك السلام و رحمة الله، كيف وجدت أهلك بارك الله لك ؟ فتقرَّى حجر نسائه كلهن يقول لهن كما يقول لعائشة، و يقلن له كما قالت عائشة
ثم رجع النبي صلى الله عليه و سلم ، فإذا ثلاثة من رهط في البيت يتحدثون، و كان النبي شديد الحياء، فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة ، فما أدري أخبرته أو أُخبر أن القوم خرجوا، فرجع حتى إذا وضع رجله في أُسْكُفَّهِ الباب داخلة و أخرى خارجة أرخى الستر بيني و بينه و أنزلت آية الحجاب ” (1)
(1) صحيح : رواه البخاري في تفسير سورة الأحزاب (6/149)


عائشة و حفصة :

كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يمكث عند زينب وقتا طويلا، و كان يشرب عندها عسلا، و كان يحب العسل و يشتهيه،
قالت عائشة : فتواصيت أنا وحفصة أيتنا ما دخل عليها النبي صلى الله عليه و سلم فلتقل إني أجد منك ريح مغافير
فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال: بل شربت عسلا عند زينب، لن أعود إليه
فأنزل الله تعالى قوله : ” يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك …. ” إلى قوله : ” إن تتوبا إلى الله … ” التحريم 1-4 يعني عائشة و حفصة
“ وإذ أسرَّ النبي إلى بعض أزواجه حديثا … ” التحريم 3 يعني قوله لهما: شربت عسلا عند زينب


جودها و كرمها رضي الله عنها :

عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبي صلى الله عليه و سلم لأزواجه : ” يتبعني أطولكن يدا ” فكنا إذا اجتمعنا بعده نمد أيدينا في الجدار، نتطاول، فلم نزل نفعله حتى توفيت زينب، و كانت امرأة قصيرة، لم تكن رحمها الله أطولنا فعرفنا أنما أراد الصدقة و كانت صناع اليد، فكانت تدبغ و تخرز ، و تصدق ” رواه الحاكم و قال صحيح (4/25) و وافقه الذهبي
اشتهرت زينب بين أزواج النبي صلى الله عليه و سلم بالصدقة أكثر منهن جميعا، فما كانت لترضى ان تبيت درهما في دارها قبل أن تتصدق به على من هو بحاجة إليه ..
يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل لــ أم المؤمنين زينب بنت جحش بالذي لها من الصلة و الرزق، فلما أدخل عليها قالت:
غفر الله لــ عمر، غيري من أخواتي كان أقوى على قسم هذا مني . قالوا : هذا كله لك . قالت : سبحان الله. ثم استترت بثوب و قالت: صبوه و اطرحوا عليه ثوبا، ثم قالت لـــ برزة بنت رافع أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة فاذهبي بها إلى بني فلان، و بني فلان من أهل رحمها و أيتامها حتى بقيت بقية تحت الثوب
فقالت لها برزة: يا أم المؤمنين، غفر الله لك، و اله لقد كان لنا في هذا حق، فقالت: لكم ما تحت الثوب
فوجدنا تحته خمسة و ثمانين درهما، ثم رفعت يدها إلى السماء فقالت: اللهم لا يدركني عطاء لــ عمر بعد عامي هذا. (1)

عن القاسم ، قال : ” قالت زينب بنت جحش حين حضرتها الوفاة : إني قد أعددت كفني، فإن بعث لي عمر بكفن، فتصدقوا بأحدهما، و إن استطعتم إذ أدليتموني أن تصدقوا بحَقْوَتِي ، فافعلوا ” (2)
(1) طبقات ابن سعد (8/109)
(2) سير أعلام النبلاء (2/217)


كلمة في حق زينب رضي الله عنهما :

قالت عائشة رضي الله عنها : ” ما رأيت امرأة خيرا في الدين من زينب، أتقى لله، و أصدق حديثا، و أوصل للرحم، و أعظم صدقة “ أخرجه مسلم (2422)



وفاتها :

روى القاسم بن عبد الرحمن فقال :
لما توفيت زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله عنها و كانت أول نساء النبي صلى الله عليه و سلم لحوقا به، فلما حملت إلى قبرها، قام عمر إلى قبرها فحمد الله و أثنى عليه ثم قال :
إني أرسلت إلى النسوة يعني أزواج النبي صلى الله عليه و سلم حين مرضت هذه المرأة أن من يمرضها و يقوم عليها ؟ فأرسلن: نحن، فرأيت أن قد صدقن، ثم أرسلت إليهن حين قبضت، من يغسلها، و يحنطها و يكفنها ؟ فأرسلن نحن، فرأيت أن قد صدقن، ثم أرسلت إليهن: من يدخلها قبرها فأرسلن: من كان يحل له الولوج عليها في حياتها.
فرأيت أن قد صدقن، فاعتزلوا أيها الناس، فنحاهم عن قبرها ثم أدخلها رجلان من أهل بيتها
و كان عمر رضي الله عنه هو الذي صلى عليها، و رافقها حتى البقيع، و انتظر حتى فرغ من حفر القبر. تكرمة لها و اعترافا بفضلها و مكانتها.

رضي الله عن أم المؤمنين، و إمامة المتصدقين، و زوجة رسول رب العالمين، بوحي في الكتاب المبين، و ألحقنا بها في الصالحين (1)
(1) رواه ابن سعد في ” الطبقات الكبرى ” (8/114-115)

** ابن عبد البر في الاستيعاب (4/406) ، ابن الأثير في ” أسد الغابة ” ( 5/463)
__________________
ليلى
رد مع اقتباس