عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 01-11-2013, 05:52 PM
 
[frame="6 80"]

شبهة تسمية عمر بالفاروق

قال الطاعن : (( وسمّوا عمر الفاروق ، ولم يسموا عليّاً عليه السلام بذلك ، مع أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال فيه : هذا فاروق أمتي يفرق بين أهل الحق والباطل . وقال ابن عمر: ما كنا نعرف المنافقين على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا ببغضهم عليّاً عليه السلام)).

فيقال :
أوّلا :
أما هذان الحديثان فلا يستريب أهل المعرفة بالحديث أنهما حديثان موضوعان مكذوبان على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يرو واحدٌ منهما في شيء من كتب العلم المعتمدة ، ولا لواحد منهما إسناد معروف.

ويقال : ثانيا :
من احتج في مسألة فرعية بحديث فلا بد ان يسنده ، فكيف في مسائل أصول الدين ؟ وإلا فمجرد قول القائل : (( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)) ليس حجة باتفاق أهل العلم . ولو كان حجة لكان كل حديث قال فيه واحد من أهل السنة : (( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)) حجة ، ونحن نقنع في هذا الباب بأن يُرْوى الحديثُ بإسناد معروفون بالصدق من أي طائفة كانوا .

لكن إذا لم يكن الحديث له إسناد ، فهذا الناقل له ، وإن كان لم يكذبه بل نقله من كتاب غيره ، فذلك الناقل لم يعرف عمّن نقله . ومن المعروف كثرة الكذب في هذا الباب وغيره ، فكيف يجوز لأحد أن يشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما لم يعرف إسناده ؟

ويقال : ثالثا :

من المعلوم لكل من له خبرة أن أهل الحديث أعظم الناس بحثاً عن أقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وطلبا لعلمها ، وأرغب الناس في اتّباعها ، وأبعد الناس عن اتّباع هوىً يخالفها ، فلو ثبت عندهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعليّ هذا ، لم يكن أحد من الناس أوْلى منهم باتّباع قوله ، فإنهم يتّبعون قوله إيماناً به ، ومحبة لمتابعته ، ولا لغرض لهم في الشخص الممدوح .

فلو ثبت عندهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعليّ : هذا فاروق أمتي ، لقبلوا ذلك ،ونقلوه ، كما نقلوا قوله لأبي عبيدة: (( هذا أمين هذه الأمة ))[1] وقوله للزبير( إن لكل نبي حوارىّ وحوارىّ الزبير ))[2] وكما قبلوا ونقلوا قوله لعليّ (( لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله ))[3] وحديث الكساء لما قال لعليّ وفاطمة وحسن وحسين ( اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً ))[4] وأمثال ذلك .

ويقال : رابعا :
كلٌّ من الحديثين يُعلم بالدليل أنه كذب ، لا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فإنه يقال : ما المعنى بكون عليّ أو غيره فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل ؟ إن عنى بذلك أنه يميّز بين أهل الحق والباطل، فيميّز بين المؤمنين والمنافقين ، فهذا أمر لا يقدر عليه أحدٌ من البشر: لا نبي ولا غيره . وقد قال تعالى: ] ِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُم نَحْنُ نَعْلَمُهُم [كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلَم عينَ كل منافق في مدينته وفيما حولها ، فكيف يعلم ذلك غيره ؟

ومحبة هؤلاء لعليّ باطلة ، فإنهم يحبّون ما لم يوجد ، وهو الإمام المعصوم المنصوص على إمامته ، الذي لا إمام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا هو ، الذي كان يعتقد أن أبا بكر وعمر رضى الله عنهما ظالمان معتديان أو كافران ، فإذا تبيّن لهم يوم القيامة أن عليّاً لم يكن أفضل من واحد من هؤلاء ، وإنما غايته أن يكون قريباً من أحدهم ، وأنه كان مقرّاً بإمامتهم وفضلهم ، ولم يكن معصوما لا هو ولا هم ولا كان منصوصا على إمامته ، تبين لهم أنهم لم يكونوا يحبون عليّاً ، بل هم من أعظم الناس بغضاً لعلي ّرضي الله عنه في الحقيقة ، فإنهم يبغضون من اتصف بالصفات التي كانت في عليّ أكمل منها في غيره : من إثبات إمامة الثلاثة وتفضيلهم ، فإن عليًّارضي الله عنه كان يفضّلهم ويقرُّ بإمامتهم . فتبيَّن أنهم مبغضون لعليّ قطعا .
[1] - رواه البخاري : ج5 5 وغيره .

[2] - انظر البخاري : ج5 1 ، ومسلم : ج4 ص 1879.

[3] - انظر البخاري : ج5 8 ، ومسلم : ج4 ص 1871.

[4] - انظر مسلم : ج4 ص 1883.


[/frame]
__________________
إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " !