عرض مشاركة واحدة
  #64  
قديم 01-12-2013, 08:30 PM
 
كان جيرودا يمشي مترنحا .. الدماء تغطي وجهه وشعره وملابسه ..
كان هناك خطان نظيفان غسلتهما الدموع على وجهه ..
لم يقل شيئا وظل يسير ببطء وهو يجر قدميه حتى وقف أمامي وأعطاني كتابا كبيرا غطته الدماء وقال بصوت مرتجف قتله التعب :
- خذيه .. لقد كانت أمي حريصة على وصوله إلى يديك قبل رحيلها ، إنها ... إنها وصيتها .. الـ ... الأخيرااا ه ..
أمسكت الكتاب بسرعة منه فسقط على الأرض وركض جاميان وسبيرسو نحوه بسرعه ..
نظرت إلى الكتاب .. كان ذلك هو بعينه الكتاب الذي تكلمنا عنه قبل أن نفترق، "الكواكب الثلاثة : النظام المثلثي الكوني" وأمسكت بالكتاب المغطى بالدماء جيدا وبكيت وانا أنظر إلى جيرودا ، صرخ جاميان بفزع وهو يضم أخيه :
- جيرودا .. أجبني يا أخي .. أرجوك لا ترحل ..
وقف سبيرسو مندهشا أمام هول المفاجآت التي يسمعها فهو لا يعرف ان تالتن وجاميان شقيقين ، واقتربت من جيرودا وجسست نبضه وقلت بسرعة وأنا خائفة:
- مازال قلبه ينبض، أسرع يا جاميان علينا أن نقدم له مساعدة طبية ..
نظر إليّ جاميان فرأيت دموعه اللؤلؤيه أخيرا وصاح بخوف :
- ماذا أفعل ؟؟؟
- هيا .. يجب أن نوقف النزيف .. شاش ضمادات .. أي شيء..
ركض سبيرسو بسرعة وأسرع جاميان باتجاه مختلف .. وفتح جيرودا عينيه لينظر إلى وقال بخفوت :
- لندا .. لا فائدة .. يجب ان ألحق بأمي ، نحن لم نفترق أبدا .. والقلادة التي أضعها هنا ..
نظر باتجاه صدره بصعوبه وقال بألم :
- فـ .. في جيبي ..
فتحت جيب سترته وأخرجت قلادة ذهبيه كبيره فقال :
- نعم .. أعطيها لجاميان ..أنـ ... آآآآه
تألم جيرودا فقلت بخوف :
- جيرودا .. أصمد أرجوك أنت بطل ..
ابتسم جيرودا بمراره وقال بتعب وصوته يتقطع:
- ليس هناك أبطال في الموت .. لندا ..آه .. جاميان لا تتخلي عنـ .. عنه .. إنه لم يحب في حياته سواك ..
صدمت وأنا أسمعه يقول ذلك وقلت بصرامة وأنا أدفع عبره في عيني :
- كف عن الكلام سوف تجهد نفسك ..
رأيت جاميان يجري بسرعه مقتربا وصحت بوجهه :
- لقد تأخرت ...
نظر جاميان بخوف كان العرق يبلل جبينه من الإجهاد والفزع وقد التصقت خصلات شعره بوجهه وبدأ يوقف معي نزيف جيرودا بسرعه .. قال جيرودا شيئا ولكننا لم نسمعه فاقترب جاميان بسرعه منه وقال بخوف :
- ماذا كنت تقول يا أخي ؟؟ جيرودا ...
حرك جاميان شقيقه بقوة وقد اتسعت عيناه بفزع وصرخ:
- جيروداااااا ..
كان يبدو جيرودا ساكنا جدا ... وتحسست نبضه ثم نظرت إلى جاميان بألم ..

2


قلت بخوف :
- نبضه ضعيف جدا .. إنه يحتاج إلى رعاية طبيه وإلا سنفقده ..
اقترب سبيرسو وهو يحمل أدوات طبية وقال بسرعة :
- لم لا نأخذه للمشفى ..
قال جاميان بعصبيه :
- هل نسيت أنه مطارد!!
لم يقل سبيرسو شيئا وقلت بسرعة :
- ألا تعرفان طبيبا .. سوف يموت ..
تركنا جاميان وخرج مسرعا من البوابة الكبيرة ، ونظرت إلى سبيرسو وقلت :
- هيا احمله معي يجب أن نضعه في مكان مريح ..
حملناه بصعوبة فقد كانت الجروح تملأ جسده وسقطت مني القلادة محدثة رنينا على الأرضية فنظر سبيرسو وقال ونحن نصعد الدرج :
- لا أصدق عيني أهذه ايموكيا الحقيقية أم انها قلادة تشبهها ..
قلت باستغراب وانا اتنفس بسرعة :
- ماذا .. تقصد بايموكيا .. أليست ملكا للدولة ؟؟
وضعنا جيرودا على أريكة مريحة ونزل سبيرسو بسرعة ليحضر الأدوات الطبية وطبعا القلادة والكتاب..
ونظرت إلى جيرودا بعد أن احضرت القليل من المياه والقطن وبدأت أمسح الدماء عن وجهه بعناية، طوال عمري وأنا أحب التمريض ..
عندما عاد سبيرسو قال مندهشا وهو يتفحص القلادة بعناية :
- لا أصدق أن تالتن قد حصل على إيموكيا.. الملك نفسه لا يحق له لمسها .. انه ليستطيع ان يهدد بها الكوكب بكامله ..
ضحكت ضحكة قصيرة وقلت بإعجاب :
- إنه قوي جدا ..
كانت القلادة ذهبيه ودائريه متوسطة الحجم في وسطها لؤلؤه شفافه رائعه بحجم حبة الزيتون ومفحور تحتها حروف غريبه، كانت القلادة قمة في الروعه والجمال رغم بساطتها .
ومضت فترة قصيرة من الصمت وسبيرسو يتأمل القلادة بعيني خبير ..
فقلت باستغراب وأنا أضمد جراح جيرودا :
- لكن من العجيب ألا يوجد حرس هنا حول مركبة مهمة كـ "هينوا" ؟؟
ابتسم سبيرسو قائلا :
- لن تصدقي ما فعله جاميان مع عشرين جنديا كانوا هنا .. لقد اختفوا من على وجه الكوكب بكل عتادهم .. لكم أنا معجب به .!!
صمت سبيرسو ويبدو أنه يتذكر شيئا جيدا فلم أرد أن أقطع سكونه واستمريت بتضميد جراح جيرودا ..
توقف النزيف أخيرا بعد أن ضمدت جروحه كلها بعناية وساعدني سبيرسو .. تساءلت بقلق :
- أين جاميان؟؟ لقد تأخر ..
لم يجبني سبيرسو ولكنه وقف ونزل إلى الأسفل مجددا ..
كانت حالة جيرودا حرجة جدا وخشيت أن يكون مكروها قد حصل لجاميان .. شعرت بالقلق وكنت اتحسس نبض جيرودا في كل دقيقة ،، كانت حرارته مرتفعة جدا وقمت بوضع ضمادات قطنية مبلله بالماء على راسه..
تساءلت أين ذهب سبيرسو هو الآخر ؟؟

خرجت آهه قصيرة من حلق جيرودا فالتفت اليه بقلق وقلت وانا ابلل الضماد بالماء من جديد :
- جيرودا اصمد ارجوك .. لا تترك جاميان لوحده .. إنه يحبك وسوف تتدمر حياته اذا ابتعدت عنه ..
كنت اعرف ان جيرودا يسمعني رغم آلامه وتابعت أحاول بث الأمل في نفسه:
- أنت كل شيء بالنسبة لنا .. هيا جيرودا انا احترمك واحبك ، انت مثالا يحتذى به وقدوة للجميع .. أرجوك جيرودا لا تستسلم ..
فتح جيرودا عينيه بصعوبه .. فتحهما قليلا كان بالكاد يراني وحاول أن يتحدث ولكنه لم يستطع ..
شددت على يده وقلت :
- هيا كف عن اجهاد نفسك ، سيأتي جاميان قريبا ..
ظل ينظر جيرودا نحوي بتعب واستطاع ان ينطق أخيرا :
- أين .. جاميان.. اريد ان أراه قبل أن .. أ .. أموت ..
قلت بغضب جارف :
- لا .. لا تقل ذلك أرجوك ..
صمت جيرودا وعاد للنوم ، كنت أتحسس نبضه كل دقيقة بفزع ..
وضعت رأسي قليلا على الأريكة وكأنني غفوت ...
ولكنني فزعت في اللحظة عندما سمعت صوت أقدام خطوات خلفي .. فنظرت بسرعة ولكنني لم أر جاميان ..
ولم أر سبيرسو ...
لقد كان آخر شخص توقعت رؤيته في حياتي !!!!