وبعد قليل جلست على الأريكة أتصفح وأشاهد خريطة الأرض .. عندما أحسست بجاميان يجلس بقربي نظرلي للحظة ثم نظر في الكتاب وقال :
- إنها الأرض .. هذه هي بلدك إنها هنا ..
أشار جاميان إلى الموقع الصحيح تماما فابتسمت ثم نظرت إليه وقلت :
- أنت تعرف الخريطة جيدا ..
نظر لي بلطف وقال :
- كان علي ان أحضر أجمل وأروع وأذكى فتاه .. ولكن ..
قلت باستغراب :
- ماذا ؟ ..
ضحك جاميان وهو يقول برومانسية :
- لقد أحضرتها بالفعل .. وذلك جعل حياتي مرهونة بها ..
نظرت حولي وقلت لكي أغير الموضوع :
- صحيح أين سبيرسو؟؟
- أنت مهتمة به وكأنه ولدك التائه .. ولكن لا بأس .. لقد ذهب ليحضر بعض الطعام فنحن لم نأكل شيئا ..
أغلقت الكتاب ورجعت للخلف مريحةً ظهري على الأريكة ، بينما وقف جاميان وتوجه أمام بعض الأجهزة يفعل شيئا ما لا أدري كنهه ..
وعاد سبيرسو بعد وقت قصير محملا بأكياس الطعام وهو يقول بسرعة فزعا:
- يبدو أنهم سيأتون إلى هنا .. أظن أن علينا الرحيل بأسرع وقت ممكن ..
قال جاميان باهتمام :
- أين سمعت ذلك؟؟
- سمعت بعضهم يتحدث في المتجر عن سرقة ايموكيا ،، الجميع يتهمك بذلك ويتحدثون عن هروب لندا وأن الملك سيرسل جيش بانشيبرا للتفتيش عنكم في منطقة سلاو- هينوا ..
قال جاميان باكتئاب :
- الجيش ؟؟ لقد أصبح موقفنا صعبا ياصديقي .. هيا سبيرسو عد إلى منزلك، لقد ساعدتنا بما فيه الكفاية إنهم لا يعلمون بأمرك ويمكنني قيادة هينوا ..
ثم نظر تجاهي وقال باسما :
- سوف تعتني لندا بي وبجيرودا ، أنا أعرف ذلك ..
نظر سبيرسو بقلق وقال معترضا :
- لا .. لن أذهب إلى أي مكان .. سأذهب معك ..
اقترب جاميان ووضع يده على كتف سبيرسو وقال بصرامه :
- لا مجال للنقاش ، هل تريد والدتك أن تموت إذا فقدتك .. هيا وخطيبتك أيضا، إنها فتاة طيبة وبحاجة إليك ..
فترة صمت وتبادل نظرات ثم قال جاميان بحزم :
- سبيرسو .. أنا آمرك بالعودة ..
نظر سبيرسو بحزن إلى جاميان ثم قال بعينين دامعتين :
- سأشتاق إليك .. يا صديقي ..
ثم عانق سبيرسو جاميان بقوة وجاميان يقول :
- لن أنساك أبدا ، ولا تنس أن توصل سلامي إلى بيكا ووالدتك ..
هز رأسه موافقا ثم توجه ناحية جيرودا ونظر إليه نظرة أخيره حزينه وانصرف بسرعه نازلا السلم الحديدي ..
صاح جاميان :
- شكرا على الطعام ..
ووقف جاميان متأثرا للحظة ولكنه انتبه في اللحظه الأخيره وقال:
- هيا علينا أن نسرع بقدر الإمكان ..
ثم اتجه فورا ناحية جيرودا وحمله بعد بعض المعاناه لأن الجروح كانت تملأ جسده، واتجه به ناحية المركبة .. وقال بصوت محبوس :
- أحضري أكياس الطعام واصعدي خلفي ..
بسرعة تحركت وحملت الأكياس ثم أخذت الكتاب والقلاده و صعدت خلف جاميان الذي وضع جيرودا على أقرب سرير وصل إليه .. قام جاميان بربط جيرودا جيدا ببعض الشرائط و الأحزمة الموضوعة في السرير ..
وضعت الأكياس على الأرض واقترب جاميان مني ثم قال :
- الآن ستتحررين يا مالكة قلبي!
نظرت بعيدا لكي أخبيء خجلي .. وقلت وقد احتبست أنفاسي :
- شكرا .. لك ..
ثم أمسكت بكف جاميان ووضعت فيه قلادة ايموكيا وقلت :
- لقد كاد جيرودا أن يضحي بنفسه من أجل ايصالها إليك ..
ابتسم جاميان ثم أخذها وعلقها حول رقبتي وقال :
- انا سأخبئها هنا ... فهو مكان جميل وآمن ..
ابتسمت فأمسك جاميان بيدي وسحبني نحو قمرة القيادة ..
البارت الرابع
ثم أجلسني إلى جانبه وقال :
- ستكونين مساعدتي عند الانطلاق ..
- نعم .. هذا يشرفني أيها الجندي الأبيض ..
قام جاميان بتشغيل المركبة الكبيرة ولكن سرعان ماسمعنا صفاره داخل المركبه، ثم تحولت الإضاءه للون الأحمر ونظر جاميان بقلق إلى عداد موضوع داخل المقود ..
اتسعت حدقتا جاميان في رعب وصاح :
- لقد وضع أحدهم مفجرا ...
كان أمامنا بالفعل عشر دقائق فقط ...
وقفت وأنا بغاية الذهول وعاد جاميان وصاح برعب :
- أسرعي ليس لدينا متسع من الوقت ! علينا أن نركض ... سوف تنفجر هينوا ...
ركضت أنا وجاميان بسرعه نحو سرير جيرودا وبدأنا بفك الأربطة بتوتر وخوف جعلتنا نتأخر ثوان إضافيه وصاح جاميان وهو يحمل جيرودا بصعوبة :
- لا أصدق أن سبيرسو يفعل شيئا كهذا .. لماذا؟؟ لقد خدعني ببساطه بعد ان اعتمدت عليه !! هو الوحيد الذي دخل إلى هينوا .. لقد كان عميلا ...
وصلنا في خلال دقيقة إلى بوابة المركبه وحاولت فتحها لكنها كانت مغلقه اوتوماتيكيا ..
أجلس جاميان جيرودا وأسند ظهره على الجدار وحاول فتح الباب أو كسره فلم يستطع ضرب الباب بكل قوته ،، كان جاميان حائرا جدا .. وتذكرت أنني لم احضر الكتاب فاندفعت إلى الداخل وصاح جاميان :
- إلى أين ؟؟
- الكتاب ...
قلت ذلك بسرعه وأنا أركض في الممر الصغير فتعثرت في أكياس الطعام وسقطت رأيت الكتاب أمامي فحملته بسرعه وعدت إلى البوابه فلم أجد جاميان ، كان جيرودا فاقدا لوعيه وركضت بحثا عن جاميان ولكنه عاد ورأيته واقفا ينظر إلى بهدوء ..
لم أقل شيئا ونظرت للبوابه الكبيره فقال بخفوت وقد استحال وجهه إلى لون أحمر:
- لن يمكنني فتحها أبدا، تفقدت مخرج الطوارئ الوحيد .... لقد قتلونا، وقعنا في فخهم !!
ظللت أنظر له بإشفاق كبير وقلت:
- لا بأس يا جاميان .. هل أنت خائف من الموت؟
جلس جاميان إلى جوار شقيقه النائم على الأرض وقال بيأس :
- لا .. فلقد تمنيت ذلك عند سماع خبر موت أمي ... لكن ..
أخفى جاميان وجهه بين ذراعيه واقتربت منه وجلست بقربه فعاد يقول بصوت مبحوح :
- لقد خذلتك ... لم أكن قويا كفايه لأحمي الأشخاص الذين أحببتهم فعلا .. لم أحم أبي ولا أمي ... ولم أحم جيرودا ... والآن ، أنت ...
ثم رفع رأسه وانحدرت دمعة لؤلؤيه من عينيه وتابع وهو يمسك بكتفي :
- أرجوك سامحيني .. لندا .. أنا أحبك كثيرا .. لم أكن أتمنى أن يحصل ذلك ..
وضعت يدي على فمه ليسكت وقلت :
- لا .. يا جاميان .. أنت بطلي الوحيد وانت لم تخذلني أبدا، يكفي أنك ضحيت بحياتك من أجلي ، لقد فقدت أمك من أجلي وأنا لا أستحق كل هذا ..
شعرت بدموعي تذرف رغما عني فمسحها جاميان بيديه وهو يفعل ذلك للمره الثانيه وقال بهمس :
- أرجوك لا تبكي ... أريد أن أراك آخر مره وانت تبتسمين ..
شعرت بخوف حقيقي لأن االموت كان يقترب مع كل دقيقة تذهب ..
ونظر جاميان إلى عنقي وتحولت نظرته اليائسه إلى اندهاش وقال :
- ايموكيا ..
نظرت إلى القلادة الدائرية في رقبتي وكانت اللؤلؤه الشفافة قد شعت بنور أرزق قوي وجميل ، وسمعنا صوت جيرودا يقول بتعب :
- إن ايموكيا تعمل ... مستحيل!!
التفت جاميان نحو جيرودا بفرحة وقال :
- جيرودا أنت بخير .. إنك تتكلم !!
حاول جيرودا الجلوس وساعده جاميان وفجأة توقفت صفارة الإنذار وعاد الضوء الأبيض الطبيعي إلى المركبه ..
قلت باندهاش كبير:
- لقد توقفت القنبله ..
نظر جاميان حوله بسعادة ولكن جيرودا قال بإرهاق وهو يمسكني ويمسك جاميان ويغمض عينيه :
- القنبلة لم تتوقف ...
بسرعة نظرنا نحو جيرودا مندهشين من كلامه لكننا لم نجد الفرصة للكلام مرة أخرى وسمعت فجأه صوت انفجار رهيب جزء من الثانيه تحطمت الجدران حولي واشتعلت النيران وطار جسدي من قوة الانفجار بعيدا .. لم أر أي شيء ولكنني تأكدت أنها نهايه حياتي ... |