------------------------------------------
" مستحيل أن تكون الأصلة هي حارسة الفنار "
نعم مستحيل ... لقد اختفت لفترة وتركتني أعبر .. كنت أقف على مسافة بعيدة جدا عن الأصلة خلف الصخور وأنا أفكر ..
وفوق رأسي شعرت بصوت غريب ..
نظر بسرعة ثم صرخت بفزع وأنا أرى الأصلة تقترب من الأعلى وركضت بسرعة ابتعد ولكنني سقطت فوقعت الكرة من يدي وانفجرت وخرج السائل الأزرق بداخلها ..
عندما انفجرت الكرة ظهرت رائحة عجيبة ومنفرة تشبه رائحة الكبريت أو ربما مادة كيميائية عجيبة وابتعدت قبل أن ألمس السائل الأزرق وشاهدت الأصلة تبتعد مسرعة عن المكان برمته هربا من الرائحة .. لقد كان الرحالة النذل زاك يعرف أن الأصلة تهرب من رائحة المادة الموجودة داخل الكرة ...
انتبهت للسائل الأزرق .. كان هناك مفتاح داخل الكرة وظهر عندما انفجر السائل الموجود بداخلها ..
شققت قطعة قماش من فستاني المسكين وحاولت أن أمسك به المفتاح وحملته بعيدا ثم غسلته بماء البحر تحسبا لتلك المادة ..
عدت إلى الفنار مجددا ووقفت أمام بوابته ..
جربت المفتاح الأزرق ..
لم أصدق نفسي وأنا أرى المفتاح يدور داخل البوابة ، وفتحت البوابة ولكن ضوء قويا شع أمام وجهي وشعرت بشيء يخطف القلادة ويقطعها من فوق رقبتي ..
حاولت أن أدافع عن القلادة ولكنني لم أكن أرى شيئا أبدا ..
وعندما اختفى الضوء شعرت بهزة قوية تحت قدماي ، وكأنه زلزال .. واغلق باب الفنار خلفي ثم توقف الزلزال .. تحسست القلادة في رقبتي فلم أجدها ..
شعرت بغضب وألم حقيقيين وصعدت درج الفنار الضيق بسرعة حتى وصلت إلى الأعلى في الحجرة المستديرة ..
وعندها تذكرت فجأة أن الملك قال لي أن سارق ايموكيا كان يدعى الحارس المناور وكان معه الشياطين ، يالغبائي !! كيف لم اتذكر!
قلت بصوت عال لنفسي :
- نعم .. الحارس المناور يالي من غبية كبيرة!!!
جلست على الأرض بحزن شديد وانا اعرف أنني فرطت في القلادة ،، وعندها ظهر الرجل المسن أمامي فنظرت إليه بحزن ثم قلت :
- كنت أعرف إجابة سؤالك لكنني لم أتذكرها سوى الآن ..
ابتسم الرجل المسن وقال بلطف :
- كنت أعلم أنك تعلمين ... ولذلك ستستعيدين قلادتك لأنك فتاة متحمسة .. فقط لم يتبقى سوى أن يعمل الفنار مجددا .. لأن ضوءه سوف يغمر كل المناطق المظلمه ...
ثم وضع الجرة الصغيرة في يدي مرة ثانية ورأيت الطفل الصغير يقف إلى جواره ويبتسم ..
وقفت وقلت بفرح :
- سيدي .. شكرا لك ..
هز الرجل المسن رأسه موافقا ثم تركني ونزل درج الفنار وخلفه الطفل الصغير .. وتابعتهم بنظراتي حتى اختفيا وتساءلت :
" والآن ماذا ؟؟ كيف سأستعيدها ..؟؟ "
صعدت إلى كشاف الفنار كان ضخما ولكن كان بمنتصفه شرخ كبير وهذا مايجعله غير قادر على العمل ، ربما .. واقتربت منه بهدوء ثم تفحصته،، لامجال لإصلاحه الآن بالتأكيد .. وعندما نظرت من النافذة الكبيرة شاهدت الشاطيء الجميل يمتد أمامي إلى مالا نهاية .. ويبث في نفسي أملا عجيبا ، وعندما نظرت إلى الطاولة الصغيرة رأيت الكتاب الذي أهدته لي والدة جاميان ..
للحظات فقط ثم تلاشى من أمام ناظري ،، تذكرتها فدمعت عيناي ..
وقلت في نفسي .. هل كان يجب علي أن أحضر الكتاب معي ؟؟ لقد احترت كثيرا وأصابني الصداع ولكنني أوشكت على النهاية بالفعل ...
نظرت إلى الجرة المعلقة ورأيت المسحوق اللماع ... كان أزرق اللون وتساءلت إذا كان هذا هو المسحوق الذي كان يتكلم عنه الرحالة ..
واقتربت من المكان الذي رأيت فيه الكتاب ووجدت شقا في الطاولة ... لم أفهم ما السبب .. وراودتني فكرة غريبة ..
تذكرت فجأة كلام الرحالة عندما قال :
" أخبرتك أنه لا يوجد للفنار مفتاح ،، الكرة الزرقاء لحارس الفنار فيسمح لك بالدخول لسكب المسحوق الأزرق في الشق .. "
نظرت داخل الشق بحذر ثم سكبت قليلا من المسحوق اللماع الموجود داخل الجرة وفي الحال رأيت الشق يلتأم وعادت الطاولة كما كانت ..
اعجبني الأمر ولكن ؟؟
ماذا بعد ...؟ ماذا افعل الآن ؟؟
درت بعيني في غرفة الفنار الضيقة،، وتذكرت الكشاف الكبير ...
هل يجب علي إصلاحه ؟؟؟
نعم ... قال الرجل المسن أن علي ان أجعل الفنار يعمل مجددا ..
لم انتظر مزيدا من الوقت وصعدت نحو الكشاف الكبير وأخذت الطاولة وقفت عليها حتى اتمكن من الوصول لمكان الشرخ المرتفع .. كان الكشاف كبيرا جدا ...
في بداية الشق سكبت ما تبقى من المسحوق اللماع فجرى المسحوق في الشق الكبير وبدأ الزجاج يلتأم مره ثانية ..
كان شكله رائعا بعد أن أصلحته ..
ولكن ؟؟؟
ماذا ؟؟ لم يحصل أي شيء ؟؟
هل كان استنتاجي خاطئا ؟؟ في كل الأحوال لقد انتهى المسحوق اللماع ولم يتبق المزيد منه ..
نزلت من فوق الطاولة وأعدتها إلى مكانها ..
وتأملت الكشاف بغيظ ثم تذكرت فجأة ،، إنه عالم خيالي ولكن ..
النار .. لم استطع اشعالها إلا عندما امتلكت نارا حقيقية ولم تشتعل بالتذكار..
والرجل الرحالة .. لم يقبل الشريطة كتذكار إلا عندما علم أنها لمحارب قوي ،، هناك أشياء مرتبة منطقياً .. على الرغم من أن هذا المكان أبعد مكان عن المنطقية ..
فكرت ... كذلك ضوء الكشاف الكهربائي الضخم .. يجب أن يكون موصولا بمصدر كهربائي .. بحثت عن وصلات كهربائية حتى وجدتها كانت وصلات ضخمة جدا ..
ولكنني لم أعرف أين أضعها ،، بحثت بقلق وبسرعة ،، لكن لا فائدة ..
إحباط في كل دقيقة تواجهني ولكن لا بأس ،، سأجد حلا .. نظرت أسفل الطاولة فوجدت وصلة كهربائية متصلة بالجدار ،،
أبعدت الطاولة ونظرت إليها ولكنها لم تكن متطابقة مع الوصلة التي كانت معي .. حاولت إدخال وصلة الكشاف في المصدر ولكن ذلك كان مستحيلا .. هناك فتحتان في المصدر والوصلة التي معي لها ثلاثة رؤوس ..
كيف أخلع واحدة من هذه ؟؟
ساعدني يا إلهي ..
حاولت كسرها بيدي ولكنني لم أفلح وآلمتني أصابعي بلا فائدة ..
وبدأت بالبحث مجددا عن أي شيء ..
ولكن بلا جدوى فجلست منهكة على الأرض من كثرة التفكير والبحث ومسحت عيني بعنف فقد كانت تؤلمني ..
بعد قليل نزلت درج الفنار مرة ثانية ...
إن ذلك المكان يشبه كوكب الأرض إلى حد كبير ..
نظرت من نافذة السلم ورأيت سلكا كهربائيا غير معزول يمر من فوق الفنار ويأتي من الجبل ..
لم أنتبه له من قبل .. حسنا .. هذا السلك الكهربائي هو حل مشاكلي ..
نظرت لبوابة الفنار كانت ما تزال مغلقة وصعدت للأعلى مرة ثانية وشددت الأسلاك وبدأت أسحبها وأحرر التشابك بينها ..
سحبتها وكانت طويلة كفاية لتصل إلى الأعلى .. وخلعت القابس ثم سحبت العازل من فوق السلكين فأصبح جزء منهما مكشوفا فلويت الجزء المكشوف وشكلته على شكل رأس سنارة الصيد حتى يمكنه التعلق بالسلك الرئيس ، ثم وقفت عند النافذه ومددت السلكين نحو السلك الرئيسي بعد أن ابعدتهما عن بعضهما ..
في البداية لم يصلا لأن السلك الرئيس كان بعيدا ،، فصعدت فوق النافذه وكدت أنزلق بسبب ثوبي ..
كان ذلك العمل خطيرا جدا ولكن كان علي القيام به ..
وبالفعل وصل السلكين إلى السلك الرئيس وتلامست الأسلاك المكشوفه فانبعثت شرارة صغيرة ...
أضاء المصباح القوي، و كان يضرب نوره داخل الغرفة العليا المستديرة وذكرني ذلك الضوء بالضوء القوي الذي أعمى عيني في البداية عندما دخلت إلى داخل الفنار وأخذت مني القلادة ايموكيا ،، وببطء توجهت نحوه وبدأت توجيهه بحذر للخارج وأنا أتحاشى لمس الأسلاك .. كان صعبا وكبيرا وبذلت مجهودا كبيرا جدا وآلمني ظهري ولكنني صممت على ذلك ..
وبالفعل ...
وجهته نحو الشاطيء وشعرت بزلزلة قوية جدا ..
سقطت أرضا ووقعت على السلالم إلى الغرفة السفلية وآذيت أنفي ونزلت منها الدماء ثم سقطت الطاولة أيضا فحاولت الجلوس بصعوبة ووضعت يدي على رأسي أتحاشي الأحجار المتساقطة ..
------------------------------------- |