سقطت أرضا ووقعت على السلالم إلى الغرفة السفلية وآذيت أنفي ونزلت منها الدماء ثم سقطت الطاولة أيضا فحاولت الجلوس بصعوبة ووضعت يدي على رأسي أتحاشي الأحجار المتساقطة ..
الفنار ..
إنه يتهدم فوق رأسي بعنف وقسوة .. ماذا يعني ذلك ؟؟ ولماذا ؟؟
تساءلت بقلق داخلي ماذا كان علي أن أفعل ؟؟
فجأة توقفت الاهتزازات وفتحت عيني بحذر كانت القلادة قد سقطت على رأسي ..
أمسكت بها بسرعة .. ولكن الوقت قد أصبح ليلا ولم أر سوى ضوء الكشاف وقد بدأ الكشاف الكبير يتحرك يمينا ويسارا ببطء ..
وقفت بصعوبة ونظرت من النافذة الأخرى فشاهدت شاطئا مختلفا ومنازل جميلة .. لقد تغير المكان تماما ..
مسحت الدماء عن أنفي بقطعة متسخة من ثوبي .. ونزلت من الفنار بسرعة وأنا أمسك القلادة بيدي ولم أصدق فقد كانت البوابة مفتوحة .. خرجت بسرعة إلى المدينة الجميلة وشاهدت أشخاصا كثيرون قد تجمعوا في المكان وينظرون إلي باندهاش وذهول ..
كانت عيونهم تشبه القطط ..
هل عدت؟؟ نظرت إلى القلادة في يدي .. هذا يعني أنني لم أفشل بتاتا ..
كانت ماسة القلادة قد انطفأ ضوءها الأزرق و أصبحت زرقاء بالفعل ولم تعد شفافة كما في السابق ، ورأيت الصفوف تنشق ليظهر في البداية جاميان الذي ركض نحوي بفرحة .. وهو يصيح :
- لندا ... لقد نجحتي ...
ولكن جاميان حدق بي للحظة ولثوبي باستياء وقال :
- هل أنت بخير؟
ابتسمت ورأيت جيرودا والباقين يركضون نحوي ..
التفوا حولي جميعا وأخبروني أنهم فخورين بي جميعا،، ثم رأيت مركبة رئيس ايموكيا تقترب وهو ينظر إلي بامتنان وهتف جاميان بفرحة غير طبيعية بعد أن شاهد شريطته البيضاء ماتزال حول عنقي :
- لم ستخدم تذكاري ... لم تستخدمه ..
لم أفهم سر سعادته وابتسم لوريس ثم قال :
- لكنه اتسخ وأصبح قبيحا ..
أمسك جاميان برأس لوريس الذي تكلم جيدا وقال بمزاح :
- أنت لا تنطق إلا الأشياء الشريرة ..
ضحكنا جميعا عليهما وخلف مركبة الرئيس عدنا إلى القصر ، كان الاحتفاء بي مذهلا هناك وسار حولي كم كبير من الأشخاص ..
وجلس الرئيس ثم قال بسعادة :
- شكرا لك على مساعدة شعب ايموكيا ..
قلت باندهاش :
- لكن ... هذا الفنار لم يكن موجودا من قبل ... أليس كذلك ..
- هذا صحيح ، إنه شعاع الأمل لشعب إيموكيا ... هناك أشياء كثيرة لا يمكنني شرحها ... يوجد من هذا الفنار ثلاثة آخرون يمكنهم تحقيق الأمنيات ..
ثم نظر إلى الشريطة المعلقة على رقبتي وقال باسما :
- جاميان فقط هو الذي بقي معك ... أليس كذلك ؟؟
تطلعت إلى الشريطة ثم القيت نظرة على وجه جاميان الذي كان يتكلم مع رايو ولوريس وجيرودا بعيدا عنا .. وقلت :
- أنا متعجبة أنني لم أستخدم تذكاره مع أن ..
صمتت بخجل فقال الرئيس باسما :
- مذكور في كتاب الايموكيا أن الشريطة التي تبقى مع الفتاة في النهاية هي دليل على الشخص الذي تحبه في الحقيقة ..
احمر وجهي من خجل فقال الرئيس :
- إنه شاب ذكي ولطيف .. أليس كذلك؟
قلت بخجل :
- هذا صحيح ...
وسألني الرئيس :
- الآن أتمنى منك أن تطلبي مني أي شيء تريدينه ..
------------------------------------------------------------------------
تساءلت :
- هل أستطيع العودة إلى الأرض؟؟ هل يمكنني ذلك ..
ابتسم الرئيس وقال:
- بالتأكيد على الرغم من أننا سنفتقدك كثيرا هنا ..
قلت وأنا انظر نحو جاميان :
- وأريده أن ياتي معي .. وكذلك جيرودا ..
ثم اعطيت القلادة ايموكيا للرئيس وكانت قد أصبحت جوهرة زرقاء وليست شفافة .. وقال الرئيس :
- ستبقين بعض الوقت .. يجب أن نودعك وداعا لائقا بك ، يا .. ملاك نصرنا ..
ابتسمت وإيماءة موافقة ...
وبعد أن عدت الى غرفتي نمت طويلا وحلمت حلما جميلا لأول مرة منذ وقت طويل، واستيقظت في الصباح .. بدلت ثيابي وتناولت الفطور بصحبة الأميرة راما ، وعندما خرجنا خارج الجناح الذي أقيم فيه لم أصدق ما تراه عيني ..
هناك احتفاء كبير بي يصيبني بالخجل والدهشة ، الزينة منتشرة في كل مكان والجميع بانتظاري ،
وفي الخارج كان سكان ايموكيا يحملون شعارات مشجعة جدا وقد كتبوا اسمي عليها وكأنني زعيمة مدينة ..
ضحكت بسعادة ... وقابلت جاميان وجيرودا اللذان ارتديا زيا رسميا انيقا،، وضحكت لأول مرة أراهما بذلك الإشراق والبهاء .. بلا دروع ولا أسلحة..
تقدم رئيس ايموكيا وأعطاني كتاب والدة جاميان ..
دمعت عيناي مرة ثانية ، وضممت الكتاب وكأنه جزء مني ثم اقتربت راما وقالت :
- اسمحي لسكان ايموكيا بتقديم هذا التذكار لك ..
ثم وضعت قلادة إيموكيا حول عنقي ..
نظرت باستغراب ولكن الرئيس قال :
- لقد حصل سكان ايموكيا على السر الذي كان مخبأ داخلها وهي الآن ستبقى معك ..
سمعت تصفيقا حارا من كل الحضور وتأكدت أن وجهي الآن أصبح أحمرا جدا فانا أعرف نفسي عندما أخجل .. وتمتمت :
- هذا شرف كبير لي ...
وخرجنا جميعا إلى الشارع وركبنا مركبات رائعة وسط حماس سكان ايموكيا الشديد وجلس جاميان إلى يساري وجيرودا عن يميني وحلقت المركبات بعيدا جدا ، وقال جاميان يخاطب جيرودا :
- لوريس ورايو في المركبة التي خلفنا مباشرة ..
نظر جيرودا ولوح بيديه ..
فقلت باسمة :
- لقد كونتما صداقات بسرعة ..
ضحك جيرودا وهمس في أذني :
- لقد كانوا سيقتلون بعضهم بالأمس ..
قلت باندهاش :
- لماذا ؟؟
اقترب جاميان وقال لجيرودا ضاحكا :
- لقد سمعتك .. ولا اريدك أن تخبرها بالمزيد ..
- حتى لا تشقني إلى نصفين أعرف !!
قالها جيرودا مقاطعا كلام جاميان وضحكت بشدة بينما نظر جاميان بغيظ نحو جيرودا الذي كان يضحك هو الآخر ..
واتجهنا نحو مبنى كبير كان معلقا على قواعد معدنية ضخمة ،، كان منظره مدهشا حقا بلا مبالغة ، انفتحت بوابة كبيرة ودخلت مركبة الرئيس السوداء تبعتها المركبات الأخرى ونحن بالتأكيد ..
بعد لحظات داخل نفق كبير توقفت المركبات وهبطت على الأرضية .. وترجلنا جميعا وتوقفت أنظر إلى الأضواء البيضاء الخافتة داخل النفق المعدني وقال جاميان وهو يتطلع نحو جيرودا :
- انه يشبه نفق العمليات إكس ..
- صحيح !
لم أفهم شيئا بالطبع وشاهدت لوريس وخلفه راي ورايو يقتربون من جاميان وجيرودا وقال رايو :
- هيا .. هل ستتأملون طويلا .. الحقوا بنا ..
سرنا بصمت خلفهم وهمس جيرودا لي :
- الآن سوف تعودين إلى الأرض ..
وقفت فجأة ونظرت إلى جيرودا فتوقف جيرودا وأدى إلى توقفهم جميعا وقال :
- مالأمر ؟؟
- هل سأذهب بمفردي ؟؟
نظر جاميان نحو جيرودا وقال بعصبية :
- هل أخبرتها ؟؟
لم أفهم شيئا ونظر جيرودا نحو جاميان بحدة ثم قال وهو يتابع السير:
- أنا لم أخبرها بأي شيء مما يجول في رأسك ..
سار الجميع خلف جيرودا الغاضب فقال جاميان وهو يأخذني معه :
- لا تخافي سأخبرك بكل شيء ..
سرت بصمت خلف جاميان والآخرين حتى وصلنا إلى القاعة .. قاعة كبيرة بها مقاعد وأجهزة وعاملين كثر ورأيت الرئيس يلوح لي فذهبت إليه ..
عندما وقفت أمام الرئيس مباشرة قالت الأميرة راما :
- آنسة لندا ، أرجو أن تنظري إلى تلك المركبة الصغيرة ..
نظرت إلى ما أشارت فشاهدت مركبة مثلثة الشكل تقف وسط القاعة ولها لون فضي وبعض الخطوط الزرقاء ..
عندها قال الرئيس :
- ستأخذك هذه المركبة إلى هناك .. وطنك ، الأرض لكنك ستذهبين بمفردك أولا
قلت بتوتر :
- لماذا ... ألا تتسع لنا جميعا ؟؟
- لا .. أنها تتسع لشخص واحد فقط ..
- هل تقصد سيادتك أنني سأقودها ؟؟
- أنت لن تفعلي ذلك حقيقة ولكن ..
صمت الرئيس لبضعة ثوان وأقبل رجل يرتدي معطفا أخضرا داكنا وقال بصوت ولهجة غريبتين جدا :
- اسمحي لي يا أنستي أن أعرفك على النظام الجديد ..
سرت خلف الرجل صاحب المعطف وصعدنا إلى المركبة فقال وهو يفتح البوابة:
- انظري بالداخل ..
ألقيت نظرة صغيرة وشاهدت مقعدا بالداخل ثم أخرجت رأسي وقلت :
- هناك متسع لشخص واحد فقط ..
نظرت بإحباط واقترب جاميان وقال :
- أذهبي لندا ،، وثقي أننا سنلحق بك ..
ضحك رايو وقال :
- سنلحق بك جميعا ، ولكنني سأجدك قبل جاميان !!
نظر جاميان مبتسما وقال :
- أتحداك أن تجدها قبلي .. فأنا أعرف عنوان منزلهم !!
من بعيد ابتسم لي جيرودا وشعرت ببعض التشجيع وأقبل الرئيس قائلا:
- كل ماعليك فعله هو أن تأخذي المنوم وتنامي وبعد ساعات ستكونين في الأرض ،، لا أريدك ان تقلقي أبدا ..
قلت بقلق :
- ولماذا المنوم ؟؟
- سوف تمرين من خلال ثقب أسود ،، ولهذا فربما تشعرين بالغثيان والارهاق
ركبت داخل المركبة وأمسكت جيدا بالحقيبة القماشية التي تحوي الكتاب،، وودعني الجميع بنظراتهم وكلماتهم الجميلة ،، واقترب رجل يرتدي معطفا وبيده ابرة ،، وتطلع جاميان إلي وقال :
- لا تخافي إنها حقنة منومة لكي لا تشعري بشيء ..
بقليل من الذعر أغمضت عيني وأخذت المنوم ،، ثم بدأت بالفعل أشعر بدوار غريب، دوار يجعلني لا أدرك ما يحصل حولي ..
وأظن بعدها انني غفوت ...
---------------------------------------------------------------------------- |