- لقد جاء السيد ونبيرج إلى هنا لكي يراك ..
قلت باندهاش :
- حقا ؟ ولكنني لم أقابله من قبل ..
تساءلت في نفسي إن كان خاطبا آخر ...
ابتسموا وتبادلوا النظرات فقالت الآنسة :
- ألا تتذكرينني ،، أنا شقيقة الشاب الذي كاد يصدمكم منذ شهور .. الحادث ، هل تتذكرين ..
آه .. أنها الفتاة الرقيقة التي كانت تبكي في المشفى ..
ثم قال السيد وينبرج :
- كنت أود شكر صنيعك معي ومع أختي،، فقد كنت طيبة جدا ..
رمقني عمي بإعجاب وقلت بخجل :
- لا داعي للشكر ،، لكنني طلبت من الطبيب أن لا يخبركما بالأمر ..
كنت خجلة جدا وقال عمي :
- السيد وينبرج دعانا لقضاء أجازة منتصف العام القادمة في مزرعته بالريف ،، فما رأيك ؟؟
قلت بامتنان :
- شكرا لك يا سيد وينبرج على الدعوة الرائعة ،، سوف نتشرف بتلبية طلبك بالتأكيد ..
- هذا ما كنت أتمناه ..
بعد وقت قصير ودعنا السيد وينبرج وشقيقته
وفوجئت بكم الهدايا الذي احضراه لي ولعمي مايكل ..
وقال عمي ونحن نعود إلى غرفتي :
- لكم أحب الريف!!
قلت ساخرة منه :
- أنت تحب أميركا ..
أمسك عمي براسي وضحك ضحكة كوميدية ثم قال :
- أنا أحب الهند !!
عدنا للضحك مرة أخرى فقلت :
- صحيح مايكي ،، ألا تفكر بالزواج أم أنك تنوي أن تصبح عازبا مدى الحياة .. لديك الريف ولديك الهند ،، وبالطبع أميركا ..
ضحك عمي وقال ساخرا :
- اصمتي أيتها العانس !!
ركضت خلفه وأطحت به أرضا ثم أنهلت عليه ضربا وركلا .. كان يدافع عن نفسه فأوقعني أرضا وضحكنا طويلا حتى انقطعت أنفاسنا ..
نظر لي عمي مايكي بعد أن توقفنا عن الضحك وقال :
- ما رأيك في جيمس وورثنجتون ؟
ابتسمت ثم قلت بسخرية :
- هيا ،، كف عن هذا لقد أخبرني عمي جوردن بالأمر ..
ضحك عمي وقال :
- حسنا أجيبي عن السؤال ...
- أنت تعرف أنني لا أحب سوى جاميان ..
نظر عمي باندهاش وقال :
- جاميان !؟ أما زلت تفكرين في ذلك الشيء الفضائي ؟
قلت بغضب :
- هيا كف عن إغاظتي،، انت تعرف أنني أحبه ..
- حسنا أين هو ؟؟
صمتت لوهلة وترقرقت عيناي بالدموع فقلت :
- لا أعرف ، لكنني أشعر أنني سأراه قريبا ..
- لا أريدك ان تعيشي في أحلام خيالية ، أرجوك لندا .. عودي على الواقع ..
نظرت لعمي مايكل وقلت بحزن :
- لقد كنت أظن أنك الوحيد الذي صدقني ..
- أنا أصدقك ...
- لماذا تقول إذا أنها أحلام خياليه ..
- لأنني لم أر ذلك الشاب الذي تتكلمين عنه حتى اللحظة ،، أنا أنظر في كل العيون أبحث عن عين أرجوانية ..
ضحك عمي مرة ثانية ولكنني قلت :
- يكفي ،، أنت تتعمد إغاظتي ..
- لا .. أقسم لك .. لكن هذا العرض الثاني للزواج بك ..
- العرض الثاني ؟؟
- نعم ألم يطلب منك ملك بانشيريا ان تتزوجيه ..
- تقصد بانشيبرا ؟
- نعم ..
ضحكت وقلت :
- حسنا فهمت ،، أنت تتذكر كل شيء بالتفصيل ..
ضحك عمي وخرج من الغرفة وتوجهت نحو مكتبي وأعددت مذكراتي حسب جدولي في الجامعة ثم تناولت العشاء مع عائلتي وذهبت للنوم ...
في اليوم التالي عدت من الجامعة مرهقة وكانت اختبارات نصف العام قد اقتربت ، ولذلك فقد بدأت بتجهيز نفسي للدراسة بجد فلم يتبق سوى أسابيع ..
في تلك الأثناء طلب عمي جوردن قراري النهائي على الموضوع فقلت أنني لن أفكر بالزواج الآن وقد أخبرته أنني لا أحبه ..
عمي جوردن كان غاضبا مني واتهمني بأنني هوائية ولا أفكر في مصلحة نفسي لأنني أرفض شابا رائعا مثل جيمس ، وبسبب شيء تافه في نظره وهو الحب وعدم الحب !!
في تلك الأثناء حاولت تجاهل الكل وتفرغت لدراستي فلم يتبق سوى أسبوعان على بداية الاختبارات ..
-------------------------------------------------------------------------
في الحقيقة كنت لم أيأس بعد من أن أرى جاميان مرة أخرى ،، كنت أذاكر كثيرا وفي وقت الراحة كنت أفكر فيه رغما عني ..
أقسمت أنني سأضربه عندما أراه .. وضحكت على تخيلاتي كثيرا .. ولكن .. يبدو الواقع أنني لن أراه مجددا فعلا كما قال عمي مايكي ......
وبالطبع كانت أيام الاختبارات مملة وكريهة كالعادة ،، ومرت أيام الاختبارات ببطء شديد وكنت اطمئن بالهاتف على صديقتاي ميرندا .. و إيميلي التي تذاكر بجد حتى لا ترسب مجددا..
تلقيت بعد الاختبارات مكالمة من صديقتي الحبيبة بريا ،، وكانت سعيدة جدا لأن وضعي مستقر ..
وأخيرا انتهت الاختبارات وأخبرني عمي مايكي أن علي أن أتجهز لأننا سوف نذهب إلى الريف عند السيد وينبرج الذي عاد للاتصال بعمي مايكي مرة أخرى مؤكدا موعد حضورنا ..
ولهذا انطلقنا بعد يومين فقط ..
ذهبت مع عمي مايكل فقط وكونا ثنائيا رائعا خلال الطريق فقد كنا نصيح ونلعب طوال الوقت مع انه كان يقود السيارة إلا أنني كنت اجعله يغني رغما عنه واضحك عليه ..
وصلنا أخيرا وكانت مشاهد الريف رائعة حقا ،، وبعيدا عن تلوث المدينة وضبابها وزحامها ..
من بعيد شاهدت الشاطئ ولكم كان رائعا ...
اتصل عمي بـ وليم وينبرج ، فقال له وليام أن يتجه نحو الفنار القريب ..
ظللنا نبحث عن الفنار حتى قال عمي :
- يبدو أننا ضللنا الطريق ، أو انك أخذت الفنار إلي ايموكيا ..
ضحكنا بشدة ..
ثم سرنا بالسيارة لبعض الوقت حتى رأينا الفنار من بعيد ،، وقلت مندهشة :
- إنه يشبه الفنار الذي كان في ايموكيا ..
ضحك عمي وقال :
- كل فنار يشبه الآخر .. لا تقلقي بهذا الشأن ...
وصلنا عند الفنار ونزل عمي ثم اتصل بـ وليم مجددا، الذي لحق بنا بعد قليل ثم ابتعدنا عن الفنار قليلا حتى وصلنا إلى مزرعة ريفية جميلة .. كان هناك كلب أبيض صغير يركض هنا وهناك خلف الإوز ..
والمنزل كان جميلا جدا ،، وكانت الآنسة ليلي ومعها فتاة أخرى في استقبالنا وكان هناك رجل مسن قدم أيضا لتحيتنا وعرفنا وليام وينبرج على الرجل المسن أولا :
- والدي السيد شون وينبرج ..
صافحناه وابتسم بسعادة ثم تعرفنا على الفتاة الأخرى وهي صغيرة في السن تقترب من الرابعة عشرة من العمر وهي شقيقة ليلي ووليام وتدعى أليس ..
بعد ان دخلنا حملت أليس حقائبنا وركضت بسعادة .. كانت فتاة ممتلئة بالحيوية وأخذتني بسرعة ومعها ليلي لكي أشاهد الغرفة التي أعدوها لي بالطابق الثاني ،، يالهما من فتاتان رائعتان ..
كانت أليس مختلفة عن أختها الرقيقة فهي مشاغبة ولديها شعر أسود وعينان زرقاوان صافيتان .. أما ليلي فقد كان لديها شعر بني فاتح وعينان بنيتان مثل شقيقها الأكبر وليام ..
توجهت مع الفتاتان إلى غرفتي التي أعدوها لي فرأيت أنها رائعة وقد زينوها بالزهور ووضعوا ستائر وردية وبيضاء ،، كانت رائعة جدا وقد رسمت أليس صورة طبيعية جميلة وكتبت عليها لندا ثم علقتها فوق النافذة ..
سعدت جدا لحفاوتهم بي ..
ثم توجهت معهم إلى الأسفل ووضعنا طعام العشاء ثم جلسنا ، حكى لنا السيد شون وينبرج عن اليوم الذي حصل فيه الحادث لويليام ..
قال السيد شون :
- كان ويليام في ذلك اليوم غاضبا من أخته ليلي لأنها تشاجرت مع مروض الخيول، ولهذا فقد جاء يشكو لي فأخبرته أن لا يتدخل فيما لا يعنيه فترك البيت وغضب وخرج ..
ابتسم ويليام وقالت ليلي :
- إن ويليام غضبه مفزع جدا وانا أشفق على خطيبته منه ... لا اعرف لماذا تحبه وكيف ؟
ضحكنا جميعا وقالت أليس بمرح :
- عندما دخلت أختي ليلي إلى المشفى كانت ترتدي ملابس المخصصة للعناية بالخيول ،، فظن الأطباء أنها معدمة وطلبوا مساعدتك ..
عدنا للضحك فقالت ليلي :
- لقد أصبت بإحراج كبير عندما قال لي الطبيب أن هناك فاعل خير قد تبرع لي بمبلغ كبير من المال ...
قال وليام بابتسامة :
- لقد أصر جميعنا أن نعرف الشخص صاحب القلب الكبير ..
ابتسمت بخجل وقال عمي مازحا:
- إنها تحب المساعدة دائما ...
ضحك الجميع علي وانا ابتسم بخجل، ولم استطع قول أي شيء ..
تكلمنا كثيرا وحكينا أشياء كثيرة عن عائلاتنا ،، كان السيد شون وينبرج يقص لنا قصصا شائقة كعادة المسنين دائما ..
وفي صباح اليوم التالي استيقظت وأنا لست مصدقة أنني في الريف ،، فتحت النافذة وشاهدت المناظر الرائعة والفنار البعيد الذي يشبه فنار ايموكيا ..
كان الهواء منعشا جدا ونزلت بسرعة إلى الأسفل لأدهش أن الجميع كان مستيقظا عداي ... وضحك عمي علي ..
وبعد أن تناولنا طعام الإفطار خرجت أركض بصحبة ليلي وأليس في المزارع القريبة ولعبنا كثيرا قرب الشاطئ الذي كان يبعد عن منزلهم مسافة كبيرة ..
استأذنت ليلي لبعض الوقت لكي تحضر بعض الأغراض إلى المنزل بينما تمشيت مع الجميلة أليس حتى عدنا إلى المزرعة مجددا .. وقبل أن نصل إلى المزرعة قالت أليس بنبرتها المشاغبة :
- آنسة لندا ... ما رأيك في ان نذهب إلى حقل الخيول القريب ،، سأريك شيئا رائعا، لكن هذا سر ..
قلت باستغراب :
- سر؟
- نعم ... أعني انك لن تخبري احد أنني أخذتك إلى مروض الخيول غريب الأطوار ..
قلت بفضول :
- مروض الخيول ؟ ولما نذهب ..
سحبتني أليس من يدي وركضنا وهي تقول :
- أنت لن تمانعي فسوف يعجبك ركوب الخيل كثيرا .. وبالذات فرسي لورا ،، ستعجبك ...
--------------------------------------------------------------------------
ركضنا كثيرا حتى اقتربنا من الفنار ،، كان هناك سياجا حول المزرعة وكوخا كبيرا واصطبل للخيول ..
أعدت النظر إلى المكان بدقة ،، شعرت برغبة عارمة في البكاء لأن ذلك المكان لم يكن غريبا عني أبدا ... أنا اقسم أن هذا هو المكان الذي قمت فيه بحل لغز الايموكيا.. نعم ..
وقفت صامته أتأمل التلة الصخرية ، الفنار،، المنزل والسياج ... كل شيء كما هو لم يتغير منه شيء عدا طريق العودة المليء بالزهور الوردية والموجود في ايموكيا فقط .. تنهدت بقوة ولاحظت أليس انفعالي فقالت :
- المكان جميل ...
- نعم .. انه جميل فعلا ..
دفعت أليس البوابة الخشبية ودلفنا معا إلى داخل المزرعة ،، كان الجو مشرقا وليس ضبابيا كما كان في لغز ايموكيا .. هناك خيول تركض وقد خلب جمالها لبي وقلبي ..
بيضاء وسمراء وبنية .. خيول جميلة في كل مكان ..
ركضت خلف أليس إلى أصطبل الخيول وكان هناك شابا يعتني بأحد الخيول ويعطينا ظهره، كان يرتدي قميصا بلا أكمام وسروالا أسود وحذاء العمل في الحقل ،، فتوقفت أليس وقالت بالهمس تحدثني :
- إنه مروض الخيول .. ويدعى سايمن ،، احذري منه فهو غريب الأطوار قليلا..
ابتسمت ومشينا بهدوء متجهات نحو الاصطبل وعندها هتفت أليس :
- هيه ! سايمن ... انظر من جاء ليراك ..
التفت الشاب بهدوء ونظر إلينا ..
ولكنني توقفت عن السير من أثر الصدمة التي أصابتني وشهقت غير مصدقة مما لفت انتباه أليس التي قالت باندهاش :
- ماذا ؟؟ ما الأمر ..
وضعت يدي على صدري وتنفست بصعوبة ..
لم أصدق أنني أرى مروض الخيول هو نفسه .. جاميان !
لا .. أنا لا أصدق ..
نظر إلينا الشاب واقترب منا ثم قال لـ أليس بهدوء :
- من هي ؟ أنا لم أرها هنا من قبل ..
دققت النظر في ملامح الشاب مروض الخيول ،، لا يمكنني أن أخطأ بشكل جاميان ، إنه هو .. حتى لون عينيه الأرجوانيتان ..
ابتسمت أليس وقالت :
- إنها الآنسة لندا .. لقد أخبرتك عنها الأسبوع الماضي ..
قال جاميان بهدوء وهو ينظر لي نظرة عادية :
- مرحبا يا آنسة ..
ثم خلع قفازيه المتسخين ورماهما أرضا وقال :
- ألا تحبين أن تجربي ركوب الخيل ؟ سأحضر لك واحد رائعا ..
هتفت أليس بفرح :
- نعم ، هيا سايمن ..
كنت ما زلت في حالة صدمة فنظر لي جاميان بدقة ثم قال ببطء :
- هل هناك شيء يزعجك يا .. آنسة ؟
عدت أنظر إلى جاميان بحالة غير واعية من الذهول وقلت بلا وعي :
- جاميان ... ماذا تفعل هنا ؟؟
عاد الشاب مروض الخيول ينظر لي باندهاش وقال بسرعة :
- ماذا ؟؟ ماذا تقولين ؟
حدقت أليس بوجهي وقالت :
- هل تعرفينه ؟ إنه يعمل هنا منذ شهور ولكنه لا يعرف شيئا عن عائلته ..
أغمضت عيني بألم وأنا أحاول استيعاب ما يحصل ثم قلت :
- أنا آسفة .. ولكن ..
- ولكن ماذا؟؟
قالتها أليس بلهفة ثم تابعت :
- آنسة لندا ... أنت تعرفينه ... من هو ؟
خفت أن أتسبب بالمشكلات لجاميان وقلت بحزن ودموعي على وشك النزول :
- هل .. هل فقد ... ذاكرته ؟
قالت أليس وهي تتطلع إليه :
- نعم ، أظن ذلك .. فقد أصيب إصابة بالغة ..
لم استطع تحمل ذلك وجلست على الأرض وأنا أشعر بإرهاق ذهني شديد وصداع غير طبيعي .. واقترب جاميان ثم قال يخاطب أليس :
- هل هي بخير ...
رفعت راسي ونظرت إلى جاميان ثم قلت بانفعال :
- لا أصدق أن هذا حصل لك جاميان !! كيف يمكنك نسياني ؟؟ وجيرودا ؟ أين هو؟
شعرت أنني أفقد عقلي ببطء وصرخت :
- وهذا المكان ؟؟ هل هو لغز آخر ... لماذا أنت هنا .. وفي هذا المكان بالذات .. أهي لعبة حقيرة ؟؟
نظرت أليس بخوف نحوي ثم قالت تخاطب جاميان :
- سايمن ،، إنها غاضبة .. علي ان أحضر المساعدة .. لا تغضبها أرجوك ..
ركضت أليس بسرعة وأخذت فرسا ركضت به إلى خارج مزرعة الخيول وقال جاميان بهدوء :
- أنا لا أفهم سبب حزنك .. وإن كنت عرفتك في الماضي فأرجو ان تسامحيني لأنني لا أتذكر أي شيء ...
نزلت دموعي رغما عني وبكيت ،، ولكن جاميان جلس إلى جواري وحدق بوجهي بدون أن يتكلم فقلت بصوت مرتعش :
- أنت كل شيء بالنسبة لي ... لقد أحببتك أكثر من أي شيء وبحثت عنك في كل مكان ... إن هذا مؤسف حقا .. مؤسف ...
لم يتكلم جاميان ولكن تنفسه ازداد سرعه ونظرت إلى وجهه ،، عيناه الأرجوانيتان ، كنت أخاطبهما ..
لم يتكلم مع أنه حاول أن يقول شيئا وشعرت بأنني أثقلت كاهله بأمر لا ذنب له فيه .. ولذلك فقد وقفت وابتعدت .. ابتعدت وانا اشعر أنني ابتعد إلى الأبد ..
ظللت أبكي حتى خرجت من مزرعة الخيول ..
وفي الخارج رأيت أليس تركض وبصحبتها عمي مايكل وشقيقها وليام وعندما رآني عمي وانا أبكي فزع كثيرا وصاح وليام :
- هل أغضبك مروض الخيول،، هل آذاك في شيء ؟؟
لم أستطع أن أجيب من كثرة البكاء فتوجه وليام إلى داخل مزرعة الخيول بينما قال عمي برفق :
- لندا ،، لم تبكين هكذا .. ما الذي حصل ..
كانت ليلي قد جاءت هي الأخرى في تلك اللحظة وقلت بصعوبة :
- مـ .. مروض الـ .. خيول ..
قالت ليلي بفزع :
- ماذا فعل مجددا ؟؟
قلت لعمي مايكل وانا ابكي :
- إنه .. هو ... جاميان لكنـ ..
فتح عمي عينيه في دهشة وهتف متعجبا :
- لكن .. ماذا؟؟
---------------------------------------------------------------------
نظرت لعمي بحزن فتركني ولحق بوليام إلى داخل المزرعة عندها اقتربت ليلي ومسحت على شعري ثم قالت برقة :
- هل كنت تعرفين ذلك الشاب ؟ هل قابلته من قبل ..
قالت أليس بلطف :
- إنها تعرفه ياليلي ... أخيرا تعرف عليه شخص ما ...
ظللت صامته وحاولت أن أتوقف عن البكاء ثم سرت مع ليلي وأليس وعدنا إلى المنزل مجددا ..
جلست حزينة طوال الوقت ، بأي طريقة ممكنة كنت أحاول إخفاء حزني ولكنني لم استطع أبدا ، وعندما عاد عمي ووليام طلب مني عمي أن يحدثني على انفراد ..
تمشينا معا في المزرعة ولم نتكلم .. فقال عمي أخيرا :
- نعم ، مثلما تخيلته .. يبدو انه محارب قوي فعلا .. لكنني لا أريدك أن تحزني ، يجب أن تنسيه لأنه لم يعد يعرفك ..
شعرت بحرارة دمعي مرة أخرى ولم أقل شيئا فعاد عمي يقول :
- انت فتاة عاقلة يا لندا وأظن أنك ستتغلبين على الصعوبات بسرعة ،، جاميان يعيش هنا سرا بين عائلة وينبرج ،، وقد أعطوه اسم سايمن وهم لا يعرفون حقيقته أو من أين جاء ، لقد وجدوه مصابا قرب مزرعة الخيول وعندما أفاق كان لا يتذكر أي شيء ... هذا ما اخبرني به وليام ... يقول وليام أنه غريب الأطوار وأن الكوابيس تنتابه كثيرا كما أنه يصاب بحاله هستيرية مفاجئة فيضطر وليام إلى حبسه بالمنزل البعيد والابتعاد عنه لفترة ..
شعرت بالحزن وقلت بألم شديد :
- لا يمكنني التخلي عنه .. إنه تائه ،، تلك النظرة الحائرة لم أرها في عينيه من قبل ،، علي أن أساعده ..
توقف عمي عن السير وتطلع إلي قبل أن يقول :
- وكيف يمكنك مساعدته؟ إنه فاقد كليا لذاكرته .. كما انه يعيش هنا سعيدا بين عائلة وينبرج ويحب تربية الخيول والعناية بها ...
- هناك أمر غريب ..
قلت ذلك وانا اسحب نفسا عميقا فسألني عمي :
- ما هو ذلك الأمر ..
- المكان الذي يعيش فيه جاميان ...
- ما به ..
- إنه هو .. نفس المكان الذي حللت به لغز ايموكيا ، لم يتغير منه شيء .. أذكر أنني وصفته لك ، الاصطبل ،الكوخ الكبير ،المزرعة والفنار الذي يعلو التلة..
- هذا غريب ..
- أنا متحيرة .. متحيرة جدا ..
بكيت رغما عني فضمني عمي مايكي برقة وقال يحاول تهدئتي :
- أعدك أنني سأحاول إيجاد حل بأي طريقة .. الآن كوني قوية مثلما عهدتك وكفي عن البكاء فهو لن يعيد شيئا مما فقدناه .. |