.
.
.
قرعت قطرات المطر الغزيرة زجاج السيارة الحمراء .. وبرق الرعد بصوت ونور صارخ ..
أضاءت الإشارة باللون الأحمر الوهاج .. إلا أن السائقة أطلقت تنهيدة غير مبالية لتدوس بقدمها بقوة ..
لتقطع ذلك الغضب الأحمر .. وتحكم لنفسها بالحرية .. مخلفة موجه من الماء الهادر ..
.. بعد دقائق ..
مدت يديها المليئة بالأساور لتعدل المرآة الأمامية فقد صدق ظنها بوجود شرطي على دراجة ناريه يتبعها ..
وضعت يدها على قلبها ..ورسمت على شفتيها ابتسامة صفراء ..لتتناثر خصلات شعر أسود على كتفيها ..
داست على المكابح فجأة.. ..لتتوقف ..
ترجل الشرطي من دراجته النارية وقد تصاعد البخار من بين شفتيه إثر الجو البارد..
تقدم نحو السيارة الحمراء ..
انخفض ليحدق بالفتاة لثوان ثم قال بهدوء :
- أتعلمين أي مخالفة ارتكبت للتو ؟!
ابتسمت الفتاة بلطف هزت كتفيها ثم عقدت حاجبيها القصيرين قائلة :
- آسفة ..
رد الشرطي وهو ينظر إلى سيارتها الفارهه بتأمل قائلاً :
- ألست أصغر من أن تقودي سيارة كهذه ..
ثم استدرك قائلاً : بالمناسبة !! ألديك رخصة قيادة ..؟!
فاجأه دموع الفتاة على وجنتيها المحمرتين وهي تمسك بالمقود الجلدي بيدين مرتجفتين ..فقالت بصوت متقطع :
- أمي .. تحتاج للذهاب للمشفى ولم أملك حلاً سوى أخذها بنفسي ..
ثم التفت نحو المرتبة الخلفية وهي تنظر بحزن إلى ذلك الشخص المغطى بالكامل..
ارتبك الشرطي ثم قال باهتمام :
- هل تحتاجين لمساعدة ما ؟! فهي لا تتحرك يجب نقلها بسرعة ..
مسحت دموعها بظاهر كفها وهي تقول بصوت دافئ :
- شكراً .. سأتكفل بالأمر فوسيلتي أسرع .. والمشفى قريب ..
نظر الشرطي إلى عينيها الزرقاوين البريئتين بجدية ثم قال بصوت عميق :
- نعتمد عليك لذا اذهبي حالاً .. واحذري من المتشردين ..
....
انطلقت بسيارتها وهي تحدق إلى المرآة الجانبية حيث ابتعد ثم قالت بصوت حاد :
- من الجيد أنك كنت لطيفاً ..
ألقت بسلاح متوسط الحجم من نوع (بازوكا) من يدها .. ثم دسته بقدمها بالأسفل ..
لمست موضع قلبها بإطراف أصابعها لتعود ملامحها الجادة ويرتفع شعرها الوردي الفاقع المبعثر ..وتوهجت عينيها بلون أصفر ..
انعطفت نحو زقاق ضيق لتتوقف أمام بناية مهجورة مظلمة قد انهارت أغلب أجزائها ..
ترجلت من السيارة .. ثم قامت بفتح الباب الخلفي .. ظلت تتكأ عليه وهي تنظر بتأمل لمن بالداخل ..
ثم أزاحت الفراش الأسود بقوة .. قائلة بصوت حاد ومرتفع :
- ألم تكتفي من النوم أيها السلاح الأخضر؟!
الأنوار مطفئه وصوت لحن عذب عزف عزفاً تناغم مع ذلك السكون ..
تسللت أشعة الشمس من بين الستائر السوداء لتلتمع على مفاتيح البيانو .. وتظهر شعره بلون ذهبي براق ..
توقفت أصابعه عن الحركة وأخفض رأسه قائلاً بهمس :
- مالذي تريده .. ألم أقل بأن لا يتدخل أحد خلال هذه الخمسة أيام ..؟!
ظل الخادم صامتاً وهو يحدق إلى السيد بنظرات حزينة ثم زم شفتيه وعزم على الكلام قائلاً :
- سيدي .. لقد كنت خادماً لك منذ صغرك ..وعاهدت والدتك أن أرعاك .. فرجاء أخبرني بما يضايقك ..
ضرب مفاتيح البيانو بقبضته بقوة لتصدر صوتاً مزعجاً ثم قال السيد ون بغضب :
- إخرس .. أنت لا تعلم شيئاً .. ذلك الشيء .. لقد هرب .. والأدهى من ذلك لم يمت ومكانه مجهول لدي ..
تفاجأ الخادم مما قاله فهذه المرة الأولى التي يرى السيد بهذه الانفعال .. ثم رد بارتباك :
- لم أكن أظن أن أحد أسلحتك ذهب بنفسه .. الأمر غريب ..
تنهد السيد ون وأحنى بظهره باستياء ثم قال بهدوء :
- وهذا مايثير حنقي .. فمن الذي قابله وأوحى له بشيء كهذا ؟! هل هو خصم ..أو أن ..التجربة قد فشلت ..
ثم أمسك بقناعه واتكأ بيده على البيانو وسرح في تفكير عميق ..
ارتسمت ابتسامة حانية عل شفتي الخادم باركر قائلاً في نفسه :
- هذه المرة هناك رابط بينهما .. لن يترك ذلك الشيء يفارقه أبداً ..أرجو أن يكون نافعاً ..
نهض السيد ون ثم قال بصوت هادئ :
- قطعة نادرة كهذه لا يجب أن تلقى في أيدي السفلة من عصابات الشوارع .. لابد من إيجاده ..
وضعت علب المشروبات الغازية في البراد ..ثم انتصبت واقفة وهي تراقب ذلك الشاب المستلقي على الأريكة ..
أغلقت البراد ليختفي نوره .. ثم همست قائلة :
- لابأس .. ستشعر بالخمول قليلاً .. لا تنسى بأنك كنت ميتاً ..
فتح عينيه ببطء لتلتمع بين أهدابه الخضراء ..ثم رد قائلاً بهدوء :
- مالذي حدث لمونتي ؟!
ألقت بنفسها على الأريكة المقابلة وهي تمسك بالقط بين يديها وتمسح عليه قائلة :
- القط ؟! تأثير الألم عليك أقوى إلا أن جسده أضعف ..سيصحو بعد ثوان ..
اتسعت عيني ماريمو ونهض بسرعة قائلاً بانفعال :
- إنه رأسي .. كيف تجعلينه بين يديك ؟!
مكثت الفتاة تحدق إليه بدهشة لثوان .. ثم قطبت حاجبيها قائلة بحدة :
- أأنت غبي أم ماذا ؟! إنه مجرد قط ..من الواضح أنك سلاح لمنظمة ما , من العادة أن تكون الأسلحة نظيفة وذكيه
وضعت أطراف أصابعها على أنفها قائلة بتقزز :
- أنت مثير للاشمئزاز .. أنظر لنفسك فملابسك قذرة .. أخشى بأنهم قد تم التخلص منك ..
ابتسم ليطلق تنهيدة خرجت من أعماقه ثم ألقى بنفسه ليغوص على تلك الأريكة اللينة قائلاً :
- .. المهم أنني فهمت من ذلك بأن الذي بين يديك ليس رأسي .. معلومة جديدة ..
مكثت تراقبه بريبة ثم أخفضت رأسها لتمسح على وبر القط بإصبعها قائلة :
يجب ألا تتحرك كثيراً فجرحك لم يلتأم بعد .. لم أكن أصدق ما رأيت ..فلم يكن لديك قلب ..لماذا ؟!
أنت مجرد سلاح ولكنك لم تكتمل فلديك جانب بشري .. ولكن اختفاء القلب يشكل لي عقدة ما .. فما شأنك ؟!
نظر ماريمو إلى ذلك السقف المتشقق وقد كسته شباك العنكبوت ثم قال بهمس :
- أدعى ماريمو , هذا ما أعرفه فقط
ثم حول ناظريه إلى الفتاة وقال بابتسامة نبعت منها البراءة :
- أنا صديق مونتي فهل تصبحين صديقتنا أيضاً فأنتِ بمثل عمري ..
أغمضت عينيها ومكثت على تلك الهيئة من الجمود واهتز حاجبيها بقلق وكأنها تحاول كبح شعور ما ثم قالت بصوت حانق :
- لقد ..أعطيتك أحد قلوبي ..لأعرف من تكون ..علمت بأنك لست عادياً .. وقد تفيدنا بشيء ما ..لا تجعلني اندم على ذلك ..
ارتسمت ابتسامة واثقة على شفتي ماريمو زادت ملامحه دقة ثم قال بلهجة جادة :
- أنتِ أيضاً لستِ عادية .. لقد تحولت لإنسانة أخرى أمام ذلك الشرطي ..أستطيع القول بأن لديك أربعة قلوب.
ولكل قلب شكل ووظيفة معينه ..كما أن لكل منهم شخصية متفردة لا تمت بالأخرى بصلة ..
عقد الذهول لسان تلك الفتاة وكأنها صفعها بحقيقة مكروهة ثم ارتجفت شفتيها قائلة بتردد :
- كيف عرفت هذا ؟!
مسح بكفه على جرحه الذي كان مخيوطاً بعناية فوق موضع قلبه النابض وقد توهجت من حوله عروق خضراء
نبضت بتناغم منتظم ..ثم أجاب بهدوء :
- لدي قلب قد عاش معكِ يوماً ..من عادة القلوب أن تختزن أكثر من العقول ..
هدأت ملامح الفتاة وأطرقت برأسها لتتناثر خصلات شعرها الوردي على عينيها ..وضمت القط إلى صدرها دون
أن تشعر ..وكأنها تريد إطفاء ذلك اللهب الحارق الذي اختلج في صدرها ..
استيقظ مونتي في تلك الأثناء وأحس بشيء دافئ أدرك أخيراً أنه بحضن فتاة .. فصرخ بأعلى صوته قائلاً:
- مالذي يحدث هنا ؟!
صدمت الفتاة بذهول ورمت بالقط بقوة لتصرخ برعب ..
هوى مونتي على الطاولة التي قصمت ظهره ليستقر على الأرض متألماً وهو يتمتم بتذمر قائلاً :
- تباً .. لم تحتضني فتاة قبل الآن .. وألقى بعدها هكذا ..
__________________ صرخت صديقتي في لحظة عتاب بحرقة : " أكرهك " . فهمت أنها تُحبني جداً و أنها لذلك عاتبتني بشدة و قد صح حدسي فقد اعتذرت مني حين هدأت و أخبرتني بأنها لم تعني ما قالته.
تفهمتها جيداً و قدرت خوفها علي رغم أنه أرعبني . ما شعرت بشيء حينها لكن و حين أدرت ظهري عائدة شعرت بحرقة في صدري و تلألأت الرؤية أمامي ، أيضا شعرت بقطرة باردة تدحرجت على خدي !!! كم كانت موجعة .
.. "أميرةالانمي": . |