انخفضت بسرعة وانكمشت على نفسها وهي تضغط بكفيها المجعدتين على وجهها بقوة ..
ثم أجهشت بالبكاء ..
أخفضت يديها من على وجهها المبلل بالدموع ونظرت إليهما بتفاجؤ وهزت رأسها نافية وهي تقول :
- مالذي أفعله ؟!
--
فتح الباب من ذلك الحائط فجأة وهب هواء قوي و قارص تسللت معه نتفات الثلج إلى داخل الغرفة ..
رفع مونتي رأسه عن السجاد ونظر باهتمام نحو الباب فقد كان هنالك شخص ضبابي فارع الطول يقف أمامه
بدا الشخص يترنح في مشيته ثم اتكأ على الجدار وانغلق الباب من خلفه ..
أخفض مونتي رأسه ونظر إليه بحدة من أسفل الأريكة قائلاً في نفسه :
- لقد استجاب له ذلك الحائط لابد من أنه واحد منهم ..ربما يكون ذلك الكلاود ..
تقدم الشخص بخطواته المتداخلة ثم هوى على وجهه ليسقط على الأريكة وهو يتمتم بكلمات لا معنى لها ..
تحرك أنف القط ثم قال بسخرية في نفسه :
- لقد شرب كثيراً .. لا أظن بأنه كلاود .. لسبب ما ..
ثم دقق النظر إلى ملامحه الهادئة فقد كان شديد الوسامة وله شعر بلون النحاس تخلله خصلات ذهبية طويلة ..
ويرتدي زياً أنيقاً بني اللون كأنما حيك ليناسبه تماماً ..وقد ثنى أطراف أكمامة بطريقة مرتبة لا تدل على فعلة ..
فتح عينيه ذات لون الفيروز و التي حفتهما رموش ذهبية كثيفة لينظر إلى القط نظرات ناعسة..
ارتبك القط لنظرته الغريبة ونحى رأسه بحركة آلية وقال في نفسه بتوتر :
- يمتلك نظرة قاتلة .. ماذا علي أن أفعل ؟! يجب أن أتصرف كقط لا أكثر ..
أصدر مونتي صوت مواء غريب وتمنى حينها لو يقتل نفسه السخيفة ..
ولكن الشاب أغمض عينيه متجاهلاً له .. فثار مونتي من الغيظ وتمنى لو يملئ وجهه الوسيم خدوشاً ..
ظهر صوت ماريمو من نهاية الغرفة وهو مقبل قائلاً :
- المكان أوسع مما تصورت .. ولكن لاشيء مثير للاهتمام ..
غشيته الرهبة لسماع ذلك الصوت فنهض متكأً على الأريكة وهو يحدق إلى ماريمو باستنكار ودهشة كبيرين ..
ظل ماريمو ينظر إليه بملامح هادئة وهو يدخل يديه في جيبي بنطاله الأمامي ..
اعتدل الشاب واقفاً وقد مزجت ملامحه بالحيرة.. اقترب من ماريمو بخطوات ثابتة ..حتى توقف أمامه مباشرة ..
مد إصبعه السبابة ليلصقه وسط جبين ماريمو الرطب ونزل به حتى وصل بين عينية ..
ثم حول ناظريه إلى القط بسرعة غطت إثرها خصلات شعره الكثيفة ملامحه ..
استنكر مونتي هذا الفعل ولكن لم يلبث حتى انهال السؤال عليه كالصاعقة ..
حين تحركت شفتي ذلك الشاب قائلاً بصوت هادئ:
- هل تستطيع الكلام أيها القط ؟!
قاطع ذلك الجو المريع دخول كريمسون وهي تحتضن أكياس الطعام بين يديها .. نظرت إليهم ثم قالت بهدوء:
- كلاود لم تأتي منذ شهرين .. المهم .. ما رأيك به ؟! ألا يبدو مريباً ؟!
أخفض كلاود يده من على جبين ماريمو إلا أن نظراته القاتلة ظلت متعلقة به ..ثم قال بجدية :
- كيف عثرتي على شيء كهذا ؟!
خلعت قبعتها الصوفية ونفضت شعرها الوردي ثم عدلت ياقتها وهي تقول :
- لقد عثرت عليه في الحديقة العامة .. فجلبته إلى هنا .. من النادر وجود سلاح مهمل ..
ألقت بالكيس على تلك الطاولة القديمة لتصدر أنيناً مزعجاً .. ثم قالت بتنهيدة :
- آسف .. فهو فاسد تقريباً ..إلا أنه جيد للأكل ..
ألتفت كلاود إلى القط مجدداً ثم ابتسم بطريقة مرعبة مريبة ونطق بصوت اخترق قلبه :
- ماذا ؟! هيا تحدث ؟! ألم تكن سبب مشاكل ذلك السلاح الأخضر ؟!
نظرت إليه كريمسون باستغراب وقالت بصوت اختفى تدريجياً :
- هل تحدث معك .. لقد فقد وعيه مع ماريمـ..
ظل مونتي مشدوهاً لما يدور من حوله واختفت الأصوات ببطء من مخيلته وظل يحدق إلى ماريمو الذي بانت
ملامحه الهادئة بين خصلات شعره المبللة .. وقد تجسد فيه صورة شاب يحمل ملامحه ذو شعر أسود ..
قطع تفكيره أن حمله كلاود بعنف وهو يقول بصراخ :
- أجب ..
أمسكت كريمسون بذراع كلاود محاولة منعه قائلة بصوت مرتفع :
- توقف عن ذلك .. إنه مجرد قط وربما يكون خطراً ..ألم تنسى ما حدث لنا من تلك المنظمة فالوشم متشابه ؟!
دفعها من كتفها ليقول بصوت مبحوح : ابتعدي .. فردت بصراخ : ماذا بك ؟! لم تكن ..
بترت كلماته دهشتها لرؤية كلاود بهذه الحال فقد أحاطت بعينية هالات سوداء وبدا شاحباً و مخموراً ..
قطبت حاجبيها لما تكهنت في نفسها .. هزت رأسها ببطء قائلة بتساؤل :
- مالذي حدث لأول مرة أراك بهذه الحال ؟! ولم تشرب من قبل ؟!
هدأ غضبه وانخفض رأسه بين كتفيه ثم ألقى بمونتي إليها ..لتتلقفه ..
جلس أرضاً واتكأ بظهره ورأسه على الجدار وخلل شعره بأصابعه وظل يحدق إلى ماريمو ثم قال بهدوء :
- يجب أن نتخلص منه ..
أخفضت كريمسون عينيها ونظرت إلى مونتي وكأنها تحاول إخفاء دهشتها قائلة لكلاود :
- ولكن ألا يبدو مختلفاً عن السلاح السابق لأنه قد نشر وبائه وقتل منا الكثيرين فور وصوله إلى هنا ..
أما هذا فقد كان ملقى في الحديقة منذ الأمس لذا ..
قاطعها كلاود قائلاً بجدية :
- إنه أكبر منا بكثير .. ويختلف عن سابقة .. له فكر مستقل كبشري وربما أرسل ليدمر من تبقى منا ..
ارتسمت ابتسامة واثقة على
شفتي ماريمو جعلت كلاود يفاجأ بأمر غير متوقع كهذا ..
رفع عينية الحادتين لتلتقي بعيني كلاود مباشرة ثم قال بصوت أشد وثوقاً :
- لا بأس ..قم باختباري فإن أخفقت ستكون سيدي المطاع وسأقتل نفسي نزولاً عن رغبتك
وإن حققت ما تريده سأكون أنا سيدك ..
ارتبكت كريمسون لكلام عظيم كهذا ..فلا أحد سبق وأن تجرأ بمثله على كلاود ..
ضحك كلاود ضحكة خفيفة حملت الكثير من الثقة وأخفض يده من على وجهه قائلاً بصوت مثير :
- تبدو ممتعاً .. لا بأس ..التحدي القادم سيكون مع (منظمة أنجلوس الصغرى).. سنقبل بكل شروطها .. وستكون زيارتنا لهم غداً .
تنهدت كريمسون بضيق لحديث كلاود ثم قالت بخيبة :
- لا أسلحه خارجية لدينا و لا مال .. وقد فشلت مهمتنا الأخيرة ومات عشرون شخص منا وبقي أربعة ..
كيف نقيم تحدياً مع منظمة أكبر منا بكثير ونحن بحال كهذا !!..
رد كلاود ببرود وهو يعقد كفيه :
- لا بأس سنقايضهم بسيارتنا حتى يقبلوا بهذا التحدي فنحن ..
قاطعه ماريمو قائلاً بصوت شد وثاقه بالحزم :
- لقد عاملتني كسلاح قبل قليل .. سأكون كافياً لهم إن خسرنا ..
وضع كلاود يده تحت ذقنه ومسح بظاهر إصبعه على شفته السفلى وكأنه قد سرح في تفكير عميق ..
لمحت كريمسون ملامح الرضى على وجهه .. فقالت على مضض :
- جيد .. فلقد اشتريت سيارتي للتو ..
ظل مونتي بين يديها صامتأً بتعجب شديد وقد جال فكره بعيداً وهو يقول في نفسه :
- كيف يحدث هذا ؟! أنا أعرف ماريمو ..منذ زمن وقد كان بشعر أسود ..لقد تأكدت للتو .. فصوته وأسلوبه
وثقة العالية على الرغم من نفسه المكسورة ..
عقد حاجبيه بحزن قائلاً : هل أفسدت حياته حقاً ؟!وكيف حدث ذلك ؟!
رفع كلاود إصبعية السبابة والوسطى متكأ بذراعه على ركبته قائلاً بجدية :
- أنا وأنت سنتبع حرفياً القوانين .. ستكون تحت تصرف تلك المنظمة بالكامل ..لا أريد أن ألمح منك اعتراضاً أمامهم ..
تصرف بعقلك بالكامل و انسى بأنك سلاح لفترة .. وتذكر دوماً بأن مصيرك بن أيديهم ..
فإن خسرت فإنك لهم .. وإن ربحت فإنك ستكون سيدي .. ولا مانع لذلك عندي فتلك المنظمة تحوي رجالاً
أشداء..يشبهون بكلاب الجحيم ..لذا فالأمر مصيري .. وهو متعلق بك فحسب ..
أومأ ماريمو برأسه موافقاً وقد فعل ذلك طوال حديث كلاود وكأنه يستعجله الانتهاء ..ثم قال بحماسة :
- هل تكون صديقنا أنا ومونتي وكريمسون فأنت بمثل عمرنا ..
لم يستطع كلاود كتم ضحكته ..فاهتز كتفيه وهو يومئ برأسه ضاحكاً بعذوبة وصفاء ذهن ثم قال بابتسامة :
- إما أن تكون سيدي أو تكون ملكاً لغيري ..أين الصداقة من هذا ؟! لذا انس الأمر ..
فغرت كريمسون فاها بذهول ودهشة قائلة في نفسها بصدى غريب :
- أي تأثير هذا ؟! هذه أول مرة أبكي .. وهذه أول مرة أسمع ضحكة نقية من كلاود..
مر في ذهنها صدى كلماته السطحية العميقة في آن واحد ( فأنا رجل )
قسمت الشطائر على أطباق من ورق فوق تلك الطاولة الخشبية ..ثم توقفت للحظة ..
ارتسمت على وجهها علامات الارتياح و تنهدت لتتحرك شفتيها قائلة بهمس :
- لقد أعاد إلي إحساس مفقوداً .. حماية رجل لي ..لقد مر زمن طويل ..
أدخلت يدها لتخرج ماتبقى من الطعام فانتبهت لما بقي في الكيس كان الحلوى !!
ترددت كثيراًفي التقاطها .. فلم تجد مبرر لشرائها له .. ثم رمتها إلى ماريمو قائلة بانزعاج :
- لقد عانيت من أجلها .. علمت بأنك تفضلها عندما وجدتك ..
التقطها ماريمو ونظر إليها بفرحة كبيرة ثم بسعادة غامرة :
- الحلوى .. أنا سعيدة جداً .. شكراً كريمسون ..أنتِ لطيفة جداً..
قامت و مشت إلى جواره ذاهبة نحو الممر وهي تحمل بعض الشطائر قائلة :
- سأذهب لماكس لقد تأخر موعد حقنته ..
أوقفها صوت كلاود الجامد قائلاً :
- فليمت .. فهو من قتل نفسه بنفسه بتفكيره السطحي السخيف..من يستحق العيش هو القوي فحسب ..
ردت كريمسون بصوت لا يحمل أية معنى :
- لا أريد أن يزيد عدد قتلانا فنحن في أمس الحاجة لكل فرد ..
مكث ماريمو يمص الحلوى لينساب طعمها الحلو بحبور قائلاً في نفسه :
- ذلك الأنين إذن ..كان لماكس .. ربما كان بمثل عمري ..
ثم نظر إلى كلاود باهتمام قائلاً بابتسامته البريئة :
- ألن تأكل ..
- لقد ذهب ..
قالها مونتي وهي يجلس بجانب ماريمو على ذلك السجاد بصوت غريب وغامض ..
فرد ماريمو متنهداً :
- لابأس فسنلتقي غداً ..
نظر مونتي إلى ماريمو طويلاً وكأنه يحاول جمع شتات تلك الصورة الممزقة .. ثم قال بهدوء :
- هل تثق بنفسك إلى هذا الحد ؟! فهذا تحدي ذو أطراف ونتيجة مجهولين ..
بقي ماريمو صامتاً وهو يداعب الحلوى بين شفتيه ثم قال بهمس :
- لقد حملت الشعور نفسه أليس كذلك ؟! أقصد صورة شاب بشعر أسود .. لهذا بقيت صامتاً ..
أشاح مونتي برأسه متجاهلاً تلك الحقيقة الغامضة وابتسم بسخرية قائلاً :
- ليس هذا فحسب .. فذلك الشخص يمتلك عينين مرعبتين .. لقد أخرسني تماماً ..إنه القائد هنا ولا أستغرب ذلك ..
ماريمو كن حذراً ..ليس لأنك صديقي السخيف ..ولكنك ربما تكون أنا ..
ـــــــــــــــــــــــــــ
تم البارت..بانتظار آرائكم المحفزه وتوقعاتكم
بحفظ الله ^^
__________________ صرخت صديقتي في لحظة عتاب بحرقة : " أكرهك " . فهمت أنها تُحبني جداً و أنها لذلك عاتبتني بشدة و قد صح حدسي فقد اعتذرت مني حين هدأت و أخبرتني بأنها لم تعني ما قالته.
تفهمتها جيداً و قدرت خوفها علي رغم أنه أرعبني . ما شعرت بشيء حينها لكن و حين أدرت ظهري عائدة شعرت بحرقة في صدري و تلألأت الرؤية أمامي ، أيضا شعرت بقطرة باردة تدحرجت على خدي !!! كم كانت موجعة .
.. "أميرةالانمي": . |