" كبرت يا أماه " قالها وهو يلتقط يدها بيديه ,,,
وأنا لم أعد قادرا على القيام بواجبك ,, وزوجتي
زاد حملها بولادة الصغير ,,, وهي لم تعد قادرة
على كل هذه الأمور وحدها ,,
تطالبني يا أمي بالجلوس ورعايتك ,,,
وأنا كما تعلمين ,, لدي من الأولاد خمس لا يكفيهم
لو بقيت طول الليل أسير ,, أعمل كالثور المربوط بساقية !!
أعذريني أمي لسوء التعبير ,,,
تحتاجين للرعاية الطبية ,,,
وللدواء ولمن يسهر على أمراضك القلبية
وأنا لا أملك نقودا لتوظيف ممرضة ,,!!
يتابع بالسرد ,,!! تنظر له والدمع يكاد من عينيها يفر ,,!!
لم تعد تقوى على السمع ,,,
تريد أن تخفف عن كاهله هذا الثقل ,, وتقول في نفسها
كيف أقوى على فراقك ,,!!
كيف أستطيع أن أزيد من حملك ,,!!
سأرضى بما تحكم ,, !!
آآآه تصدرها بتردد !!,,
تخاف أن يسمعها فتجرحه ,,!! هذا قلب الأم إن لم تكن تعلمه!!
ترفع يدها بصعوبة ,, تضعها على رأسه ,, لتطمئنه ,,
تمتمت بكلمات مقرها ,, " قم يا بني بما يمليه عليك ضميرك "
وقف ,, وكأنه احتاج لتلك الهدهدة ,,!!
تناول حقيبة كبيرة ,, بدأ بجمع أغراضها ,,
وتابع يخبرها :,, قد سألت عن البيت ,, ستعتادين عليه
هي فقط فترة بسيطة ,, ستجدين الأخت والصديقة ,,
ولن تشتاقي لي ,, ضحك كي يطمئنها ,, ويشعرها أن لا فرق ,,!!
نظرت ناحية النافذة ,,, كم حضن الزجاج نظرات عيناها ,,
وهذا السرير كم عانق جسدها النحيل ,,
وهذه الجدران كم كانت شاهدة على حلو السنين ,, حين كان شريكها حيا ,,!!
تنهيدة أطلقتها بصمت ,, تخاف أن يسمعها إبنها فيألم ,,!!
يابني :,, لي طلب صغير ,, قبل أن تأخذني لبيتي الأخير ,,
إريد أن تساعدني كي أمدد جسدي لأخر مرة هنا ,, في مرقدي ,,!!
ركض مسرعا ,, وكأنه للبر حافظا ,,!!
حملها بين يديه ,, كالطفل الصغير ,,
وضعت رأسها ,, أغمضت عيناها ,,
تركها ليتابع جمع كل مايذكره بها ,, حتى رائحة عطرها ومرآتها ,,!!
يخاف أن ينسى شيئا ,, تعود لتأخذه يوما ,,!!
كم قلبك كبير ياطفلها الصغير,,!!
أنهى مهمته ,, انتظر لتفيق ,, حاور نفسه ,,
هل أوقظها ؟ ,, أم أتركها كي تفيق وحدها ؟,,
نظر لساعته ,, تأخرت عن موعدي مع دار العجزة ,,
آآآوف ,, أتعتقد أني أملك الوقت الكثير ,,!!
وهل هذا وقت نومها الطويل ؟,,
تنادي زوجته ,, تحثه ,, أسرع
أريد أن أعيد ترتيب المكان ,, خذها ماذا تنتظر ؟,,,
يقول بنفسه: سأوقظها وليحدث مايحدث ,,,
أمي ,,
أمي ,,
لقد تأخرنا ,, أفيقي ,, عندي عمل كثير ,,
لم تفق !! ,,,
بدأ يهزها بيديه ,, أمي مابالك ,,!!
وكيف يفيق من أصبح بين يدي رب كريم ,!!
ماتت أمك ,, أراحتك من حملها ,,
لن تحتاج لحملها ,, اهدأ ,, حضر جنازتها ,,
أسرع فزوجتك على عجل ,,!!
تريد ترتيب المكان ,, ووضع الأثاث ,,
كي يليق بمكانها المرموق ,, فأمك عار على وضعك الجديد ,,
لم تقوى على وداع غرفتها ,, وهجران ذكرياتها
وفراشها الدافئ ,, لم تستطع وداعك ,,
إنها أمك ,, قد خسرت الكثير ,,,
استرح الآن ,,,
والتفت لأمور حياتك ,,
لكن تذكر !! ,,
سيأتي دورك يوما ,, وتكون بهذا المكان ,,
ولن تعلم إن كنت ستجد أحد في وداعك ,,,
رحمك الله أيتها الأم ,,
وجعل مثواك الجنة ,,
لا تحزني فمثلك كثيرات ,,
كن زائرات ,, وأبناء كانوا زينة لها
أصبحوا هم سبب النهايات ,,!!
__________________
إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |