عم المكان صمت رهيب ولازال بيتر منحنياً وقد عقدت لسانه الدهشة .. فارتسمت ابتسامة راضيه على شفتي كلاود
لم يشعر بانتصارها إلا نفسه التواقة لردة الفعل هذه ..
رفع بيتر رأسه بوجوم وظل يحدق إلى كلاود بنظرات حادة ثم تحركت شفتيه قائلاً بهدوء :
- لم تأتِ لمجرد تبادل أسلحة .. فمالذي تريده بالضبط ؟!
رد كلاود بصوت هامس تسللت من بين حروفه رائحة الغموض :
- مثير حقاً ..أليس كذلك بيتر ؟! ما رأيك أن أخبرك بأنك وفي هذه الساعة ستحاول اقتحام الشركة المجاورة
وسرقة عقد الصفقة الكبرى والأخيرة لوالدك ..
أخرست تلك الحقائق بيتر تماماً واتسعت عينيه الرماديتان عن آخرها ثم استجمع قواه قائلاً بارتباك :
- مالذي تريده ؟! لقد سألتك فأجب ..
وضع كلاود مرفقه متكأً على كتف ماريمو وقال بوضوح :
- أريد أن أتسلى قليلاً بسلاحي قبل أن أعطيك إياه .. لذا سأستخدمه لدخول شركة والدك وسأدعه بعدها يقوم بعمله
ثم رفع إصبعيه السبابة والوسطى أمام عيني بيتر المضطربتين قائلاً بصوت حازم :
- سنرافقك في مهمتك ولن تكون هنالك شروط ..فقط شيئين ..عند حصولك على العقد ستكسبه وتكسب معه سلاحي الأخضر ..
وعندما يجده هذا السلاح قبلك فإنه سيكون لي ولأنني وبكل بساطة سأعجب به .. وستكون الصفقة ملكك في كلتا الحالتين .. فما رأيك ؟!
تنهد بيتر وكأنما حل ذلك الوثاق الغليظ عنه ثم مسح قطرات العرق عن جبينه قائلاً بجدية :
- لا بأس .. ولكن لا أريد إحداث فوضى ..وأنت تعلم السبب ..
أخفض كلاود رأسه وسرح في تفكير قليلاً ثم رفعه بأن وضع يده أسفل ذقنه قائلاً باهتمام :
- هذا لا يترك لي خياراً حتى تكون المواجهة عادلة .. تبدو جاهلاً بأمر شركة والدك المسمومة ..
بدت على بيتر علامات الارتياح ثم رفع بصره ونظر لماريمو مباشرة قائلاً بجدية :
- لا بأس .. فأنا أعلم بأمر سموم الشركة فهي فعاله في كل مكان ولكل موظف موثوق ترياق خاص به ..
فوالدي حريص جداً على أمواله .. فهو كالكلب المجنون ..
ثم أومأ برأسه منهياً هذا الحوار قائلاً لكلاود :
- خمس دقائق ستكون مدة كافيه لكلينا ..
احتدت عيني مونتي بغيظ مكبوت قائلاً في نفسه :
- هذا ليس تحدياً بين ماريمو وبين كلاود ..بل ماريمو ضد بيتر.. باستغلال واضح وذكي من كلاود لهما ..
أشتم رائحة خديعة هنا .. فهو يعامل ماريمو كقطعة سلاح لا أكثر .. ومع هذا يبدو ماريمو مجرد منصت فحسب
وكأنه يمثل دور السلاح حقاً ..إنه يغيظني ..
أخفض كلاود عينيه اللامعتين لتحفهما رموشه الذهبية وتردد في نفسه ضحكة أعلنت نصره وانتهاء دوره هنا قائلاً في نفسه :
( من الجيد أن تمد يد العون لخصمك بعد أن جعلته يسير على خيط رفيع فوق الهاوية .. فبتأكيد هو يعلم بأمر
السموم .. و شخص من نوعه يكره الخسارة ولكنه جبان جداً وبدأ يرتجف ..)
بتر تفكير كلاود صوت ماريمو الهادئ وهو يقول بوضوح :
- أنت تستخدم ترياقاً للسم سيد بيتر ..ولقد أعددته لهذه المهمة قبل مجيئنا بدقيقة وقد بدأ مفعوله الآن ..
ظل بيتر ينظر لماريمو باستنكار كبير ثم ضحك باضطراب قائلاً :
- يجب أن أحمي نفسي وهذا طبيعي .. ولكن ..كيف علمت بشيء كهذا ؟!
نظر كلاود باهتمام إلى كأس العصير ذو الساق والذي كان بين أصابع ماريمو النحيلة الطويلة ..فاحتد بصره بضيق ..قائًلاً في نفسه :
- أيعقل هذا ؟! كم من الأمور علمها بمجرد شرب عصير السيد يا ترى ؟!
أجاب ماريمو بابتسامة لطيفة :
- نحن الآن خصمين والترياق نقطة قوية جداً لصالحك .. لذا أنا أرفض هذا التحدي ..
صعق كلاود مما قاله ماريمو واصطكت أسنانه بغيظ وعقد حاجبيه بانفعال ثم قال بصوت غشيه الجمود :
- لقد قلت بأن لا تبدي أي اعتراض .. فأنت سلاح وهو مجرد بشري .. لديك ما يميزك عنه أيضاً ..
ظل بيتر وذلك الضخم في حيرة من أمرهما وهما يراقبان ماريمو وكلاود اللذين وقفا وجهاً لوجه ..
وبدا الجو يصبح غائماً أكثر فأكثر بسحابة غامضة مخيفة من النوايا المرعبة ..شاركهم مونتي بها ..
تنهد كلاود ليشتت تلك السحابة ووضع يده على وجهه مستسلماً ثم قال بهدوء وصوت متردد :
- سأشتري لك حلوى إن فعلتها ..
إلتمعت عيني ماريمو بسعادة غامرة ولم يكد يصدق ما قيل له ثم رفع يده قائلاً بحماسة :
- سأنجز المهمة حالاً ..كلاود شخص طيب حقاً ..
ضحك مونتي في قلبه وارتسمت على فمه ابتسامة جادة قائلاً في نفسه :
- جيد ..أرهم بأنك لست سلاح فحسب .. حتى وإن كان المقابل مجرد حلوى ..
تصبب العرق من جبينه وهو يتنفس بصعوبة وقد كست الدموع المتفرعة وجهه الأسمر الذي غطي بشعره المجعد ..
وارتجف كفه وهو يمسك بمقص حاد قربه ببطء إلى وريده النابض في عنقه ..
صرخت كريمسون علها توقظه من ذلك الفعل قائلة :
- ماكس .. مالذي تفعله ؟! أنت تشفى تدريجياً والموت لن يحل شيئاً .. تمالك نفسك ..ألم تكن متفائلاً ؟!
شد قبضته أكثر على ذلك المقص الحاد إصراراً على فعله ..
وقد كان يبدو كجثة هامدة في تلك الزاوية المظلمة التي أخفت ملامحه ..وكأن يده المرتفعة هي التي حملت جل روحه ..
ظهر صوته الضعيف والذي تردد صداه في أرجاء الغرفة قائلاً بأسى :
- مالذي سأفيدكم به ؟! فقد سلب مني سلاحي الجسدي .. أنا أعاني لوحدي هنا .. فالموت أفضل لي ..
احتدت عيني كريمسون لما قاله وعضت على شفتها السفلى بحنق ثم قربت يدها من قلبها قائلة بهدوء:
- آسفة .. لن أسمح لك بالموت ..
مشى وسط مرر الشركة الذي كسيت جدرانه بالرخام الأرجواني وغطيت أرضيته بسجاد مخملي غريب ..
ومر إلى جواره عشرات الموظفين المنهمكين في السجلات التي بين أيديهم وكأنهم في خلية نحل لا تهدأ ..
ضحك مونتي بسخرية وهو يداعب خصلات شعر ماريمو بمخلبه قائلاً :
- الجميع لا يستطيع رؤيتك .. وشرب عصير ذلك البيتر ليس لمجرد العطش .. بدأت أفهم طباعك الغريبة ..
توقف ماريمو عن المشي ثم رفع عينيه ناظراً لمونتي باستغراب قائلاً :
- ولكنني لست مخفياً ..من الجيد أنني فقدت هذه الخاصية فقط .. لأن قلبي الأساسي اختفى كما تعلم ..
صعقت كلماته مونتي الذي شد شاربيه قائلاً بدهشة :
- أيها الأحمق .. كيف تجرؤ على سرقة صفقة مهمة بالدخول من البوابة الرئيسية وبقميص أصفر ..
ابتسم ماريمو وأشار بإصبعه وكأنه يشرح نقطة ما قائلاً :
- لا أحد سيقوم بسرقة صفقة مهمة بالدخول من البوابة الرئيسية .. هكذا يفكر الجميع ..
صمت مونتي وكأنه بدا متردداً باقتناعه ثم قال بتنهيدة :
- وذلك البيتر .. من المؤكد بأنه سيدخل خفية ..
خطت ابتسامة واثقة على شفتي ماريمو وقال بهدوء :
- كلما أصبحت الأماكن مخفية ..انتشر السم والشك بشكل أكبر ..
ومع ذلك سيضطر بيتر لدخول الشركة مخفياً ليكون خارج الصورة عند اختفاء ذلك الملف المهم ..
و الأهم من ذلك .. كل ما يحيط بنا شديد السمية ومنه الهواء الذي نتنفسه ..والده محب للمال حقاً ..
قالها ماريمو وهو ينظر حوله حيث توقفت قدماه عند طريقين متفرعين .. كانا أشبه بنفقين من فولاذ ..
قد فصل بينهما بجدار شفاف ..
أمسك مونتي بأنفه وتحسست بيده اللينة قائلاً بصوت خائف :
- هل سأموت قبل أن أعرف من أكون ؟! لن أرضى بذلك ..
رد ماريمو بكلمات أرسيت بالهدوء قائلاً :
- لقد متنا معاً وعدنا للحياة معاً .. وحالياً أشتم رائحة السم وأشعر به يتخلل رئتي ولا أشعر بأي أثر ..
فجسدي ليس عادياً .. وأنت مثلي تماماً ..
قالها بصوت شابه الحزن الغريب ..
انخفض من خلفهم غطاء فتحة السقف الحديدي بواسطة حبل رفيع.. لينزل منه شاب يرتدي ملابس سوداء ضيقة
وذات أحزمة .. وقد غطى وجهه بقناع بدت منه عينيه ..التي نظرت إلى ماريمو بحدة كبيرة ..
لوح ماريمو بيده بلطف قائلاً بابتسامة :
- لقد وصلت قبلك ولكنني احترت ..أي طريق أسلك ؟! هلا ساعدنا بعضنا البعض ..
عقد مونتي حاجبيه بضيق لرؤية ذلك الشاب الماثل أمامهم قائلاً بقلق في نفسه :
- هذا سيء .. وصل بيتر .. وتبدو نظراته حاقدة ..
اقترب بيتر من ماريمو بخطوات سريعة وهو يقول بصوت واضح :
- أي النفقين يقود إلى غرفة الملف ..؟! أخبرني حالاً ..
نظر ماريمو إلى النفق الأول ثم أعاد نظره إلى الثاني وبدا عليه التردد ثم قال وهو يحك خده :
- النفق الأول خطر ولكنه قصير .. والنفق الثاني طويل جداً و به انحناءات عديدة .
.قد يأخذ وقتاً وسيؤدي ذلك إلى لفت انتباه الحرس وغيرهم ..
وضع يده على قناعه الأسود الجلدي ثم خلعه لتتناثر خصلات شعره الذهبي قائلاً بابتسامة حادة :
- جيد .. لقد قام بيننا التحدي أخيراً ..
دهش مونتي لرؤية كلاود بذلك الزي .. وتشتت ذهنه بين بيتر وتلك الصفقة وأي تحدي ؟!
أما ماريمو فقد ابتسم بضحكة ثم قال بانفعال :
- كلاود .. أنت مدهش ..
قاطعه مونتي بعد أن تدارك نفسه قائلاً بغضب :
- كلاود .. مالذي فعلته ؟! ألم يكن التحدي بين ماريمو وبيتر ..فأين بيتر إذن ؟!
رد كلاود بصوت بارد :
- لقد قتلته وحققت وعدي لذلك الضخم ..وأخفيت جثثهم إلى الأبد ..الأهم من ذلك .. أنني وصلت إلى هنا بفضلهما
أخذت الترياق من بيتر .. وعلمت أين هو مكان الملف تحديداً ..
ثم نظر إلى ماريمو لثوان نظرات متأمله و رفع بعدها خصلات شعره عن عينيه الفيروزيتين قائلاً بثقة :
- أذكر بأنني قلت سأتحداك .. وكنت أريد التخلص منك في حال خسارتك .. فالحرب خدعة كما تعلم ..
كنت بحاجة للنقود حتى أقنع بيتر بما لدي ولكن يكفيني سلاح مثلك لإقناعه... بمعنى آخر ..
خدعته وبسهوله ..
قالها بمثل تلك الابتسامة المنتصرة ..
ثم أشار بيده بقوة إلى ذلك الطريق الطويل الذي كانت نهايته الظلام قائلاً :
- أنا سأسلك هذا وأنت ذاك .. فأنا قادر على التصرف في حال أن كشف أمري ..
وأنت قاتل من الطراز الرفيع .. لذا لنبدأ ..
أومأ ماريمو برأسه وقد ارتسمت على ملامحه علامات الثقة والإعجاب ..ثم قال بهدوء :
- اعتن بنفسك ..
أوقفت كلمته كلاود عن دخول النفق ثم قال بصوت ساخر :
- ستكون سيدي .. .إن استطعت لمس الملف .. فقط ..
__________________ صرخت صديقتي في لحظة عتاب بحرقة : " أكرهك " . فهمت أنها تُحبني جداً و أنها لذلك عاتبتني بشدة و قد صح حدسي فقد اعتذرت مني حين هدأت و أخبرتني بأنها لم تعني ما قالته.
تفهمتها جيداً و قدرت خوفها علي رغم أنه أرعبني . ما شعرت بشيء حينها لكن و حين أدرت ظهري عائدة شعرت بحرقة في صدري و تلألأت الرؤية أمامي ، أيضا شعرت بقطرة باردة تدحرجت على خدي !!! كم كانت موجعة .
.. "أميرةالانمي": . |