شـعب مصـر يكسـر «الطـوارئ» ... ومـرســي يحــاور نفســه! ـ1ـ
«الساعة بقت تسعة».
مئات الآلاف في مدن القناة الثلاث حوّلوا حظر التجوال الى حفلة شوارع في السويس وبورسعيد وإلى مباراة كرة قدم في الإسماعيلية... كرنفالات شعبية شارك فيها مئات الآلاف تحدّت قرار الرئيس محمد مرسي. وعاشت المدن الثلاث لحظة تاريخية فرضت إرادتها وروحها الخفيفة على المزاج العام فأوسع الجيش الطريق أمام المسيرات في بورسعيد بينما في السويس شارك الجنود في الغناء والرقص. الحظر لم يطبق إلا على سلطة الأمن ومدرعاته، وفتحت المحال أبوابها، وهدرت الهتافات تنادي مرسي بأن يرى ماذا فعلت مدن القناة بحظره.
الرسالة وجهت إلى الرئيس الذي هدد المتظاهرين ضده بإصبع السبابة، وحرّض ضدهم مؤسسات الدولة لتواجه الثورة ضده. والرسالة وصلت على طريقة صراع الفتوّات أيام المماليك: «لن ننام من التاسعة».
ـ2ـ
وقد نجحت خطة الكماشة.
المسيرات إلى ميدان التحرير بدأت أمس بكوبري قصر النيل، إحياءً لذاكرة «جمعة الغضب» حيث شهد الكوبري أحد أهم مواقع هُزمت فيها قوات الشرطة.
المسيرة قدمت من السيدة زينب وشاركت فيها أسماء معروفة من شباب الثورة، من بينهم أحمد حرارة الذي فقد عينه الأولى في تلك الجمعة، بينما راحت الثانية في موقعة محمد محمود. وبعدما سمحت قوات الأمن للتظاهرة بالمرور، هاجمتها من الخلف في ما يعرف بخطة» الكماشة»، وأصيب حرارة في رأسه بطلقة خرطوش. وداست مدرعة الشرطة متظاهرين، ما أشعل المواجهات التي حُسمت للثوار بخطة كماشة مضادة، لتحاصر قوات الشرطة بين تظاهرتين، وتخرج مهزومة بعد أسر قائد القوة (ورتبته لواء) ومدرعة تحولت إلى منصة احتفال شبيه باحتفالات جمعة الغضب في الثورة الأولى بينما تم استبدال اللواء الأسير بمتظاهرات مخطوفات من قبل فرق الأمن السرية، وتم تسليم اللواء في مستشفى الشرطة، في مشهد يتفوق من جديد على الخيال.
ـ3ـ
مليونية لمرسي.
نائب المرشد العام لـ«الإخوان» خيرت الشاطر اجتمع بالهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ليقرر مليونية دعم الرئيس، في ما فسر على أنه تهديد بحرب أهلية، في وقت كان مرسي يجتمع مع حلفاء الإخوان، مضافاً إليهم عبد المنعم أبو الفتوح المنشق عن «الإخوان». الرئاسة أسمت الاجتماع «الحوار الوطني» برغم غياب جبهة الإنقاذ، ورفضها المشاركة في حوار بلا أجندة، ويبدو أحيانا للتصوير.
ويبدو أن غياب الجبهة أوحى للرئاسة ومن خلفها بفكرة ان يكون الحوار ممر قرارات يخجل مرسي من إعلانها لأنها ستظهر تراجعاً. كما ان مرورها عبر حوار مرسي مع مرسي سيضع الرئيس في صورة الديموقراطي الخائف على مصلحة البلاد.
وهذه خطة الخداع كاملة حيث يهدد الشاطر بالمليونية بينما يخرج مرسي بقرار تتم صياغته لكي تكون استجابته شكلية، قد يكون القرار تغيير الحكومة الحالية، كما فسر استدعاء رئيسها هشام قنديل للرئاسة، وقد يكون تشكيل لجنة من عشر شخصيات لتعديل الدستور يمنح للجبهة منها أربعة مقاعد.
حتى هذه القرارات بخطة خداعها تجاوزتها اللحظة والظرف السياسي، ولا تكشف إلا عن فارق سرعات بين حركة السلطة وحركة الشارع. ذلك الفارق لا يجعل الصراع في تلك اللحظة على الدستور، ولكن في مواجهة إجرام مؤسسات قتلت لتحمي سلطوية جماعة. الثورة هي في مكان آخر وهو معلم يفهمه رئيس شكر القاتل وتصور أنه قادر على إجبار الشعب على النوم من المغرب، فخرج الشعب يرقص ويغني ويلعب الكرة بينما يبكي ضحاياه ويشتم حكامه.
وائل عبد الفتاح
السفير