*، ﺑﻄــﻞ ﺭﻏــﻢ ﺃﻧﻔــﻚ !! ،*
الفصل الثالث :
-١-
أمضى كريس بقية نهاره محتدا ،
كان يشتعل غضبا من الداخل لكنه بدا هادئا جدا وهو جالس على الأرض ،
مستندا بأحد أركان سريره يرمي طابة صغيرة حمراء بإتجاه الحائط المواجه له ،
ثم يلتقطها بيده في حركة متكررة سريعة.
كان ذهنه منشغلا يتذكر كيف بدأت هذه المسألة كلها ،
لقد ارتد رأسه من فوق طاولته في المدرسة ،
تقريبا أسرع من ارتداد تلك الكرة عن الحائط .. حين قطع عليه غفوته صياح أستاذه الغاضب !!
كان كريس مشوشا نصف نائم ليتذكر ما أسمعه إياه أستاذه حرفيا ،
لكنه فهم أنه طرده من الفصل على أي حال.
سار كريس عبر ممرات المدرسة ناعسا و عيناه نصف مغمضتين ،
كان المفترض به التوجه إلى مكتب نائب مدير المدرسة ،
و الذي كان كالشوكة في خاصرته ... يترصده في كل حركة و خطأ يرتكبه ،
و كأن المدرسة قد خلت من الطلاب الكسالى المذنبين سواه !!
همهم بكلمات غاضبة متخيلا نفسه يحصل على احتجازه الثالث لهذا الأسبوع ،
و لمح أثناء سيره زلاجة مرمية في زاوية الممر اليسرى ،
تقريبا بجانب الدرج المؤدي للمخزن.
علم كريس تماما أن موضعها ذاك قد يسبب الأذى لأحدهم ،
و فكر في إزاحتها عن الطريق لكن فكرته ماتت في مهدها عندما قرر أنه أكثر كسلا من أن يهتم !!
كان كريس قد قطع أكثر من ثلثي الطريق نحو باب المدرسة الخارجي ،
عندما أدرك مستفيقا من نعاسه أنه يسير في الإتجاه الخاطئ !
أدخل يديه في جيوب بنطاله الأسود و أطلق زفرة ضجر حركت بضعا من خصلات شعره المتناثرة فوق جبهته ،
و التف عائدا من حيث أتى.
كانت الممرات خالية حتى تلك اللحظة ،
حتى انطلقت فجأة صفارات إنذار الحريق بصوتها المعهود الصاخب ،
و ارتفعت عبر مكبرات الصوت الأوامر الجادة بإخلاء المبنى و التحذير من خطورة التلكؤ.
تذمر كريس .. لما لم تنطلق صفارات الإنذار عندما كانت تفصله عن البوابة بضع أمتار فقط ؟!
ثم فكر كم هو محظوظ لنجاته من عقوبة الاحتجاز و من مواجهة نائب المدير .."المفترس" كما كانوا يدعونه.
تدافع الطلاب متزاحمين خارج الصفوف و اكتضت بهم الممرات ،
رفض عشرات الطلاب و الطالبات أن ينصاعوا للأوامر و التعليمات ،
و أن يتحركوا بنظام كما يفترض بتلاميذ في المرحلة الثانوية أن يفعلوا !
كانوا سعداء بإلغاء الدروس بفضل إنذار الحريق ،
كانوا تقريبا بمثل سعادة كريس ...
لكنهم لم يتوانوا عن التعبير عن تلك الحماسة بخلافه.
لم يعد كريس يذكر شيئا بعد رؤيته لأفواج الطلاب المندفعة نحوه ،
كسيل متدفق عنيف يتسابق لخط النهاية !!
هو يذكر كونه قد دفع بقوة ليتعثر بتلك الزلاجة ،
ثم اصطدم بالفتاة الأولى في طريقه ...
و ربما سقطا عبر الدرج بعدها ، فقد شعر بكثير من الألم ...
ثم كان هناك دخان كثيف ...
و صياح الفتاة الثانية ...
و النيران ..
و الحرارة ...
و مزيد من الألم ...
و أخيرا .. أوضح صورة في ذهنه من بين هذه الأحداث المتسارعة كلها ...
سقوطه على الأرض خارج بوابة المدرسة حيث توقفت الزلاجة بتحطم إحدى عجلاتها ،
شاعرا بآلام شديدة في نواحي شتى من جسده ،
و فوقه الفتاتان ،
إحداهما تنتحب و الأخرى تشكره بإمتنان !!
لم يميز كريس الوجوه التي أحاطت به ،
فقد توالت الأحداث على ذهنه بسرعة شديدة جعلته يشعر بالدوار !!
و في لحظات وجد نفسه و قد توج بطلا و جميع الحضور يهتفون له و يهنئونه ،
و ضاعت محاولاته لشرح الحقيقة مع الضجيج و الصخب المرتفعين من حوله !!
هز كريس رأسه بعنف ينفض عنه تلك الذكرى ،
وهو يمسك الطابة بيده و نهض واقفا يمط ذراعيه بكسل مغمغما :
_علي كتابة ذلك البحث المقرر تسليمه غدا فقد أجلته ما يكفي !!
ثم سحب مقعد طاولة الكتابة التي وضعت بجانب النافذة ليجلس عليه ،
و أخرج كتبه المدرسية باحثا عن موضوع ذلك البحث الذي تناساه طيلة الأسبوع الماضي.
صاح كريس بأعلى صوته و هو يقرأ موضوع البحث في الكتاب الذي كاد يلصقه بأنفه من فرط دهشته :
_مستحيل ! "البطولة عبر العصور" ؟!!
ثم ترك الكتاب يسقط على الطاولة و ترك رأسه يستقر فوقه و راح يغمغم ببؤس :
_لما يا الهي ... هذه الكلمة التي أمقت ؟!
*~يتبع ..
شوي و برجع بالتكملة !!
__________________ افتَقِدُني
music4 |