سألني سيث بعد أن وقف أمامي يحجب أشعة الشمس عني :
_هل أنت بخير ؟!
كنت جالسة على الأرض ، مسندة ظهري على الحائط و أضم ركبتي ، أصارع نفسي للسيطرة على ألمي بمنظر دل على البؤس !!
بقيت كذلك لوقت لا أدري قدره .. و بقي سيث يراقبني بصمت قطعه الآن فقط بسؤاله !
رفعت رأسي لتلتقي عيناي بعينيه الذهبيتين الفريدتين ، في وقت آخر كنت سأدهش من مرأى القلق في عينيه ،
لكنني سألته بصوت قد استطعت السيطرة على ثباته من جديد :
_إذا أديت جانبي من الاتفاق ، هل سألتقيهما فعلا ؟!!
كان سؤالا ساذجا لكنه كان ما يدور في رأسي بعد تلك اللحظات الشبيهة بالخيال ، أومأ سيث برأسه إيجابا و قال :
_لا تقلقي .. سأتأكد من أن تنجحي بهذا مهما كلفني الأمر ، هذه مهمتي أنا و رفاقي !
الصدق و العزم كانا ينضحان من صوته و ملامح وجهه ،
أدفأني ذلك بطريقة ما ... أن أعرف أن شخصا يقف إلى جانبي و إن كان من أجل تبادل منافع ، جعلني أكثر تماسكا و قوة !
انتبهت إلى كلمته متأخرة و رددت بحيرة :
_رفاقك ؟!!
ابتسم :
_أجل .. أنا قائد فريق من ثلاثة سحرة إلينور ، أنت لم ترغبي بأن تصغي حين أردت إخبارك !
_ثلاثة .. آخرون ؟!!
سمعت سيث يهمس :
_ساذجة !
ما جعلني انفض شعور الانبهار عني و أبعد يدي عن يد ذلك الساحر ذي اللسان الآسر ،
لأحدج سيث بنظرة نارية تجاهلها وهو يعقد ذراعيه قائلا :
_هذا ستيفن ... يمكنك أن تعجبي به فقط إن أردت أن تكوني الفتاة رقم ثلاثة و خمسين في حياته !
احتج ذلك الشاب "ستيفن" هاتفا :
_هيي .. ليس هكذا يا صاح !!
زفرت كي لا أفقد أعصابي لوقاحته ، أنا حقا لا أعرف كيف له أن يكون مغيظا جدا في لحظة ، ثم يصبح لطيفا في اللحظة التالية ، فقط ليعود أكثر إغاضة بعدها !!
_لا تقلق ليس لي نية لأن أكون جزءا من حياة أحد ... شكرا جزيلا !!
تمتم سيث متهكما وهو يميل برأسه :
_بهذا المزاج الناري .. أستطيع أن أحزر لما أنت وحيدة !!
آذتني عبارته فأجبته بكبرياء :
_الوحدة هبة عظيمة يتعلم قيمتها كل من يجلس معك لثوان .. حضرة الساحر !!
_أحقا ذلك ؟!
_أجل .. حقا !!
لم انتبه إلى تقلص المسافة بيننا .. وجهانا كانا قريبين لم تفصل بين نظراتنا المتحدية سوى بضع إنشات !!
لكني و بالمزاج الذي جعلني هو عليه ، لم أكن مهتمة بأي من هذا إذ رحت أهتف :
_ثم من الذي قال لك أنني وحيدة أصلا ... أنا لدي حياة اجتماعية يصدف أن تكون مشرقة للغاية ... حياة هامة مع بشر حقيقيين و ليسو جينات حكايا أمثالك !!!
سمعت تنهيدة ستيفن الخائبة الأمل بينما أتبادل النظرات العدائية مع سيث ، قال الأخير مستهزئا :
_حاذقة و إجتماعية و جميلة ... كيف لا تشكلين أي صداقات إذا .. صغيرتي ؟!!
صمت للحظات .. فرأيت سيث يلوي شفتيه يتوقع عدم إجابتي على كلماته ، ما جعلني أرفع ذقني و أعلن بثقة :
_أنا أواعد شابا رائعا منذ فترة !!
لمحة من الدهشة مرت سريعا عبر وجهه الوسيم ...
حمقاء .. يا لي من حمقاء كبيرة !! لماذا قلت ذلك ؟!!
لا أعرف كيف تحول حديثنا فجأة لهذا الموضوع الشخصي و الحساس ،
و لم أعد أعرف ماذا أحاول أن أثبت ... لكن التعبير الحانق بشكل بالغ و الذي علا وجه سيث جعلني راضية عن العبارة الكاذبة التي لم أتخيل نفسي أنطق بها من قبل !!
لقد كذبت .. حسنا .. لكن هو من استفزني لأفعل ذلك !
غلف وجه سيث تعبير جاف وهو يقول :
_جيد لك ... يمكنك أن تودعي حبيبك هذا فلن يتسنى لك التسكع و تضييع الوقت معه بعد الآن ، فمن الآن و صاعدا أنت ملتزمة معنا لتؤدي جانبك من الإتفاق ، هل هذا واضح ؟!!
_أنا .. أنا ... أ .. بالتأكيد ، إنه ترتيب أنا أتفهمه !
شعرت بي أتقهقر .. و أفقد الثقة التي امتلكتها قبل لحظة تحت نظرات عينيه الغاضبتين ،
الذهب المنصهر فيهما كان يلتهب .. محركا شيئا ما بداخلي ،
شيئا جعلني لا أقوى على مواجهة تلك النظرة في عينيه !!
لماذا حدث هذا ؟!!
قبل لحظات فقط كنت واثقة أن بوسعنا أن نكون صديقين !!
_سيث ...
ناداه سكاي فيما بدا تذكيرا أكثر منه نداء ، و حررتني عيناه أخيرا حين التفت إليه يومئ بفهم ..
حركت بصري بين السحرة الثلاث ، الذين كدت أنسى وجودهم معنا مثلما نسيت الرد على تحياتهم المتفواتة ، تمتمت بإرتباك :
_حسنا .. رغم كل شيء .. آه .. أنا .. سررت بمعرفتكم !
تباينت ردات فعلهم من التجهم الذي لم يغادر وجه سكاي ، إلى الارتباك الغريب الذي يعلو ملامح الصبي لوكاس كلما نظرت إليه ، و النظرة المفتونة المطلة من عيني ستيفن ، و أخيرا البرود و الجفاء السائدين ملامح سيث !
الأمر كان .. هكذا ببساطة ...
سيكون علي بدأ رحلة سحرية مع هؤلاء المقاتلين الغريبين عني ،
رحلة لن تكون عادية حتما .. و أقل ما يقال هو أنني لن يعود بوسعي التذمر من روتين حياتي الكئيب بعد الآن !!
_.،¤،._