02-16-2013, 06:04 PM
|
|
الكذب على المخالف عند الإباضية صغيرة من الصغائر، وتغفر بمجرد اجتناب الكبائر! بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه ، أما بعد:
فينبغي أن يعلم عن الإباضية أنهم لا يعتبرون الكذب كبيرة من الكبائر إلا إذا كانت كذبا على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وأما إذا كان الكذب على غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإنه يكون ( كذبا خفيفا) لا ثقيلا. والكذب الخفيف من الصغائر .
والصغائر عندهم لا توجب لصاحبها دخول النار ولا الخلود فيها.
هذا إذا كان صاحبها مجتنبا للكبائر ، فإنه تغفر له بمجرد اجتنابه للكبائر.
وهذا القول قد اختاره السالمي في نظمه – كما سيأتي - وجعله أحد ثلاثة أقوال للإباضية في هذه المسألة وهي كما يلي:
القول الأول : أن الكذب الخفيف صغيرة
والمراد بالكذب الخفيف : هو الذي لم يكن كذبا على الله أو رسوله ولا يسفك به دم ولا يتلف به مال.
وقيل : هو كبيرة مطلقا أي كان خفيفا أو ثقيلا.
وقيل : إن كان الكذب على غير الله تعالى وغير رسوله صلى الله عليه وسلم فهو صغيرة.
وواضح جدا أن القول الأول والأخير يشتركان في أن الكذب على غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم صغيرة لا كبيرة . وهذا ما اختاره السالمي في نظمه، وقدمه على بقية الأقوال.
وينبغي أن يعلم أن الصغيرة عند الإباضية قد تتحول كبيرة بالإصرار عليها،
إلا أن مرتكب الصغيرة كما يقرر السالمي إذا فعلها وهو مجتنب للكبائر، غير مصر عليها فإنها تغفر له.
ومع قول السالمي أنه يجب التوبة من الصغيرة حتى لا تتحول إلى كبيرة ، لأن ترك التوبة إصرار. إلا أنه يجعل هذه التوبة حاصلة بمجرد الإقلاع عنها وإن لم يندم عليها،
بل يكفي أن يسترسل في إهمالها لهذه الصغيرة وعدم سروره ولا ندمه عليها فينساها وكأنه لم يذنب قط.
فالسالمي يرى أن مجرد الإقلاع عن الصغيرة هو (عين التوبة منها )
(فإن لم يقم عليها ولم يندم على فعلها لكنه استرسل كذلك أي مهملا لا مسترا بها[من السرور] ولا نادما عليها ثم مات على ذلك مجتنبا للكبائر غفر الله له :
1-تلك المعصية.
2- وعدم التوبة منها.
أي فتركه التوبة من الصغيرة مع عدم الإصرار عليها صغيرة أيضا ، فهي مكفرة باجتناب الكبائر وفعل الطاعات)
ومن هنا نعلم سبب عدم تورع كثير من الإباضية في ما ينقلونه عن أهل السنة من الأكاذيب التي يتلقفونها من الرافضة والقبورية والصوفية ونحوهم .
ويمكننا توضيح سبب هذا السلوك عند كثير من الإباضية في ما يلي :
أولا : أنهم أحيانا ينقلون الكذب نقلا كحاطب الليل ، ولا ينشأونه من أنفسهم ، ويتساهلون في نقل تلك الأكاذيب تساهلا كبيرا.ويزعمون أنهم بذلك لم يكذبوا وإنما نقلوا ما وجدوه في كتب خصوم أهل السنة .
وهذه شبهة لهم تدفعهم إلى نشر افتراءات الكاذبين على أهل السنة. دون أن يكلفوا أنفسهم العدل والإنصاف في التثبت من أخبار الفاسقين.
وقد صرح السالمي بأنه يوجد في الإباضية من يخشى من تساهله في النقل في ما يتعلق بالإباضية أنفسهم ، فينقل ويثق بمن ليس أهلا لأن يوثق به.
فقال في (تحفة الأعيان2/169):"هذا من كلام ابن رزيق إلا ما كان من إصلاح لفظه وحذف لبعضه لأجل إصلاح التركيب، ولم نجده مأثورا عن غيره، فالله أعلم بصحته، ولا يرضون الكذب وإنما نخاف التساهل في النقل فقد رأينا بعض الناس يأخذ الأخبار من لسان العامة ثقة بهم ولسنا ممن يثق بالعامة فإن غالبهم ليس ضابطا أو أكثرهم لا يحسن النقل. والله أعلم بحقيقة الأمر".
هذا حالهم في النقل عن مذهبهم فكيف يكون تساهلهم في النقل عن كتب أهل السنة ، وتساهلهم في الاحتجاج بما يذكره خصوم أهل السنة من الكذب والزور؟!!!!
وهم بهذا التساهل و التشبع بهذه النقولات يخالفون كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم:
فأين هم من قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) ؟
وأين هم من قول النبي صلى الله عليه وسلم ( كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع).
وأين هم من دعواهم إلى عدم قبول ما في كتب خصومهم عنهم كما يدعو القنوبي إلى ذلك مخالفا هو نفسه ذلك حينما يحطب الأكاذيب من كتب خصوم أهل السنة؟
أليس لكم موعظة في قول الله تعالى ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون).
وثانيا : أنهم حين ينقلون النصوص من كتب أهل السنة - إن نقلوا من كتبهم مباشرة دون واسطة !! - فإنهم يبترون ما لا يتم مراد المتكلم إلا به ، ويذكرون أول الكلام مقطوعا عن آخره ، وآخره مقطوعا عن أوله . فإذا رجع القارئ إلى النص هاله البتر المفضي إلى تحريف مراد المتكلم ، وما جناه على مقصوده من الظلم والحيف. وما نسبه إليه من الباطل والزيف.
وشبهتم في ذلك : أنهم أرادوا فقط ذكر محل الشاهد ، وإثبات أمر بغض النظر عما يحفه من المتعلقات والتعقيبات.
ومن ذلك ما فعله السيابي الإباضي حين نقل قول الذهبي عن الإمام الزهري : (يدلس نادرا) فبتر قوله نادرا ، و قال : قال الذهبي عنه أنه ( يدلس)!!!!
وحين اعترض عليه ذلك ، وانكشف تحريفه ، زعم أنه أراد فقط أن يثبت أنه وصف بالتدليس ، ولا يهم إذا كان تدليسه كثيرا أو قليلا !!!!
وهو بهذا البتر المكشوف يريد أن يبني قصرا فيهدم مصرا.
وهو من جهله المدقع في علم الحديث - فمجاله إنما هو التاريخ لا الحديث - يجهل أو يتجاهل أن من كان تدليسه نادرا كان حكمه كمن لا يدلس ، وأن من كان كذلك كان حديثه مقبولا عند أهل الحديث ومصنفي طبقات المدلسين بلا ريب ولا شك.
ولو ترك حديث كل من وصف بالتدليس نادرا لذهبت أكثر السنة .
ولو ترك حديث الزهري لذهبت كثرة كاثرة من السنة النبوية.
فهذا نموذج من البتر المحرف للنصوص وأقوال مؤلفيها، قام به مؤرخهم وشيخهم بلا حياء من الله ولا من الناس.
( وإن مما أدرك من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت).
ثالثا : أن الكذب على مخالفيهم صغيرة من الصغائر التي تغتفر باجتناب الكبائر ، وبالموت على الدين الإباضي تائبا من كل ذنب اقترفه ،
ولا يلزمه في أن يغفرها الله له إلا أن يجتنب الكبائر ، وأن يقلع عنها مهملا لأمرها لا مسرورا بها ولا نادما عليها، بل يتناسى ذلك وكأنه لم يكذب ولم يفجر في دعاويه على أهل السنة ،
و كأنه لم يسطر الصحف السوداء الآثمة الفاجرة ؟!!
فهو لا يلزمه عندهم أن يعترف بكذبه وخطأه على أهل السنة في كتاب أو رسالة .
بل قد يكذب الكذبة على الملأ تبلغ الآفاق ، ثم يتوب فيما بينه وبين الله ،
وربما ذكر ذلك بين خاصته من الإباضية، أو استتر بستر الله عليه ولم يفضح نفسه (زعموا)
ولا يرجع في الحالين عن ذلك عند أحد من أهل السنة ليخبره بتراجعه أو كذبه.
فتبقى كذبته منتشرة عنه منسوبة إليه ، يدندن بها أتباعه ليل نهار ، ولا رجوع أمام الملأ ولا استغفار. وإنما استتار بالتوبة عن الأنظار .. خشية العار ..
رابعا : أن الإباضية إن علموا من أحد شيوخهم أو طلابهم هذا الكذب ، فإنهم لا يخرجونه من الولاء إلى البراء ، لأنها صغيرة من الصغائر ، فلا يخرج بها وليهم عن الولاية.
فكيف إذا كانوا لا يتحققون أصلا من صدق شيوخهم وطلابهم في ما ينقلونه عن أهل السنة ؟
وكيف إذا كانوا يشجعونهم على الاستمرار في النقل والرد على أهل السنة مما كتبه وقاله المخالفون لهم ؟!!
هذه أسباب تدفع كثيرا من الإباضية إلى الكذب على أهل السنة ،
والتساهل في نقل الأكاذيب المفتراة عليهم ، وبتر النصوص ،
وإلى عدم التراجع عن ذلك الكذب
وإلى عدم الإعلان بالتوبة من ذلك الذنب أمام الملأ إظهارا للحق ورجوعا عن الباطل.
فانظر بارك الله فيك بعد كل ما سبق إلى كذب دعواهم أنهم أصدق الناس بشهادة أهل السنة ،
وهل كان تلك الشهادة إلا لمن كان يعتقد الكذب كفرا مخرجا من الملة كالأزارقة ونحوهم ؟
وقد قال السالمي في (طلعة الشمس:2/33):
" إذ من يعتقد الكذب شركاً كالأزارقة والصفرية فإن الظن بصدقه يكون أقوى لأنا نعلم من حال من يؤمن بالله والثواب والعقاب أنه يكون تحرزه من الكفر أعظم من تحرزه مما دونه من المعاصي
((((وأن من يعتقد الكذب كفراً أعظم تحرزاً منه ممن يرى أن معصيته لا تبلغ الكفر)))
فإذا كان الظن بصدق الأزرقي مثلاً مساوياً بالظن صدق المؤمن والمطلوب إنما هو الظن لا العلم فلا وجه لرد أحد الخبرين دون الآخر لاستوائهما في تحصيل الظن، هذا كله فيمن يعلم منه التدين بتحريم الكذب، أما من علم منه التدين بتحليله في بعض المواضع كتجويز بعضهم الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع الترغيب والترهيب ونحوهما فلا تقبل روايته، وهذا الوجه عندي ظاهر." ا.هـــ ( بواسطة كتاب رواية الحديث عند الإباضية، لصالح بن أحمد البوسعيدي : 90-91).
و قال السالمي في (شرح الجامع الصحيح : 3/600) :
" ومن ها هنا اختلف قومنا في تشريك الكاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي قبول توبته ، وعندنا أنه لا يشرك بل يكفر كفر نعمة ، وأن توبته بشرطها مقبولة ، ولا يلزم من التشديد في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم إباحة الكذب على غيره ، بل يستدل على تحريم الكذب على غيره بأدلة أخر من الكتاب والسنة."
ويذكر السالمي شروط وأركان هذه التوبة المقبولة في (مشارق أنوار العقول : 532) بقوله :
( أركانها ندم مع استغفار *** والعزم والرجوع بانكسار).
فظهر أن الإباضية لا يرون أن الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مخرجا من الملة كما يرى الأزارقة والصفرية.
بل إنما هو كبيرة كما هو الحال عند من يسميهم الإباضية بالشكاك والمرجئة،
وإذا كان الإباضية قد قالوا أنه يمكن في علم الله تعالى أن تكون سريرة أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما بخلاف علانيتهما، وأن يموتا على غير دين الله تعالى ودين رسوله صلى الله عليه وسلم !!!!!!!!!!
فنقول لهم :
يمكن في علم الله تعالى أيضا أن يضع الإباضي الأحاديث المكذوبة في فضل بلدان الإباضية وأجناسهم مثلا، بل أن يضع مسندا كاملا منحولا ، ثم يتوب بعد ذلك، فيموت مستحقا لدخول الجنة.
ثم هل الإباضية لا يقعون في كبائر الذنوب ومنها الكذب أم هم معصومون؟
وهل هم معصومون من الوقوع في الكذب ووضع الأحاديث لنصرة مذهبهم كل هذه القرون إلى قيام الساعة ؟
هذا إذا كان الكلام على الكذب في رواية الحديث ،
فكيف بكذبهم على من قاتلهم وخالفهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
وعلى من حاربهم من قادة المسلمين وجيوشهم.
وعلى من خالفهم من المذاهب الأخرى في العقيدة والشريعة؟؟!!!!
وها أنتم الآن - معشر الإباضية - قد انكشفت حقيقتكم في أنكم ترون أن الكذب لا يكون كبيرة إلا إذا كان كذبا على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
أما إن كان كذبا على غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو ليس بكبيرة ،
وإنما هو صغيرة من جملة الصغائر كاللطمة الخفيفة غير المؤثرة والرقص.
و يكفي في غفران هذه الصغيرة مجرد اجتناب الكبائر،وإهمال هذه الصغيرة بلا سرور ولا ندم عليها أي كأنها لم تكن أصلا.
وبهذا نعلم أن كل نص تفرد به الإباضية عن أمة الإسلام
من حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم
أو أثر عن صحابته رضوان الله عليهم ،
أو حكاية لأخبار الفتنة بين الصحابة رضي الله عنهم :
أنها تفتقر إلى إثبات صدق الرواة وعدالتهم وعدم كذبهم ، ثم إلى معرفة درجتهم من الضبط في الرواية ، ثم إلى بقية شروط الحديث الصحيح من اتصال السند وسلامته من الشذوذ والعلة القادحة.
وهذا الإثبات لا بد أن يكون مستنده أقوال الأئمة المعتبرين في فن الجرح والتعديل ، لا ما يورده إباضي في القرون المتأخرة بلا سند ولا دليل .
وإذا كان الإباضية يتوقفون بعد حصول الفتنة في عدالة الصحابة المشهورين والمعروفين عند أهل الحديث بالرواية والصدق والأمانة.
فمن باب أولى أن يتوقف كل عاقل وكل عالم في مجاهيل رواة الإباضية الذين لا يعرفون بعدالة أو حتى بجرح : كالربيع بن حبيب ، وأبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة.
فضلا عن بشر المريسي الجهمي الذي هو أحد صغار شيوخ الربيع بن حبيب في المسند.
وقد أصابت الإباضية الصدمة حين تم التشكيك في وجود الربيع بن حبيب وأبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة ، فتبرع بعض جهلتهم بالبحث عن تراجمهم في مصادر موثوق بها عند أهل العلم بالحديث.
فكانت حصيلة بحثهم صدمة أخرى لهم . إذ لم يجدوا الربيع بن حبيب إماما ولا علامة ولا جهبذا و لا شيئا من الأوصاف التي يستحقها صاحب أصح كتاب بعد القرآن الكريم .
لم يجدوا إلا ربيع هنا ، وعبسي عناك ، ومرة رافضي ، وأخرى حنفي ، .....
وغاب ربيعهم في التقية حتى النخاع ثم حتى الضياع.
ومثله شيخه أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة.
وكان لابد لهم فيهما من البتر ، والتزييف للحقائق ، حتى يستطيع أن يقولوا : أنهما موجودان، وقد ذكرهما فلان في كتاب كذا جزء كذا صفحة كذا !!!!!
ويتقبل عميان الإباضية ذلك بالفرحة لأنهم وجدوا أن هناك ربيعا وهناك أبو عبيدة فعلا ،
ثم لا يكلفون أنفسهم عناء التحقق من صدق شيوخهم لكيلا تنقلب فرحتهم إلى ترحه ، وليبقى لهم نسج العنكبوت بيتا حين عدموا ستر الله عليهم في ضلالهم.
وأما العالم السني السلفي جابر بن زيد رحمه الله تعالى فليس من الإباضية في شيء كما سيتم بيانه في موضوع مستقل بإذن الله تعالى .
وسوف أورد نص كلام السالمي في (مشارق أنوار العقول ) في إثبات أن الإباضية يقولون بأن الكذب لا يكون كبيرة إلا إذا كان كذبا على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أو أدى إلى سفك دم أو أخذ مال.
وأنه إن كان كذبا على غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو (كذب خفيف ) من صغائر الذنوب التي تغفر باجتناب الكبائر.
ثم سأذكر روابط لشواهد معاصرة على كذب شيوخ الإباضية على مخالفيهم من أهل السنة.
====
فقد ذكر السالمي في مشارق أنوار العقول هذه الأبيات من نظمه:
والذنب قسمان : كبير وجبا *** حد به والباري من غضبا
فأوجب اللعن عليه أو سخط*** أو قبح الرسول من به سقط
((وعكسه الصغير مثل الكذب *** إنْ خفَّ)) والرقص ومثل اللعب
ومن أصر لصغير فكمن *** أتى الكبير في الكتاب والسنن .
ثم قال في شرح البيت الثالث (مشارق أنوار العقول : 482-483):
" قوله : ( وعكسه الصغير ) أي عكس الكبير من الذنوب هو الصغير ، والمراد (بالعكس) هنا مطلق المخالفة ،
أي ما عدا الكبير من الذنوب فهو صغير بناء على المذهب المشرقي :
أن الصغائر موجودة في الخارج ، وأنها معلومة للعلماء ، وهو مذهب النكار وجمهور قومنا. [ قومنا أي غير الإباضية . أبو المظفر]
وذهب أصحابنا من أهل المغرب وبعض أهل المشرق إلى أنهما موجودة لكنها غير معينة ، إذ ليس في تعيينها حكمة ، لأنها لو عينت وهي مغفورة كان تعيينها إغراء بارتكابها ، والغرض أنها حرام منهي عنها فيناقض تعيينها النهي عنها .
قلنا : غفرانها موقوف على اجتناب الكبائر ، ولا يدري المرء أنه يموت على كبيرة أم لا ، فليس في تعيينها إغراء."
وهذا النقل السابق سيزيد في وضوح ما سيأتي
فقد قال السالمي (مشارق أنوار العقول : 483)
"(قوله : مثل الكذب إن خف) : هذا وما بعده مثال للصغير من الذنوب بناء على مذهب المشارقة للقائلين بتعيينها .
فمن ذلك الكذب الخفيف .
والمراد بالكذب الخفيف : هو الذي لم يكن كذبا على الله أو رسوله ولا يسفك به دم ولا يتلف به مال.
وقيل : هو كبيرة مطلقا أي كان خفيفا أو ثقيلا.
وقيل : إن كان الكذب على غير الله تعالى وغير رسوله صلى الله عليه وسلم فهو صغيرة." أ.هـ
ثم ذكر بقية الأمثلة على الصغائر كاللطمة إذا لم تؤثر ، والرقص.والمزمار ، والطنبور ، وآلات اللهو .
وذكر للصغائر حكمين فقال (مشارق أنوار العقول : 484) :
"إعلم أن للصغائر حكمين :
أحدهما : أنهما مغفورة بفعل الحسنات ، بشرط اجتناب السيئات .
قال تعالى : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) وقال تعالى : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) والمراد بالسيئات هنا الصغائر. وقال تعالى : ( والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة ) والمراد باللمم الصغائر من الذنوب.
والحكم الثاني : أن الإصرار عليها كبيرة. قال تعالى : ( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ) فمدحهم بعدم الإصرار على المعصية ، وفي مدحه لهم بعدم الإصرار ذم للإصرار . وما ذمه الله تعالى فهو كبير.
بيانه : أنه تعالى لا يذم شيئا وهو يرضاه لعباده ، وقد قال تعالى ( ولا يرضى لعباده الكفر ) فاستنتج من الآيتين أن الإصرار كفر نعمة ،
وفي هذا الاستدلال ما لا يخفى فينبغي التعويل على صريح ما يأتي من أحاديث لشهرتها وتلقي الناس لها بالقبول . قال صلى الله عليه وسلم : ( الإصرار على الصغائر كبيرة) وقال : ( هلك المصرون قدما إلى النار) ." ا.هـــــ
وقال السالمي في مشارق أنوار العقول (531-532) في شرح قوله :
(توبتنا قسمان : فرض وجبا *** لمن عصى والثاني نفل ندبا)
قال :
"قوله : ( لمن عصى ) أي على من عصى سواء كانت المعصية كبيرة أم صغيرة فإن التوبة واجبة على فاعل شيء منهما على الفور لتحريم الإصرار مطلقا .
وذهب الجبائي من المعتزلة إلى أنه لا تجب التوبة من الذنب الصغير ، لأن الصغائر تكفر باجتناب الكبائر .
قلنا : تكفيرها باجتناب الكبائر لا ينافي وجوب التوبة منها على الإجمال ،
فإن العاصي متى ما عصى وجب عليه أن لا يقيم على معصية .
وذلك الإقلاع هو عين التوبة منها
فإن لم يقم عليها ولم يندم على فعلها لكنه استرسل كذلك أي مهملا لا مسترا بها ولا نادما عليها
ثم مات على ذلك مجتنبا للكبائر غفر الله له : تلك المعصية، وعدم التوبة منها.
أي فتركه التوبة من الصغيرة مع عدم الإصرار عليها صغيرة أيضا ، فهي مكفرة باجتناب الكبائر وفعل الطاعات ،
أما إذا أصر عليها فلا تكفرها إلا التوبة." هذا دلائل وبراهين على تغلل الكذب في هذا الإباضي المهين
الذي جعله جهل طائفته بالحديث إماما لهم فيه
و((القرد)) في عين أمه غزال سارح وظبي لائح
فخذ أنموذجا على حال مشايخ الإباضية في فنون الكذب والتلبيس
وأنموذجا آخر على جهل الأتباع الرعاع الذين يضحك عليهم القنوبي الذي كأنه في ضحكه قرد .
انقل ذلك من جملة ردود الفاضل عبدالعزيز بن فيصل الراجحي في كتابه (قدوم كتائب الجهاد لغزو أهل الزندقة والإلحاد
القائلين بعدم الأخذ بحديث الآحاد في مسائل الاعتقاد)
___________________________________
ثم قال الإباضي ص 28 :
( وقد صرح ابن القيم بالمجاز في (( بدائع الفوائد ))
(( وتهذيب السنن )) وغيرهما . بل ألف مؤلفاً خاصاً في
ذلك سماه (( الفوائد المشوق إلى علوم القرآن وعلم البيان ))
وهو ثابت عنه , وإن حاول بعض الجهلة نفيه عنه ,
وممن نسبه إلية ابن حجر في (( الدرر الكامنة )) ( 3/ 400)
وابن تغري في (( النجوم الزاهرة )) ( 10 / 249)
والصفدي (2 /270) في الوافي والسيوطي في
(( بغية الوعاء )) والشوكاني في (( البدر الطالع ))
و(( حاجي خليفة )) في (( كشف الظنون )) وآخرون ) أ.هـ
وأقول :
لعلّ ما سبق من نقل عن ابن القيم رحمة الله في (( مختصر الصواعق ))
, اكبر دليل على نفيه المجاز , كيف لا وقد عدّه طاغوتاً للجهمية ,
وشرع في كسره من خمسين وجهاً أبعد هذا يقال إنّه يقول به !
( سبحانك هذا بهتان عظيم ) .
وأما كتاب (( الفوائد المشوق )) فليس لابن القيم , ومن له أدنى اطلاع على كتبه رحمة الله يجزم بذلك .
وزعم هذا الاباضي أن ابن حجر نسب هذا الكتاب إلى
ابن القيم كذب وباطل فلم ينسبهُ الحافظُ إلية جملةً
من الكتب كان من ضمنها (( بدائع الفوائد )) كما في
(( الدرر الكامنة )) (3/402) وهذا الإباضي يعلم أن هذا
الكتاب غير الكتاب السابق .
كذلك الصفدي لم ينسب له هذا الكتاب , بل نسب إلية
جملة من كتبه منها (( بدائع الفوائد )) كما في
(( الوافي بالوفيات )) (2/ 272)
وأما صاحب (( النجوم الزاهرة )) فلم يذكر له شيئاً
من مصنفاته أصلاً , فظهر كذب وبهتان هذا المفترى ,
( إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون )
( النحل – 105) .
واخرج الشيخان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله علية وسلم : (( وإن الكذب يهدي إلى الفجور ,
وإن الفجور يهدي إلى النار ,
وإن الرجل ليكذبُ حتى يُكتب عند الله كذاباً )) .
والعجب , أنّ الخوارج يرون الكذب , مخرجاً من الملة ,
وصاحبه مخلَّدٌ في النار عياذاً بالله ,
فتراهم على ضلالهم أصدق أهل البدع ,
غير أنّ هذا الإباضي لم يتوان عن الكذب والتلبيس ,
فلا حول ولا قوة إلا بالله
====================
(( تنبيه)) :
زعم الاباضي في ص 77 –78 : أن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في كشف الله عز وجل عن ساقه ضعيف , وان الصواب في تفسير قوله تعالى ( يوم يكشف عن ساق ) أي عن شدة , وهذا تفسير الصحابة بالإجماع وذهب إليه ابن كثير وابن تيمية في (( مجموع الفتاوى )) ( 6/ 394) وذكر جماعة .
وجوابه :
أن الصحابة والمفسرين من بعدهم اختلفوا في قوله تعالى (( يوم يكشف عن ساق )) هل هي من آيات الصفات أو لا .
فجعلها بعضهم منها وقال إنها كحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه , وقال آخرون ليست من آيات الصفات وإنّما المقصود شدة الأمر .
ومن بلغه حديث أبي سعيد رضي الله عنه منهم , لم ينكر الساق , بل أثبتها لله عز وجل , وإن كان يرى أن المقصود في الآية شدةُ الأمر , لأن الساق في الأية منكَّرةٌ وفي الحديث مضافةٌ لله عز وجل , فهي صفة من صفات الله جل وعلا .
وأما زعم هذا الاباضي موافقة شيخ الإسلام له فهو زعم باطل , وإنّما شيخ الإسلام رحمة الله احتج على من زعم أنّ الصحابة مختلفون في التأويل , وأن منهم من يؤول الصفات بهذه الآية فذكر أن أولها منهم في القران , فإنما أوّلها لاعتقاده أنها ليست من آيات الصفات , هذا ما في كلام شيخ الإسلام .
وكذلك زعم الإباضي أن هذا قول ابن كثير فباطل أيضا , فقد ساق ابن كثير حديث أبي سعيد الخدري واستدل به وأثبت الساق لله عز وجل في (( تفسيره )) .
وانظر في مجموع الفتاوى (( 6 /394 )) (( والصواعق المرسلة )) لابن القيم ( 1 / 252 ) .
**************************************************
********
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |