عرض مشاركة واحدة
  #107  
قديم 02-17-2013, 06:29 PM
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

------

هل يُمكن رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم
في اليقظة ؟



يدَّعي بعض المُخرفين بأنهم يروا الرسول صلى الله عليه وسلم في اليقظة، مُستدلين بذلك على قوله صلى الله عليه وسلم: ( من رآني في المنام فسيراني في اليقظة )

وما نرى بالحديث أي وجه للدلالة في أن من رآه صلى الله عليه وسلم في المنام رآه حقيقةَ في الدنيا، ويؤكد ذلك ما أورده مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة . أو لكأنما رآني في اليقظة . لا يتمثل الشيطان بي ).

والشاهد هنا قوله صلى الله عليه وسلم ( أو لكأنما رآني في اليقظة ) أي كأنه رآني حقيقةً، لأن الشيطان لا يتمثل في صور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

فلو أخذنا لفظة ( فسيراني في اليقظة ) في الرواية الأولى على ظاهرها لأصبحت لفظة ( أو لكأنما رآني في اليقظة ) في الرواية الثانية لغواً، وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يخرج منه لغواً.

وعلى هذا فتفسير الحديث على إحدى وجهين:
أمَّا الأول: فهو أنه من رآى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام فكأنما رآه حقيقةَ في اليقظة كما في الرواية الثانية بصحيح مسلم، فالشيطان لا يتمثل في صورته صلى الله عليه وسلم.

أمَّا الثاني: فهو أنه من رآى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام فسيراه في الآخرة يوم القيامة في اليقظة.
يقول مُعترض وإين التخصيص في الحديث، إذ أن الأمة جميعها ستراه صلى الله عليه وسلم ؟

نقول: أن الإعتراض في غير محله، إذ أن الرؤية تكون خاصة بالقرب منه صلى الله عليه وسلم، إلى جانب أنه سيُمنع بعض من أمته من رؤيته صلى الله عليه وسلموكما قال ابن حجر في فتح الباري: ( ولا يبعد أن يعاقب الله بعض المذنبين في القيامة بمنع رؤية نبيه صلى الله عليه وسلم مدة )
وما قاله الدماميني في فيض القدير: ( هذه بشارة لرائيه بموته على الإسلام؛ لأنه لا يراه في القيامة تلك الرؤية الخاصة باعتبار القرب منه إلا من تحقق منه الوفاة على الإسلام )

ثم كيف يظهر صلى الله عليه وسلم لشخص في خلوته أو يذكر الله ولا يظهر لعائشة رضي الله عنها وهى ذاهبة إلى البصرة، ألم يكن من الأولى أن يظهر لها صلى الله عليه وسلم ليصدها عما حدث في وقعة الجمل.
أم لم يكن من الأولى في أن يظهر لعمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما إستشكل عليه أمراً وقال: ( ليتني كنت سألت رسول الله عليه الصلاة والسلام عنها )
أم لم يكن من الأولى أن يظهر في المواقف الصعبة التي تعرضت لها الأمة.


وتأكيداً فقد أجمع علماء أهل السنة سلفاً على نفي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع - يعني الرؤية - بعيني الرأس حقيقة ) . " فتح الباري " ( 12 / 384 ) .

وقال النووي رحمه الله في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فسيراني في اليقظة ) : فيه أقوال :
أحدها : أن يراد به أهل عصره ، ومعناه : أن من رآه في النوم ولم يكن هاجر يوفقه الله للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة عياناً .
وثانيها : أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة ؛ لأنه يراه في الآخرة جميع أمته .
وثالثها : أنه يراه في الآخرة رؤية خاصة في القرب منه وحصول شفاعته ، ونحو ذلك. " شرح مسلم " ( 15 / 26 ) .

وقال أبو العباس القرطبي – ردّاً على من قال برؤيته صلى الله عليه وسلم يقظة - :
( وهذا يدرك فساده بأوائل العقول ، ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها ، وأن يراه رائيان في آن واحد في مكانين ، وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ، ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده ولا يبقى في قبره منه شيء ، فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب ؛ لأنه جائز أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره ) . نقله عنه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 12 / 384 ) .

وقد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني أن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من المتصوفة " أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك " ! ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله :
( وهذا مشكل جدّاً ، ولو حمل على ظاهره : لكان هؤلاء صحابة ، ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ، ويعكِّر عليه أن جمعاً جمّاً رأوه في المنام ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة ، وخبر الصادق لا يتخلف ) . " فتح الباري " ( 12 / 385 ) .

والله أسأل أن يرزقنا رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في منامِنا، لنراه حقيقةَ بالقرب منه يوم القيامة

__________________
__________________
إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " !
رد مع اقتباس