عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-18-2013, 10:55 AM
 
Cool الفصل الأول


بطــل رغــم أنفــك ،*





الفصل الأول :






ارتفع رنين الهاتف مدويا في العاشرة من صباح يوم العطلة الأسبوعية ،

و ملأ أرجاء المنزل بضجيجه.

تقلب "كريس هاجاي" في فراشه و ضغط الوسادة على وجهه محاولا تجاهل الهاتف حتى يتوقف عن الرنين ،

لكن ذلك كان دون جدوى ،
فقد قذف بالوسادة بعيدا حين كاد يختنق ، ثم استلقى دافنا وجهه في فراشه.

مرت ثوان انقطع فيها صوت الهاتف و تنفس كريس خلالها الصعداء ،

ثم عاد رنينه المزعج يرتفع من جديد ،
كأنه أبى إلا أن يقطع عليه نومه و يجعله يكنث بوعده أن لا ينهض من سريره ما تبقى من حياته ..
أو حتى يغدو كبيرا في السن بما يكفي لكي لا يتعرفه أحد !!

كان قد قضى أمس يوما سيئا جدا !

بل أسوأ يوم في حياته أصدر على إثره قراره المضحك ذاك في الاختباء ،
لكن المنزل ليس آمنا ... فكر كريس ،
ذلك أشبه بأن يدفن رأسه في حفرة كالنعام !

ظل كريس يفكر في الأمر بضع لحظات أخرى قبل أن ينهض مستجيبا لنداء الهاتف ،

سار على مضض حتى الردهة الصغيرة أمام غرفته و التقط سماعة الهاتف :
‏_آلو ...

قال بضجر ، فأجابه صوت متحمس صاخب :

‏_كريس بني ... يا الهي كم أنا سعيدة بما سمعت ! لماذا لم ترد علي من فورك ؟!

‏_كنت نائما أمي ، ما الذي سمعته ؟


سأل بذات النبرة الضجرة ، فأجابته بفخر :

‏_سمعت عن حادثة الأمس ، سمعت كم كنت بطلا و كيف قمت بـ..

قاطعها بنكد :

‏_لم أكن كذلك ، ثم كيف وصلتك الأنباء و أنت في الطرف الآخر من الكرة الأرضية ؟!

تحولت نبرتها إلى الغضب وهي تجيبه :

‏_اتصلت بي جارتنا ، هل يعقل ذلك ؟! أسمع أخبار ولدي من الجيران ؟! كيف لم تتصل بي ؟! هيا أخبرني كل شيء !

‏_كان ذلك مروعا في الحقيقة .. حتى أنني أفكر في الاختباء لما تبقى من حياتي !!


دمدم كريس بتذمر ثم واصل :

‏_إنه سوء فهم فظيع ..أنا و البطولة لا ننسجم أبدا كما الغسيل الأبيض و الملون !

‏_لا تكن سخيفا كريس ! البطولة تجري في دمائك ، لكن قل لي هل مزجت الغسيل من جديد .. آه كم هذا سيئ !



‏_أمي أصغي إلي لثانية ، أنت تعرفين تماما بأن لا شأن لي بهذه الأمور .. تعرفين ابنك ... أنا لست بطلا !!
‏‎هتف‎ ‎كريس :

‏_أوه كريس ... بالطبع أعرفك بني ، لقد توقعت هذا منذ لحظة مولدك ، علمت أن وجهك الصغير يحمل قسمات بطل سأفخر به ذات يوم !!


سمعها تتنهد بسرور مستعيدة الذكرى ، و هتف بنفاذ صبر :

‏_أمي هذا ليس صحيحا !! أخبرتني أن الشيء الوحيد الذي سأجسده يوما هو الكآبة ، و قلت ألف مرة أن التعبير الذي على وجهي منذ ولادتي بشكل مستحيل الحدوث كان الضجر ! يا الهي ما الذي جرى للعالم !!‏

‏_حسنا .. حسنا .. لا تسرد لي أي شيء.


غمغمت الأم عبر الهاتف ، ثم استطردت بحماس :

‏_أخبر الصحافة عندما تأتي و ..

قاطعها كريس مذعورا :

‏_الصحافة ؟! أي صحافة ؟!!

ضحكت الأم قبل أن تجيب :

‏_إنهم زملائي في المكتب القديم حيث كنت أعمل ، لقد أرادوا كتابة مقال حول حريق المدرسة ، و عن البطولة و الشجاعة التين أبديتهما بإنقاذك للفتاتين من وسط النيران و بالطبع أخبرتهم أن بوسعهم اجراء مقابلة معك اليوم !

صمت كريس دون أن يعلق بشيء ،

كان يشعر بأنه يعيش أسوأ كوابيسه ...
الصخب ..
الضوضاء ..
الإهتمام و الانتباه ..
و الآن الشهرة !!
إذا كان الأمس سيئا فماذا يكون اليوم ؟!!
بدأت فكرة الاختباء تروق له أكثر فأكثر.
نادت الأم :
‏_كريس .. كريس هل تسمعني حبيبي ؟!

أجاب كريس بجمود :

‏_أسمعك أمي و لن أستقبل أي صحافيين !

هتفت أمه بسخط :

‏_و لكنني وعدتهم ، هل تريد إحراجي ؟! اسمع كن مهذبا و أجب عن الأسئلة البسيطة التي سيسألونك إياها ، آه أجل ... و ارتدي البذلة التي اشتريتها لك يوم مولدك !

تمتم كريس معترضا :

‏_أنا لا ارتدي البذلات !

و لكن أمه واصلت دون أن تكترث :

‏_صحيح .. لا تنسى أن تبتسم أيضا ، ستبدو أجمل في الصورة !

‏_و أنا لا ابتسم أيضا !


غمغم كريس من جديد و قالت أمه :

‏_و لما لا ؟! ارسم ابتسامة على سبيل التغيير ، لقد حققت ما يعجز غيرك عن تحقيقه !
صاح كريس :
‏_أنا كل أحقق أي شيء !

أصرت أمه :
‏_بل فعلت ، اكتسبت احترام الجميع و أصبحت لديك سمعة حسنة ، يكفيك انك رفعت رأس أمك فخرا ، قل لي لما لست سعيدا ؟!

أجاب كريس بعبوس :
‏_و لما أكون كذلك ؟ الشيء الوحيد الذي كان يسرني في حياتي كان تجاهل الآخرين لي ، كنت سعيدا بكوني غير مرئي .. اسير في الطرقات دون أن يلتفت إلي أحد ، و الآن فقدت ذلك فما الذي سيجعلني سعيدا ؟!!

‏_على أي حال سيأتي الصحافيون قبل الظهيرة فكن جاهزا ، إياك و أن تخيب أملي !

‏_لا أستطيع القيام بذلك .. أنا آسف !

_كريس !!

‏_لا أستطيع صدقا !

احتدت الأم :
‏_كريستوفر ميزل هاجاي ... نفذ ما أقول !!!!

أدار كريس عينيه نحو السماء ثم تنهد متذمرا.

‏_كريس !!!

هتفت أمه عبر الهاتف بغضب فاجابها مستسلما :
‏_حسنا .. حسنا سأفعل ما تريدين !

‏_جيد .. سأنتظر أخبارك المفرحة ، اهتم بنفسك و إياك و أن تخلط الغسيل ، سأعود قريبا ... قبلاتي !

ثم أغلقت الخط ،
ظل كريس يعبس بإتجاه السماعة عدة لحظات قبل أن يضعها مكانها متنهدا.
كان غير قادر على فهم لماذا يصر الجميع على تضخيم المسألة ؟!
لماذا لا يصدقونه ؟!
هو لم ينقذ حياة أحد ... لم يفعل عامدا على أي حال !!

حملق كريس في الفوضى التي تملأ المنزل ، في الثياب التي تنتشر على أرض الغرفة و في علب العصير و الطعام التي تملأ حتى المقاعد !

كانت أمه لتجن بهذا المنظر وهي التي تكاد تكون مهووسة بالنظافة !
ثم إن الصحافة في طريقها إلى هنا لذا فالخيار الصائب كان تنظيف المنزل.
لكن كريس كان واحدا من أولائك الناس اللامباليين ..
كان أكثر ضجرا من القيام بما هو صواب.
تثاءب بطريقه إلى المطبخ ليحضر شيئا ما ليتناوله.





*~نهاية الفصل الأول ...



__________________




افتَقِدُني
music4