عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-18-2013, 11:00 AM
 
الفصل الثاني :

ﺑﻄــﻞ ﺭﻏــﻢ ﺃﻧﻔــﻚ !! ،*






الفصل الثاني :







بعد عشر دقائق كان كريس جالسا إلى طاولة الطعام يقضم الخبز المحمص بالمربى ،

محاولا اقناع نفسه بأن كل هذا الصخب حوله سيختفي و يزول ،
و أن حياته ستعود إلى طبيعتها سريعا ،
جعلته هذه الفكرة يشعر بتحسن أكبر !

كسر الهدوء الذي كان يلف المكان ..

شهقة دهشة انطلقت من كريس حين وثب على رأسه فجأة سنجاب بري صغير !!
و غص كريس بالحليب الذي كان يشربه ،
فسعل بعنف و هو يمسك السنجاب من ذيله البني المنتفش و يرفعه من فوق رأسه ليضعه على سطح الطاولة.

رمقه بغضب بينما وجهه يستعيد لونه الطبيعي و سعاله يهدأ !

فأخفض السنجاب أذنيه الصغيرتين كما لو كان يفهم معنى تلك النظرات !

‏_لقد كدت أختنق !!


صاح كريس بالسنجاب غاضبا ،

التقط نفسا عميقا ثم تابع يخاطبه و كأنه سيفهمه :
‏_لا تقفز على رأسي هكذا ثانية ! ألم أرمك خارجا منذ يومين ؟!
ثم تبعتني إلى المدرسة ؟ ظننتك مت بحريق الأمس و كنت أعدها النقطة الإيجابية الوحيدة في هذه الحادثة كلها !

حرك السنجاب رأسه دون أن يصغي ،

كان يحدق بقطع الخبز في السلة بجوع ،
أسرع يجري نحوها لكن كريس رفع السلة من المائدة قبل أن يصل إليها ، قال :
‏_لا تتوقع مني إطعامك !

رفع السنجاب عينيه الكبيرتين المستديرتين نحو كريس هذه المرة ،

ناظرا إليه بإستعطاف لا يقاوم !!

قال كريس وهو يرمقه بملامحه الضجرة :

‏_أتعلم ما الذي تسبب في إشعال الحريق منذ البدء ؟!
لقد قام قارض سخيف بقضم أسلاك الكهرباء ،
و احزر كم قارضا سخيفا كان في المدرسة حينها ؟!!

لم يكن السنجاب الصغير ليعي شيئا مما يقوله كريس ،

فكل ما كان يشغله هو الطعام.
و كان الجزء المتبقي من الخبز المحمص الذي كان كريس يأكله لايزال في طبقه .. فاندفع إليه بسرعة ،
لكن كريس كان أسرع منه ، حمله من أمامه بيده الأخرى مواصلا حديثه الغاضب :
‏_أنت السبب في إشعال الحريق و في المأساة التي أعيشها ،
و فوق ذلك ماتزال حيا أيها الجرذ .. علي قتلك بنفسي !!

كان كريس لايزال جالسا أمام الطاولة ،

يرفع يديه الاثنتين في الهواء ليحمل الخبز بعيدا عن السنجاب ،
كان عابسا ، ساخطا ، بدا مضحكا وهو يخاطب و يصرخ بسنجاب !!
و كان شاكرا أن لا أحد هنا ليشهد على ذلك !

قفز السنجاب فجأة يتسلق ذراعه ،

التقط قطعة الخبز من الصحن ثم وثب وقف فوق رأسه ليأكلها بسرور !
تنهد كريس مستسلما و أعاد الطبقين إلى الطاولة ،
ثم أسند وجنته بيده بضجر و غضب .. شاعرا بفتات الخبز على شعره الأسود !
كان شعره الأسود دوما في فوضى و تعبير الملل و الضجر لا يفارق عينيه العسليتين لحظة.
حصل كريس على قطعة خبز أخرى من السلة و وضعها في فمه.
ارتفع جرس الباب فجأة فنهض ليفتحه ،
متوقعا رؤية صديقه "فرانك" فقد بدا سعيدا على نحو مريب بالأمس و لن يتفاجأ بزيارته.

ما إن فتح كريس الباب حتى بهره ضوء كاميرا باغتته بصورة ، و ابتسم المصور من خلفها.

أخرج كريس قطعة الخبز من فمه و هم بقول شيء ما ،
حين هتفت الصحفية الأخرى :
‏_يا له من سنجاب جميل ! أهو حيوانك الأليف يا كريس ؟!

نظر كريس إلى المرأة ذات الابتسامة الجميلة و الشعر الناعم المقصوص ليحيط بوجهها .. كانت مألوفة تماما لديه.

‏_"ستايسي" ؟!!

غمغم كريس غير سعيد ، فابتسمت قائلة :

‏_أرى بأنك تذكرني ، كنت و أمك صديقتين مقربتين فيما مضى ،
طلبت مني شخصيا إجراء هذه المقابلة ... هي تذكر كم كنا ننسجم معا أنا و أنت !

هز كريس رأسه :

‏_شيء مفرح !!

ضحكت ستايسي قائلة :

‏_طوال تلك السنوات و أنا أرى التعبير ذاته على وجهك ،
و مازال لم يتغير ... كم هو ظريف !!

قالت عبارتها الأخيرة وهي تقرص وجنتيه و تشدهما بالطريقة التي لطالما أحنقته بقدر ما آلمته في طفولته ،

كانت هذه واحدة من الأسباب التي لطالما كره ستايسي لأجلها في صغره .. ما إن تراه حتى تعامله كللعبة !!
و لا شيء تغير مع مرور الزمن.

أبعد رأسه عن يديها بعبوس ، في حين ردد المصور مستغربا :

‏_التعبير ذاته .. لسنوات ؟!!

قالت ستايسي بنشاط :

‏_حسنا .. فلندخل لنبدأ المقابلة !

هتف كريس معترضا :

‏_أنا لن أجري أي مقابلة !

ضحكت ستايسي و كذلك المصور ، ثم قالت :

‏_يا لها من دعابة ! ألم أقل بأنك ظريف !

ثم خطت إلى داخل المنزل و تبعها المصور ،

تمتم كريس مغتاضا :
‏_الحياة قاسية !!

أغلق الباب و تبعهما إلى الداخل !



كانت ستايسي الصحفية الناجحة جدا في عملها تطرح سؤالا و تحصل على الإجابة التي تريد ،
أو بالأحرى تأخذ الجزء الذي تريده من الإجابة ... الجزء الذي سيعجب القراء !

سألت فيما استمر المصور بالتقاط الصور :
‏_إذا .. صف لي كيف شعرت حين وجدت نفسك محاصرا وسط النيران أنت و الفتاتين !

كانوا قد جلسوا على طاولة المطبخ .. الغرفة الأقل تضررا من الفوضى التي سببها كريس خلال اليومين التين غابت أمه فيهما !
أجاب كريس :
‏_شعرت بأن علي النجاة بنفسي ،
و لم تكن الفتاتين معي في بادئ الأمر .. فقد كنت على وشك الخروج عندما ...

قاطعته ستايسي بحماس :
‏_عندما وجدت الفتاتين محاصرتين بين النيران و اندفعت مخاطرا بنفسك لإنقاذهما !
يا للشجاعة !!

و إلتمع ضوء الكاميرا في وجه كريس من جديد ،
و كان قد نسي أمر السنجاب تماما حتى قفز الأخير خائفا من ضوء الكاميرا و اختبأ خلف ظهره.
صاح كريس غاضبا :
‏_طفح الكيل ... سأرميك خارجا !

قالها و أمسك الحيوان الصغير رافعا إياه أمام وجهه ،
قالت ستايسي :
‏_كلا .. اتركه إنه حيوان جميل ، أقصد أن كليكما معا تبدوان رائعين ..

ثم خاطبت المصور آمرة :
‏_التقط صورة.

فأسرع المصور يومض بكاميرته الكبيرة ،
أفلت السنجاب و عاد إلى مخبئه ، قال كريس بغير اكتراث :
‏_إذا كان يعجبك فبإمكانك أخذه سيدتي !

لوحت ستايسي بيدها نافية :
‏_أوه .. كلا بالتأكيد ، أنا لن أجد وقتا للعناية به ،
أين كنا ... صحيح أخبرني كيف خرجتم من بين النيران !

هز كريس رأسه ليتذكر ثم أجاب :
‏_أعتقد أنني عثرت أولا على نافذة في الطابق الثاني لم تصل إليها النيران و ...

قاطعته ستايسي :
‏_الطابق الثاني ؟!
لا تقل لي ... لقد قفزت من الطابق الثاني ، آه كان علي الحصول على صورة لذلك المشهد !

أسرع المصور يضغط على زر كاميرته فور سماعه لكلمة صورة ،
و إلتمع ضوءها المبهر في وجه كريس الذي صاح ساخطا :
‏_و لكن أخبرني كم صورة تحتاج لمقال واحد ؟!

توقف المصور متراجعا لحدته المفاجئة ،
و تابعت ستايسي :
‏_إذا كيف قفزت من الطابق الثاني و معك الفتاتين ؟!

هتف كريس :
‏_لم أقفز من أي طابق ،
لقد خرجت من الباب فالفتاة الثانية كانت في الطابق الأول و ...

قالت ستايسي تقاطعه من جديد :
‏_واو ... لكن الطريق نحو الباب كانت شاقة حتما فذلك الجزء بالذات قد إلتهمته النار بشدة ،
و أنت اقتحمته منقذا الفتاة ؟!

صاح كريس بنفاذ صبر :
‏_لم أنقذ أحدا !

ضحكت ستايسي قائلة :
‏_كم أنت متواضع ! على كل لقد حصلت على الجزء الآخر من القصة ،
من الفتاتين اللتين تشكرانك كثيرا بالمناسبة ،
و سوف أنشره على ذلك النحو فأنت أكثر تواضعا من أن تروي لنا ما حدث.

ثم هبت واقفة :
‏_هيا بنا ... لدينا عمل نقوم به لإنهاء المقال.

نهض المصور و سار خلفها نحو باب المنزل ،
هتف كريس وهو يلحق بهما :
‏_هل ستنشران ذلك فعلا ؟!

وقف كريس مع الصحافيين أمام الباب ، أجابته ستايسي :
‏_بالتأكيد .. كل حرف منه ،
ستكون حديث المدينة لأشهر على الأقل ،
"بطل في المرحلة الثانوية" ... عنوان لافت للنظر !!

اتسعت عينا كريس بصدمة وهو يحتج :
‏_لا يمكنك نشر ذلك .. إنها ليست الحقيقة ، أنا لم أفعل شيئا !

ابتسمت ستايسي :
‏_أوه كم أنت ظريف ، متواضع جدا و ظريف !

شدت وجنتيه بتلك الحركة المزعجة من جديد ،
ثم فتحت باب المنزل مستطردة :
‏_اعتني بنفسك ، و كن أكثر لطفا مع سنجابك ، إلى اللقاء !

هتف كريس :
_مهلا ...

لكنها كانت قد أغلقت الباب خلفها ،
غمغم كريس بغضب و يده تتحسس وجنته حيث كانت تقبض تلك الصحفية المجنونة :
‏_سحقا لهذا الأمر !!


*~انتهى الفصل الثاني


__________________




افتَقِدُني
music4