في تلكَ الليلةَ الحالكةَ السواد ، حَيثُ الهدوءِ هَو عُنوانْ المَكانِ ، لا يُضيءُ سَمائها سِوى تِلكَ النُجومِ الذَيِ تَلمعُ وذَاكِ القَمر السَاطعِ الذَيِ يَبعثُ في النَفسِ الحُزنِ.
لَم تَكُنْ هيَ إلا إنْسانةِ لَم يَكتُِب لَها القَدرِ أنْ تَعيشُ كَأيِ امرأة فَي العَالمْ ، حَيّاةً يّتمنْاهَا أَيّ إنْسانْ فَي هَذهِ الدُنيَا.
إنْها تَجْريِ وَبكُل مَا لَديْها مِنْ قَوةٍ ، فَيِ يَديها طَفلٍ رَضّيعْ لَـا يَعْرفْ أَن الدُنيا تُخْبئ لهُِ الكَثْير ، والدُموعْ هَو عُنوانِ تَلكْ السيِدةً التْي تُحاولِ الخَلاصِ مٍنْ الأشْخاصِ الذيْن يُلاحقُونْها.
" سَيْديِ ، لَمْ نَجّدها .."
أَجْابْ وهُو يَبدو عَليهْ الانْفِعَال الشَديِد..
ذَلكَ الرَجْل أَصبْحَ يَنظُرُّ حَولهُ يَشْعرُ بأنه سَيغلي بِداخلهِ مَنْ الغَضبِ..
فصَرخَ عَلى رِجالهِ غاضباً : " تَباً ، فَلتَجدوها لَيِ ، يا لكُم مِنْ حَمقى لا نَفعَ مِنكُمْ . "
فَركْضَ يَجْدُها هَو بِنفسهُ.
" يَا إلهيِ ، أَنْيِ أَسْتعينُ بكَ الآنْ ، فَساعْدنيِ"
كآنتْ تَقفُ تَقُولُ جُملتها هَذه بدموعُ تُبلل خَديها بُكلِ حَرارةٍ ، تَنظرُ لصغيِرها ، الذَي يَنظُر لها بنظَراتْ تَملؤها البَلاهةِ.
كَانْ الحَظ العَثرْ هَو حَليفُها ، فَلقدْ كَانَ الطَريق مَسدوداً مَنعها منْ إكمَالِ طَريقهَا، إنْها تَنتظرُ مُعجزةً مَا تُخلصها مِنْ هَذا المأزقِ الذيِ وَقعتْ فَيهْ.
أنتَفضَ قَلبُها حَينْ سَمعتْ صَوته ، الذيِ جَعلهاَ تُعانقُ صَغيرها بِكٌلِ قًوةٍ ، تَبْكيِ بحرقةٍ شَديدةٍ.
" هآ هآ هآ ، وَجدتْكِ أخيْراً "
قَالها وَهو يَلهثُ تَعباً مِنْ الرَكضِ والبَحثِ عَنْها.
مَا هيَّ إلَـا ثَوانِ مَعدودةٍ حتْى أخرَجَ مسَدسهُ مُصوباً المسَدسْ إتْجاهها ، واضْعاً إصبَعهُ فَوقَ الزنْادِ.
" سَتلقِينَ حَتْفكِ [ آمآنْدا ] ، أنْتيِ جَبانة بِحقْ "
لَم تَنبسْ بكَلمة بِما قَالهُ هَو ، بَل تابعتْ البُكاء مُستسلمةً للأمرِ الواقْعيِ الذْي يَحدثُ لَها تَواً.
" لَما [جُونِ] ؟ ،ها أنْتَ سَخْيف فِعلَـاً ."
الجُملة الأخيرة قَالتها بِنبرةٍ سَاخرةٍ ، رُغمْ أنْ الدموعِ مَا زَالتْ تَجريِ عَلى خَديها .
شَعرَ بالأنفعالِ الشَديد والغضبْ بما قالته هيَ فَصرخَ : " لَـا تَكونْي حَمقاءْ ، أعطْينيِ الصَغير بـِلَـا مُجادلةٍ "
التفتت هيَ ليرَى تَلك الدموعِ والحالةٍ المُزدرية التْي وَصلتْ إليها هيَ ، جَعلته يَرتبكْ وَيشفقُ عَلى حَالتها هَذه.
أبْعَد المُسدسَ عَنها قائلاً بنبرةٍ حَزينة : " أنتي تَعلمْينَ بأنَ أخْي يُريدُ الصَغير بِأيْ ثَمنْ ، وَتَعلمينْ بِأنيِ لَــا أَسْتطيعُ مُخالفةَ أوامرهِ ، أنْا آسْف [ أمْانّدا ] .... آسْفَ "
أصابَتها الصَدمةٍ حِينمَا صَوبَ المُسَدسَ اتجاهها مُعلناً أمرهُ فَي قَتلها..
" [ جَونْ ] "
كَانْت تَلكْ الكَلمةِ الأخيرة التيِ تَلفظت بِـها.
تَجمع بَعضْ الرِجالِ ليقول أحْدهم بصوتٍ تعب : " هَل وجْدتموها ؟؟"
هَز الجَميع رأسه نَافياً..والكُل يَبدو عَليه التَعب والأرهاقِ الشَديد..
ما هيَ إلا ثَوانٍ حَتى سَمعوا صَوت إطلاقِ النار ليصَابوا بِدهشةٍ وَقَليلِ مِنٍ الاستغراب.