مقارنة بين الشيعة والسنة
• ثم جعلت أصرف النظر للمقارنة بين السنة والشيعة
فمما لاحظته:
1- أننا نحن الشيعة نسب الصحابة ونقدح في جملة الدين وأنصار سيد المرسلين.
• أما أهل السنة فيترضون عنهم جميعاً, ويقولون نحن لا نسب أحدا من أهل البيت, ولا من غيرهم, بل نترضى عنهم ونحبهم ولا نغلو فيهم.
2- نحن الشيعة إذا ألم بنا مرض هرولنا إلى السحرة والمشعوذين, بل من فقهائنا من يعمل الحروز والتمائم والعزائم, ومن كبارنا من يفتي بجوازها (1 )
• أهل السنة هذا محرم عندهم, لا يجوز لأنه يؤدي إلى الاعتقاد في غير الله – سبحانه وتعالى –أو يكون اعتقاد في غير الله بحسبه.
3- نحن الشيعة إذا كان في قلب بعضنا على بعض شيء ولم يتمكن منه ربما يسحره أو يعزم عليه, إلى غير ذلك
* أهل السنة هذا محرم عندهم لا يجوز, لما في ذلك من الإعتقاد في غير الله, والعدوان على المسلمين.
• نحن الشيعة نجل السحرة والمشعوذين ونقدسهم.
• أهل السنة يبغضونهم ويحذرون منهم أيما تحذير.
4- نحن الشيعة نصلي الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء تقديما أو تأخيراً وصلاة الفجر لا يصليها أكثرنا إلا مع طلوع الشمس أو بعد طلوعها.
• أهل السنة يصلون الصلاة على أوقاتها.
وهكذا جعلت أقلب النظر ثماني سنوات أو أكثر لعلي أصل الحق والصواب, وعرفت فوارق كثيرة اقتصر على ما ذكرته اختصاراً.
وكلما نظرت إلى أفعالنا نحن الشيعة أبغضتها وكرهتها, لما أرى فيها من مخالفة الحق والصواب.
وكلما نظرت إلى أهل السنة أحببت أفعالهم ورضيتها, لما أرى فيها من الأمور ألتي تؤدي إلى مقاصد الشريعة ومن الأفعال التي هي على الحق مستقيمة.
ولكن (!) كيف استطيع أن أتخلص من هذا البلاء والظلمات التي نعايشها بينهم؟!
المجتمع جاهل متعبد بالبدع, يظن أنها هي الحق وغيرها الباطل.
• فمكثت على تلك الحال – وفي نفس الوقت أدرس بعض الدروس عندهم – وكلما درست عندهم أبغضتهم وأبغضت كتبهم.
• واستمر الأمر على تلك الحال ردحاً من الزمن, وفي تلك الفترة كلها لا يواصلني أحد من أهل السنة لأنني قد عرفت بينهم بالتشدد بالتعصب لما أنا عليه من التشيع والبغض لهم.
• وما علموا إني قد ضقت ذرعاً بما أنا فيه, وإنني أصبحت أحب الكلمة الواحدة من عند أهل الحق لعلي اهتدي بها إلى الصواب, وأفرج من ربقة الشك والارتياب.
• وانتهز هذه الفرصة لأوجه النصيحة إلى الدعاة إلى الله تعالى:
بأن لا ييأسوا من أحد, بل يدعوا الجميع إلى الله, ويتلطفون بهم, فمن ارحم الناس بالناس إلا أهل السنة كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - .
• وبعد هذا كله تخرج أخي الأكبر الدكتور عيضة وأنهى دراسته, وتوجه إلى البلاد, وهو يعرف يقينا مقدار ما أتمتع به – بفضل الله ومنته علي – من الفهم والإدراك, بيد أنني لا أعرف قيمة ذلك.
• فجعل يحثني وينصحني لمواصلة دراستي وللتخلص من هذا المجتمع.
• ولكن والدي ووالدتي – حفظهما الله من بين أيديهم ومن خلفهم – يظنون أنني إذا خرجت من ذلك سواء لمواصلة دراستي المدرسية التي انقطعت عنها في الثالثة من المرحلة الإعدادية بسبب الظروف المعيشية التي كنا نعايشها – وذاك شيء قدره الله, فله الحمد والمنة – أو لطلب العلم الشرعي فذاك هو الضياع بعينه(!!!).
وأما أنا فبقيت متحيراً!!!
• ثم واجهني أخي – حفظه الله – أخيرا فقال:
اختر أحد الأمور الثلاثة التي سأذكرها لك:
الأول: مواصلة دراستك وعليّ جميع تكاليفك حتى تتخرج.
الثاني: التفرغ لطلب العلم الشرعي في دار الحديث بدماج على يدي الشيخ مقبل – رحمه الله تعالى – وعلي جميع ما تحتاج اليه.
الثالث: أن تبقى على ما أنت عليه وهو عمل يدوي لنحت الأحجار التي تستخدم في أواني الطهي ( تسمى الحرض, أو المقالي).
فاخترت طلب العلم الشرعي.
• وكنت أعمل في تلك الأيام عند الوالد الفاضل صالح بن محمد المشهور بــ ((أبو فاس))عمل مقايضة في الأيام.
فجئت إليه يوماً من الأيام فأخبرته بما قد اخترته, فقال: خير البر عاجله, غداً إن شاء الله نتوجه إلى دار الحديث.
فذهب واستلف (2000) ريالاً يمنياً ليصل بها إلى دار دماج معي, وأعطاني أخي تكاليف السفر والمقام هناك, وتوجهنا في اليوم الثاني إلى دماج وعمري في ذلك اليوم ما يقارب( 19) عاماً, وصلنا صعدة يوم الخميس 7 شعبان 1416 هــ ونزلنا إلى دماج يوم الجمعة 8 شعبان 1416 هــ
• فوصلت إلى دماج فتفاجأت بعدد الطلاب المتكاثر وبأشكالهم وأجناسهم المختلفة.
• ذكرت صحابة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, العمائم الإسلامية والثياب القصيرة والكلام العربي.
إلى غير ذلك من الأوصاف الحميدة.
• فازددت حباً لطلب العلم, وحمدت ربي الذي أوصلني إلى ذلك المكان.
• توجهنا إلى المسجد لصلاة الجمعة, وبعد الجمعة أقبلنا إلى الشيخ مقبل – عليه رحمة الله - وكنت أظنه في نفسي طويل القامة عريض المنكبين كثيف اللحية, فوجدته بخلاف ذلك, إلى القصر أقرب منه إلى الطول, ووجهه أبيض مشرئب بحمرة, عليه نور أهل الحق وضياء أهل الصدق, قد أضفى الله له من الجلالة في القلوب والإحترام ما يعجز القلم عن وصفه, ورحم الله شيخ الإسلام حين قال: يرفع الرجل بقدر تمسكه بالسنة.• فرحب بنا الشيخ كغيرنا من الطلاب الوافدين على (دار الحديث) ولسان حال من عرف قصتي يقول:
(( لا تخف نجوت من القوم الظالمين))
• استغربت أشياء عند وصولي إلى دار الحديث بدماج:
أولها: الصلاة في النعال.
قلت كيف هذا! يصلى في النعال؟!!
• وفي قرارة نفسي إن مثل هذا من هذا المجتمع الطيب الذي يهوي إليه العباد من كل قطر ومصر (!) لا يصدر إلا عن علم؟.
• ولشيخنا الأمام مقبل الوادعي رسالة في شرعية الصلاة في النعال, ذكر فيها الأحاديث والآثار الثابتة في المسألة, وأجاب عن بعض الشبه, جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً.
وتيسر لي الإطلاع على كتاب( الأحكام) للهادي, وهو احد أئمة الشيعة في أوائل القرن الرابع, فوجدت في المجلد ألأول صفحة (135) باب الصلاة في الخف, ثم ذكر الكلام على الصلاة في النعال وفيه تقرير ذلك.
• ثم وقفت على كتاب(فتاوى علي العجري) وكنت أعرفه وأنا ما زلت في البلاد, إلا أنني لم أقف على هذه الفتوى التي في صفحة (121) باب: فاخلع نعليك وإذا به هناك يقرر الصلاة في النعال ويدعمها بالأدلة, ويذكر أن ذلك مذهب أهل البيت فراجع ذلك هناك فنحن في مقام الاختصار.
• قال تعالى: ( نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) (النور:35)
وبعد أن استقر حالي بدماج, بدأت في الحفظ في كتاب الله – تعالى – بجانب ما ادرسه, وغالب ما انكببت عليه في بداية طلبي بعد الحفظ في القرآن هو كتب العقيدة, فحفظت من متونها ما يسره الله لي ودرست كافة الدروس التي تدرس بدار الحديث بدماج, غير بعض الكتب التي أتمكن من مطالعتها بنفسي.
*****
• وأثناء دارستنا في كتب العقيدة مر بنا إثبات صفة العلو لله تعالى, تذكرت كلمة كانت تتردد في ذهني أثناء دراستنا عن الشيعة في كتاب اسمه (العقد الثمين ) قال وهويتكلم – على حد زعمه - على معرفة الله (ص 22-24): ( ولا يجوز أن يكون جوهراً ولا عرضاً... ولا هو فوق ولا تحت, ولا يمين ولا شمال, ولا خلف ولا أمام... ليس بنور ولا ظلام .
وأنت ترى بهذه الأوصاف أنه نفى وجود الله – عز وجل – حيث جعله عدماً محضاً – عياذاً بالله سبحانه – فمن نعبد إذا؟!.
أخي إنه هو الله المتصف بصفات الكمال المتعالي على العباد بذاته وأسمائه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى:11)
والشاهد من ذكري لهذا أنه أثناء دراستنا لهذا الكتاب والمدرس يشرح لنا هذه العبارات, ومن توفيق الله لي أني لم افهم شيئاً من هذا المقصد الرديء إلا قوله ( جوهراً ولا عرضاً)
فإن المدرس قال لنا: الجوهر هو الحجم مثل الحجر ونحوها, والعرض الذي ليس بحجم كضوء الشمعة والكهرباء, ونحو ذلك.
فتذكرت هذا القول إثناء دراستي لعقيدة أهل الحق, وحمدت الله الذي أنقذني من عقيدة أهل الباطل
(ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الجمعة4)
• وتوجهت أيضاً لدراسة اللغة العربية فمر بنا في حروف النصب لن(في كتاب القطر قول ابن هشام) لن حرف يفيد النفي والاستقبال بالاتفاق ولا يقتضي تأبيداً خلافاً للزمخشري في أنموذجه ولا تأكيداً خلافاً له في (كشافه)
فذكرت أن ذلك الشيعي الذي كنا نقرا عنده, قال لنا ما معناه: ((أن كلام ابن هشام باطل, وإنما أراد أن ينصر مذهبه في تثبيت الرؤية لأنه وهابي. أو نحو هذا الكلام .
والرؤية حق للمؤمنين, قال تعالى:
واخرج البخاري (554) ومسلم (633) عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته".
وقد صنف في الرؤية تصانيف عديدة من أنفسها ((الرؤية للدارقطني)) ولي مختصر في جمع الأحاديث الصحيحة في الرؤية مع رد بعض شبه المبتدعة, يسر الله ترتيبه وتقسيمه وطبعه.
وهكذا هم يقولون في ((صحيح البخاري)) وهابي, وكذا في صحيح مسلم, وغيرها من كتب المسلمين المشهورة وما علم هؤلاء المغفلون أن بين محمد بن عبد الوهاب وبين هؤلاء الأئمة قرون متكاثرة فبينه وبين ابن هشام ما يقارب ستة قرون؟
فكيف يكون السابق بقرون تابع للأخر؟!!!
حقيقة أن هذا القول جهل مطبق وهوى محرق عياذاً بالله.
• والحق ما قرره ابن هشام أن لن لا تفيد التأبيد, وتقرير هذا يطول, ولكن تراجع مظانذلك من كتب اللغة والعقيدة,( انظر ))حادي الأرواح(( للإمام ابن القيم (205-206( ))العواصم والقواصم(( للإمام ابن الوزير(5/106-109)
أعود إلى ذكر ما تبقى.
• واصلت طلب العلم والأخذ من تلك العلوم الشريفة بين يدي شيخي الإمام مقبل الوادعي – عليه رحمة الله – ملتقطاً من فوائده الفريدة والمنيفة, وأخلاقه الرشيدة, راتعاً من رياضه, ناهلاً من حياضه.
• حفظت القرآن بحمد الله وتوفيقه.
• وحفظت من متون العقيدة والحديث ما يسره الله لي, فله الحمد والمنة وما زال فضله علي متتابعاً.
• اللهم ثبتنا على دينك وارزقني ملازمة الحق والصواب في القول والعمل.
•( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران:8)
• ربي لك الحمد كما هديتني لما اختلف فيه من الحق بإذنك انك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
•(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام:161)
• وحقيقة أن نعمة الهداية لا يعادلها شيء, فهي فضل الله يؤتيه من يشاء, قال تعالى:
( وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (البقرة:213)