مصوّر... وأعادت قراءة الفقرة بشعور غامض من احماس والتوقع ، ثم وجدت نفسها تحدق ثانية في صورة فريزر ملوري
تمعنت في وجهه النحيل ذي الملامح الصارمة الداكنة ، وعينيه السوداوين المتّقدتين ذكاء ، وفمه القاتم الرابض فوق ذقن عريض ، لم يكن وجه جميلا جمال وجه اريك ، ولكنه لافت للنظر ، يترك أثرا مميزا ، فريدا.
لم يكن يخفى على كوري ان فريزر ملوري يصغرها والدها في العمر ، وأدركت الان ان الفرق بين عمريهما هو أكثر بكثير مما إفترضت ، ويمكن القول وفقا لصورة أنه في أواسط الثلاثينات ولم يكن جاوز الخامسة والعشرين عندما تعرف عليه والدها ، ولا شك أنه رجل فريد ، وبارع في أكثر من مجال ، وهو حسب نص المقال ، يحوز على إحترام الرجال ولا يظهر أي إحترام للنساء.
مصوّر... وأعادت قراءة الفقرة بشعور غامض من احماس والتوقع ، ثم وجدت نفسها تحدق ثانية في صورة فريزر ملوري
تمعنت في وجهه النحيل ذي الملامح الصارمة الداكنة ، وعينيه السوداوين المتّقدتين ذكاء ، وفمه القاتم الرابض فوق ذقن عريض ، لم يكن وجه جميلا جمال وجه اريك ، ولكنه لافت للنظر ، يترك أثرا مميزا ، فريدا.
لم يكن يخفى على كوري ان فريزر ملوري يصغر والدها في العمر ، وأدركت الان ان الفرق بين عمريهما هو أكثر بكثير مما إفترضت ، ويمكن القول وفقا لصورة أنه في أواسط الثلاثينات ولم يكن جاوز الخامسة والعشرين عندما تعرف عليه والدها ، ولا شك أنه رجل فريد ، وبارع في أكثر من مجال ، وهو حسب نص المقال ، يحوز على إحترام الرجال ولا يظهر أي إحترام للنساء.
منتديات ليلاس
ألقت المجلة من يدها ، وتوجهت الى الشباك ، كان الظلام مخيما ، كثيفا ، يحجب المنازل المنتشرة في ظل الجبل ، ويخفي البحر المتثائب من بعيد ، غير أن المطر لم يتوقف عن الهطول ، مخلّفا رائحة رطبة قوية ، تحبها ، وتعرف أنها نادرة الوجود في قلب الصحراء.
الم تقل لوالدها أنها قد تنضم الى الرحلة ، وإعتبر كلماتها مجرد نكتة عابرة ؟ هل كانت تمزح عندما نطقت بتلك الكلمات ؟ نعم .... وكلا ، إذ كانت في أعماق نفسها ، وبدون قرار مسبق ، تتمنى مغادرة مدينة الكاب ( في جنوب أفريقيا ) والعيش في اجواء اخرى مغايرة ولو لفترة محدودة.
واي مكان أفضل من الصحراء؟ ربما إستطاعت تبيّن رغباتها وأمانيها الحقيقية في تلك الأرض الشاسعة وعزلتها الغريبة ، وهي ستحقق غرضا آخر بإنضمامها الى الرحلة ، فتأكد من وجود الرسوم الصخرية بناء على نظرية والدها ، وتسجل وتدوّن من اجله كل ما تعثر عليه ، ليضمّه الى كتابه الذي شارف على الإنتهاء.
ومرت أمامها صورة والدها ببشرته المجعدة وشعره الأشيب ، فغمرتها موجة من لعطف والإشفاق ، لم يعد جون لاتيمر الآن سوى طيف باهت لذلك الرجل الذي إرتاد ذات مرة المناطق المعزولة المقفرة من أفريقيا ، وبحيويّة أدت الى إكتشافات هامة ، كرس معظم حياته للتوصل الى معرفة أعمق حول أصول الشعوب القديمة التي قطنت القارة ، وكل ما عثر عليه ودرسه ودوّنه وجد طريقه الى صفحات كتابه.
وإعتقدت كوري ان المخطوطة التي طبعتها على الآلة الكاتبة هي جزء لا يتجرأ من الشخص الذي خطّها بيده ، كل صورة وكل رسم أو تصميم ، يروي تفاني رجل جعل مهنته محور حياته بأكملها ، واصبح الكتاب منذ مدة من الزمن جاهزا للنشر ، ولكن والدها رفض إعتباره كذلك ، كأن قناعة راسخة جعلته ينتظر العثور على سجل أو وثيقة جديدة ، وينجز حلمه الكبير.
وإرتفع صوت من اعماقها يحثّها على الإشتراك في الرحلة التي لم تسمع عنها إلا منذ ساعات قليلة ، وهل بإستطاعتها الإشتراك؟ تلك مسألة أخرى.
ألم يقل لها والدها أن ذلك مستحيل.... ونتيجة سبين رئيسيين ، إنها كوري لاتيمر ، ويشكّل إسم لاتيمر بالنسبة الى فريزر ملوري كابوسا مخيفا ، وهي إمرأة ، ولا مكان للنساء في حياة قائد العملية.
إبتعدت كوري عن الشباك وأمسكت بالمجلة ثانية ، فإذا بالوجه الصارم القوي يحملق بها عبر الحروف السوداء ، ولمحت في عينيه تحديا لا يقاوم ، وصاحت:
" سوف أذهب".
وإنتابتها فجأة نوبة من الضحك ، فتردد صداها في الغرفة الخاوية ، الساكنة ، ثم توجهت نحوغرفة نومها لرسم خطة محكمة ، لم تمض عينيها إلا بعد ساعات طويلة ، واثر إتخاذ قرار حاسم في تلك الليلة المصيرية.
نهضت في الصباح عاقدة العزم على تحقيق هدفها ، بدا قرارها الليلي المفاجىء أكثر واقعية في وضح النهار ، وإزدادت تصميما على وضع خطتها موضع التنفيذ.
سوف تعمد غدا او بعد غد الى التوجّه بسيارتها صوب مزرعة الغنم التي يملكها فريزر ملوري ، وتقدّم طلبا للحصول على عمل مصور معه ، ولكن عليها في البداية تدبير بعض الأمور ، لا يمكنها تقديم نفسها اليه بصفتها كوري لاتيمر ، إذ سيرفضها مباشرة ، وبدون تردد ، ويدل وجهه في الصورة أنه رجل لا تحركه الدموع أو غصّات الإستجداء أو أية خدع اخرى تتقنها الأنثى.
سوف تقدم نفسها اليه كشاب إسمه كولن لارسن وستحمل معها مجموعة من أفضل صورها ، ويناقشان الموضوع بصراحة رجلين متمرسين.
وإنها ، لحسن حظها ، طويلة القامة ، فكرت كوري وهي تقف أمام المرىة ، وإذا ما إرتدت الثياب الملائمة ، وأجرت بعض التعديلات الطفيفة ستبدو كرجل بدون عناء.
|