ورأيت فيما يراه المستبصر:
مراكب تتهادى بين الغمام،،
تنثر حلما مزهرا في فلواتي ،،
فتجري الأنهار في العمر
على بصيرة من وجد ويقين وهيام ،،
أنفاسها تصاعد نحو مقام العبور،
تراقص أسراب النوارس والحمام،،
فتتجدد المعاني في أغصان كل أنس ،
وتنشق بداهة المكنون عن ذرات
تراود كل جهر وهمس..
على صهوة الموج كنتَ ممسكا بيمينك مشكاة الفاتحة ،
وبشمالك ،،كان وهج البهاء يسفر عن الكفة الراجحة.
ويغمر قلبك الرحب رطب دانية قطوفها ،
تزف لمن شاء لطائفها السانحة.
وشكلتني كونا يبحر في ملكوت عبورك ،
يغزل بنفسج الماضي رحيقا لما هو آتي ،
يتقطر دهشة فدهشة في تخوم السؤال ،
من مبتدى الوصل إلى سدرة المحال..
نسجتني قمرا يخفق في فصول روحك ،،
ينشر كل فجر مشهود
ابتهالات تغمر مسافات وجودك ،،
أو تجنح إلى ظل شفيف من ظلال ورودك..
جئتني على قدر تقيم صرح ذاتي ،
تمد أكنافها ملء نبعك الرحب،
حتى استوى باطنها بظاهرها لديك،،
واستويتُ نورسا يرتل ما تيسر من آيات العشق ،
ويلامس من نور النفس وفيض العقل
ما لم يُضرب دونهما حجاب،
ولا استكنه مراتب الفصل والوصل ،
فهما في عرف التوحد سواء ..
تسبح بأناملي ،
وأسجد للرحيم في مدى عينيك ،،
فكنت لي رجع نبضاتي ،
وكنت لك القطر ينساب بين شفتيك..
وجئتكَ على قدر أصوغ ذاتك من مزن الرؤى ودلالات الأنفال ومعاني الخلود ،،
فاستويت بدرا عاشقا يشع في عمق السجود ،،
عابدا متبتلا في محراب الروح وعراجين الشهود..
وانسكبتَ ماء يسقي ظمئي إلى توق جديد.