عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 04-05-2013, 08:51 PM
 

معنى شهادة أن محمداً رسولُ الله _ صلَّى الله عليه وسلَّم :

أ- معناها :

" معنى شهادة أنَّ محمدًا رسولُ الله : طاعتُه فيما أمر ، وتصديقُه فيما أخبر ، واجتنابُ ما نهى عنه وزَجَر ، وأن لا يُعبَدَ الله إلَّا بما شَرَع " .

وهذه الشهادةُ هِيَ الشَّطْرُ الثاني مِنَ الرُّكن الأول مِن أركان الإسلام الخمسة ، كما أنَّ الإيمانَ بالنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - داخِلٌ في الرُّكن الرابع مِن أركان الإيمان الستة ، ويشهد لذلك حديثُ جبريل المشهور .

ويُلاحَظُ أنَّنا عرّفنا الشهادةَ والإيمانَ به بتعريفٍ واحد ، وهذا الأمرُ يَصِحُّ في حالةِ الإفرادِ ، أما في حالة الاقتران فالإيمانُ به يَختَصُّ بتصديق القلب وإقراره ، والشهادةُ يُرادُ بها نُطقُ اللسان واعترافُه ، ويجب تحقيقُ هذه الشهادة مَعرفةً وإقرارًا وانقيادًا وطاعةً .

قال شيخُ الإسلام ابن تيمية : ‹‹ وأما الإيمانُ بالرسول فهو المهم ، إذ لا يَتِمُّ الإيمانُ بالله بدون الإيمان به ، ولا تحصل النجاةُ والسعادةُ بدونه ، إذ هو الطريقُ إلى الله سبحانه ، ولهذا كان رُكنا الإسلام : " أشهدُ أن لا إله إلَّا الله ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه " ›› .

ب- شروطُ الشهادتين :

بعد ذكر معنى " شهادة أن محمدا رسول الله " ناسب المقام أن نشير هاهنا إلى شروط هذه الشهادة بشقيها ، لأننا في زمان يجهل فيه كثير من الناس هذه الشروط ، إذ يعتقد كثير منهم لجهلهم أن التلفظ وحده يكفي لتحقيق الشهادة ويستغنون بهذا عن العمل بالمقتضى المترتب على هذه الشهادة .

وتصويبًا لهذا الخطأ وإزالةً لهذا الجهل ، أقول : إنه من المعلوم أن العبد لا يدخل في دين الإسلام إلا بعد الإتيان بالشهادتين "شهادة أن لا إله إلا الله ، وشهادة أن محمدا رسول الله".

قال تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } الحجرات/15 ،

وقال صلى الله عليه وسلم : ‹‹ أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ›› متفقٌ عليه .

ومن المعلوم كذلك أن جميع الدين داخل في الشهادتين إذ مضمونهما أن لا نعبد إلا الله ، وأن نعبده بما شرع على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، ونطيعه فيما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى ، والدين كله داخل في هذا .

ولهاتين الشهادتين شروطٌ لا بد من توفرها فيهما ، إذ لا يمكن لقائلهما أن ينتفع بهما إلا بعد اجتماعها فيهما ، وهذه الشروط مطلوبةٌ في كلا الشهادتين ، وذلك لما بينهما من التلازم ، فالعبد لا يدخل في الدين إلا بهما معا .

وهي سبعة شروط :

# الشرط الأول : العِلم :

إذ العلم بالشيء شرطٌ عند الشهادة ، به ويشهد لذلك قوله تعالى : { إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } الزخرف/86 .

ومن الأدلة على وجوب العلم بالشهادة قوله تعالى : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ } محمد/19 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ‹‹ من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ›› رواه مسلم . والعلم المراد به هنا : هو معرفة معنى الشهادتين ، ومقتضاهما ، واللوازم المترتبة على ذلك .

فلا إله إلا الله معناها : لا معبود بحَقٍّ إلا الله .

ومقتضاها ولازمها : نفي الشرك ، وإثبات الوحدانية لله تعالى ، وإفراده بالعبادة ، مع الاعتقاد الجازم لما تضمنته من ذلك ، والعمل به .. تيسير العزيز الحميد

ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله : الإقرار والاعتراف للرسول صلى الله عليه وسلم أنه عبد الله ورسوله إلى الناس كافة .. دليل المسلم في الاعتقاد ، للشيخ عبد الله خياط

ومقتضاها ولازمها : طاعته فيما أمر ، وتصديقه فيما أخبر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر ، وألا يُعبَدَ الله إلا بما شرع .



# الشرط الثاني : اليقين :

أي استيقان القلب بالشهادتين ، وذلك بأن يعتقدهما اعتقادًا جازمًا لا يصاحبه شك أو ارتياب ؛ لأن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن ، قال تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا } الحجرات/15 . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له : ‹‹ مَن لقيتَ وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مُستيقنًا بها قلبه فبشره بالجنة ›› الحديث .. رواه مسلم ، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ‹‹ أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى اللهَ بهما عبدٌ غير شَاكٍّ فيهما إلا دخل الجنة ›› رواه مسلم .



# الشرط الثالث : الإخلاص :

"وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك" .

قال تعالى : { وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } الآية .. البينة/5 ، وقال تعالى : { أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } الزمر/3 ؛ "أي لا يقبل الله من العمل إلا ما أخلص فيه العامل لله وحده لا شريك له" .

وقال قتادة في قوله تبارك وتعالى : { أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } شهادة أن لا إله إلا الله " . تفسير ابن كثير

وعن عتبان بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ‹‹ فإن الله حرم على النار مَن قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ›› متفقٌ عليه .

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ‹‹ أسعد الناس بشفاعتي مَن قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه ›› رواه البخاريّ .



# الشرط الرابع : الصدق فيها المنافي للكذب :

"وهو أن يقولها صِدقًا من قلبه يُواطىء قلبه لسانه" .

قال تعالى : { الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } العنكبوت/1-2-3 ، "أي الذين صدقوا في دعوى الإيمان ممن هو كاذب في قوله ودعواه ، والله سبحانه وتعالى يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ، وهذا مجمع عليه عند أئمة السنة والجماعة" تفسير ابن كثير .

وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعاذ رديفه على الرحل – قال : ‹‹ يا معاذ بن جبل ›› قال : لبيك يا رسول الله وسعديك . قال : ‹‹ يا معاذ ›› قال : لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثًا . قال : ‹‹ ما مِن أحدٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صدقًا مِن قلبه إلا حرمه الله على النار ›› الحديث .. رواه البخاريّ .



# الشرط الخامس : المحبة :

"لهذه الكلمة ، ولما اقتضته ودلت عليه ، ولأهلها ، والعاملين بها ، الملتزمين لشروطها ، وبغض ما ناقض ذلك" معارج القبول .

قال تعالى : { قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } التوبة/24 ، ففي الآية دليلٌ على وجوب محبة الله ورسوله ، ولا خلاف في ذلك بين الأمة ، وأن ذلك مقدم على كل محبوب .. تفسير القُرطبُيّ

وقال تعالى : { وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ } الآية .. البقرة/165 .

وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه } الآية .. المائدة/54 .

وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : ‹‹ ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : مَن كان اللهُ ورسولُهُ أحب إليه مما سواهما ، وأن يُحِبَّ المرءَ لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يُقذَفَ في النار ›› متفقٌ عليه .



# الشرط السادس : الانقياد :

أي الانقياد والاستسلام ظاهرًا وباطنًا لأوامر الله ، وما أنزله من الشرع على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .

قال تعالى : { وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُور ِ} لقمان/22 .

ففي هذه الآية : "يقول تعالى مُخبِرًا عَمَّن أسلم وجهه لله ، أي أخلص له العمل وانقاد لأمره واتبع شرعه، ولهذا قال : { وَهُوَ مُحْسِنٌ } ، أي في عمله : باتباع ما به أمر ، وترك ما عنه زجر { فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } ؛ أي فقد أخذ مَوثِقًا من الله مَتينًا أنه لا يُعذبه { وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ }" . تفسير ابن كثير

وقال تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً } الأحزاب/36 . والآية عامة في جميع الأمور ، وذلك أنه إذا حَكَمَ اللهُ ورسولُهُ بشيءٍ فليس لأحد مخالفته ، ولا اختيار لأحد هنا ولا رأي ولا قول ، كما قال تبارك وتعالى : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً } تفسير ابن كثير .



# الشرط السابع : القبول :

أي قبول الشهادتين ، والالتزام بمقتضياتها ولوازمها .

قال تعالى { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } البقرة/285 ، وقال تعالى في شأن مَن لم يقبلها : { إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ } الصافات/35-36 .

وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ‹‹ مَثَلُ ما بعثني اللهُ به مِن الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا ، فكان منها نقية (1) قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعُشب الكثير ، وكانت منها أجادب (2) أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان (3) لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً ، فذلك مثل مَن فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلِم وعلَّم ، ومثل مَن لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ›› متفقٌ عليه .

فهذه هي شروط الشهادتين يجب على المسلم تحقيقها ، والإتيان بها على الوجه المطلوب حتى يكون من أهلها .
__________________
السعادة متواضعة جداً :
بدرجةِ أنها تخرج بكلمة واحدة
فقط ، وتغيّر الوضع تمامًا كن
سعيدًا لا شيءَ يستحق !
رد مع اقتباس