اقوال السلف الصالح في ذم المال الحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم، وصلى الله على سيد الخلق محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وبعد نبذة من اقوال السلف الصالح في ذم المال
روي أن رجلاً نال من أبي الدرداء وأراه سوءاً فقال: اللهم من فعل بي سوءاً فأصح جسمه وأطل عمره وأكثر ماله. فانظر كيف رأى كثرة المال غاية البلاء مع صحة الجسم وطول العمر؟ لأنه لا بد وأن يفضي إلى الطغيان
ووضع علي كرم الله وجهه درهماً على كفه ثم قال: أما إنك ما لم تخرج عني لا تنفعني. وروي أن عمر رضي الله عنه أرسل إلى زينت بنت جحش بعطائها فقالت: ما هذا؟ قالوا: أرسل إليك عمر بن الخطاب، قال: غفر الله له، ثم سلت ستراً كان لها فقطعته وجعلته صرراً وقسمته في أهل بيتها ورحمها وأيتامها، ثم رفعت يديها وقالت اللهم لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا. فكانت أول نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوقاً به. وقال الحسن: والله ما أعز الدرهم أحد إلا أذله الله. وقيل: إن أول ما ضرب الدينار والدرهم رفعها إبليس ثم وضعهما على جبهته ثم قبلهما وقال. من أحبكما فهو عبدي حقاً. وقال سميط بن عجلان: إن الدراهم والدنانير أزمة المنافقين يقادون بها إلى النار. وقال يحيى بن معاذ: الدرهم عقرب فإن لم تحسن رقيته فلا تأخذه، فإنه إن لدغك قتلك سمه، قيل: وما رقيته؟ قال: أخذه من حله ووضعه في حقه. وقال العلاء بن زياد: تمثلت لي الدنيا وعليها من كل زينة فقلت: أعوذ بالله من شرك فقالت: إن سرك أن يعيذك الله مني فابغض الدرهم والدينار. وذلك لأن الدرهم والدينار هما الدنيا كلها إذ يتوصل بهما إلى جميع أصنافها، فمن صبر عنهما صبر عن الدنيا وفي ذلك قيل:
إني وجدت فلا تظنوا غيره ... أن التورع عند هذا الدرهم
فإذا قدرت عليه ثم تركته ... فاعلم بأن تقاك تقوى المسلم
ويروى عن مسلمة بن عبد الملك أنه دخل على عمر بن عبد العزيز رحمه الله عند موته فقال يا أمير المؤمنين صنعت صنيعاً لم يصنعه أحد قبلك، تركت ولدك ليس له درهم ولا دينار - وكان له ثلاثة عشر من الولد - فقال عمر: أقعدوني! فأقعدوه فقال: أما قولك لم أدع لهم ديناراً ولا درهماً فإني لم أمنعهم حقاً لهم ولم أعطهم حقاً لغيرهم! وإنما ولدي أحد رجلين: إما مطيع لله فالله كافيه والله يتولى الصالحين، وإما عاص لله فلا أبالي على ما وقع. وروي أن محمد بن كعب القرظي أصاب مالاً كثيراً فقيل له: لو ادخرته لولدك من بعدك؟ قال: لا ولكني أدخره لنفسي عند ربي وأدخر ربي لولدي. ويروى أن رجلاً قال لأبي عبد ربه: يا أخي لا تذهب بشر وتترك أولادك بخير! فأخرج أبو عبد ربه من ماله مائة ألف درهم. وقال يحيى بن معاذ: مصيبتان لم يسمع الأولون والآخرون بمثلهما للعبد في ماله عند موته، قيل: وما هما؟ قال: يؤخذ منه كله ويسئل عنه كله. |