الدكتور / عوض محمد خليفات في مؤلفة "الأصول التاريخية للفرقة الإباضية" , الجامعة الأردنية , عمَّان ـ الأردن :
بعد أن ذكر الدكتور في بداية حديثه تاريخ الإباضية , ومؤسسي المذهب وأماكن انتشاره ومبادئ المذهب الإباضي ذكر ما يلي :
{ وهكذا فإن جهود مشايخ الأباضية وحملة العلم وتنظيماتهم السرية الدقيقة خلال القرنين الأول والثاني الهجريين , قد أثمرت تأسيس دول إباضية مستقلة في الجزر العربية وبلاد المغرب , كان لها دورا هام ومجيد في التاريخ الإسلامي .
وفي ظل هذه الدول قام الأباضيون بجهود مشكورة في نشر الإسلام في أماكن كثيرة , وكان لهم فضل كبير في هذا الشأن في كل من أفريقية الشرقية وأفريقية السوداء جنوب الصحراء , وبعض مناطق الشرق الأقصى .
كما قام الإباضيون بجهود كبيرة في سبيل إثراء المكتبة الإسلامية بالمؤلفات الكثيرة المتنوعة التي تتناول مختلف جوانب الفكر الإسلامي . ويمكن للباحث المطلع على هذه المؤلفات أن يسجل الملاحظات التالية حول بعض الأمور التي لا تزال محل نقاش وجدل بين الباحثين والمفكرين :
1ـ أن الإباضية ليسوا خوارج كما تزعم بعض كتب المقالات والملل والنحل وكما يدعي بعض الكتاب المحدثين الذين قلدوا هذه المؤلفات دون تدقيق وتمحيص . الواقع أن الإباضية لا يجمعهم بالخوارج سوى إنكار التحكيم .
2ـ أن الإباضية حرموا قتل الموحدين واستحلال دمائهم وحرموا استعراض الناس وامتحانهم كما فعل متطرفو الخوارج مثل الأزارقة والنجدية .
3ـ أن الإباضيين ينظرون إلى الدين نظرة واحدة متكاملة لا فصل فيها بين المظاهر الروحية والمادية ولا طغيان لأحدهما على الأخرى . وتبعا لذلك فقد أنكروا التصوف ورفضوه .
4ـ إن المدقق في المصادر الفقهية الإباضية يجد أصحاب المذهب الإباضي من أكثر المسلمين إتباعا للسنة الشريفة والإقتداء بها .
أما ما تلصقه بهم بعض المصادر من تهم فإنما هو ناتج أمرين :
الجهل
والتعصب .
5ـ إنهم وحدهم الذين طبقوا مبدأ الشورى في الحكم بعد الخليفتين أبي بكر وعمر . } و يذكر رأيه في كتب المقالات في كتابه "نشأة الحركة الإباضية" :
" أما كتب المقالات والملل و النحل فتتحدث كما هو معروف عن الفرق الإسلامية المختلفة وبجب أن نستخدم هذه المؤلفات بحذر شديد لأن أصحابها تنقصهم الموضوعية ويعوزهم الحياد عندما يتكلمون عن فرق مخالفة لمعتقداتهم . ولا تزودنا هذه المصادر بمعلومات قيمة عن نشأة الحركة الإباضية. وما أوردته هذه المصادر من معلومات لا تمت في معظمها إلى الإباضية ولا علاقة لهم بها . وإذا قارن المرء بين ما ورد من معلومات في هذه الكتب وبين ما ورد في المصادر الإباضية سواء كانت تاريخية أم كتب فقه وعقائد يلاحظ أن هؤلاء المؤلفين قد نسبوا إلى الإباضية آراء ومعتقدات غريبة لا يقر بها أتباع هذه الفرقة ، كما أنهم تكلموا عن فرق إباضية لا نجد لها ذكرا على الإطلاق في المصادر الإباضية على اختلافها وتنوعها . ويبدو من المعلومات التي توردها هذه المصادر أن مؤلفيها يجهلون تماما نشأة الحركة وتطورها ، وما أشاروا إليه من آراء منسوبة لهذه الفرقة لا يعتبر ذا أهمية وخاصة إذا تذكرنا أن هذه المعلومات مشوشة و متحيزة وتفتقر إلى الدقة والمعرفة العميقة ، و قد أدت هذه الكتابات إلى ازدياد الفجوة بين الإباضية وأتباع المذاهب الإسلامية الأخرى ، ولا يصح الاعتماد عليها لتكوين فكرة صحيحة عن نشأة الحركة وتطورها وعن فهم آرائها ومبادئها ". |