الدكتور حسن الترابي عندما أراد الحديث عن الديمقراطية وتطبيق الشورى الإسلامية في كتابة " الاسلاميون والمسألة السياسية " ص 20 قال : "بعد هذه المعالجة الاصطلاحية لكلمة الديمقراطية ومغزى استعمالها في اللغة العربية، وفي سياق الكلام عن نظام الحكم الإسلامي يمكن أن نتناول الكلمة الإسلامية المقابلة وهي "الشورى"، ولعل الأدب الإسلامي السياسي الحديث هو الذي روج الكلمة وأضفى عليها قيمتها ومضامينها ذات الشأن بعد أن كانت كتب الفقه القديمة لا تعنى بها كثيراً ولا تقيم لها هذه القيمة الجليلة، لأن الممارسة السياسية الشورية لم تكن واسعة ولا ذات خطر في التاريخ الإسلامي"(1[11]).
وهذا التأكيد المفعم بكثير من الأسى والحسرة على غياب الممارسة الشورية في تاريخ الأمة يتبعه الدكتور الترابي بالقول "وكاد التاريخ الإسلامي يخلو من الإجراءات الشورية المطلقة في تعيين الولاة. وما كان من الشورى لم يكن عن حرية ورضى وضبط كما يقتضي الدين. لكن سنة الاختيار الشوري المرضي قد عرفت أحياناً، ولا سيما في مناطق الخوارج(2[12])، فقد ظل الإمام لدى الإباضية من باطن عمان يختار بنحو قريب من الطريقة الشورية التي يقتضيها الإسلام، فحين يموت إمام كانت جماهير من يمثلون الجماعة يأتمرون من أجل هذا الشأن، وتخرج منهم طائفة من العلماء والقادة، يمرون على أعيان المؤهلين للخلافة ويستطلعون مواقفهم ثم يزكون من يرونه أقربهم زكاة وقوة، ويعرضون أمره على الجماهير المؤتمرة فإذا أمضوه عقدت له البيعة بشرطها المأخوذة. أما السنة الأغلب في الممارسة السياسية الإسلامية، فالذي يغلب عليها هو ولاية العهد وميراث الخلافة أو استلاب الأمر بالانقلاب أو التمكن في ناحية إقليمية"(3[13]). |