04-10-2013, 03:15 PM
|
|
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مؤمن الرشيدي
يرى جمهور الإباضية أن الصراط إنما هو طريق الإسلام ( 9 )
و أختار لكم من عجائب القوم و تخبطهم في فهم أخبار الله تعالى التي أخبر بها عن المغيبات التي لا يردها العقل ...
( يرى جمهور الإباضية أن الصراط المستقيم إنما قصد به طريق الإسلام و دين الله القيم .... كما لا يرون غرابة في تعريف الصراط بالجسر .... و قد ذكر الجيطالي أنه من الممكن عقلا أن يكون الصراط جسرا ممدودا فوق جهنم لأنه ليس فيه ما يحيله و لا في الشرع ما يبطله فإن القادر على أن يطير الطير في الهواء قادر على أن يسير الإنسان على الصراط و الله أعلم بكيفيه .. )
منهج الطالبين و بلاغ الراغبين في أصول العقائد الإسلامية ..2/143
-------------------------------------- أقف مع هذا الكلام عدة وقفات : 1) أدلة ثبوت الصراط قطعية الثبوت و لا ينكرها إلا مكابر حتى الإباضية لم يستطيعوا إنكار ثبوتها . 2) هذه مسألة واضحة بالدليل الشرعي فلماذا يذهب جمهور الإباضية إلى التلاعب في دلالة هذه الأمور الغيبية التي قال عنها أحد علمائهم كما سبق نقله :
(ذكر الجيطالي أنه من الممكن عقلا أن يكون الصراط جسرا ممدودا فوق جهنم لأنه ليس فيه ما يحيله و لا في الشرع ما يبطله فإن القادر على أن يطير الطير في الهواء قادر على أن يسير الإنسان على الصراط و الله أعلم بكيفيه )
فبما أن الأدلة ثابته و لا يوجد ما يبطل الإثبات حتى في القواعد التي قررها الإباضية فلماذا يذهب جمهورهم إلى تأويل الصراط و إنكاره ؟؟؟ ..
و الذي يبدوا إن الإباضية أخذوا عقائد المعتزلة التي فرخها الفلاسفة جملة و تفصيلا و عندما تطور بهم الحال إلى تقرير ما تلقوه من الفلاسفة لم يجدوا بدا من السير على طريقتهم و أخف أحوالهم يحاول الإباضية الترقيع بين الإعتزال و مذهب الفلاسفة و إلا فإن الأمر واضح و بين في بطلان ما ذهب إليه جمهور الإباضية بتفسير الصراط بأنه طريق الإسلام و ليس الجسر الممدود على متن جهنم
فالحمد لله الذي عافانا مما إبتلاهم و يسر لنا سبل الهدى و إتباع سنته المصطفى صلى الله عليه و سلم لا سنة فلان أو فلان
بل ما ثبت في الكتاب و السنة على فهم سلف الأمة أهل القرون المفضلة رضي الله عنهم | فتوى سماحة الشيخ العلاَّمة/ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عُمان
السؤال : اختلف أصحابنا في مسألة الصراط؛ فمنهم من قال هو الطريق المستقيم، وهو طريق الحق والصواب، وهو ما عليه جمهور أصحابنا، يقول نور الدين السالمي:
وما الصراط بجسرٍ مثل ما زعموا * وما الحساب بعدٍّ مثل من ذهلا
واتفق آخرون مع بعض المذاهب الإسلامية بأن الصراط جسر على جهنم تمر عليه الخلائق بعد الانتهاء من الحساب، وينجوا أهل الجنة، ولا يوفق العاصي ولا الكافر في عبوره، فيهوي به في نار جهنم؛ فما هو الرأي المعتمد في المذهب، وما هو مدلول قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها كان على ربِّك حتماً مقضيّاً * ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيّاً}، وذلك عند الذين يرون بأن الصراط هو طريق الإسلام؛ الطريق المستقيم؟
الجواب :
الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وعلى كلِّ من اهتدى بهديه ورشد برشده أما بعد:
فإن أصحابنا رحمهم الله تعالى اختلفوا في الصراط، منهم من قال: بأنه هو الهدى الذي جاء به رسل الله تعالى إلى خلقه، وهو دين الإسلام فهو الصراط المستقيم، وهو الحق المبين، وهذا القول هو قول جمهورهم؛ واستدلوا لذلك بأن الله سبحانه وتعالى وصف الصراط في القرآن الكريم وصفاً يدل على أنه هو الدين الحنيف فقد قال عز من قائل: {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين * قل إن صلاتي ونسكي ومحيايَ ومماتي لله ربِّ العالمين لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا أول المسلمين} ويقول الله سبحانه: {إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمتَ عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}؛ هذا الصراط قطعاً هو صراط معنوي، وهو الحق الذي جاءت به رسل الله إلى خلقه تعالى، وفسَّره بعض العلماء بالقرآن؛ لأن القرآن الكريم شامل لهداية الدين، ويدل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف هذا القرآن الكريم: ((ستكون من بعدي فتن كقطع الليل المظلم)) قيل له: وما المخلص منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله؛ فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم))، والله سبحانه وتعالى يقول أيضاً: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله} .
فالصراط المستقيم هو طريق الحق؛ هو دين الله الإسلام، والسبل التي حذَّر الله تعالى منها هي مسالك الغواية التي تبعد الإنسان عن هذا الدين الحنيف، وهؤلاء حملوا الأحاديث التي رُويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف الصراط بأنه جسر على متن جهنم يعبره العابرون فمنهم الناجي ومنهم الهاوي من ذلك الجسر- والعياذ بالله- في نار الجحيم، حملوا هذه الأحاديث على التمثيل؛ تمثيل شأن هذا الدين الحنيف، وذلك أن الإنسان في هذه الحياة يسلك طريق هذا الدين وهو يتخطى حواجز متنوعة من شهواته ورغباته، ومن الملابسات المختلفة التي تكتنفه في سيره لترديه- والعياذ بالله- في مهواة الضلالة، فمن تمسك بحبل الله سبحانه وتعالى نجا ومرّ مروراً سريعاً إلى جنة النعيم، ومن لم يتمسك بحبل الله سقط في مهواة الجحيم- والعياذ بالله-؛ أي سقط في الأسباب التي تؤدي إلى النار؛ ويدل لهذا التأويل الذي أولوا به هذه الأحاديث ما أخرجه الإمام أحمد والترمذي وحسَّنه، والحاكم وصحَّحه، والنسائي وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان عن النواس بن سمعان- رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً وعلى جنبتي الصراط داعٍ يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً ولا تفرّقوا، وداعٍ يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المنفتحة محارم الله، وذلك الداعي رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله تعالى في قلب كلِّ مسلم)) قال ابن كثير بعد ما أورد أسانيد الحديث (وهو إسناد حسن صحيح)، فإن هذا التمثيل في هذا الحديث الشريف يقرِّب ذلك التأويل الذي حمل عليه أصحابنا ما ورد في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من وصف الصراط الذي مثَّله رسول الله صلى الله عليه وسلم
بأنه جسر على متن جهنم. وذهبت طائفة قليلة من أصحابنا منهم الشيخ إسماعيل في قناطره، والشيخ هود بن محكم الهواري في تفسيره، والإمام القطب رحمه الله في هيميانه، وجوّزه أيضاً في "تيسير التفسير" إلا أنه قال: لا يجوز أن يُحمل عليه قوله تعالى: {إهدنا الصراط المستقيم}؛ ذهب هؤلاء رحمهم الله تعالى إلى أن الصراط جسر على متن جهنم كما ذهب سائر أصحاب المذاهب الإسلامية .
وليس الخلاف في ذلك خلافاً دينياً؛ وإنما هو خلاف في الفهم والرأي، فأصحابنا القائلون بأن الصراط المقصود في تلك الأحاديث هو الحق الذي جاء به رسل الله تعالى إلى خلقه عز وجل يسلِّمون بصحة تلك الأحاديث؛ وإنما يرون الحمل على هذا المعنى الذي حملوا عليه لأجل أن الله سبحانه وتعالى ذكر الصراط في آيات كثيرة في كتابه العزيز ولم يقصد به فيها إلا الدين الحنيف، والذين قالوا بخلاف ذلك يسلمون أن المقصود بالصراط في تلك الآيات الدين الحنيف، ولكنهم يرون حمل ما جاء من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظاهرها لأن الأصل الحمل على الظاهر ويصار إلى التأويل مع القرينة الصارفة عن الحقيقة إلى المجاز، وأصحاب الرأي الأول يقولون في قول الله سبحانه وتعالى: {وإن منك إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً}؛ بأن الخطاب موجه فيها إلى الكفار لأنهم هم الذين عُنوا من قبل؛ وذلك أن هذه الآية سبقها آيات وهي قوله سبحانه وتعالى: {ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أُخرج حيا * أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا * فوربِّك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا * ثم لننزعن من كلِّ شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا * ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليّا}.
وبعد هذا الحديث المسهب عن هؤلاء الكفار الذين يُنكرون البعث يتمردون على الفطرة وجه إليهم الخطاب لأن صورهم صارت مستحضرة لسامع هذا الخطاب، فوجّه إليهم الخطاب بقوله سبحانه وتعالى: {وإن منكم إلا واردها كان على ربِّك حتماً مقضيا}، وهذا يسمى التفاتاً في عُرف علماء البلاغة وله نكتة عامة، وتصحب أحياناً هذه النكتة العامة نُكت خاصة فنكتته العامة تطربة الكلام؛ لأن من شأن السامع أن يمل الكلام إذا استمر على أسلوب واحد، ويتجدد نشاط السامع كلما تجدد الأسلوب، والنكت الخاصة متنوعة بحسب المقامات، والنكتة هنا أن بعد ما وُصِف هؤلاء بما وُصِفوا به وذُكِّروا به استحضرت أذهانهم عند السامعين فكانوا جديرين بأن يوجه إليهم الخطاب بأسلوب المخاطبة لا بأسلوب الغيبة كما كان الخطاب من قبل، والالتفات معهود عند العرب، وللقرآن الكريم منه النصيب الأوفر؛ بل جاء في سورة الفاتحة التي هي أم الكتاب والتي تُعدُّ من حيث كثرة الكلمات والحروف من قصار السور، فالله سبحانه وتعالى يقول فيها: {بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين}؛ لقد كان السياق يقتضي أن يُقال: إياه نعبد وإياه نستعين، ولكن عدل عن ذلك إلى هذا الأسلوب أسلوب الخطاب بعد الوصف الغيبي؛ لأن الأذهان تستحضر عظمة هذا الموصوف فكان جديراً بأن يوجه إليه الخطاب بهذا الطريق، والله تبارك وتعالى أعلم . |