امتزج ذلك الدخان الساخن من شرابها بالهواء الذي داعب خصلات شعرها القصير
وهي تحتوي الكأس بين يديها بينما عيناها تبحران في الماضي
متأملة أشجار الكرز التي غدت كئيبة مثلها تماماً
همس وهو يربت على يدها بحنان وعطف : أما آن لحزنكِ أن ينجلي ياصغيرتي ؟
أجابته وهي تكتم شهقاتها المتألمة : كيف أفعل .. والماضي يهاجمني بذكريات لطالما حاولت نسيانها .. لا أستطيع الا أن أراه المتهم الأول .. جعلني أعيش كابوساً لا نهاية له .. عذبها طويلاً .. جعلنا نعاني ... أنا أمقته .. أمقته بشدة .. الموت لـ...
قاطعها مؤنباً برفق : كلا .. لاتقولي هذا .. كان ذلك قدركم .. من يعلم قدر ماعاناه هو الآخر .. يبقى والدكِ بعد كل شيء .. لاتكرهيه هكذا .. فلابد أن هذا يؤلمها
انهمرت دموعها بحرقة من عينيها ماان ذكرها .. فقالت بصوت تخنقه العبرات : أحبته كثيراً .. من كل قلبها .. لم تنسه يوماً ..
عاد ينظر لها بعطف وصمت كأنما يستحثها على افراغ مابصدرها من ألم
لكنها توقفت عن الحديث واكتفت بأن أجهشت بالبكاء مجدداً
فما كان منه الا ان يحتويها بين ذراعيه وفي أحضانه صوت خطواته قطع الصمت وهو يغادر الغرفة بينما رمقه الآخر بنظرات حاقدة شيطانية كل منهما يخطط للأمر ذاته انما .. من سينتصر ؟! دخل غرفته وانتظر قليلاً حتى يأخذ المخدر الذي وضعه في الشراب مفعوله من جسده ثم عاد للغرفة وتوجه نحو فراشه بحذر كان يعلم بأنه لم يشرب الكثير وبأن قدر ماتناوله لم يكن كافياً ليدخله ذلك السبات العميق انما هو كافٍ لجعله لايقوى على المقاومة بخفة وضع الوسادة فوق وجهه وضغط عليها بكل قوته وكما توقع استفاق عدوه وبدأ يحاول المقاومة فزاد من ضغطه على الوسادة همس بشر وحقد : لكم تمنيت تمزيق جسدك وقتلك بما تستحق أيها البريطاني .. يؤسفني انني مضطر لقتلك بسلاح سخيف كهذا .. حقاً هو أمر مؤسف سكنت حركته تماماً فنهض تشين عنه بابتسامة انتصار وقبل أن يخرج انحنى عليه ليتأكد من موته فعلت ثغره ابتسامة مطمئنة وألقى الغطاء على وجه فلورنس الشاحب هم بالمغادرة بينما يخطط لخطوته التالية لكن كفاً متعبة أمسكت ساقه توقفه عن الحراك التفت ليراه يفتح عينيه بذبول وهو يسعل مقاوماً بتحدٍ لمع بعينيه ابعد ساقه عن قبضته بقوة وركله وهو يقول بحقد : لم تمت بعد .. يبدو أنك تفضل الطرق الأصعب .. ابتسم الآخر ابتسامة شاحبة وخاطبه بثقة : أنا .. أم .. أنت ؟ تسائل بداخله عما يقصده ذاك الذي نعته بالمجنون وهم بركله ثانية لكن الأخير ابتعد بعزم وهجم عليه وقد استعاد بعضاً من قوته بدأ العراك بينهما لفترة .. عراك صامت عنيف نهايته هي الموت ! فلورنس والذي استنفذ طاقته ولم يعد بمقدوره الحراك أكثر ضعف عن القتال مما أعطى خصمه الفرصة للنيل منه لينهيه تماماً القى به بقوة على تلك المكتبة الخشبية الممتلئة بالتحف والصحون الفخارية اصطدم بها فسقط جسده على الأرض بينما تساقطت الأواني عليه مخلفة جروح متفرقة بجسده المتعب قطرات الدماء التي ملئت تلك البقعة وسكون جسده أكدا له موته المحتم .. تراجع للخلف فهذه المرة لايمكنه اخفاء جريمته أسرع نحو غرفته ونظر يميناً وشمالاً محاولاً ايجاد خطة سريعة للهرب اخذ حقيبة النقود المسروقة وخبئها بحرص تحت بعض الملابس التي أقحمها في الحقيبة ثم هرول نحو الخارج وقبل ان يخرج تماماً القى نظرة أخيرة نحو فلورنس ثم أكمل طريقه هارباً .. عبر الجسر المجاور للحقل بخفة وهو ينظر يمنة ويسرى مختبئاً من أي ظل يلحظه كان المكان المظلم خالياً حينها لكن ما أذهله وأرعبه هو الطيف الذي توجه للحقل في مثل هذا الوقت حتى اتضحت له الرؤية وبدت له .. بوجهها الذي كسى الخوف تفاصيله بينما بدا أنها تبحث عن شيء مهم للغاية بحيث حرمها لذة الرقود في تلك الساعة استدرك فوراً .. انها تبحث عن زوجها .. والذي قتله تواً ابتسم بمكر وقد داهمته فكرة شريرة جديدة انتهى دوره في هذه المكان على كل حال .. فلما لا يحظى عليها كذلك قبل الرحيل هذا مادار في خلده قبل أن ينطلق خلفها .. ويبدأ بخطة وحشية أخرى يستتم بها جرائمه التي بدأت في ازدياد بدأت الدماء تسيل من جسده بينما عدوه غادر تاركاً اياه يموت ببطء لوهلة هاجمته كوابيس مخيفة وهو معلق بين الموت والحياة عاد به شريط الذكريات سريعاً لكل الأيام الماضية التي عاشها والده واخوته .. عائلته وقصره الكبير الفاخر وحياته المرفهة حبيبته التي غدت زوجته وطفلتيه الوحيدتين الصغيرتين منزله العتيق وحياته الهادئة الريفية التحول الفضيع بعالمه .. أجل تقلبات مستمرة تداهمه بتحولها المستمر هل يفارق كل هذا الآن هل يتركهم خلفه جميعاً وحدهم !! صورة ارتسمت أمامه فجأة ... لايعلم لما داهمته .. لكنها حتماً انبئته بالخطر القادم " آريا حبيبته مع ذلك المعتوه تشين .. تقف أمام الباب .. يهمس لها" حدسه كرجلٍ وكزوج .. بأن هذا الشخص .. يحاول فعل أمر خاطيء دنيء تحركت أصابعه المرتعشة آنذاك أحكم قبضته تدريجياً وفتح عينيه بذبول رغم كل ماألم به.. نظر للأمام بعزم وقوة .. يجب أن ينقذها .. لايمكنه أن يرحل هكذا تاركاً اياها طعماً بين يدي عدوه رفع يده لذلك الجرح النازف برأسه و نهض بمحاولة يائسة للتوازن استرخى قليلاً ريثما يستعيد بعض قوته ثم نظر للخارج وسار من جديد يستند على أقرب حائط يراه خرج من المنزل الموحش تاركاً بصماتٍ من دمائه في كل مكان يسير فيه سار نحو منزله .. ودقات قلبه تتسارع شيئاً فشيئاً .. وغضبه كذلك بازدياد كلما اقترب أكثر وحقاً .. صدقت توقعاته .. نحو خصمه الذي حفظه تماماً هاهي ذي حقيبته بجوار باب منزله الخلفي .. في ذلك الممر المؤدي الى - غرفتي!! .. غرفتي أيها الحقير القذر !! .. انها حتماً نهايتك .. تشين اللعين .. فجأة .. شعر بقوة أربعين رجلاً تتسلل الى داخله متجاهلاً كل آلامه وجروحه .. نظر حوله باحثاً عن سلاح يشفي غليله هو ذا .. ذات السلاح الذي دفن به ضحيته السابقة .. لا يوجد ماهو أكثر ملائمة لقتله به .. واطفاء نيران غضبه المتأججة بداخله أمسكه مصبغاً مقبضه بالدماء التي ملئت كفيه ودخل الغرفة يجره خلفه ... وهاقد لاح غريمه له يقف أمام فتاته .. زوجته .. أمام كبريائه ورجولته لم ينتظر منه أن يتقدم أكثر .. لم يتهمل أن يشاهد ماسيحدث بل ان قوة اخرى تسللت لأعماقه ليبدأ هجومه ذاك بلا تفكير بلا سيطرة من عقله لحظات كانت كالجنون .. انتهت بعاصفة قوية تلاها سكون .! سكون مخيف قاتل .. ونور القمر .. كان الوحيد الذي أضاء تلك البقعة عله يجد بصيص أمل لذلك المنزل الذي فقد السعادة والرخاء انتهت ضحكاته المنتصرة بشهقاته المتألمة .. بأنينه ونحيبه الصامت عادت الآلام لجسده لتهاجمه بعنف .. أسند يديه على الأرض وشعر بنفسه يهوي تماسك قليلاً حالما تذكرها .. مالذي جرى لها الآن لقد شهدت كل ماحدث .. أجل كانت هنا .. رفع طرفه نحوها بسرعة ليراها ملقاة على الأرض بلا حراك زحف نحوها ومد يده المتعبة لوجهها الشاحب همس بدفء وخوف : آريا .. حبيبتي .. استفيقي .. أأنتِ .. بخير ؟ جلس بجانبها ووضع رأسها بحجره وأخذ يحاول ايقاظها وقد تملكه الذعر بعد لحظات من الصمت الثقيل فتحت عينيها المتعبتين الباكيتين نظرت له والدماء تغطيه .. كادت نبضات قلبها ان تتوقف انعقد لسانها حتى شعرت أن لاقدرة لها على الحديث بينما همس مطمئناً : انتِ بخير .. حمداً لله علت شفتيه ابتسامة متعبة .. لكنها حوت الكثير ابتسامة حقيقية غابت عنها لفترة فلم تعد تلحظها بدا القلق واضحاً على قسمات وجهه المرهق ماان استعادت تلك المشاعر وعرفته ..دمعت عيناها بأسى وأخذت تبكي بأحضانه مفرغة آلامها وخوفها ربت على ظهرها مطمئناً اياها .. وهمس بحب : كل شيء .. بخير .. لاتخافي .. أنا معكِ .. أميرتي أميرتي !!
تردد صدى تلك الكلمة بأعماقها مراراً
تلك الكلمة التي لم يقلها منذ فترة طويلة .. كم كانت بحاجة لها حقاً لتستعيده مجدداً .. وتستعيد روحها معه .. كل مافعلته حينها .. انها زادت من عناقها له واغمضت عينيها باطمئنان فتحت عينيها على اثر تأوهه الذي حاول جاهداً أن لايبديه ابتعدت عنه بهلع ونظرت لوجهه .. الدماء كانت تغطيه لم تكن دماء تشين وحسب بدا الخوف جلياً عليها بينما همست وهي تضع يديها على خديه : مالذي .. جرى لك .. ماكل هذا .. رباه .. مالذي حدث لك انهمرت دموعها دون مقاومة بينما همس لها هو الآخر : لا تقلقي .. بخير .. أنا .. بخير مددته على الفراش القريب بسرعة دون أن تنسى أن تلزم الحذر بذلك كي لاتؤلمه أكثر
كان عليها الآن أن تستجمع قواها فلديها الكثير من العمل بدأت بمداواة جراحه ودموعها لاتنفك عن الانهمار بينما همس بتعب : هناك .. ماهو أكثر أهمية .. مني .. نظرت له بدهشة واستنكار بينما أكمل يقول بجدية : ماحدث .. الليلة .. لايجب أن يعلمه .. أحد سوانا استدركت مايعنيه فنظرت صوب جثة تشين المشوهة وفزع قلبها من جديد ادارت بصرها له مختنقة بآلامها وحزنها وعاتبته بهمس : لما .. فعلت هذا ؟ نظر لعينيها بحنان وقال وهو يضم يدها بيده : سنتحدث عن كل شيء لاحقاً .. ثقي بي وحسب .. أعلم ماتعانيه الآن .. وآسف .. آسف حقاً لذلك .. ولو أن الأسف وحده لن يكفي أنا أعلم .. انما .. أنا بحاجة لكِ الآن .. لقوتكِ .. استعيديها لأجلنا .. لأجل ان .. تنقذينا آريا .. تعرفين مايجب فعله .. صحيح ؟ كانت تستمع له وهي تبكي بصمت وألم .. هذه المهمة هي الأصعب .. هي بحاجة الآن لأكثر من القوة .. بحاجة للشجاعة والصبر .. كيف لها ان تمتلك كل هذا لكنها الآن .. الوحيدة القادرة على فعل ذلك .. هي المكلفة بحماية عائلتها في هذه اللحظة نهضت بعزم ومسحت دموعها .. نظرت للدماء وللجثة .. شعرت بالضعف مجدداً يتسلل لقلبها فقالت بألم : لايمكن .. لايمكن أرجوك نظر لها بأسف .. فهي مهمة صعبة بالفعل على أن تقوم بها وحدها نهض من فراشه بثقل محاولاً التماسك فأسرعت نحوه وأسندته : لايمكنك الحراك أكثر .. لا أريد ان افقدك همس لها بابتسامة دافئة وهو يضع يده على خدها : ولن أدعكِ تعانين كل هذا بمفردكِ .. لا أريد أن افقدكِ أيضاً ابتسم كليهما رغم تلك الآلام التي اجتاحت قلبيهما قبل جسديهما وبعد لحظاتٍ من الصمت بدءا العمل على دفن الجثة - أين سندفنه .. ان حفرنا في الخارج قد يرانا أحدهم - لذا سندفنه هنا ! - ماذا تقول ؟!! في غرفتنا ! - أجل .. لا حل آخر .. سندفنه في القبو قال ذلك ورفع الغطاء الخشبي الموجود في زاوية غرفتهم ذات الطراز التقليدي ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تراه يبدأ برفع الجثة المخيفة المضرجة بالدماء أشار لها بمساعدته فسارت نحوه بتردد وقد تسلل الرعب لقلبها قررت أن لاتنظر بينما تمسك بساقيه وترفعه مع فلورنس وبعد وقت عصيب استتموا دفنه بتلك الغرفة الصغيرة أسفل غرفتهم خرجوا منها وأغلقوها باحكام .. نظر فلورنس لآريا التي كانت ترتعش كطائر مبلل اعتنقها وأخذ يحاول أن يبث الاطمئنان بقلبها نظرت له وقد تجمعت الدموع بمقلتيها بينما هي تحتجزها في محاولة لاظهار أنها بخير وقالت بصوت مرتعش : لنكمل .. قبل .. أن تشرق الشمس أومأ لها بالايجاب وهو ينظر لها آسفاً ثم بدءا بمسح بقع الدماء وغسلها بحذر كي لايسمعهم أحد بدلوا الشراشف وملابسهم الملطخة بالدماء .. والقوها في القبو كذلك وحتى آثار الدماء خارج المنزل .. حاولوا جاهدين اخفاء مايقارب منزلهم منها لتبدو كما لو أنها تنتهي عند الجسر مبتدئة بمنزل تشين
كانت تلكما العينان البندقيتان الخائفتان ترقبان السقف بشرود
الرعب الذي تملك قلبها وأيقظها من أحلامها الوردية
صوت تسلل لأذنيها أجفلها وأشعرها بالظلمة تحيط بها
بهمس مرتعش خاطبت شقيقتها وهي تحركها بخوف : هارو .. هارو
بينما كانت الأخيرة في سباتها العميق وقد بللت الوسادة بلعابها
نظرت هانا للغرفة الموحشة ثم عادت تهز شقيقتها من تحت الغطاء وهي تقول وعينيها على وشك الامطار :
هارو أرجوكِ .. استيقظي هارو
برجاء والحاح ظلت تناديها حتى استفاقت بضجر وقالت بصوت مبحوح اتضح عليه النعاس :
ماذا تريدين .. مزعجة انتي
أجابتها هانا بسرعة كما لو كانت تطلب منها النجدة : المنزل مخيف .. خائفة جداً
نظرت لها هارو باستسخاف واستدارت مواجهة لها بظهرها
- انتِ طفلة حقاً هانا
دمعت عينا تلك الصغيرة وهي تعود لتهز شقيقتها قائلة بخوف : أريد أن أذهب للحمام
- اذهبي .. ماشأني أنا ؟
- لكني خائفة
- هفف .. هانا اغربي عن وجهي أنا نعسة
هكذا أجابتها هارو قبل ان تدثر وجهها بالغطاء وتعود لسباتها من جديد
نظرت هانا للغرفة المظلمة وقلبها الصغير يرتعش خوفاً
لم تحتمل أكثر فنهضت وهي تغلق عينيها وأسرعت خطاها حتى وصلت للباب
فتحته وخرجت بسرعة من الغرفة .. حيث لاح بصيص من نور القمر أضاء باحة المنزل الداخلية الصغيرة
وجهت بصرها ناحية الحمام وأسرعت نحوه
فجأة .. استوفقها ذلك الصوت المرعب من جديد
صوت أنين مفزع.. أعاد الهلع والذعر لقلبها
نظرت نحوه فوجدته يصدر من غرفة والديها
اعتراها القلق لوهلة .. وبتردد أجبرت نفسها على الذهاب الى هناك
متناسية حاجتها الملحة للحمام ..
وقفت خلف الباب تستمع .. وكما توقعت هاهو الصوت يعلو ويصبح أكثر وضوحاً
رفعت نفسها لتقف على أطراف قدميها وهي تمد يدها نحو المقبض
حركته لتفتح الباب بهدوء قليلاً
وفوراً لاح لها في زاوية الغرفة طيف مظلم مرعب
كان قد أعطاها ظهره المدمى ولم يبدو منه سوى شعره الكثيف الأسود الحريري
نظرت له ملياً غر مدركة لهويته .. كل ماشعرت به
دقات قلبها المتسارعة التي تكاد تخرج من جوفها
والتي تزايدت أكثر حالما حرك رأسه مستديراً لها لينظر بعينيه المخيفتين
أغلقت الباب فوراً حينها وقلبها يرتعش بشدة وكذا قدميها اللتان بالكاد أسعفتاها للركض عائدة نحو غرفتها
رمت نفسها فوراً تحت لحافها الأبيض وجسدها يرجف خوفاً
شعرت بها شقيقتها فنظرت صوبها بتململ وضجر : مزعجة أنتِ .. ماذا الآن ؟ بللتِ ملابسكِ ؟
سمعت بكاء شقيقتها الخائف وقد اقتربت منها أكثر وتعلقت بها وهي تتمتم : الحمام .. أريد .. الحمام
أجابتها ببرود : اذهبي مايمنعكِ ؟
نظرت لها بعينين ممتلئتين بالدموع وهي ترتعش : شبح بالمنزل .. مخيف جداً .. أريد أمي
بكت بشدة وهي تتعلق أكثر بشقيقتها التي كانت تحدق بها بتعجب
لم تر يوماً أختها بهذا القدر من الخوف .. هي لاتنكر أنها الأخرى بدأت تشعر بالخوف أيضاً
بعد فترة .. قررت أخيراً ايجاد حل للرعب الذي أورثتها اياه شقيقتها فلم تعد قادرة على البقاء في الغرفة
- هانا .. وجدتِ الشبح حقاً ؟
- ام .. أنا .. أنا .. رأيته
- مخيف ؟
- جداً
- كيف كان ؟
- لا أعرف .. شعره .. أسود .. فقط .. وعيناه .. مرعبتان
صمتت كلتاهما لوهلة حتى قالت هارو أخيراً بخوف
- هانا
- نعم
- لنذهب وننم مع أمي وأبي
- لكن الشبح هناك .. في غرفتهما
هكذا أجابت هانا بسرعة وخوف بينما قالت هارو بعد تفكير :
الأشباح لاتظهر ان كنا اثنتين .. وان كنا مع ماما وبابا لن يقترب منا
أقنعتها اجابت شقيقتها فأومأت بالايجاب بعد تفكير
نهضت كل منهما تمسك بيد الأخرى
وسارتا بحذر وهما تضيئان الأنوار في كل مكان تسيران فيه
حتى وصلتا للغرفة
وضعت هارو يدها على المقبض بينما الأخرى تمسك يد شقيقتها بقوة
فتحته بتردد شديد ودقات قلبيهما تكاد تسمع
فتح الباب .. وكان المكان هاديء تماماً
قالت هارو ببعض الاطمئنان : رأيتِ ؟ خاف منا
اجبرت هانا نفسها على رسم ابتسامة تخللها الخوف بينما تقول : نعم
واذا بهما تسمعان صوت الأنين خلفهما تماماً
صرخت كل منهما فزعاً وأسرعتا لفراش والديهما فدفنا نفسيهما بداخله بسرعة وهما تصرخان وتبكيان بهلع عادا للمنزل والشمس تبدي أوائل خيوطها دخلا من الباب الخلفي كي لايلحظهما أحد فما هي الا دقائق حتى يبدأ الجميع بالاستيقاظ من سباتهم همست له وهي تجتاز العتبات الخلفية وتفتح باب غرفتها : يجب ان تستحم الآن أومأ لها بالايجاب بتعب شديد وقدماه بالكاد تحملاه على الوقوف واذا بهما يفاجئان بطيف صغير على فراشهما ويسمعان أنيناً وبكاءاً أفزعهما صمت كليهما بذهول وخوف بعد لحظات من الهلع همست آريا بدهشة : لحظة .. انها .. هارو توجهت لها مهرولة ثم انحنت عليها وهمست بقلق : مالخطب صغيرتي نظرت لها الطفلة بعينيها المغرورقتان بالدموع ثم عانقتها بسرعة وشرعت بالبكاء رمق فلورنس آرياكو التي كانت تنظر بدورها له بتساؤل وقلق جلس بجانبها يضع يده على خاصرته بتعب : مالخطب حبيبتي هارو قالت بين شهقاتها : خائفة نظر كلاهما لبعضهما مجدداً ثم لها .. حينها همست آرياكو لها : من ماذا صغيرتي أجابتها وهي لاتزال تخفي وجهها بأحضانها : رأينا .. شبحاً مخيفاً - ر..أيتِ .. أنتِ ومن ؟! - وهانا .. - وأين هي الآن ؟ أشارت هارو الى الغطاء المكور بينما نظرت آريا الى حيث أشارت متوقعة وجود هانا تحته نظرت لها بأسف ثم لفلورنس الذي بدا نادماً قلقاً خاطبها بهمس : اتعتقدين انهما شاهدتا شيئاً أجابته بحزن عميق وخوف : لا أعلم حقاً .. ستكون كارثة لو حدث .. أنا لهما تحمل ذلك اعتنقت طفلتيها بأسى وفلورنس يتأملهم بحيرة " كل مايجري بسببي .. دون أن ادرك .. ها أنا أقود عائلتي للهلاك .. ماذا عساي أن أفعل الآن ؟! " ارتمى على الفراش وكذا فعلت آرياكو وبينهما طفلتيهما يحاولان بث الأمان في قلبيهما الصغيرين غنت آرياكو أهزوجتها الجميلة التي تعشقها صغيرتيها بلحن دافيء : ساكورا ساكورا مارس مشمش مشرق ساطع، تمتد على تل وواد، تزهر رشيقة وسلمية مثل الحجاب الحريري لملاك ساكورا ساكورا كم أحب أن أراها أزهار الكرز، أزهار الكرز، غطت الريف، بقدر ما يمكن أن نرى. هل هو ضباب، أم سحب؟ عبق في شمس الصباح. أزهار الكرز، أزهار الكرز، الزهور في إزهار كامل. بصوتها العذب الحاني .. جعلت أعينهم البريئة تغفو بسلام واطمئنان ليس هما وحسب .. بل حتى فلورنس الذي أعيته تلك الليلة القاسية غفى كطفل صغير ..وقد احتواهم بذراعه وماهو الا وقت قصير حتى كان يهذي أثناء نومه كما لو كان يرى كابوساً
حاولت فهم شيء مما يقوله فلم تستطع الا ان تلتقط : سامحيني .. آريا .. سامحوني .. جميعاً ابتسمت وعينها تقطر بدموع متألمة .. وأكملت أهزوجتها بحنين وأسى : عبر سماء الربيع، بقدر ما يمكن أن نرى. هل هو ضباب، أو سحب؟ عبق في الهواء. حان الآن، إزهار الكرز دعونا ننظر في الماضي! في الماضي الجميل هناك حين كنا نرقب الحياة ونرقب الزهور
من بعدما ذبلت لم تختفي ..
وستظل تزهر من جديد وسيعود الربيع من بعد الشتاء سيعود الربيع ..
يحل الخريف .. وبعده الشتاء
محملاً ببرودة تطغى على ماتملكه قلوبنا من دفء
نحن بحاجة لبعضنا البعض
بحاجة لأن تمد يداك قلبي بالقوة والدفء
كن بجانبي
ولاتفلت يدي أبداً
لكي يحل الربيع على قلبينا
كن معي احم احم اخيراً خلصنا البارت كان طويــــــــــــــــــل مهيك وللعلم أنا كنت مخططة لأحداث أكثر كلها تخص الصباح ومجهزة أحداث لنهاية هاليوم بس لما اجيت اكتب وكالعادة طلعت أحداث ماتوقعت انها بالكتابة رح تحتل كل هالكم الهائل من الأسطر .. المعذرة أطلت عليكم كتير بتمنى يعجبكم البارت حاولت جاهدة أن لااخطيء مع العلم أني عم اكتب البارت والأنوار كلها مطفية بالليل كمان وأنا نفسي مرعوبة هيهيهيهي عالعموم ننتقل للواجب نعست بدي نام هههههه - رأيكم البارت - انتقادات - نصائح - أجمل مقطع - أسوأ مقطع - فلورنس غدا مصاباً لايقوى على الحراك كثيراً .. هل سيتمكن من النجاة .. ومن مواجهة أهل القرية ؟! - آريا وتلك الليلة العصيبة .. كيف ستواجه مشاعرها بعدها ؟ - الطفلتان شاهدتا شيئاً عجيباً .. فكيف سيؤثر ذلك على حياتهما .. وماتفسير ماحدث ؟ - عرفتم قبساتٍ من حياة فلورنس السابقة .. وحياته الحالية .. توقعاتكم حولها - بات من الواضح أن معظم مداخلي تتعلق بهانا في المستقبل .. ماسر كراهيتها الشديدة لوالدها .. ومالذي سيفعله ليحدث بها هذا .. تخميناتكم وتوقعاتكم والى اللقاء في فصل جديد أعتذر للتأخير والاطالة + ملاحظة أخيرة بعرف بدي كم كف أغنية الساكورا اللي قالتها آريا للمعلومة فقط هي أغنية تقليدية شعبية مشهورة في اليابان وهي تعبير لبلادهم وهي الأغنية الرئيسية لهم في الاجتماعات الدولية والمناسبات مع بعض الاضافات التخريفية مني هع والى اللقاء .. حفظكم الله |
التعديل الأخير تم بواسطة آدِيت~EDITH ; 04-13-2013 الساعة 01:13 PM |