ابتسم توماس ابتسامته البراقة:
"وأنا أيضاً...وإلا لما أتيت إليك في هذا الصباح الباكر.."
حدقت كلوديا به قليلاً ثم قالت:
"أشك بأنك أتيت فقط لأنك مشتاق إلي.."
يبدو أن كلوديا بدأت تفهمه جيداً وهذا أمر سيء بالنسبة له فجلس على الأريكة وقال:
"هناك أمر آخر..."
جلست كلوديا على ركبتيها أمامه ونظرت للأعلى حيث وجهه وقالت:
"توقعت هذا..مالأمر؟؟"
حضن توماس وجهها بكفيه وقال بابتسامة:
"جهزي نفسك..فالليلة زواجنا.."
وقفت كلوديا بذهول:
"مـ...مــاذا..؟؟"
توماس متجاهلاً ذهولها:
"ماذا بكِ؟؟"
ردت كلوديا:
"ألم تقل لي أن الزواج سنقيمه بعد ستة أشهر؟ما الذي غير رأيك؟"
توماس:
"لأني سأسافر بنفس موعد زواجنا كما تعلمين عملي يتطلب ذلك"
أشاحت كلوديا وجهها عنه بغيظ:
"ماهذا العمل الذي يتطلب منك السفر بشكل دائم؟..لقد كرهت بسببك كلمة عمل!"
فوضع توماس يده على كتفها وقال:
"كلوديا دعك من النقاش في هذا الأمر وأستعدي لحفل زواجك"
نظرت كلوديا إليه وكانت تريد أن تتفوه بكلام مناقض له لكن عينيه الجذابة كانت بمثابة نقطة ضعف بالنسبة لها...فلم تستطيع القول سوى:
"حسناً توماسكما تشاء"...
ابتسم توماس وتجهمت كلوديا لانصياعها التام له وموافقته بكل شيء يقوله فدائماً هي الخاسرة في كل نقاش يحتدم بينها وبينه...فانتصب توماس واقفاً وقالوهو ينظر لعيني كلوديا الموجهة نحوه:
"أنا ذاهب الآن لأتركك تتجهزين لحفل الزفاف...أتمنى أن أراك الليله في أبهى حلة.. إلى اللقاء عزيزتي"
فذهب..وهمت كلوديا لا شعورياً بأن توقفه لكنها تراجعت فلقد أنتابها شعور غريب عندما نطق جملته الأخيرة شعور أربكها أكثر مما هي مرتبكة..ففتح توماس الباب ووقفمنتظراً أن تقول له إلى اللقاء فنطقت كلوديا بصوت لم يكاد توماس أن يسمعه:
"إلى اللقاء..."
فخرج توماس وأرادت كلوديا للمرة الثانية أن توقفه لكنها ردعت نفسها وردعت القلق الذي ينتابها عليه وقالت:
"ماذا بي وكأنني لن أراه مجدداً..هل هذا شعور كل فتاة في ليلة زواجها؟"
فصمتت كلوديا بعد أن قالت هذا الكلام ثم التفتت إلى طاولة صغيرة بجانبها فرأت صورة والديها فأخذتها ونظرت إليهما فدمعت عيناها واحتضنت الصورة وقالت
"ليتكمامعي هذه الليلة.."
فأعادت الصورة لما كانت عليه ومسحت دموعها وأرادت أن تخرج لتتسوق لزواجها لكنها تذكرت أنها لم تخبر خالتها جاكلين بأمر زفافها فرفعت سماعة الهاتف وضغطت على رقم خالتها الذي كان مخزن مسبقاً ثم وقفت تنتظر قليلاً فأتى صوت خالتها قائلاً:
"صباح الخير كلوديا..كيف حالك؟"
كلوديا:
"بخير..ولكن أتصلت بكي لأخبرك أن الليله ستكون موعد حفلزفافي"
جاكلين بصوت مبتهج:
"حقاً..كم أنا سعيده لسماع ذلك..وسآتى حالما أنتهي من عملي"
كلوديا"حسناً خالتي..أراك الليلة"
أغلقت كلوديا السماعة ثم ذهبت للسوق منفردة فكلوديا ليس لديها صديقات فهي لا ترغب بذلك فلقد عانت من غيرة صديقاتها السابقات كثيراً..خصوصاً بعد أنأصبحت مخطوبة لتوماس الرجل المحبوب من قبل الفتيات..لذلك فضلت الابتعاد عن الفتيات إلى أن تجد لها الصديقة التي لا تكن لها سوى الود والاحترام..
استغرقت كلوديا وقتاً طويلاً بالتسوق فلقد أحتارت في انتقاء كل شيء ابتداءً من فستانها إلى فردة حذائها لأن كلام توماس"أتمنى أن أراك الليله في أبهى حلة"يرنو فيأذنها عندما تقف أمام أي شيء تريد شرائه...وبعد مدة طويلة انتهت كلوديا من التسوق وعادت إلى المنزل واستلقت على السرير وهي منهكة تماماً ثم نظرت إلى
الساعة التي على طاولة سريرها الصغيرة فإذا هي الرابعه مساءً فنهضت كلوديا بسرعة فلم يبق على موعد أربع ساعات وهي لم تستعد بعد...
فنادت الخدم لكي يرتبوا لها مشترياتها ويضعوها في الدولاب ثم ذهبت هي لتسريح شعرها...في هذه اللحظة دخلت خالتها جاكلين وهي تحمل باقة ورد ووضعتها على السرير ثم اتجهت لكلوديا الجالسة أمام المرآة وأخذت الفرشاة من يدها وقالت:
"أنا سأقوم بتصفيف شعرك"