يهرم ابن ادم ويبقى منه اثنتان الحرص والامل الحمد لله الذي نزه قلوب أوليائه عن الالتفات إلى زخرف الدنيا ونضرته، وصفي أسراهم من ملاحظة غير حضرته، ثم استخلصها للعكوف على بساط عزته، ثم تجلى لهم بأسمائه وصفاته حتى أشرقت بأنوار معرفته، والصلاة على محمد خاتم الأنبياء بكمال نبوته، وعلى آله وأصحابه سادة الخلق وأئمته، وقادة الحق وأزمته وسلم كثيراً وبعد . من علامات الساعة والتي نشاهدها عيانا في زماننا اسال الله العلي القدير ان يعصمني واياكم من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن
عن أبي موسى الأشعري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى يجعل كتاب الله عارا ( 1 ) ، ويكون الإسلام غريبا ، وحتى تبدو الشحناء بين الناس ، وحتى يقبض العلم ، ويتقارب الزمان ، وينقص عمر البشر ، وتنتقص السنون والثمرات ، ويؤتمن التهماء ويتهم الأمناء ، ويصدق الكاذب ، ويكذب الصادق ، ويكثر الهرج " ، قالوا : وما الهرج يا رسول الله ؟ ، قال : " القتل وحتى تبنى الغرف فتطاول ، وحتى تحزن ذوات الأولاد ، وتفرح العواقر ، ويظهر البغي ، والحسد ، والشح ، ويهلك الناس ، ويكثر الكذب ، ويقل الصدق ، وحتى تختلف الأمور بين الناس ، ويتبع الهوى ، ويقضى بالظن ، ويكثر المطر ، ويقل الثمر ، ويغيض العلم غيضا ، ويفيض الجهل فيضا ، وحتى يكون الولد غيظا ، والشتاء قيظا ، وحتى يجهر بالفحشاء ، وتزوى الأرض زيا ، ويقوم الخطباء بالكذب ، فيجعلون حقي لشرار أمتي ، فمن صدقهم بذلك ، ورضي به ، لم يرح رائحة الجنة " .
( 1 ) العار : عيب أو شين وكل ما يؤدي لهما .
وفي حديث عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت.
و عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يهرم (1) ابن آدم ويبقى منه اثنتان : الحرص (2) والأمل » (1) الهرم : كِبر السّن وضعفه (2) الحرص : الرغبة الشديدة في الشيء والشَّرَه إليه
و عنه ايضا ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يهرم ابن آدم ، وتشب منه اثنتان : الحرص على المال ، والحرص على العمر »
عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « نجا أول هذه الأمة باليقين والزهد ، ويهلك آخر هذه الأمة بالبخل والأمل » نعوذ بالله من ذلك ومن شر المهالك .
ورد في بعض الآثار أنَّ الله عز وجل أرسل ملك الموت ليقبض روح امرأة من الناس فلما أتاها ملك الموت ليقبض روحها وجدها وحيدة مع رضيعاً لها ترضعه وهما في صحراء قاحلة ليس حولهما أحد ، عندما رأى ملك الموت مشهدها ومعها رضيعها وليس حولهما أحد وهو قد أتى لقبض روحها ، هنا لم يتمالك نفسه فدمعت عيناه من ذلك المشهد رحمة بذلك الرضيع ، غير أنه مأمور للمضي لما أرسل له ، فقبض روح الأم ومضى ، كما أمره ربه: (لا يعصون الله ما أمرهم يفعلون ما يؤمرون بعد هذا الموقف - لملك الموت - بسنوات طويلة أرسله الله ليقبض روح رجل من الناس فلما أتى ملك الموت إلى الرجل المأمور بقبض روحه وجده شيخاً طاعناً في السن متوكئاً على عصاه عند حداد ويطلب من الحداد أن يصنع له قاعدة من الحديد يضعها في أسفل العصي حتى لا تحته الأرض ويوصي الحداد بأن تكون قوية لتبقى عصاه سنين طويلة .عند ذلك لم يتمالك ملك الموت نفسه ضاحكاً ومتعجباً من شدة تمسك وحرص هذا الشيخ وطول أمله بالعيش بعد هذا العمر المديد ،ولم يعلم بأنه لم يتبقى من عمره إلاَّ لحظات .فأوحى الله إلى ملك الموت قائلاً : فبعزتي وجلالي إنَّ الذي أبكاك هو الذي أضحكك . |