عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 04-16-2013, 03:06 AM
 
~ الفصل الأول : تَبَنّي ..

تشبثت أنظارهم بالسّاعة المعلقة فوق, حيث كانت دقات عقاربها تشق سكون صالة الانتظار بانسجام مع صوت خطوات أحد منهم .. كانت تشير للرابعة تماماً , مما يعني أنهم أكملوا ثلاث ساعات على تواجدهم في نفس المكان !
دقيقة أخرى مرت وما زالوا هادئين لا ينبسون ببنت شفاه , حتى ضرب شاب داكن الشعر ذراع الكرسي بجانبه وصاح بغضب : أقسم إن تأخر القطار ساعة أخرى فسأغادر من هنا .
ابتعلت الفتاة رمادية العينين رمقها بقلق ثم شدت قبعتها الصوفيةّ السوداء للأسفل .. وفي خدرها قالت : أذناه مخيفتان, كمصاصي الدماء !
نظرت لها فتاة لها شعر بني أفتح من شعرها ببرود وصمت فسحبت قبعتها أكثر : تبدين كفريسة سهلة .
بعدما نطقت عبارتها حدقت بها لثوان بصمت ثم وقفت بارتباك لتسير باتجاه فتى يداعب قطاً أسود بين يديه , ابتسمت بارتباك : مرحباً , أظنك أنت أفضلهم .
أجابها بعدما وضع القط على الأرض : آه أهلاً !! هل لي أن أعرف اسمك ؟
أزاحت يديها عن جسدها بعدما كانت تمر بحالة أقرب للارتجاف ثم قالت : فـ .. فيوليت .
ردد خلفها : فيوليت ! . وابتسم : إنه اسم جميل, أنا ادعى مات .
صافحته بتردد : أشكرك .
عادت إليهم حالة الصمت , بينما توقفت تلك الفتاة عن السير ذهاباً وإياباً لتترك المجال لتشق الساعة السكون القاتل وحدها .. فُتح باب صالة الانتظار أخيراً , وخرجت منه أبخرة بينها ظل شخص يسير ببطء وحذاءه يصنع نغمات رتيبة على البلاط , تلقائياً وبلا استثناء تعلقت أنظارهم به والأمل يقرع قلوبهم في التخلص من حالة السكون هذه .. لكن المفاجأة التي كسرتهم هي حينما رفع ذاك الشاب يده وقال بسخرية : أأنتم مدعوون لهنا أيضاً ؟! أتيتم مبكراً .
بانت خيبات الأمل على ملامحهم , فكون من أتى شخص حاله كحالهم يعني أن مدة الانتظار هذه ما زالت مجهولة .. دقيقة تلو أخرى وتليها أخرى أيضاً حتى شد أبصارهم ضوء القطار الذي شق ظلمة الصالة , وما هي ثوانٍ حتى شرع أبوابه لهم وكأنه جماد يتحدث بـ " هلّموا للدخول " ..
نظروا في أعين بعضهم لوهلات ثم أخذ كل منهم حقيبته ويتوالوا الدخول للقطار , وما إن صار الجميع داخله حتى تحرك نحو مكان من أرسل لهم تلك الدعوة .
طًرق الباب ثلاث مرات ثم فُتح ليقول الداخل بعجلة : أليكس , أليكس .
أبعد الشاب الأشقر ناظريه عن النافذة واستدار نصف استدار , بينما حملت عينه نظرات استغراب وهو يسأل : ماذا هناك ؟
أخذ زميله الشرطي نفساً عميقاً قبل أن يشرع في قوله : أليكس , الرئيس يطلبك والآن .
همهم أليكس قليلاً بتفكير , ثم قال بهدوئه المعتاد : أنا قادم .
أومأ له الشاب ثم خرج , ليتحرك بعدها لخارج المكتب .. انعطف لليسار وسار ما يقارب العشر خطوات ثم طرق الباب الخشبي في نهاية الممر وعلى يساره , وبمجرد أن طرق حتى سمع الإذن : ادخل .
ولج للداخل وفوراً قال : طلبتني سيادة الرئيس !
وقف رئيسه ثم تقدم إليه ووضع يديه على كتفه , وحين بان الضيق على ملامحه أبعدهما ثم قال : آسف , لكن اسمع .. شركة ألتا (Alta) تتطلب شرطياً لوفود أعضاء جدد لديهم , وشخصياً أنا أرى بأنك المناسب لهذه المهمة , ستنال ترقية هناك أيضاً أنا أرى أن ذاك المكان سيدعم مواهبك كشرطي أفضل من هنا .
بقي أليكس صامتاً لبعض الوقت وعلامات التفكير واضحة على وجهه , ثم نظر للرئيس وقال : أيمكنني أن أجرب أولاً ثم أرى ؟
تبسم رئيسه وقال : كما هو متوقع منك , بالطبع يمكنك ذلك .. المهمة ستبدأ من اليوم , اذهب لديهم الساعة الثامنة مساءً .
- تفضلوا بالدخول .
نطق بها ذاك الخادم وهو منحنٍ للأشخاص السّبعة الذين نظروا له بصمت ودخلوا , وجدوا في الداخل قاعة سوداء الجدران ما عدا واحد على يسارهم غطته النوافذ , وفي المنصف طاولة بيضاوية زرقاء غامقة للاجتماعات وأمامها عدة صور ظهرت على الجدار بقربها رجل بدا في منتصف العقد الرابع من عمره وبجانبه امرأة بنية الشعر ربطته على شكل ذيل حصان لطوله ..
تحدث إليهم الرجل بوقار : رجاءً اجلسوا . وحين نفذوا ما طُلب منهم قال : اسمحوا لي أن أرحب بكم بنفسي أنا رئيس شركة ألتا دكتور إيرفين مالكولم , وبالطبع هذه سكرتيرتي ميراندا ألوفاس .
عرّف بسكرتيرته بعدما أشار إليها , وأكمل حديثه بعدما ظهرت شاشة خلفه تحمل شعار الشركة الأزرق والفضي : بالطبع أثارت دعوتي لكم استغرابكم , وأنا أحب طمأنتكم بأني لن أؤذيكم أو أسخر قدراتكم لما يخدم مصلحتي .. أعرف أنكم تتساءلون عن معرفتي بها , ببساطة نحن شركة تابعة لمركز الشركة , وتتركز مهمتنا على متابعة أعمال عصابة كاييتو والقبض عليها .
ظهرت خلفه ثلاث صور جعلتهم يقطبون بقلق , في المنتصف شعار كاييتو الأسود الدامي وعلى اليمين المختبر أما على اليسار فصورة رجل يرتدي ما يلبسه الأطباء حين يجرون عملية جراحية ..
راقبت ميراندا نظراتهم بتمعن ثم قالت : ردات فعلكم تدل على أن ذاكرتكم ما زالت سليمة وهذا مطمئن , نحن سنساعدكم على الانتقام لأنفسكم لكن بطريقة شرعية لا تجلب لكم مزيداً من الألم أو تزجكم في السجن .
تغيرت الصور لأماكن تدريب وغرف نوم ومنزل ومستشفى ومدرسة , فأكملت حديثها : هنا سنوفر لكم سبل الراحة , وسنساعدكم على التحكم بقواكم .. إلى جانب أننا جهزنا لكم منزلاً هنا , وبالطبع المشفى موجود بالطابق الثالث ويستقبل كافة الحالات المرضية . أما المدرسة فهي في الطابق الخامس نحن حريصون على إكمالكم للدراسة إن أحببتم .
رفع الشاب داكن الشعر يده فأومأت له بالتحدث ليقول : وإن لم نرد العيش هنا .
تقدم د. إيرفين خطوة للأمام ثم قال بلطف : المعذرة ولكن هذا ليس ممكن , فمع مرور الوقت فستبدأ أشكالكم بالتغير إلى ما يقارب قوى الحيوانات التي لديكم .. وهذا سيسبب لكم الكثير من المشاكل . هُناك بعض منكم قد تغير بالفعل وموجودون هنا أيضاً .
حول الرئيس نظارته تجاه مات وفيوليت اللذان بدا الارتباك عليهما , صمت للحظة ثم قال : آنسة كورنارد وسيد مات , هلّا نزعتما قبعاتكما الصّوفية رجاءً .
نظر الاثنان لنفسهما لوهلة وكأنهما يطمئنان نفسيهما , ثم وبتردد مدا أيدهما معاً وسحبا القبعات لتظهر أذنا فيوليت الطويلتين كما الأرانب وأذنا مات المطابقة لآذان القطط ..
توجهت أنظار الخمسة الباقين لهما ما سبب لهما الارتباك والقلق , كان أول من أبعد ناظريه تجاه الرئيس وسكرتيرته فتاة ذات شعر بني طويل سألت : هل سنصبح مثلهما ؟
أجابتها ميراندا بتلك اللهجة الرسميّة التي لم تتغير : هذا طبيعي , حاولنا قدر الإمكان الحصول على مادة توقف ذلك لكن كاييتو كانت بالمرصاد .. إن كنتِ ذئب فستظهر لكِ الأذنين والذيل كحال الآنسة كورنارد والسيد مات , والأمر ذاته إن كنتِ فهد , أما إن كنتِ حرباء فالاحتمالية الكبرى هو أن يتحول لون عينيك لعدة ألوان . وبالنسبة للأفعى فالبؤبؤ يصغر ويتحور كما عيون الأفعى , والنسر سينبت له جناحان ليطير بهما بدلاً من الطيران بجسده .
عادت فترة الصمت تلك , وكل منهم سرح بأفكاره .. هل سيؤثر ذلك على مستقبلهم ؟ وهل سيكملون حياتهم أصلاً بتلك الأشكال ؟
وضع يده الغليظة على ذلك الأنبوب الضخم الذي حوى جسداً بشرياً يطفو داخل سائل أصفر , بينما تردد صوت من الظلمة يسأله : هل لي أن أعرف لِم أنت مهتم به أكثر من البقية ؟
ابتسم ابتسامة أظهرت صف أسنانه وأجاب : ليس الأمر كما فهمت , أنا مهتم لأنه الوحيد الذي بقي ولم يستطع الهروب . داعب شاربه البني الكث وأكمل : سأحرص على جعله أقوى وفي صفي أيضاً .
عاد الصوت ليسأله : أوستجعله أقوى منهم ؟
أجاب بمكر : بالطبع . التفت للظلمة وقال : أندريو , جهزه ليأخذ الجرعات .
خرج أندريو من الظلام وانحنى ليتحرك معطفه الأبيض : حاضر سيدي .
غادرا الغرفة لفترة من الوقت وحين عاد أنرديو ألجمته الدهشة حين وجد الأنبوب الزجاجي مكسور والمادة السائلة متناثر في الأرض , بينما الشاب الذي في داخله اختفى ..
بصوت ممدود : لـــيـــو . أعاد بنبرة أعلى : لــــــيــــــــو . ضرب المكتب بانفعال وصرخ : سيد ليو .
فتح عينيه الزرقاوتين أخيراً وقال بكسل : ما الأمر هذه المرة رينييه ؟!
كتف المدعو رينييه ذراعيه وقال بضيق : أيجب عليّ تحطيم يدي في كل مرة لتجيب علي ؟ اصعد للطابق الرابع والدك يريدك هناك .
سحب ليو كتاباً ووضعه على وجهه ثم قال : قل له أنّي نائم .
تقدم رينييه وأخذ الكتاب ثم رماه على الأرض بقوة ليقول ببلاهة : ما ذنب الكتاب ؟
وقتها وصل غضب رينييه للذروة فقال بغيظ : ذنبه أنك لمسه , ومن ثم والدك يريدك لأنك ستنتقل للعيش مع الأعضاء الجدد هناك .. على الأقل سأتخلص من رؤيتك .
أخذ نفساً عميقاً بعدها ليسأله ليونارد : ومن ثم ماذا ؟
تجمد رينييه للحظات ثم سحبه ورماه خارجاً وهو يقول : اذهب ووضب أغراضك واصعد لهم .
وقف ليو بعدما أغلق رينييه الباب بعنف , زفر بتملل ثم قال : وتستمر الحياة ورينييه يطردني , أنا ابن الرئيس هنا لا يمكنه طردي !!
__________________
أحْتاج للراحة ...

التعديل الأخير تم بواسطة βlμe Яǿse ; 04-16-2013 الساعة 04:11 AM