السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفنانة المغربية لطيفة رافت انهارت باكية فوق جثمان صديقتها الراحلة وسط أجواء يسودها الحزن والنحيب، وعلى إيقاع التهليل والتكبير، شيع ظهر أمس الاثنين بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء جثمان الفنانة رجاء بلمليح، التي وافتها المنية أول أمس الأحد بمستشفى الشيخ زايد بالرباط، بعد صراع مرير مع المرض.
وحضر جنازة الراحلة رجاء بلمليح الوزير الأول إدريس جطو، الذي حمل تعازي الملك محمد السادس إلى عائلة الفقيدة، فضلا عن عدد كبير من الفنانين والفنانات والسياسيين والإعلاميين.
على الساعة الثامنة صباحا من يوم الاثنين، انطلق الموكب الجنائزي للفنانة الراحلة من مدينة الرباط، حيث توفيت، صوب الدار البيضاء، حيث تقطن عائلتها. واستقبل الموكب الجنائزي جمهور غفير يعد بالاف من معارف ومحبي الفنانة رجاء وعائلتها. وعند حدود الساعة الحادية عشرة، بدأت حشود الفنانين في التقاطر على بيت رجاء لتقديم التعازي لعائلتها. وبدت عائشة النجراوي، والدة الراحلة رجاء، منهارة تماما، وقالت باكية، في تصريح ل«المساء»، إنها ظلت مع ابنتها طوال اليومين اللذين قضتهما في مستشفى الشيخ زايد، إذ لم تفارقها على الإطلاق، وأن هذا الأمر أراحها كثيرا. وفيما اجتمع أشقاء رجاء الثلاثة وشقيقاتها الثلاث لتلقي التعازي، غاب ابنها عمر عن مراسيم تشييع جنازة والدته، التي جمعت حشدا من الفنانين والسياسيين في مشهد قل نظيره. وذكر مصدر مقرب من العائلة أن رجاء كانت ترفض أن يظهر ابنها في وسائل الإعلام بصفة نهائية، مما اضطر عائلتها إلى إبعاده عن مراسيم تشييع الجنازة لتجنيبه حرارة المشهد، من جهة، والاستمرار على نهج والدته في حفظ حياته الخاصة، من جهة أخرى.
دخلت رجاء بلمليح إلى بيتها الذي غابت عنه ليلتين، في حدود التاسعة والنصف، محمولة على نعش التفت حوله مجموعة من المقرئين وحفظة القرآن الذين أخذوا يتلون عليها آيات من الذكر الحكيم، وسط نحيب نسوة العائلة. وفيما انكب عبد القادر بلمليح، والد رجاء، الذي صار يبحث عن القوة من خلال سرد صبر ابنته وصراعها البطولي مع المرض، على استقبال المعزين أمام باب فيلته، غاصت شقيقة رجاء الصغرى في مقعد أمام مدخل البيت ترثي شقيقتها وتعدد محاسنها، وهي محاطة ببعض أفراد العائلة، ضمنهم جدة رجاء، الطاعنة في السن، والتي صارعت الخطوات للوصول إلى الصندوق الذي آوى جثمان رجاء، والذي وضع في الصالون الرئيسي للبيت.
وكان إدريس جطو وصل إلى بيت رجاء عند حدود الساعة الحادية عشرة والنصف، واستقبل من طرف والد رجاء وأشقائها وشقيقاتها. ولم يتسن للوزير الأول في ظل المشهد الجنائزي الرهيب أن يحجب دموعه التي خانته لحظة معاينته رجاء جثة هامدة في صندوق مغلق غلف بملاءة خضراء دونت عليها بعض الآيات القرآنية.
لم تكد العائلة تتجاوز لحظة التأثر البالغ الذي بدا على الوزير الأول، حتى دخلت الفنانة لطيفة رأفت، والتي خلقت مشهدا مؤثرا للغاية أسال دموع جميع الحاضرين.
دخلت لطيفة رأفت إلى بيت عائلة رجاء، وما إن لمحت نعشها حتى خارت قواها وارتمت في كنف الفنان نعمان لحلو، الذي رافق جثمان رجاء من الرباط إلى البيضاء، وانخرطت في بكاء لا منته. ظلت لطيفة رأفت تحاول أن تطالع نعش رجاء، لكنها فشلت مرات عدة، وفي الأخير جثت على ركبتيها مرتمية على النعش وقبلته ثم بكت كثيرا وأبكت جميع الحاضرين، ضمنهم الوزير الأول الذي اتخذ لنفسه مكانا بين والدي الفنانة الراحلة. إلى ذلك، ذكر والد رجاء بأن الملك محمد السادس ظل يتتبع الوضع الصحي للفنانة الوديعة رجاء حتى آخر لحظة.
وبعد مرور أقل من ساعة على وفاتها تلقى والد رجاء اتصال من المستشار الملكي رشدي الشرايبي، الذي نقل تعازي الملك إلى عائلة الفنانة الراحلة رجاء، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين. وزاد والد رجاء قائلا بأن الملك كان أمر بنقلها إلى مستشفى خاص بانجلترا لتلقي العلاج هناك، غير أن الموت خطفها قبل أن تتم آخر إجراءات السفر، ظلت رجاء متماسكة عاقلة حتى آخر لحظة، يقول والدها، بحيث قرأت سورة يسن ونطقت بالشهادتين، ممسكة بيدي والدها ووالدتها التي ظلت توزع قبلات حارة على كل جسدها الذي لامس دموع أمها المنهمرة الحارقة، يقول والدها، ثم سرعان ما ارتخت رجاء ورفعت بصرها إلى الأعلى قائلة: «وداعا وطني». وكانت هذه الجملة آخر ما أرخ لحياة الفنانة الوديعة التي خطفها المرض من عائلتها الصغيرة والكبيرة، دون أن تتمكن من طبع قبلة صغيرة على خد ابنها الذي ذاق اليتم مبكرا.الله يرحمها
اللهم ارحمها وارحم جميع اموات المسلمين
^205^ ^205^ ^205^