الفصل السادس كان الوقت حينها يبلغ الساعة الثانية عشرة عندما كنت مستلقية على معطفي ليحميني من الحشرات الصغيرة والبرودة القاسية ..مضيت أفكر بعمق ...مرض يوساقي ..ومقابلة ذلك الممرض ...وماحصل اليوم من أمور سيئة لقد أنقلب ظهر المجن عليّ ..لم أعدّ أطيق هذا !!..تعرضّ هانايللحادث ..كم هذا قاسي؟! ..هل كنت السبب أم أن هذا هو من مفآجآت القدر؟! . غرّقت بالتفكير وبدأت أشباح أفكار سيئة تجول برأسي ..يوساقي سوف يتزوج منها بكل تأكيد فهي أجمل مني كما أن تعليمه لي كان فقط تعبير صغير عن حبه لأخي .نعم ..يوماً ما سوف أراه بجانبها وقد أرتدى كل واحدِ منهما اللون الأبيض ويمسك بيدها ليضع الخاتم ..كل هذا سوف يحدّث أمامي ..وأنا سوف أتخذّ موضع المتفرج الذي يراقب بكل عنف. نهضت بصعوبة وأنا أرغم نفسي على الذهاب لأستنشاق هواء المدينة الضارّ ..فتحت النافذة وأخذت أنفاساً عميقة متقطعة فتحت عيني وانهمرت الدموع بحرقة تراجعت الى الخلف ...وأنا ممسكة بجبهتي وأخرجت صورة يوساقي وتأملت ملامحه الهادئة ..وشعره الرمادي القصير ..وتلك الغرّة الصغيرة ..ياألهي كل تلك المدّة لم ألاحظ بأنه وسيم ...ها أنا الآن أتحسر على فقدانه ..مثلما يتحسر أي طفل أضاع لعبته ..فتحت هاتفي ودّخلت ملف الصور وبدأت أقلب الصور واحدة ..تلو الأخرى ..وقفت على الصورة التي ألتقطنها على الجسر ..أنها رائعة ..كنت أتأمل يدايّ يوساقي الكبيرتين ..لقد كانت ممتدتين على كتفايّ كثيراً وكأنه يريد احتضاني ...أبعدّت هذه الفكرة السخيفة ..من أن يوساقي يحبني جداً.. رميت به أرضاً ...وانفجرت بنوبة من الضحك ...توقفت عن الضحك عندما أنبعث صوت هاتفي ليتردد صداه في المكان تقدمت وأجفلت عندما كانت المكالمة من "أيمادوري" ..تجاهلتها عمداً وعضضت على شفتيّ بخنق وتمتمت بغضب :- -قشرة الموز . نظّرت الى الهاتف بعينان باردتين وأسكتٌ صراخه وبكائه المزعج بقبضة رجليّ لم يكنّ لديّ أي رغبة بمحادثة أي شخص لقد تحطمتُ ..نعم أنا الآن أنسانة محطمة ..تحاول البحث عن الحطام المناسب لتكون ذات فائدة . فتحت حقيبتي المدرسية ..وأخرجت الورقة المكتوب عليها المقطوعة الموسيقية ..أنا هي قائدة قرفة الغناء بالمدرسة الكل ينتظر وقوفي على المنّصة فتحت فمي لأتدرب على الغناء ولم أستطع ..ووجدت نفسي أدندن بكلمات غريبة غير مقصودة لقد خرجت مني اللأاردياً -ماهذا؟! هل أنتي مغنية معتزلة ؟! أبعدت خصلات شعري المتساقطة على عيني وقلت له وأنا أخفيّ ألمي المدفون :- -لا ،أنا أنسانة بلا روح . لم يهتم هيسكي لأجابتي فأتخذ له مقعداً وقال لي بحماس:- -هيا أكملي ،وسوف أكون الجمهور . وقفت أنظر أليه برهة من الزمن قبل أن ينهض ويرددّ كلمات الأغنية التي كنت أغنيها بصوت رخيم وعذّب أذهلني وبأشارة من يده فهمت بأنه دوري أمسكت الورقة التي أعطاني أيها وقد طواها بشكل متخيلاً بأنه الميكرفون فأرغمت صوتي المبحوح على الخروج ولكني لم أستطع لأني انخرطت بنوبة من البكاء وقف بجانبي ووضع يده على كتفي وقال مردداً أغنية "المستقبل الجديد" بصوت بعثّ بنفسي خيوط الأمل وكأني قد خلقت من جديد التفت له وهو يغني لقد كانت حركات اليدين متناغمة مع صوته العذّب الجميل ...نظرّت الى عينيه التي لم أستطع أن أحددّ مايخفيه سوى أني شعرت بمزيج من المشاعر المتضاربة داخله ..وكأنها تعصف به وتدفعه الى الموت ..ولكنه يصارعها ببعض ذخائر الأمل والصبر .جلس على الكرسي وقال بمرح :- -أعلم جيداً ..بأني أزعجتك بهذا الصوت الأجش . أردّت الكلام لكنه سبقني بعد أن نظرّ أليّ نظرة أعجاب وقال :- -صوتك بدا مميزاً ...لقد أنسجمت كثيراً مع أدائك الموسيقي . -تطلّعت أليه وقلت محاولة أظهار هدوئي :- -لم يكن بالشيء الكثير . فقال كطفل يحاول أثبات أجابته :- -لكنه بدا مميزاً . -إنك حقاً ..شاب مثير . -مثير ؟! لقد أطلقت كلمة تافهة . لم أعلّق على أجابته لأني لا أريد أن أفقده فقلت له كمن تتذكر شيئاً :- -أنا أسفة بما بدّر مني . حرّك رجليه برشاقة وقال :- -لقد أندثر بعقلي ..كما أني لا أريد أن أفقدك . -هيسكي ؟!. ضيقّ عينيه وقال بصوت معترض :- -عرفتني ،وأنا لم أعرفك ..هذا ليس عدلاً. فمضيت أفكر فليلاً فهو شاب مسالم ..هل من الصواب أخباره بأسمي ..فانفرجت شفتايّ بأغتضاب :- -أوكايهو . -فقط هكذا !! -وأنت ؟! - ليس هذا هو اسمي ،ذلك الرجل يقول لي هكذا لسبب لا أعرفه . -ماذا ؟! -في الحقيقة ..أسمي هاتسوما كرويهي. أجفلت لدى سماعي هذه الكلمة ..وبقيت واجمة لا أستطيع الحديث كل ما كنت أفعله هو النظر بدهشة الى هاتسوما وهو يشعل السيجارة رفع السيجارة ونفث بالدخان بعيداً وأردف :- -الروائي المشهور يوساقي ،ليس أخي فهو أبن غير شرعي . كانت كلمته الأخيرة تدّل بأنه كاره لهذا الأمر ..ثارت مشاعري وغمغمت بين شفتي :- -ليس شرعياً !! ..ليس شرعياً.. قبضت بشدة على قميصي وأنا أحاول تهدئة نفسي حتى لا أرتكب أو أتفوه بكلمات خرقاء . |
__________________
/
التعديل الأخير تم بواسطة أغاثا كريستي ; 04-19-2013 الساعة 04:02 PM |