أيها المسافر إلى ربه، اسمع إلى الله تعالى، يستعتبني و يستعتبك، فيقول :"ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون".
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إن الله استبطأ قلوب المؤمنين؛ فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين".
هكذا استبطأ الله قلوب خير خلقه بعد أنبيائه و هم صحابة رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم و رضي الله عنهم أجمعين، أرق الناس قلوبا، و أقواهم إيمانا، و أكثرهم خشية لله، و حبا له، و بذلا لدينه، فما بالنا نحن؟
ما بالنا و قد فعلنا من المعاصي ما لا يحصره الحد، ولا يأتي به العد؟ لماذا نسوف التوبة؟ لماذا نؤخر الرجوع؟ إلى متى أيها الحبيب ما تتوب ؟ و كأنك أخذت صكا من الله بالأمان، أو حصلت علي عهد من ملك الموت ألا يقبض روحك قبل المتاب! أو لعلنا أغتررنا برحمة الله و ستره، و لم نعلم أن الذي قال: "نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم"، هو الذي قال بعدها:"و أن عذابي هو العذاب الأليم".