-أتمنى ألا يكون فطوراً عسكرياً حازماً كشخصيتك !! .
ضحك كلاويس لهذه الكلمات الطفوليه ومضى الى الغرفة الصغيرة ..
تأخر كلوندين للحضور بسبب دخوله للأستحمام
عبر كلوندين الردهة وألقى نظرة خاطفة على الغرفة التي أعتاد هو وكلاويس على الجلوس فيها وانتعشت ذاكرته عندما لمح تلك الورقة المرعبة فأغلق الباب بحدّة وقد تملكته رعدة عندما شاهد ظل كلاويس يسقط على الباب فالتفت كلوندين وقال له بمكر شديد :-
-هذه هي الحياة العسكرية ...أتأكد ...
قاطعه كلاويس بقبضته الحديدة التي قد أحاطها بمعصمه
وكلوندين يلوم لسانه على إغضاب العجوز الهرم
فتوقف كلاويس عندما هتف كلوندين :-
-لقد نسيت آنستي الفاتنة حقيبتها ..يالها من فتاة مسكينة يبدو بأنها الآن تبحث عبثاً .
جره كلاويس الى الغرفة الصغيرة التي قد أعدّت بشكل مريح
فجدرانها قد طليت باللون الزيتي ليتناسق مع ديكورها الخشبي البني وفي الركن وضعت مكتبة كبيرة تحوي على أغراض متعددة وفي الوسط قد فرش سجادّ أحمر وعلى ظهره طاولة بنية متوسطة الحجم
أرخى كلوندين ظهره بأمتعاض وهو ينظر الى طبق الخضار من ركن عينيه فأمسك الملعقة وهو يقلب شوربة الخضار مرات عديدة ألا أن أوقف هذا العبث بالطعام نظرة كلاويس المخيفة فتحسر بنفسه :-
-ماري ..أجازة ؟! ..ليحلّ محلها العجوز الهرم الذي لايجيد إلا طبق الخضار الذي هو سم بالنسبة لي .
تنحنح كلوندين في مقعده وهو يراقب كلاويس الذي خرج من الغرفة فنهض بسرعة
ليفرغ الطبق بكيس أخفاه في جيبه تحسباً لوقوع أمر كهذا ورماه بقوة الى الشاحنة المارة من الشارع المواجه للنافذة ...
لقد كانت صدفة مرور الشاحنة جيدة فقد أتاحت له أخفاء تلك الشوربة في مكان يستحال معرفة مكانه .
عاد الى مكانه وقد تقلّصت أصابعه حول الكأس عندما حضر كلاويس وهو يحمل طبقان من الشوربة على صينية فضية اللون حدّق كلوندين بالطبق الأخر
فتسأل بحيرة صامتة "لمن ياترى هذا الطبق؟! " .
قدّم كلاويس أحد الطبقين لكلوندين الذي ولاه الأرتباك وهو ينظر الى وجه كلاويس الخبيث وقد ارتسمت عليه إبتسامة خاصة يظهرها لكلوندين في مثل هذه الحالات فتنهد كلوندين بضجر وعاد لتقليب الطعام بصمت فقال بنفسه مشجعاً :-
"طبق بسيط ،ليس لدّي ماأخشاه سوف ألتهمه وأتقيه" .
قدم الطبق الى فمه وشعر بشفتيه تلامس أوراق السبانخ الخضراء فأغمض عينيه بأمتعاض وأمال بالطبق الى فمه وشربه بجرعات طويلة وعميقة وجسده يشعر بالمغص والمرض ..بعد انتهائه من الشرب نهض بسرعة وأختفى خلف الجدران فبقيت عينا كلاويس تراقبه حتى أختفى فأصدر ضحكة خفيفه وتمتم :-
-لن تنطليّ علي خدعك أيها الجرذ الصغير !! .
بعد مرور ساعتين ونصف دلف كلوندين الى الحجرة وقد أرتدى قميصاً رمادياً وبنطال كاكي اللون وزين عنقه بقلادة أثرية جميلة كان قد أهداه أياها والده قبل مغادرته من بلاده
صفر كلاويس وهو يحدّق بكلوندين الذي بدا غاضباً بشكل ظريف فجلس على المقعد وهو لا يكف عن دق قبضتيه على المقعد زفر كلوندين بشدة وقال لكلاويس وكأنه يكلم شاب يقاربه بالسن :-
-هل هذا من نطاق حياتك العسكرية أيضاً أيها المتقذّع ؟
-بالطبع ،فطبق من الخضار يمنحك ...
بتر كلوندين جملة السيد كلاويس بلهجة غاضبة :-
-يمنحك ألماً مبرحاً في البطن !! .
وأشاح بوجهه بعيداً ومضى يتطلع الى النافذة وقد شعر بالحرارة تعلو وجهه من الغضب الذي ينتشر بأوصاله
شدّ أنتباهه رجل وقد دلف الى المبنى فأستدار بسرعة ليتفاجأ بكلاويس وقد أرتدى سترته وهو يقول :-
-هناك قضية غامضة قادمة ألينا!! .
لم يفهم كلوندين من كلام كلاويس ألا أن دخل الخادم النحيل ضئيل الحجم ...ذي الوجه المنبطح قليلاً ليعلن عن دخول السيد "جورج ديكات " .
كان السيد ديكات رجل في مطلع الأربعين من عمره ...صبيح الوجه يكتسي وجهه بعض الدمامة قليلاً ..وعيناه الجميلتين الداكنتين قد أضافت عليه لمسة جذابة ..
فجلس على الكرسي وهو يعتصر طرف سترته بشدّة ولم يستطع أن يردّ على ترحيب كلاويس اللبق
فمرت ...فترة سكون ملحوظة ...شعر كلاويس وكلوندين ببعض الضجر واليأس
فمضيا يفكران بطريقة متوافقة "سوف يقول ؟ هيا أيها الزائر !! .الآن سوف يفضح عما بداخله " ..لكن لم يحصل شيء
أراد كلوندين أن يتحدث ولكنّ أشارة من كلاويس جعلته يتراجع عن قراره
مرر كلوندين المنديل على جبهته عندما أنفرجت شفتاي السيد لتقولان :-