عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-24-2013, 09:54 PM
 
مِنْ الأَخلَاق المَحمُودَة » البَشَاشَة ،

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السَلامُ عَليكُمْ وَرحْمة اللهِ وَبرَكاتُه



البَشَاشَة

معنى البَشَاشَة لغةً:

البَشَاشَة: هي طلاقة الوجه، وقد بَشِشْت به، أَبَشُّ بَشَاشَةً، ورجل هَشٌّ بَشٌّ، أي طَلْق الوجه طيب .
ومن معاني البَشِّ: اللُّطف في المسألة، والإقبال على الرجل، وقيل: هو أن يضحك له، ويلقاه لقاء جميلًا. تقول: بَشِشْت به بَشًّا وبَشَاشَةً. والبَشِيش: الوجه. يقال: رجل مضيء البَشِيش، أي: مضيء الوجه.
والبَشُّ أيضا: فرح الصَّديق بالصَّديق، والتَّبَشْبُش في الأصل التَّبَشُّش، فاستثقل الجمع بين ثلاث شينات، فقلبت إحداهن باءً .
وقولهم: قد رحب فلان بفلان وبَشَّ به، معنى بَشَّ به: سُّرَّ به، وفرح، وانبسط إليه .



معنى البَشَاشَة اصطلاحًا:

البَشَاشَة هي: طلاقة الوجه، مع الفرح، والتَّبسُّم، وحسن الإقبال، واللُّطف في المسألة .
أما طلاقة الوجه: وهو إشراقه حين مقابلة الخلق، وهو ضدُّ العبوس.
وهي أيضًا: السُّرور بمن تلقاه .



الفرق بين البِشْر والهشاشة والبَشَاشَة:

هناك فرق بين البِشْر والهشاشة والبَشَاشَة، فالبِشْر أول ما يظهر من السُّرور بلُقي من يلقاك، ومنه البِشَارة، وهي أول ما يصل إليك من الخبر السَّار، فإذا وصل إليك ثانيًا،لم يُسَمَّ بشارة، ولهذا قالت الفقهاء: إنَّ من قال: من بشَّرني بمولود من عبيدي فهو حرٌّ. أنه يُعتق أول من يخبره بذلك. وفي المثل: البِشْر علم من أعلام النَّجح.
والهَشَاشَة هي الخفَّة للمعروف، وقد هَشِشْت يا هذا، بكسر الشين، وهو من قولك: شيء هَشٌّ، إذا كان سهل التَّناول، فإذا كان الرَّجل سهل العطاء، قيل: هو هَشٌّ بَيِّنُ الهَشَاشَة.
والبَشَاشَة: إظهار السُّرور بمن تلقاه، وسواء كان أولًا أو أخيرًا .



مدح البَشَاشَة وطلاقة الوجه في السنة النبوية:

وردت أحاديث من السُّنَّة النَّبويَّة، تحثُّ على البَشَاشَة وطلاقة الوجه، ومن هذه الأحاديث:
- عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، قال: قال لي النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق)) [473] رواه مسلم (2626) .
(قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق))، روي (طَلْق) على ثلاثة أوجه: إسكان اللام وكسرها، وطليق، بزيادة ياء، ومعناه: سهل منبسط. فيه الحثُّ على فضل المعروف، وما تيسَّر منه وإن قلَّ، حتى طلاقة الوجه عند اللِّقاء) [474] ((شرح النووى على مسلم)) (16/177) .
- عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ معروف صدقة، وإنَّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلْق)) [475] رواه الترمذي (1970)، وأحمد (3/360) (14920)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (9/31) (9044) وحسنه الترمذي، والبغوي في ((شرح السنة)) (3/406)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1970) .
قال المباركفوري: (...((وإنَّ من المعروف)) أي: من جملة أفراده، ((أن تلقى أخاك)) أي: المسلم. ((بوجهٍ)) بالتنوين، ((طَلْق)) معناه: يعني تلقاه منبسط الوجه متهلِّله) [476] انظر: ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) (6/344) .
وقال في ((دليل الفالحين)): (أي بوجه ضاحك مستبشر، وذلك لما فيه من إيناس الأخ المؤمن، ودفع الإيحاش عنه، وجبر خاطره، وبذلك يحصل التَّأليف المطلوب بين المؤمنين) [477] انظر: ((دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين)) لابن علان (2/356) .
وقال أيضًا: (أي: متهلِّلٌ بالبِشْر والابتسام؛ لأنَّ الظَّاهر عنوان الباطن، فلُقْيَاه بذلك يشعر لمحبَّتك له، وفرحك بلُقْيَاه، والمطلوب من المؤمنين التوادُّ والتحابُّ) [478] انظر: ((دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين)) لابن علان (5/165). .
- عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرَّجل في أرض الضَّلال لك صدقة، وبصرك للرَّجل الرَّديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشَّوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة)) [479] رواه الترمذي (1956)، والبزار (9/457) (4070)، وابن حبان (2/287) (529). قال الترمذي: حسن غريب. وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1956)، وشعيب الأرناوؤط في تحقيق ((صحيح ابن حبان)) (2/287) .
((تبسُّمك في وجه أخيك)) أي: على وجه الانبساط. صدقة. أي: إحسان إليه، أو لك، فيه ثواب صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، والصَّدقات مختلفة المراتب [480] انظر: ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) (6/205) .
قال المناوي: (...((تبسُّمك في وجه أخيك)) أي في الإسلام، ((لك صدقة)) يعني: إظهارك له البَشَاشَة، والبِشْر إذا لقيته، تؤجر عليه كما تؤجر على الصَّدقة. قال بعض العارفين: التبسُّم والبِشْر من آثار أنوار القلب، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ [عبس: 38-39] قال ابن عيينة: والبَشَاشَة مصيدة المودَّة، و البِرُّ شيء هيِّن، وجه طليق، وكلام ليِّن. وفيه رَدٌّ على العالم الذي يصَعِّر خدَّه للناس، كأنَّه معرض عنهم، وعلى العابد الذي يعبِّس وجهه ويقطِّب جبينه، كأنَّه منزَّهٌ عن النَّاس، مستقذر لهم، أو غضبان عليهم. قال الغزالي: ولا يعلم المسكين أنَّ الورع ليس في الجبهة حتى يُقَطَّب، ولا في الوجه حتى يُعَفَّر، ولا في الخدِّ حتى يُصَعَّر، ولا في الظَّهر حتى ينحني، ولا في الذَّيل حتى يُضَمَّ، إنَّما الورع في القلب) [481] ((فيض القدير)) (3/226) .
قال ابن بطَّال: (فيه أنَّ لقاء النَّاس بالتَّبسُّم، وطلاقة الوجه، من أخلاق النُّبوة، وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّة) [482] انظر: ((شرح صحيح البخارى)) (5/193) .



أقوال السَّلف والعلماء في البَشَاشَة وطلاقة الوجه:

- عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: (مكتوب في الحكمة: ليكن وجهك بسطًا، وكلمتك طيبة، تكن أحبَّ إلى النَّاس من الذي يعطيهم العطاء) [483] رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (6/254) (8057) .
- قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (إنَّ المسلمَيْنِ إذا التقيا، فضحك كلُّ واحد منهما في وجه صاحبه، ثم أخذ بيده، تَحَاتَّتْ ذنوبهما كتحات ورق الشجر) [484] ذكره ابن حمدون في ((التذكرة الحمدونية)) (2/228) .
- قال عبد الله بن المبارك: (حسن الخلق: طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكفُّ الأذى) [485] رواه الترمذي (2005) .
- قال ابن القيِّم: (طلاقة الوجه والبِشْر المحمود وسط بين التَّعبيس والتَّقطيب، وتصعير [486] التصعير: إمالة الخد عن النظر إلى الناس تهاونا من كبر كأنه معرض. انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/356). الخدِّ، وطيِّ البِشْر عن البَشَر، وبين الاسترسال مع كلِّ أحد بحيث يذهب الهيبة، ويزيل الوقار، ويطمع في الجانب، كما أنَّ الانحراف الأوَّل يوقع الوحشة، والبغضة، والنُّفرة في قلوب الخَلْق، وصاحب الخُلُق الوسط: مهيب محبوب، عزيز جانبه، حبيب لقاؤه. وفي صفة نبيِّنا: من رآه بديهة [487] البديهة: أول كل شيء وما يفجأ منه. انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (13/475). هابه، ومن خالطه عشرة أحبَّه) [488] ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/311) .
- قال بعض الحكماء: (الْقَ صاحب الحاجة بالبِشْر، فإنْ عدمت شكره، لم تعدم عذره) [489] انظر: ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (1/239) .
- قيل للأوزاعي رحمه الله: ما كرامة الضَّيف؟ قال: طلاقة الوجه، وطيب الحديث [490] انظر: ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (2/18) .
- قال ابن حبان: (البَشَاشَة إدام العلماء، وسجيَّة الحكماء؛ لأنَّ البِشْر يطفئ نار المعاندة، ويحرق هيجان المباغضة، وفيه تحصين من الباغي، ومنجاة من الساعي) [491] ((روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (ص 75) .
- وقال أبو جعفر المنصور: (إنْ أحببت أنْ يكثر الثَّناء الجميل عليك من النَّاس بغير نائل، فالْقَهُمْ ببِشْر حسن) [492] ((عين الأدب والسياسة)) لعلي بن عبد الرحمن بن هذيل، (ص 154) نقلًا عن كتاب ((سوء الخلق)) لإبراهيم الحمد .



فوائد البَشَاشَة وطلاقة الوجه:

1- طلاقة الوجه تبشر بالخير، ويقبل على صاحبها النَّاس، والوجه العبوس سبب لنفرة النَّاس.
2- من فوائدها محبَّة الله عزَّ وجلَّ؛ لقوله عليه السَّلام: ((إنَّ الله يحبُّ الطَّلْق الوجه، ولا يحبُّ العبوس)) [493] رواه أبو عبد الرحمن السلمي في ((آداب الصحبة)) (115) .
3- طلاقة الوجه للضيف من إكرامه، مع طيب الحديث عند الدُّخول، والخروج، وعلى المائدة [494] انظر: ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (2/18) .
وقد قيل: (من آداب المضيف: أن يخدم أضيافه، ويظهر لهم الغنى، والبسط بوجهه، فقد قيل: البَشَاشَة خير من القِرَى) [495] انظر: ((غذاء الألباب شرح منظومة الآداب)) للسفاريني (2/116) .
4- تكلُّفُ البِشْر والطَّلاقة، وتجنُّب العبوس والتَّقطيب من الوسائل المعينة على اكتساب الأخلاق الحميدة.
5- الهَشَاشَة وطلاقة الوجه تثمر المحبَّة بين المسلمين، والتآلف بينهم.




موانع اكتساب البَشَاشَة:

1- خبث النَّفس، وتغلغل الصِّفات القبيحة فيها من الحسد والغلِّ والحقد والكبر، والتي ترسم الجهامة على وجه صاحبها، وتجعل البَشَاشَة تفارق مُحَيَّاه.
2- عدم اتباع هدي النَّبي صلى الله عليه وسلم، والذي حثَّ على هذه الصِّفة بخلقه وقوله صلَّى الله عليه وسلم.
3 - بغض النَّاس، وكراهية الخير لهم.
4- عدم استشعار الأجر المترتِّب على التَّحلِّي بهذه الصِّفة.



الوسائل المعينة على اكتساب البَشَاشَة:

1- استشعار الأجر الذي رتَّبه الشرع على البَشَاشَة وحسن ملاقاة المسلمين.
2- اتِّباع هدي النَّبي صلى الله عليه وسلم، والذي كانت البَشَاشَة خلقه، وعلمها لأمته بقوله عليه الصَّلاة والسلام.
3- حُبُّ النَّاس يجعلك تَبَشُّ في وجوههم.
4- التَّخلُّص من الصِّفات الذَّميمة كالحسد والحقد، التي تجعل المرء يمقت من حوله ويكره لهم الخير، ويلاقيهم بجهامة ووجه عبوس.
5- التعوُّد على رسم الابتسامة على الوجه، ومحاولة أن تكون سمة دائمة للشَّخص.



نماذج من البَشَاشَة:

نماذج من البشاشة في حياة الرَّسول صلى الله عليه وسلم:

- بَشَاشَته صلى الله عليه وسلم لأخت خديجة -رضي الله عنها- وفاءً لها، كما ورد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((استأذنت هالة بنتُّ خويلد -أخت خديجة- على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة، فارتاح لذلك، فقال: اللهمَّ هالة. قالت: فَغِرْت. فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشِّدقين، هلكت في الدَّهر، قد أبدلك الله خيرًا منها)) [496] رواه البخاري (3821)، ومسلم (2437) .
- بَشَاشَته صلى الله عليه وسلم عند مقابلة ذوي الخلق السيِّئ، مداراة لهم واتقاء لفحشهم وتأليفًا لهم، كما ورد عن عروة بن الزُّبير أنَّ عائشة -رضي الله عنها- أخبرته قالت: ((استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة! أو ابن العشيرة. فلما دخل، ألان له الكلام. قلت: يا رسول الله! قلت الذي قلت، ثم ألنت له الكلام! قال: أي عائشة! إنَّ شرَّ النَّاس من تركه النَّاس، أو ودعه النَّاس اتقاء فحشه)) [497] رواه البخاري واللفظ له (6054)، ومسلم (2591) .
- بَشَاشَته صلى الله عليه وسلم عند مقابلته للناس، فعن جرير رضي الله عنه قال: ((ما حجبني النَّبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسَّم في وجهي)) [498] رواه البخاري (3035)، ومسلم (2475) .

وكما قيل عنه صلى الله عليه وسلم:
بادي البَشَاشَة باسم لوفوده
يهتزُّ منه للنَّدى العطفان
كفاه أسخى بالعطاء لمجْتَد
من وابل الغيث المسفِّ الدَّاني
سبعين ألفا فَضَّها في مجلس
لم يبق منها عنده فِلْسَان


نماذج من حياة السَّلف والعلماء:

قيل: (حسن البِشْر اكتساب الذِّكر)، ولقد صدقت المقولة، فهناك المئات من علماء وأعلام الأمة ماتوا، ولكن بقي ذكرهم بهذه الصِّفة خالدًا، ففي تراجم أهل العلم: أنَّ فلانًا كان (بَشُوشًا)، أو أنَّه كان (طَلْق الوجه)، أو كانت (البَشَاشَة لا تفارق محيَّاه)، أو عبارات قريبة من هذه تعبر عن اتِّصافهم بهذه الصِّفة، ولو تتبَّع أحوالهم متتبِّع لطال به المقال، لكن نسرد هنا بعض النَّماذج لهؤلاء الأعلام:
إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الأصل، الدمشقي الصالحي الحنبلي:!
قال عنه الذهبي: (وذكر عن جماعة ثناءهم عليه، ووصفهم إياه بالسَّخاء والكرم والمروءة، والإحسان الكثير إلى الفقراء، وإيثارهم، وقضاء حوائجهم، والتواضع لهم، وطلاقة الوجه والبَشَاشَة والورع والخوف والعبادة، والأخلاق الجميلة ونحو ذلك) [500] انظر: ((تاريخ الإسلام)) للإمام الذهبي (49/219) .
شهاب الدين يحيى بن إسماعيل بن محمد القيسراني:
كان يتودَّد للصَّالحين، ويكثر الصَّوم والعبادة، ويصبر على الأذى، ولا يعامل صديقه وعدوَّه إلا بالخير وطلاقة الوجه [501] انظر: ((شذرات الذهب)) لابن العِماد الحنبلي (6/175) .
إسحاق بن يحيى بن إسحاق بن إبراهيم:
كان طيب الأخلاق ينطبع، ويتطلب البَشَاشَة ويتبع. سهل القياد، واري الزِّنادِ، متَّسمًا بالعدالة، محتشمًا عن الإزالة [502] انظر: ((أعيان العصر وأعوان النصر)) للصفدي (1/137) .
الأمير الفقيه سيف الدِّين بُكْتُمر بن عبد الله السعدي:
كان فاضلًا ديِّنًا شجاعًا بارعًا في فنون الفروسيَّة، انتهت إليه الرئاسة في حمل المقَيَّرة [503] انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (8/341). ورمي النُّشَّاب في زمانه، هذا مع البَشَاشَة والكرم، وحسن الشكل، والتواضع وحسن المحاضرة، وجودة المشاركة في كلِّ علم وفنٍّ، مع الفصاحة في اللغة التُّركية والعربيَّة [504] انظر: ((النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة)) (4/205) .
برهان الدِّين الأبْناسي الشافعي:
كان ليِّن الجانب بشوشًا متواضعًا، ديِّــــنًا [505] انظر: ((المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي)) ليوسف بن تغري بردي (1/178، 179) .
صالح بن عمر العسقلاني:
كان بسَّامًا، بشوشًا، طلق المحيَّا، فاشيًا للسَّلام، مهابًا، له جلالة، فَكِهًا [506] انظر: ((معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ)) لمحمد محيسن (2/174) .




أقوال وأمثال عن البَشَاشَة وطلاقة الوجه:

- قال أبو حاتم: (البَشَاشَة إدام العلماء، وسجيَّة الحكماء؛ لأنَّ البِشْر يطفئ نار المعاندة، ويحرق هيجان المباغضة، وفيه تحصين من الباغي، ومنجاة من الساعي، ومن بَشَّ للنَّاس وجهًا،لم يكن عندهم بدون الباذل لهم ما يملك) [507] انظر: ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) (1/75) .
- وقال أيضًا: (لا يجب للسُّلطان أن يفرط البَشَاشَة والهَشَاشَة للنَّاس، ولا أن يقلَّ منهما؛ فإنَّ الإكثار منهما يؤدِّي إلى الخفَّة والسَّخف، والإقلال منهما يؤدِّي إلى العجب والكبر) [508] انظر: ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) (1/269) .
- قال الحارث المحاسبي: (ثلاثة أشياء عزيزة أو معدومة: حسن الوجه مع الصِّيانة، وحسن الخلق مع الدِّيانة، وحسن الإخاء مع الأمانة) [509] انظر: ((غذاء الألباب شرح منظومة الآداب)) للسفاريني (1/284) .
- قال الأحنف: (رأس المروءة: طلاقة الوجه، والتودُّد إلى النَّاس) [510] انظر: ((التذكرة الحمدونية)) لابن حمدون (1/204) .
- البِشْر دال على السَّخاء كما يدلُّ النَّور على الثَّمر [511] انظر: ((التذكرة الحمدونية)) لابن حمدون (2/228) .
- من حسن الخلق أن يحدِّث الرجل صاحبه وهو مبتسم [512] انظر: ((التذكرة الحمدونية)) لابن حمدون (1/204) .
- قال الجاحظ: (زعمت الحكماء أنَّ القليل مع طلاقة الوجه أوقع بقلوب ذوي المروءات من الكثير مع العبوس والانقباض) [513] انظر: ((الرسائل)) للجاحظ (1/30) .
- عن ميمون بن مهران قال: (المروءة: طلاقة الوجه، والتودُّد إلى النَّاس، وقضاء الحوائج) [514] انظر: ((تاريخ مدينة دمشق)) لابن عساكر (61/363) .
- قال لقمان لابنه: (خصلتان يزيِّنانك: اعلم أنه لا يطأ بساطك إلا راغب فيك، أو راهب منك. فأما الرَّاهب منك فأدن مجلسه، وتهلَّل في وجهه، وإيَّاك والغمز من ورائه. وأما الرَّاغب فيك، فابذل له البَشَاشَة، وابدأه بالنَّوال قبل السؤال، فإنَّك متى تلجئه إلى مسألتك تأخذ من حرِّ وجهه ضِعْفي ما تعطيه) [515] انظر: ((الجليس الصالح والأنيس الناصح)) (1/449) .
- البَشَاشَة فخُّ الْمودَّة [516] انظر: ((نثر الدر في المحاضرات)) للآبي (1/194) .

- وقيل: (حسن البِشْر اكتساب الذِّكر) [517] خال الشيء يخال خيلا وخيلة ومخيلة: ظنه. انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/226)
.

- البَشَاشَة أوَّل قِرَى الأضياف [518] انظر: ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (2/428) .
- من أحبَّ المحمدة من النَّاس بغير مرزئة، فليتلقَّهم ببِشْر حسن [519] انظر: ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (2/428) .
- قال العتابي: (من ضنَّ ببِشْره كان بمعروفه أضنَّ) [520] انظر: ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (2/429) .
- حسن البِشْر مخيلة النَّجح [521] انظر: ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (2/429) .
- كان يقال: (حسن البِشْر واللِّقاء رقٌّ للأشراف والأكفاء) [522] انظر: ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (2/431) .
- البَشَاشَة رشوة، والمودَّة نشوة.
- سئل أعرابي عن الكرم، فقال: أما الكرم في اللِّقاء فالبَشَاشَة، وأما في العِشْرة فالهَشَاشَة، وأمَّا في الأخلاق فالسَّماحة، وأمَّا في الأفعال فالنَّصاحة، وأما في الغنى فالمشاركة، وأما في الفقر فالمواساة [523] انظر: ((أخلاق الوزيرين = مثالب الوزيرين)) للتوحيدي (ص 391) .
- قيل: البَشَاشَة في الوجه خير من القِرَى. قالوا: فكيف بمن يأتي بها وهو ضاحك، وقد ضمَّن شمس الدِّين البديوي هذا الكلام بأبيات، فقال:
إذا المرء وافى منزلًا منك قاصدًا
قِرَاك وأرمَـتْهُ لديك المسالك
فكن باسمًا في وجهه متهلِّلًا
وقل مرحبًا أهلًا ويوم مبارك
وقدِّم له ما تستطيع من القِرَى
عجولًا ولا تبخل بما هو هالك
فقد قيل بيت سالف متقدِّم
تداوله زيد وعمرو ومالك
بَشَاشَة وجه المرء خير من القِرَى
فكيف بمن يأتي به وهو ضاحك




البَشَاشَة وطلاقة الوجه في واحة الشِّعر:

قال الشَّاعر:
وإنَّ محمدًا لرسولُ حقٍّ
حسيبٌ في نبوَّتِه نسيبُ
أمينٌ صادقٌ بَرٌّ تقيٌّ
عليمٌ ماجدٌ هادٍ وَهُوبُ
يُريك على الرِّضا والسخطِ وجهًا
تروقُ به البَشَاشَةُ والقطوبُ
يضيءُ بوجهِه المحرابَ ليلًا
وتظلمُ في النَّهارِ به الحروبُ

وقال آخر يعاتب صديقه:
وكنتَ إذا ما جئتُ أدنيتَ مجلسي
ووجهُك من تلك البَشَاشَةِ يقطرُ
فمَن لي بالعينِ التي كنتَ مرةً
إليَّ بها في سالفِ الدَّهرِ تنظرُ

قال ابن أبى الدُّنيا: حدَّثني أبو عبد الله محمد بن خلف التَّيمي، قال: (كان سعيد بن عبيد الطائي يتمثَّل:
اتَّقِ بالبِشْرِ مَن لقيتَ مِن النَّا
سِ جميعًا ولاقِهم بالطَّلاقة
ودعِ التِّيهَ والعبوسَ عن النَّا
سِ فإنَّ العُبُوسَ رأسُ الحماقة
كلما شئتَ أن تعادي عاديـ
ـتَ صديقًا وقد تعزُّ الصداقة

وقال ابن عبد البرِّ: ولبعض أهل هذا العصر:
أزورُ خليلي ما بدا لي هشه
وقابلني منه البَشَاشَة والبِشْر
فإن لم يكنْ هشٌّ وبشٌّ تركته
ولو كان في اللُّقْيَا الوِلَايَة والبِشْر
وحقُّ الذي ينتاب داري زائرًا
طعامٌ وَبِرٌّ قد تقدَّمه بِشْر

وقال البحتري:
يا سعيدُ والأمرُ فيك عجيبُ
أين ذاك التَّأهيلُ والتَّرحيبُ
نَضَبَت بيننا البَشَاشَة والوُدُّ
وغارا كما يغورُ القَلِيبُ

وقال إيليا أبو ماضي:
قال البَشَاشَة ليس تسعدُ كائنًا
يأتي إلى الدُّنيا ويذهبُ مرغمًا
قلت ابتسمْ مادام بينك والرَّدَى
شبرٌ، فإنَّك بعدُ لن تتبسَّما

وقال آخر:
إنَّ حسنَ اللِّقاءِ والبِشْرَ ممَّا
يزرعُ الوُدَّ في فؤادِ الكريمِ
وهما يزرعان يومًا فيومًا
أسوأَ الظنِّ في فؤادِ اللَّئيمِ

وقال الشَّاعر:
إذا كان الكريمُ عبوسَ وجهٍ
فما أحلَى البَشَاشَة في البخيلِ




وَالسَلامُ عَليكُمْ وَرحْمة اللهِ وَبرَكاتُة
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
رد مع اقتباس