.
.
.
دَخَلتْ الْغُرْفَةَ فِيْ جَوْفِ اللَّيْل ..
لَمْ تَأبَه للظَّلآم .. تَرَكَتْ الأَنْوٓآار مُطْفَأة ..
اتَّجَهَتْ بِلَهْفَةٍ إلى ذلكَ الفِرآاش .. تَلَمَّسَتْهُ بِيَدَيْهآا فيْ ظَلآام الغُرْفَة ..
لآا أَحَدَ هُنآك ..
المُلآائآتُ مُرَتَّبة.. تَمآاماً كَمآا تَرَكَهآا.. عِنْدَمآا خَرَجَ في الصَّبآاح ..
رُبَّمآا قَرَّرَ الْمَبِيْتَ عِنْدَ أَحَدِ رِفَآاقِه ..
تُتَمْتِمُ بِرِقَّةٍ وَ كأنَّها تَخشىٓ أنْ تُوْقِظَ نآائِماً ..
تِلْكَ الْعآدةُ السَّيِّئة التي لا يُقْلِعُ عَنْها ..
تسْتَديْرُ بِخُطُوات مُرتَجِفة .. تَتلَمَّسُ طَريْقها إلى خِزَآانةِ ثِيآابِه ..
تَفْتَحها .. وَتُخْرِج مِنُها أحَدَ قُمصآانِه .. تضُمُّه .. تَسْتَنشِقهُ وَ كَأنَّما انقَطع اوكسجيٓنُ العَآالَمِ إلَّا مِنْه ..
تَجْلِسُ هُنآك .. مُتَشبِّثَة بذاكَ القَمِيْصْ ..
وَ يَنتشِرُ صَدَى ذَلِك الأنِيٓنِ الْخَآافِت مُتَرَدِّداً في أرْجآاءِ تِلكَ الغُرْفَة ..
....
و في الغُرْفَةِ الأُخْرى .. يَجلِسُ عَلَى كرسيِّه الكَبيرْ ..
بِهَيْئَتهِ المَهيْبَة .. و قَدْ تَرَك الزَّمَآان آثارهُ الوآاضِحة في ذَلِكَ الوَجه الرزين ..
وَ لكِنَّهُ بَدا في هذهِ اللَّيلَةِ وِ كَأنَّ الزَّمنَ قَد قفز بِهِ عِدَّة سنوآاتٍ أخْرى ..
مُتْعَبْ ..
يُحَدِّقُ في اللامكان .. " يَنْتظِرْ " ..
يَنْتظِرُ شَيئاً مآا .. أو ربَّماآ شَخصاً مآا ..
يتأمَّل وَ يَتَأمَّل .. ثُمَّ يُتَّجِهُ بنظرِه الى إحدى الزَّوايآا ..
" هُنآا كُنْتَ تَلْعَبُ صغيري .. و هُنآاك .. كُنْتَ تجْلِس مع امك لتُسآاعِدَك في إنجآازِ وآاجِبِك المَدرَسي .. و لآا أزال اذكرْ .. عِنْدمآا كنتَ تقْفِز من على حآافَّة الطَّاوِلة .. و أعآاقبكَ خوفاً عليكَ من السقوط ... "
يُكَلِّمُ الفَراغَ بابتِسآامةٍ باآهِتَة..
هُدوُءٌ وَ صَمْت .. وَدُموُعُ قَهْرٍ و ألمٍ تَنسآابُ مَعَ انسِيآاب شَريطٍ مِنَ الذِّكْرَياتِ الدَّافِئَة ..
....
و هُنآاكَ أيضاً .. جلسَت فِي فِرآاشِها عاجِزةً عَن النَّوم .. تَكآادُ تَخْتَنِقُ مِنْ شِدَّة البُكـآاء..
تُحَدِّقُ بِتِلك الصورَة على حآائط غرفتِها ..
تنظُرُ الى ذلكَ الوَجهِ بينَ وجوهِ أهلِها .. يشتدُّ بُكاؤهاآ ..
فَهُوَ الذي كانتْ تُعانِدهُ وَ تَرْفُض طلَباتِه .. تُشاآجِرهُ فِي المَنزِل .. و تَفْخَرُ بِهِ أمامَ رفيقاآتِها ..
ذلكَ الذي .. خرجَ لِيَخطوَ خطوَة جديدة نحو حلمه ..
ذاك الذي سُلِبَ حياتَهُ و حَقَّهُ فِي تَحقيقِ طُمُوحِه...
و بِسَبَبِ ماذا ؟!
بِسَبَبِ همجية البَعض ..
أيُّ حُزن سببتموه .. و أي ألم ؟!!!
فَطَرْتُم قلوبَ آبآاءٍ و أُمَّهات .. وَ قَتلتُم أحلامَ أطفالْ ..
روَّعتُم مُجْتَمعاً آمناً ..
و شكَّكتُم بقُدرتِكم على بِناءِ مُستَقبَلِ أرضِكُم ..
أشقَّاؤكم قآاتَلوا و ضحَّوا لأجل عَدآالةٍ و حُرِّيَّة.. فبِرَبِّكم بِم تُبَرِّرون همجيَّتَكم ؟!
سُحقاً .. ثُمَّ سُحقاً .. ثُمَّ سُحقاً ..
لأصْحاآبِ القُلوبِ المريضةْ ..
فكَم من خَيْبَةٍ كَآانتْ بِسَبَبِهِم ..
...
اردنُّنا الغالي .. تَنْزِفُ أيها الحَبيب و تتألَّم ..
و تَذبُلُ زُهورُك رُوَيداً رُوَيدا ..
وَ لَيْتَهُم يفهَمون ..
..
جامعاتنا .. زملاؤُنآا ..
مُنْذُ متى .. اقْتَرَنتْ كَلِمةُ البناءِ .. بِفِعلِ الهَدم ؟!
برَبِّكُمْ.. ألَيْسَ هذا جُنوٓناً ؟!
كفانآا .. كَفَآآآآنآآآآ ...
:glb:
.
.
.