آنيـوو
؟
كيف حالكم جيمعاً
قبـل عدة ساعآت شعرت بانني اريد ان انفجر بالبكـاء
:glb:
قررت كتابة هذه القـصة القصيرة بصراحةة لا اخفيكم ان عيني بدئتان تمتلئان بالدموع لكني اخذت احرك راسي كي لا تنزل
***
آطْوِي صفْحَة السَّكِونِ الّذِي عآنقَ صمْتَنآ,
وَ آفتَح لنَا بـ " وجْهِ الشَّمِسِ " صفْحَةً جديْدَة !
لآ يُمكِنُنِي الفَهْمُ أبَداً, إنَّ هذَا الاكْتِئَابَ الّذِي يُصاِحبُ لحَظاتِ سَفرِي
لآ ينفَّكُ يُراودِنُي كُلَّما أغدَق عليَّ اللَّيْلُ بـ هذَا السُّكون.
لـ رُبمَّا كانَ هذَا بسِبِب الطَّريْقِ الجبلِّي المُخيْف,
أعنِي مِن أيْنَ لِي أنْ أُمتِّعَ ناظِريَّ وأنآ مُحاطَةٌ بـ أكوآمِ الرّمالِ هذِه !؟,
أوْ رُبَّما لأنَّهُ اللَّيْلُ - علَى أيَّةِ حآل -
فحتَّى لُو آكتسَى الطَّريْقُ بـ خُضرَةِ الأشْجآرِ فإنَّنِي لَن أقِدَر
علَى التَّمْتُع بالنَّظِر إليْهآ وهذَا الظَّلآمُ
لآ يغْزُوهـ سوَى هلآلٍ خآفِت!.
مضَت الدَّقآئِقُ تجرُّ بعْضُهَا بعْضاً, ولَم تلُح لنآ أضْوآءُ المديْنَةِ بَعْد.
ولَم يتحرَّك سآكِنُ الصَّمِتِ بيْني وبيْنَ القآبعِ خلْفَ المِقْوَد.
فهآهُوَ قَد رآحَ يُسلِّي نفْسَهُ بـ نفْثِ دُخانِ السَّجائِر .!
قطَّبَت حآجبيْهَا فِي دلالَةٍ علَى آنزِعاجِهآ, سعَلتْ مرَّتيْنِ
لـ تُضيْفَ لـ آختنآقِها بهذِه الرّآئِحَةِ لمْسَةً ترآجيديَّة!.
ولكِنّ ذلِكَ لَم يبْدُو سببَاً مُقنِعاً
لـ شقيْقِهآ لـ يُخِمَد نآرَ مآ آرْتكَز بيْنَ إصبَعيْنِ مِن يدِهـ اليُسْرَى .
-
آفِتَحِ النَّآفِذَةَ قليْلاً !
قآلَتْهآ بضَجرٍ لـ يسْتسلِمَ لهآ ويسْمَح لريآحٍ
قويَّةٍ أنْ تخْترِقَ صمْتُهمآ وتسْحَب هذَا الدُّخاَن الخآنِقَ مَعهآ خارِجاً!.
رآقَ لها الضَّجيْجُ الّذِي أحَدثُه الهوآءُ القوِّيُ بسَببِ
سُرعتِهمآ فِي طريْقٍ مثْلِ هذَا, بدآ لهَا لحظَةً مُناسِبَةً
لـ آغتيآلِ هذَا الصَّمْت :
-
بعْدَ قليْلِ سَـ نمرُّ بـ محطَّةٍ قريْبَة !
قآلَتها وصَمتَتْ, تستدِرُج السَّائِقَ الضَّجِرَ
لـ يُشارِكَها الحَديْث, لكِنُّه أبْدَى آمتعاضَاً وآضِحاً حيْنَ قالْ :
-
ومآذَا فِي ذلِك ؟!
بُكلِّ مآ أوتِيَ منْ برُود, لكِنَّها كآنَت عآدَتُه
دائِماً لذآ لَم يشُّلهَا هذَا الرَّدُ عَن الإدلآءِ بـ تتمَّةِ مآ سَبقَ فقَآلت :
- ل
ـ نتوقَّفْ هُنآك!, أريْدُ قهْوَة !
قهْوَة ؟!, بدَآ لهَا ذلِكَ جميْلاً يتنآسبُ مَع سكُونِ
اللحَّظةِ وهذِه اللَّيْلَةِ الطَّويْلَة, فـ كُلّ هذَا السُّكونِ والبرُودَةِ
تحْتآجُ شيْئاً ذآ رآئِحَةٍ قويَّةٍ
كـ قهْوَةٍ مركَّزةٍ دآكِنَةٍ مَع قليْلٍ مِن السُّكرْ !.
***
إنَّهُ يمْتلِكُ ابتسَامةً جميْلَة, آبتسامةً جميْلةً
دفَعتْني لـ أنْ أفْتَح زُجاجَ نافَذِتِي وَ آنظُر لـ عيْنيِه الشَّاحبَتيْنِ مُباشَرةً !
-
هَل أُنظِّفُ السَّيارَة يآ آنِسَة ؟!
يُنظِّفُهآ ؟!, كيْف ؟!, حُقَّ لِي أنْ أسَألَ وأنآ أتأمَّلُ
طفْلَ العاشِرَةِ رثَّ الثّيابِ هذَا بطُولِه الّذِي بالكَادِ يصِلُ إلَى نآفِذَتِي ..
وَ سطْلِ إلَى يسارِهـ علَّق علَى جآنبِه منْشفَةً رُغَم كُونِها
داكِنةَ اللَّوْنِ إلَّا أنَّها تُظِهرُ بوُضوحٍ آثَار تجارِبهَا مَع الكثيْرِ مِن السَّيارات !.
كآنَ ينْتِظرُ الإجابَة وقَد شمَّر
عَن ساعِديَهِ ولَم تثْنهِ العشْرُ درجاتٍ مئويَّةٍ والَّتِي
آكسَبت اللَّيْلَ برُودةً قآرِصةً عَن هذَآ النَّشآطْ!
بعْكِس مُوظِّفِي المكآتِب ورُغَم معاطِفهُم السَّميْكَةِ
ومكاتِبهُم الدّآفِئَةِ شتاءً , البآرِدَةٍ صيْفاً إلَّا
أنُّهم يُلِّوِّحُوَن بالسّآمَةِ بَل ويتسآبُقون لـ لعْنِ الحَظِّ العآثِر
وركْلهِ عدَّاتَ مرَّاتٍ إذْ وقَع آختيارُهم علَى الوظيْفَةِ الخطَأ !!.
-
لآ, ولكِن .. آذَا أحضَرتْ لِي ثلاثَة أكْوابٍ مِن القهْوَةِ فـ سْتحصُل
علَى أجرَةٍ تُعادِلُ تنْظيفَك لـ ثلاثِ سيّارات, ما رأيُك ؟!
قُلْتَها بابِتسامَةٍ, آستَرقَها ذلِكَ الطِّفُل ولكِنُّه أحآلَها شيْئاً
أجْمَل وأكْثَر برآءَةً وصِدْقاً دُونَ شفقَةٍ كسَتْ نبْرَتِي حيْنَ
لوَّح لِي بهآ مَع إيْماءةٍ مُوآفقةٍ مِن رأسِه,
دفَعتْهُ لـ آحتضآنِ بضْعِ وريْقاتٍ نقديَّةٍ تكْفلُ لهُ آحضَار مآ طُلِب !
وضَع أمآنَتهُ المُتمثِّلَةِ بسطْلهِ المُتهالِك وَ منْشفَتِه المُهترئَةِ قُرَبَ
السَّيارَةِ ومضَى رآكِضاً بِنشاَط. فَـ دفَعنِي
آنصرآفُه لتذُّكرِ الغآئِب منذُ دقآئِقَ إذْ ذَهب إلَى دْورَةِ الميآهـ.
لَمْ أظُنَّ أنُّهُ سيُوآفِق!, لكِنُّه فَعل ! قُلَتها لذآتِي وآبتسامَةُ سآخِرَةٌ
رسَمتْها تلْكَ العِبارةُ علَى شفتيَّ وأنآ أتأمَّلُ عالَم المحطَّةِ الصَّغيْرَ هذآ خلْفَ الزُّجَاج.
امرأةٌ تُطلِّ مِن خلْفِ دُكَّانٍ خشبِّي صَغيْرِ لـ بيْعِ البطآطاَ الحُلوَةِ
قَد لَفتَتنِي حيْنَ آبتسَمت لذلِكَ المُشْترِي
وهُوَ يحْتظِنُ كيْسَ البطآطَا إلَى سيَّارتِه علَى عَجلٍ كأنَّهُ
يُسآبِقُ كرآتِ البُخارِ الَّتِي ينْفُثَها فمُه.
إنَّها ذآتُ الابِتسامَة, أتُراهَا تكُون وآلِدَته ؟!
قطَع حبْلُ أفكآرِي رُؤيَتِي لـ أخيِ يحثُّ الخُطَى نحُوَ متْجَرِ
الأطْعَمةِ حيْثَ غآبَ مُجدَّداً عَن ناظِريَّ فِي تخْمينٍ سآبِق منِّي
إلَّا أنَّ هُنآكَ عُلبةَ سجآئِرَ ثانِيةٍ سـ تأتِي فِي الطَّريْقِ لـ تُرافِقَ السَّاعتيْنِ
المُتبقيَّتينِ علَى نهايَةِ هذِه الرّحلَة.
عآدَ طِفْلُ العآشِرَةِ بخُطواتٍ رزيْنَةٍ هذِه المرَّةَ حرْصَاً
علَى أكوآبِ قهْوَةٍ آرْتكَزت فُوقَ قطْعَةِ كرْتُونٍ جميْلَة الألْوآنِ قَد
حمَلهآ بيْنَ يدْيهِ برفْقٍ شَديْد, مدَّهآ لِي كأنُّه تخلَّص مِن حمْلٍ ثَقيْلِ أخيْراً ثُمَّ ردَّد :
-
آسِفٌ لـ تأخُّرِي يآ آنِسَة !
نفيْتُ صحَّةَ هذَا الأسِف بـ حركَةٍ مِن رأسِي ثُم قُلْت :
-
إنَّك شخْصٌ جيِّد, وَ مآهِرٌ حقَّا !
ورُغمَ ألَّا مهارَةَ خاصَّةً تُوجَدُ لـ تمْنَحك شرَف إحضارِ
ثلاثَةِ أكْوآبِ قهْوَةٍ إلَّا أنَّ نبْرَةَ الصِّدقِ هِيَ منْ كانَت تمْنَحُ
هذَا الطفِّلَ السَّعادَةِ حسْبَما يبْدُو إذْ ردَّدَ بـ فرَح :
-
شُكراً لكِ !
وضَعتْ كُوبِي القهْوَةِ فِي المكآنِ المُخصَّصِ لهُمآ إلَى يسآرِها
ثُمَّ آحتضَنِت الثّآلِثَ بيْنَ يديْهَا بعْدَ أنْ نزَعتْهُ
مِن تلْكَ القِطَعةِ الكرتونيَّةِ الَّتِي قيَّدَته!.
وجَّهتْ نظراتِها إلَى الطِّفِل الوآقِفَ أمآمَها وسحَبتْ محِفظَتها
مِن جيْبِ معطِفهَا وهِيَ تُردِّد :
-
كَم هِيَ الأُجرَةُ إذَن ؟!
-
ستَّةُ دُولآرَاتْ !
ولأنَّها كانَت قَد أنْكسَت رأسَها فلَم تُخفِي آتسَّاعاً كسى عيْنيَها مِن هذَا السِّعْرِ
الّذِي كآنَ يعْنِي لهآ أنَّ تنْظيْفَ سيّآرةٍ وآحِدَةٍ تحْتَ
لهيْبِ الصّْيْفِ أو برُودَةِ الشِّتاءِ لَم يعْنِي سوَى دُولآريْنِ فقَطْ!,
دُولآريْنِ لـ ينْتقِلَ طفْلٌ صغيْرٌ حُولَ جوانِب سيّآرةٍ مهْمآ آتسَّعتْ ويتْرُكَها نظيْفَةً جِدَّاً .
-
ولكِن يآ آنِسَة, ليْسَ مَعِي فكَّة !
آبتسَمت وقَد أغلَقتْ مِحفظَتها سريْعاً :
-
ولآ أنآ, خُذَهآ كُلَّها فأنَا بحاجَةٍ مآسَّةٍ لهذِه القهْوَةِ أيُّها الصَّغيْر !
لكِنَّ التَّردُدَ الّذِي آكتسَتْ بِه عيْنيهِ كآنَ قَد منَعُه
مِن الذَّهابِ وقَد سمَح لهآ, بـ أنْ تمُدَّ كُوباً بيْنَ يديْهَا وهِيَ تقُول :
-
آوهـ ! يآلغبَائِي .. لَقد طلبْتُ هذَا الكُوبَ الإضآفيَّ,
دُونَما فائِدَة ! لآ يُوجَدُ سوَايَ وأخِي فِي هذِه السَّيارة !
نظَر إليْهآ بدهْشةٍ, آشتدَّت وتحوَّلت إلَى حيْرةٍ حيْنَ
وجَدهآ توُجِّهُ نظراِتها إليْهِ كَمن ينْتظِرُ مِنهُ جوابَاً,
لكِنَّهُ لَم يكُن يمْلِكُ وآحِداً لذآ كآنَ الصَّمْتُ حليْفاً لهُ وقَد قطَعتْهُ بعبارَتِها :
-
خُذهُـ أنْتَ كـ أجرَةٍ علَى قطْعِكَ كُلَّ هذَا الطَّريْقِ ذهابَاً وإيابَاً !
نَظر إلَى متْجرَ القهْوَةِ الصَّغيْرِ الّذِي لَم يكُن يتجاوَزُ عدَةَ أميآلٍ قليْلَةٍ,
ثُمَّ آلتَفتَ إليْهآ قآئِلاً :
- ل
آ أسْتطِيُع يآ آنِسَة !
مدَّتهُ لهُ وقَالتْ بآنفِعالْ :
-
هَل تُريْدُ منِّي أنْ أرمِيَهُ إذَن ؟!, هذَا سيكُون إهْداراً لـ المآلْ !
سَحبُه مِنْها بـ بُطءِ ثُمَّ آنكسَ رأسَهُ وقَد ردَّدْ :
-
شُكراً لكِ !
لمَحتْ شقيْقَها قَد خرَج للتَّوِ فَقآلَت للوآقِف أمآمَها بلُطْف :
-
سـ أذْهَبُ الآنَ!, فقَد عآدَ أخِي وسنُوآصِلُ سيْرَنا.. إلَى الِّلقآءْ
آبتسَم ذلِكَ الطِّفُل ومضَى مُودِّعاً وقَد توَّجَه هذِه المرَّةَ
لـ السَّيْدَةِ خلْفَ الدُّكآنِ الخشبِّي وقَد حدَّثَها حسْبَما
يبْدُو بسعادَةٍ بالِغةٍ عَن هذِه الصَّفقَةِ الرّآبِحَةِ الّتِي حآزَ
عليْهآ وقَادَتهُ صُدفَةُ عبُورِ هذِه الفتاةِ فِي المحطَّةِ إلَى الفُوزِ بهآ,
كآنَت وآلِدَتُه قَد آنشَغلتْ بحديِثهِ ولَم تُخفِي سعادَتها
بـ الورَقةِ النَّقديَّةِ الّتِي مدَّهآ إليْهآ حيْنَ وضَع
مُعدَّاتِه جانِباً وجلَس عَلى كرسّي صغيْرِ ينْتِظرُ قطْعَة بطآطَا
أتَتْ بِهآ وآلِدَتُه لـ يسْتمِتَع بِهآ هذِه المرَّةَ مَع كُوبِ قهْوَة !.
-
هذَا المتْجَرُ جيِّدٌ للغآيَة !
كآنَ هذَا صوْتَاً قطَع عليْهآ تأمُّل المشْهَدِ الّذِي كآنَت
تحيْكُ تفآصيْلَهُ فِي مُخيَّلِتها حسْبَمآ ترآهُـ أمامَها,
حيْنَ آلتَفتتْ إلَى مُحدِّثِها الّذِي عآدَ مُحمَّلاً بـِ كيسٍ كَبيْرِ مِن الطَّعاِم وكأنَّ
هذَا إلَى جآنبِ السَّجائِر الجديْدَةِ سببَاً كافِياً لهُ لـ يخْرُجَ عَن صمْتِه
وَ يصيْحَ بتْلكَ العِبارَةِ المرِحَة !.
-
مآذَا أحضَرْتَ لنَآ ؟!
قآلتْهآ حيْنَ مدَّ لهآ الكيْسَ لـ تتفحَّصُه بعنايةٍ مُقلِّبَةَ بصرَها بيْنَ
أغلِفَةِ الحلْوَى الشَّهِيَةِ الّتِي أتَى بِهآ وقَد آنشَغلَ
هُوَ بـ آرْتشافٍ كُوبِ قهْوَةٍ جذَبَتهُ برآئِحتها وهُوَ يُردِّدْ :
-
ذلِكَ ما كُنت أحتآجُه!, كُوبٌ مِن القهْوَة !
***
فَتحَت عيْنيَها لـ تجِدَ السَّكُونَ قَد حطَّ مرَّةً أُخرَى,
فمنْذُ نصْفِ ساعةٍ كآنَا قَد بدأَ رحلَةً أُخرَى نحُوَ ذآتِ الطَّريْقِ
الجبلِّي الصآمِت, فـ القهْوَةُ قَد آنَتهت وخبُتَ دُخانُهآ
وَ أغلِفةُ الحلْوَى قَد أصابتْهُما بالتّخُمَة !. فَـ قرَّرآ آنِتهاَج الصَّمِت مِن جَديْدِ .. !
وإنْ كآنَ لآ مكانَ لـ الحديْثِ بيْنُهما فهُنآكَ أفْكارُها, وَ سمَّاعَتَيْنِ
أحَاطَتا بأُذنيْهَا لـ تُديْرَ ضجيْجَاً يكْسُو هذَا السَّكُون.
إنَّي أتُوق لـ رؤُيَةِ أضْوآءِ المديْنَة, أريْدُ أنْ أرَى شارِعاً بـ مُشاَة,
بـ آزْدِحاِم تعْزِفُ علَى أوْتارِهـ أبْوآقُ السَّيارَات, أريْدُ رؤيَةَ المتاجٍر
الجميْلَة, وَ مخابِز الكعْكِ الّذِي يُطلِّ بـ أشكآلِه المُخْتلِفَةِ لـ يُزيِّنَ ما خلْفَ الزُّجاَج,
أريْدُ أنْ أحَظى بلحْظَةِ بـِ فُرصَةٍ أٌخرَى لـ أجُوبَ ذلِكَ
الطَّريْقَ فِي ليْلَةٍ مُقْمَرةٍ وألْمَح ظلَّهُ مِن بعيْد !,
حيْثُ يقِفُ بيْنَ الزَّحآمْ ينْتشِي آهـً ويْزفِرُ أُخرَى بعيْنين كآنَ الحُزْن وهَجاً لهُمآ!,
أريْدُ العْوَدة إلْيها تلْكَ اللَّحْظَة حيْنَ رفَع رأسَهُ ونفَث فِي الهواءِ كُرَة بخُارٍ كبيْرَةً
أرسَل مَعهآ أحْزانُه إلَى السَّماءْ, كآنَ ذلِكَ عهْدِي الأوَّلُ بـ دمُوعِه! أريْدُ
أنْ أعُوَد إليْهآ, فقَط لـ أسآرِعَ الخُطَى وَ أحْظَى بـِ كلِمَةِ وداعْ!, ليْتنِي أعُود إليْهآ ...!
زَفرْتُ بـ عُمقٍ علَّ تلْكَ الفِكرَة تخْرُج, ولكِنَّها كرَّرَت ذآتَها بقوَّة : ليْتنِي أعُود إليْهآ تلْكَ
اللَّيْلَة الأخيْرَة فِي شهْر أبريل !, فلُو كُنت أعلُم أنَّه اللّقاءُ الأخيْرُ
لكُنت سآرعَتُ الخُطَى نحُوَ ظلٍّ آكتفَى مِن مُرآقبَةِ الحديْقَةِ الِّتي بثَّ
أمامَها أحْزانُه الصّامِتَةَ ثُمَّ مضَى إلَى سيّآرَةِ أُجرَةِ صفْرآءْ.
كآنَ آنعِكاسُ صُورَتِي علَى زُجاجِ السَّيارَةِ ذلِكَ الّذِي لآحَظْتُه أخيْراً,
دآفِعاً لـ الابْتِسآمِ بسُخريَة ومزْجِ شفقَتِي علَى ذآتِي بشيءٍ مِن حُزنٍ آقشَّعَرَّ لهُ
بدَنِي حيْنَ صآحبَ هذِه الّذِكرَى!,
حيْثُ رمَيْتُ بـ عبآرةٍ أطفأتْ لهيْبَ الذِّكرياتِ كمآ أسْكَنت صُوَت المُوسيْقَى :
" مآذَا تفْعلَيْنَ بالعُودَةِ إلَى هذِه المديْنَةِ بحْثاً
عَن طيْفٍ حزيْنٍ فِي شارعٍ مُزْدَحِم ؟! "
***
-
هآ قَد وصْلَنآ !
آلتَفت إليَّ كمَن ألْقَى بِحملٍ ثقيْل :
آهـ .. وأخيْراً !
ولأنُّه قآلَها وقَد كآنَت فِي خآطِري فلَم أشأْ تِكرارَها
لذآ آلتَّفتُ إليْهِ بـ آبتسآمَةٍ باهِتَة :
-
شُكراً لَك, كآنَ الطَّريْقُ مُتعِباً !
وآخَتتَم حديْثُنآ سكُونَاً طّوقَنا وكأنَّ أضْوآءَ المديْنَةِ
حيْنَ عبَرْنآ الحدُودَ قَد أنعَشتْ فِيْنآ القُدرَة علَى الكلآم,
لـ نبْدَأ رحْلَة البحْثِ عَن ملآذٍ سكنٍّي دآفيءٍ نُمدٍّدُ فُوقَ أسرَّتِه أجسادَنا المُتصلِّبَة
إثَر هذَا الجلُوسِ الطَّويْل, خُضَنا الكثيْرَ مِن الأحآديْثِ
وآنتَهى بِنآ الأمْرُ لأقَربِ فُندقٍ كمآ يحْدُث دُوماً, وكمَا هِيَ عادَتُنآ الطَّفُوليَةُ الّتِي لَم تمْحُهآ
مرْحلَةُ الشّبآبِ لـ حسُنِ الحَظِّ فإنَّنا لَم نُخفِي إنبهارَنا بـ الفُندقِ وَ جمآلِ المكآنِ
ووَفْرَةِ الطَّعامِ فِي البرّآدِ وَ رُوعَة المنْظَرِ خلْفَ النَّافِذَةِ الزُّجاجيَّةِ والشِّجارَ علَى الغٌرفَةِ ذآتِ
الألْوآنِ الأجْمَل !, والتَّسابُق لـ آختيارِ مطْعَمِ
العشآءِ ومحطَّةِ التِّلْفازِ وأوَّلِ مَن يكُون لهُ شَرفُ الاسْتِحمامِ بعْدَ
هذآ الطَّريْقِ المُغبَّرِ الّذِي ترَك فيْنآ أثآرَهـ.
وبمُجرَّدِ أنْ أُطفَئْتُ أضوآءَ غُرْفتِي وأسْكنُت ضجيْجَ التِّلفازِ ومضيْتُ إلَى سريرٍ وثيْرٍ
ودافِيءْ, حتَّى أيْقظَ فيَّ الظَّلآمُ سهَراً, خطَّ علَى عينيَّ علامَاتِه
وأشْعَل فِي ذهْنِي كثيْراً مِن الكلِمات .. كثيْراً مِن الاشْتيآق, مِن الحنيْنِ ,
مِن لُوعَةِ الفِرآق, مِن ذَكرَى ملآمِحٍ باهِتَةٍ حزيْنَةٍ وسَط الزِّحام, مِن
بُؤسِي عَلى يأسٍ دفَعنِي للتَّشبُثِ بالخيْطِ الوحيْدِ
وعقْدِ العْزِم علَى قطْعِ طريْقٍ آحتضَن أحزآنَ اللِّقآءِ الأخيْر!
رايكم بها :glb:
اسفة انها ليست بجودة سابقتها لكني لم استطع الكتابة جيداً بسبب م ذكرتهه سابقاً
وَ أنَا .. [ علَى آعْتابِ لُوعَةِ الاشْتيآقٍ سـ آنتظِر ]
لِقآءً تجرُّهـ الصُّدفَةُ بيْنَ
" أحضَآنِ الشَّارعِ المُزدِحمْ ! "
تمت بكلا المنتديين
:glb: