05-08-2013, 04:47 PM
|
|
مدخل : حينما تغدو الألوان مزدوجة الى حد الجنون متضاربة بعضها البعض .. كما المشاعر تسيطر عليها الظلمة تغشوها بغشاءٍ ضبابي باهت محولة كل ألوان العالم الى رمادي قاتم معتم
كانت الشمس قد تصدرت السماء ناشرة خيوطها الذهبية علها تبث بعض الدفء بتلك الأجواء الخريفية الباردة .. وكالعادة .. كانت الأوراق تتراقص على أنغامٍ عزفتها الرياح فتتساقط حول الأشجار التي بدت مزدانة بألوانٍ شتى عيونٌ .. أُغمضت لتوها وأخرى تفتحت وبدأت العمل الدؤوب هدوء الريف تحول الى صخب في هذا الصباح .. فقد حدث أمر جديد آخر أقض مضجعهم .. أمر مهول أنذرهم بالحرب القادمة !! تسارعت الخطوات بالخارج جيئة وذهاباً والخوف والهلع قد سيطر على تلك القرية التي كانت هادئة مسالمة لم تكن قد غفت بعد .. أنّا لها أن تغفو بعد كل ماجرى تلك الليلة ظلت تفكر وتفكر علها تجد حلاً لتلك المصيبة التي حلت فوق رأسها وعيناها لاتكادان تفارقان البقعة المشؤومة المخيفة والتي غدت قبراً للصيني المخيف ..! سمعت تلك الأصوات فلم تعد تقوى أكثر على الصبر .. كان من الطبيعي أن تتوجه أصابع الاتهام لزوجها الآن والذي هو مغيب عنهم في مثل هذا الظرف الصعب نهضت مسرعة من فراشها وارتدت وشاحها .. ثم خرجت ووقفت خلف الباب فتحته بتردد وخوف ونظرت للخارج يجتاحها ذعر شديد ودقات قلبها تأبى السكون عادت للداخل من جديد وهي تجوب المنزل ذهاباً واياباً بتوتر وقلق عادت تنظر للداخل نحو فلورنس الذي بدأ يستفيق وعلامات الاستياء بادية على وجهه أسرعت نحوه ووقفت بجانب باب الغرفة وهي تقول بسرعة : سمعت ماسمعته .. لقد شاهدوا آثار الجريمة .. رباه ماذا نفعل الآن وهم لم يروك بينهم نظر لها بنعاس وأذناه بالكاد تلتقطان منها بعض الكلمات التي يمكنه استيعابها بوضعه ذاك ماان انهت حديثها حتى قال بانزعاج واشمئزاز : ابنتكِ .. خذيها نظرت نحوه بتساؤل ودهشة لادراكها أنه لم يستمع لها بينما نظر لها مجدداً وقال بنعاسٍ واضح : لقد بللت ملابسها وبللتني معها .. ياللقرف ..
أما كان بامكانها الذهاب للحمام قبلاً .. أو على الأقل النوم بجانبكِ لاجانبي ؟! سحقاً ! قال ذلك ونهض بتململ نحو الحمام .. مكملاً حديثه بينما يغلق الباب : جهزي ملابس مريحة لي .. وكذا بدلي الفراش .. أريد أن يكون كل شيء مهيأً حالما أخرج قال ذلك بنبرة آمرة كمن نسى كل شيء قد حدث في تلك الليلة المشؤومة وهي .. كانت تطالعه بذهول عقد لسانها عن الحديث .. وهي تتسائل بداخلها " أأحلم .. أم أنه حقاً لايهتم !" تنهدت بثقل وتوجهت لطفلتها التي كان جسدها يرتعش بشدة بينما جبينها يتصبب عرقاً نظرت لها بقلق ثم وضعت يدها على جبينها الساخن .. أدركت على الفور أن ما أفزعها هو السبب ! بألم وأسفٍ أيقظتها .. وبالكاد فتحت عينيها الذابلتين المرهقتين - صغيرتي .. أأنتِ بخير - ماما .. ماما .. لاتتركيني قالت ذلك وقد دمعت عيناها لتبدأ البكاء بخوف بينما ضمتها آريا بحنان أخذتها لغرفتها و حممتها وألبستها ملابس دافئة .. ثم أرقدتها على فراشها - انتظري قليلاً .. سأعود لكِ ياحلوتي حسناً أومأت الطفلة لها بالنفي بسرعة وهي تمسك يدها " لاتتركيني .. ماما " نظرت لها بعطف وتفهم .. بينما تفكر بفلورنس وردة فعله حالما ينهي حمامه زفرت بضيق وحيرة " يبدو أنني وحدي من يؤرقها هذا الأمر .. أما هو فكل مايهمه فراشه وراحته .. لحظة .. هو الآخر متعب أنهكته جراحه " كانت تلك الأفكار ومثلها تهاجمها بينما هي ترعى صغيرتها في ذلك الوقت أطل من الحمام بضجر
" توقعت لقد انشغلت بصغيرتها المدللة ونسيتني .. هفف " خرج وجهز ملابسه بنفسه .. مقلباً يديه في تلك الخزانة العتيقة والتي حوت ملابسه القديمة الرثة .. المصنوعة من أسوأ أنواع القماش للحظاتٍ ارتسمت أمامه صورة لخزانة فاخرة بيضاء بزخارف ذهبية راقية تذكر تلك الملابس الفاخرة الأنيقة الحريرية .. والتي كانت تتبدل بين الحين والآخر حتى لو لم يرتديها سوى لمرة واحدة فقط ..
تذكر ذلك الأثر المريح الساحر لها على جسده .. بخلاف هذه والتي كانت وبالتحديد في أوائل أيام معيشته الجديدة .. تخلف آثاراً مزعجة على جسده .. ناهيك عن ملمسها الخشن .. والذي لايمكنك أن تستشعر الراحة أبداً بسببه .. انقطعت أفكاره أخيراً وهو ينهي أغلاق آخر زرٍ في قميصه توجه بعدها لفراشه موقظاً الصغيرة الأخرى والتي استفاقت كعادتها بصعوبة " هارو اذهبي لغرفتكِ .. والدتكِ وشقيقتكِ هناك " بنعاسٍ أجابته " وأنت ؟ " ابتسم بلطف ومسح على شعرها بحنان بينما يقول بعفوية مطلقة : أنا ؟! سأنام بالطبع .. أم أن مظهري لايوحي بذلك ؟ فكرت قليلاً ثم أجابت بدلال : اذاً هارو تنام مع بابا اتسعت ابتسامته لاجابتها تلك وقبل خديها ثم أشار لها أن تنهض قائلاً : لنستبدل فراشنا أولاً فشقيقتكِ الكسول بللته - بللته ؟!! هانا !! توقعت أن تفعل فقد كانت بحاجة للحمام ولم تفعل لأنها رأت الشبح - آها .. على ذكر الشبح مالذي رأيتماه بالتحديد ؟ - رأينا ؟ لم نر لقد سمعنا ... وقاطعها فجأة صوت الباب يطرق بشدة مما جعلها ترتعد بهلع - الشبح بابا ! قالتها وهي تقفز في حجره معانقة اياه بخوف بينما أخذ يربت عليها مطمئناً وهو يفكر بقلق بأمر الطارق واذا به يرى آريا تقف أمام باب الغرفة محدقة به قلقة هي الاخرى كما لو كانت تفكر بما يفكر به أشار لها باشارة فهمتها ثم أخفض رأسه لابنته هامساً : اذهبي مع ماما .. ولاتنطقي بأي شيء حسناً صغيرتي ؟ نظرت له بدهشة وتساؤل وحاولت الجدال لكن يد والدتها كانت الأسبق لتنتشلها من أحضان والدها وتخرجها من الغرفة توجهت نحو الباب وهي تشير لها بالعودة لغرفتها ولكن الطفلة العنيدة أبت وتبعت والدتها بضجر محاولة فهم مايجري وقبل أن تبدأ بسؤالها المستاء كانت آريا قد فتحت الباب متظاهرة بالهدوء بينما خفقات قلبها تتسارع بقلق واضطراب - صباح الخير قائلتها بنبرة متسائلة .. بينما أجابها الشاب الهاديء الملامح تبدو عليه الحنكة والحيلة - صباح الخير .. لا أخال أن منزلاً لم يستمع للفوضى التي عمت القرية .. فأين السيد فلورنس لم يظهر بعد .. وقد حل الصباح ولا أظنه ممن يستلذون النوم خصوصاً بمثل هذه الأوضاع التي نمر بها .. صريح جداً .. واضح .. بلا مراوغة .. تحدث عن هدفه مباشرة .. هذا مافكرت به آريا لتحدد مع من تتعامل وعليه تبني اجابتها والتي حاولت قدر الامكان أن تبدو صادقة بتعابير ذاهلة قلقة - سمعت أصواتكم منذ هذا الصباح ولم أكن على اطلاعٍ بما يجري .. ابنتي مريضة وزوجي غادر المنزل منذ صباح الأمس ... قبل أن تكمل قاطعها متفاجئاً بريبة : ليس هنا ؟! ارتبكت لوهلة بينما حاولت الحفاظ على هدوئها وقالت بأسى : أجل .. فقد نفذت مؤونتنا .. أظنه سيقصد أبي عله يساعده .. - آها .. هكذا اذاً ... حسناً الى اللقاء .. أرجو لابنتكِ السلامة قال ذلك بنبرة غير مصدقة واستأذنها للخروج فأذنت له بلباقة وما ان هم بالرحيل حتى سمع صوت الطفلة تقول محاولة أن يبدو حديثها همساً غير أن نبرتها المرتفعة المعتادة لم تكن تساعدها على ذلك : ماما لما كذبتِ ؟ بابا هنا صـ... قاطعتها والدتها بنظرة محذرة متوعدة فالتزمت الصمت على الفور مطبقة فمها بكفيها الصغيرتين لكن ذلك الشاب نظر نحوهما بريبة من جديد .. فلم تكن كذبة كتلك تنطلي عليه عاد لمنزله باكراً وقد بدأت السماء تنذر بأمطار خريفية معتادة بينما ترك الجميع متحلقين حول بقع الدماء المنتشرة هنا وهناك والتي وبعد لحيظات قليلة .. بللتها الأمطار وغسلتها أغلق الباب وخلع معطفه الممزق .. توجه لغرفة قريبة .. الأنين وحده مايقطع سكونها اقترب من الجسد النحيل المدثر بالغطاء على فراشٍ كان قبل أن يقدَم ويصفر أبيض اللون جلس بجانبها ووضع يده على يدها المرتعشة بينما عيناه السوداوان اللامعتان تتجولان بوجهها الشاحب وعيناها المغمضتان التقط نفساً عميقاً سرعان ماأطلقه في محاولة لاستجماع صبره نهض بعدها وغسل الصحون المتراكمة في الدلو القديم يسكب الماء عليها ويحرك تلك القطعة القماشية الخشنة الممتزجة ببعض الصابون الرخيص وحالما ينهي غسلها يضعها فوق الرف المهتريء المخصص لها سمع صوت أنينها يعلو منبئاً باستيقاظها توقف قليلاً وهو ينظر لها بعينيه الذابلتين .. وقد وجهت هي الأخرى نظراتها الحانية المتعبة نحوه ابتسم تلك الابتسامة التي اعتاد على اظهارها فقط ليوهمها أنه بخير ابتسامة ميتة قتلها الزمن .. لم تكن هي الأخرى تشعر بالحياة فيها انما كانت مضطرة لاظهار أنها صدقته فبادلته بابتسامتها الحانية محاولة اخفاء ألمها وحزنها عاد يغسل الصحون وهو يقول وقد غادرت ابتسامته من جديد | ان كنتِ تتسائلين عما يحدث في الخارج .. فعلى مايبدو الأوضاع في أوساكا من سيء لأسوأ .. لا أعلم حقاً مالذي يمكننا تحمله بعد .. الأوضاع الداخلية السيئة .. أو العواصف التي توشك على الهجوم دون أن نستطيع أن نحمي أنفسنا منها .. قلة الطعام وتراكم الأعمال فوق ظهورنا .. و .. | توقف وهو يفكر بينما لم تتغير تعابير وجهه الباردة وهي تنظر له مترقبة بقلق استتم حديثه وهو يضع آخر صحنٍ على الرف : | الحرب التي ستندلع قريباً .. جداً | نظر لها وقد كانت تنظر له بخوف وتساؤل فأجابها كأنما فهم مابخلدها : | انها رائحتها .. أشعر بها أمي .. لكني أتمنى من أعماق قلبي أن يكون هذا " وهماً "| جثا بجانبها وأمسك يدها وهو يقول بصوته الدافيء : | لايعنيني شيء مما يحدث في الخارج ولن يعنيني ... فقط .. حين تعودين لي .. ابذلي جهدكِ .. أرجوكِ | قالها بنبرة صادقة لم يستطع فيها اخفاء حزنه العميق .. مما جعل دموعها تنهمر بأسى لحاله .. وهو .. عاد لحقيقته للحظات حينما ارتمى بجانبها كمن يبحث عن الأمان .. متجاهلاً رغبته بالبقاء صامداً كي لايقلقها .. فالشعور بالوحدة بدأ يفتك به .. ليس هذا وحسب .. بل الخوف مما هو آت .. دفن رأسه بحجرها بينما هي لاتزال عاجزة عن النطق والحراك .. عاجزة عن حمل ذلك العبء الكبير عن ابنها الصغير والذي لم يتجاوز العاشرة من عمره .. أطلقت العنان لدموعها لتحكي ألمها ذاك .. وتبوح بما لم يستطع لسانها البوح به .. ساد صمت ثقيل مرعب على قلبيهما وذلك الرجل يحدق بهما بريبة اجتازهما بلاتردد ودخل المنزل بسرعة يبحث في ارجائه عنه بينما رمقت آرياكو ابنتها بنظرة متوعدة مؤنبة وأسرعت بعدها خلفه لتخاطبه باستياء : | ماذا تحسب نفسك فاعلاً كيف تدخل منزلي بهذا الشكل ولا رجل فيه .. هذه وقاحة وجريمة لاتغتفر | قالت كلماتها الأخيرة وهي تقف أمامه لتمنعه من دخول غرفتها بينما نظر لها ببرود غاضب : | لو كنتِ صادقة معي سيدة آرياكو ماكنت لأفعل هذا .. أنتِ تحمين هذا المجرم الأجنبي وبذلك ترتكبين جريمة أكبر بحق وطنكِ | - |هه .. أجنبي .. انه زوجي أفهمت .. ز..و..ج..ي .. أم تحب أن أعيدها على مسامعك ياهذا .. أضف الى أن زوجي عانى من شكوكم وغدركم مايكفي هلا تركتموه وشأنه الآن .. حتى وان كان هنا فلن يرغب بلقائكم حتماً بعد مافعلتموه به .. خنتم ثقته بكم .. بل ثقتنا جميعاً .. ألقيتم بثمان سنين قضاها هنا باخلاص ووفاء فقط لأجل أمر حدث لاذنب له به ..| التقطت أنفاسها بعد حديثها المتتابع ذاك والذي لم يحرك ساكناً بخصمها .. الذي حدق بها قليلاً حتى أنهت حديثها فابتسم باستخفاف وأبعدها بقوة عن الباب ! اختل توازنها فسقطت على الأرض بقوة متألمة .. نظرت نحوه بغضب وخوف في آن واحدمتكئة بيدها على الأرض ..
وسرعان مااستجمعت قواها وتبعته للداخل وهي تخطط للدفاع أكثر قبل أن يحدث ماتخشاه .. وماان دخلت الغرفة وقد باعدت بين شفتيها تهم بالحديث .. حتى لزمت الصمت بذهول وخصمها كان يقف في الغرفة قائلاً بنبرته الساخرة :| اذاً .. سيدة آرياكو .. ماهي خطتكِ التالية ؟ | الواجب " على عكس المرة الماضية اعترف ان البارت قصير وفقير بالاحداث ذلك اني لم ادرك طوله وحجمه الا حين انتهيت رغم ان بجعبتي الكثير الا اني توقفت عند النقطة التي احسبها ستكون مجالاً للحديث والنقاش أحببت معرفة توقعاتكم من تلك النقطة وسأحاول باذن الله وضع الفصل قريباً أنا تأخرت رغم اني كتبت الفصل منذ أمد بعيد الا انني خشيت ان يستاء او ينزعج متابعيني الرائعين حين لا اقدر ظروفهم وأُراكم الفصول عليهم الى الواجب بلا اطالة حديث - رأيكم بالفصل طوله واحداثه - أفضل + أسوأ مقطع >> يعجبني هذا السؤال تحليل نفسي هههه - من تلك الشخصية الجديدة والتي في الواقع قديمة وتم ذكرها اترك المجال لكم للتفكير والتخمين والتذكر + ماهو دوره في الرواية باعتقادكم - ماذا ستفعل ارياكو مع ذلك القروي الصعب وهل سيكشف امرها ومالذي شاهده ليكونوا بتلك الحال ؟ هنا ننتهي مع خالص تحياتي وحبي ^^ |
[/ALIGN] |