عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-30-2013, 01:56 AM
 
العلوم عند العرب والمسلمين الجزء الثامن

الحمد لله ولي الحمد واهله وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وصفوته من رسله وبعد . نواصل الحديث بعون الله عن الادوات التي استخدموها الاطباء العرب في جراحة العظام
ومن الأدوات التي استخدموها في جراحة العظام البيرم؛ وهي تشبه العتلة الصغيرة تصنع من الحديد طولها ثماني أصابع، أما عرضها فيختلف باختلاف حجم الجروح والعظام، وتستخدم لرد العظام المكسورة الناتئة على الجلد وتسويتها. ومنها خشبة الرأس؛ وكانوا يزيلون بها العظم الفاسد؛ وهي ذات رأس مدوَّر وتصنع من الحديد الصلب، وتوضع على الموضع المراد إزالته وتدار حتى يكشط الجزء الفاسد. كما استخدموا نوعًا من المثاقب لثقب العظام بحيث لا يتجاوز عظم القحف إلى الجهة الأخرى، ومن هذه المثاقب الكبير والمتوسط والصغير. ولتسوية خشونة ما يبقى من عظام استخدموا آلة تسمى المقطع العدسي. إلى جانب الأدوات السابقة استخدم الجراحون العرب أدوات أخرى كثيرة.

التخدير والإنعاش. لم تقتصر إضافات العرب في مجال الطب الجراحي على إجراء عمليات لم يُجر مثلها من قبل، واستحداث أدوات جراحية جديدة فحسب، بل إنهم طوروا ما وصل إليهم من علم التخدير والإنعاش ممن سبقهم، ثم اكتشفوا طرقًا أخرى أضافوها لهذا العلم. إن التخدير العام بالاستنشاق أو بالحقن لم يعرف إلا منذ وقت قريب نحو سنة 1260هـ، 1844م. وما انتقل إلى العرب من محاولات التخدير لا يعدو أن يكون واحدًا من ثلاثة أشياء: 1ـ السحر والشعوذة 2ـ التبريد 3ـ إعطاء جرعات من مزيج مخفف للألم عن طريق الفم. ويعود الفضل إلى العرب في اكتشاف المرقِّد (المبنج) العام. وهناك من القرائن ما يدل على أن العرب كانوا أول من استعمل التخدير عن طريق الاستنشاق. وكان ذلك يتم عن طريق الإسفنج المخدر؛ فكانت توضع قطعة من الإسفنج في عصارة من الحشيش والأفيون والزُّؤان، ثم تترك في الشمس لتجف ثم تحفظ. وقبيل بدء العملية تخرج وترطب ثانية، وتوضع فوق أنف المريض وفمه، فتمتص الأنسجة المخاطية المبنجات، فيخلد المريض إلى نوم عميق أثناء إجراء العملية الجراحية. وكان هذا الاكتشاف فتحاً في مجال الطب الجراحي وأكثر رحمةً من المشروبات المسكرة التي استخدمها الهنود والرومان والإغريق، وكانوا يجبرون مرضاهم على تناولها كلما أرادوا تخفيف آلامهم.

وإلى جانب اكتشافهم الكبير، وهو استخدام المرقِّد، جرب العرب أدوية مبنجة أو مخففة للألم لأولئك الذين يخضعون أو خضعوا للعمل الجراحي. من ذلك اللُّفَّاح؛ وهو نوع من النبات غليظ الجذر أصفر طيب الرائحة، كما استخدموا القنب الهندي (الحشيش)، والشوكران؛ وهو عشب سام ذو رائحة غير مقبولة إذا فُرك بالأصابع، والخشخاش؛ وأنواعه كثيرة، والبنج؛ وينتمي إلى الفصيلة الباذنجانية ومعروف بخواصه المبنجة، وحشيشة ست الحُسن. وعلى الرغم من أن مادة الإِثير أدخلت إلى حقل التخدير الاستنشاقي بشكل منتظم منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، فإننا لا نعرف على وجه التحديد أول من اكتشف هذه المادة. إلا أن هناك من القرائن ما يشير إلى أن الفضل في ذلك يعود إلى العرب؛ فالعرب هم الذين اكتشفوا مادة الغول، وهم الذين اكتشفوا حمـض الكبريتيك (الزَّاج الأخضر). ثم أنهم أجروا تفاعلات وعمليــات تقطير بين الغول وحمض الكبريتيك، مما يقوي احتمال أن يكون العرب أول من اكتشف هذه المادة المهمة في التخدير. ولا غرو فإنهم اكتشفوا مادة الكحول وهي المادة الرئيسية لكل المبنجات السائلة والطيّارة المستخدمة في مجال التخدير حاليًا.

أما الإنعاش وإن لم يكن للعرب فيه خبرة واسعة إلا أنهم قد عرفوا مبادئه. فكانوا يدفعون كميات من الهواء عبر الرئتين بالضغط المتناوب، واستخدموا في ذلك المنفاخ. وتدلنا على ذلك القصة التي أوردها ابن أبي أصيبعة في كتاب طبقات الأطباء؛ وذلك أنه لما جاء نعي إبراهيم بن صالح، ابن عم الرشيد، استأذن الطبيب صالح بن بهلة الدخول على إبراهيم وهو في أكفانه ثم ما لبثوا أن سمعوا صوت ضرب بدن بكف ثم تكبيرًا، ثم استدعى صالح الرشيد وأخرج إبرة فأدخلها تحت ظفر إبهام اليد اليسرى للميت فجذب إبراهيم المسجّى يده إلى بدنه، فطلب الطبيب أن يجردوه من كفنه وطلب كندسًا (نوع من الدواء) ومنفخة من الخزانة، ونفخ في أنف إبراهيم لمدة ثلث ساعة، فاضطرب بعدها بدنه وعطس ثم هبّ مستيقظًا. وغدا ان شاء الله سناتي على ذكر طب العيون
رد مع اقتباس