الموضوع: غزوه احد
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-31-2013, 01:09 PM
 
غزوه احد

تمهيد

وقعت في يوم السبت، السابع من شوال في السنة الثالثة للهجرة والتي تصادف 23 مارس 625 م، بين المسلمين في يثرب بقيادة الرسول محمد بن عبد الله وأهل مكة وأحابيشها ومن أطاعه من قبائل كنانة وأهل تهامة . كانت قوة المسلمين تقدر بحوالي 700 مقاتل وقوة أهل مكة وأتباعها تقدر بحوالي 3000 مقاتل منهم 1000 من قريش 000 من الأحابيش وهم بنو الحارث بن عبد مناة من قبيلة كنانة وكان في الجيش 3000 بعير 00 فرس و 700 درع وكانت القيادة العامة في يد أبي سفيان بن حرب وعهدت قيادة الفرسان لخالد بن الوليد يعاونه عكرمة بن أبي جهل
تمكن جيش أبي سفيان من تحقيق نصر عسكري بواسطة هجمة مرتدة سريعة بعد نصر أولي مؤقت للمسلمين الذين انشغل البعض منهم بجمع الغنائم وترك مواقعهم الدفاعية التي تم التخطيط لها قبل المعركة وتمكن بعض أفراد جيش أبي سفيان من الوصول إلى الرسول محمد وإصابته وشج أحدهم (وهو عبد الله بن شهاب) جبهته واستطاع ابن قمئة الليثي الكناني من إصابت انفه ، يعتقد المؤرخون أن من الأسباب الرئيسية للهزيمة العسكرية للمسلمين هو مغادرة المواقع الدفاعية من قبل 40 رامياً من أصل 50 تم وضعهم على جبل يقع على الضفة الجنوبية من وادي مناة، وهو ما يعرف اليوم بجبل الرماة والإشاعة عن مقتل النبي محمد أو "صرخة الشيطان" التي كان مفادها «ألا إن محمدا قد قتل» بحسب المصادر التاريخية الإسلامية

السياسه بعد غزوه بدر

استنادا إلى كتاب "سيرة رسول الله" للمؤرخ ابن إسحاق فإن الرسول مكث في المدينة 7 ليال فقط بعد معركة بدر حيث قام بغزو بني سليم ، وحسب رأي القمني في كتابه حروب دولة الرسول، تعد هذه إشارة إلى محاولة الرسول تقطيع أوصال الائتلاف القرشي لصالح الكيان الإسلامي الحديث النشوء وتم اختيار بني سليم حسب رأي القمني كذلك كونها من القبائل الكبرى في الجزيرة العربية. بينما تشير المصادر التاريخية مثل أن غزوة بني سليم كانت بسبب تحضيرهم لمهاجمة المدينة ولكن بنو سليم هربوا من مضاربهم لمجرد سماعهم بقدوم المسلمين وتركوا وراءهم 500 بعير مع الرعاة حسب سيرة الحلبي صفحة 480.
بعد غزوة بني سليم بشهر خرج الرسول محمد برجاله لتأديب غطفان على حلفها مع بني سليم في الغزوة المعروفة غزوة ذي أمر واستنادا إلى البيهقي فإن غطفان هربت كما سبقهم بنو سليم وهناك مصادر تشير إلى أن "جمعا من ثعلبة ومحارب بذي أمر قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف الرسول محمد " ، وبات المسلمون يشكلون خطرا حقيقيا على اقتصاد مكة عن طريق السرايا التي كانت تقطع طريق قوافل قريش التجارية وعن طريق الإغارة على القبائل لإجبارها على قطع موالاتها لمكة. وحسب رأي سيد القمني
"يرى المؤرخون أن السلاح الذي فاض بعد انتصار المسلمين في معركة بدر والمال الذي جاء من فداء الأسرى المكيين تزامنت مع آيات قرآنية تنسخ ما سلف من آيات سابقة وكانت الآيات الجديدة تحمل روحا سياسيا جديدة فعلى سبيل المثال قالت آيات ماقبل أنتصار بدر «إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون» (سورة البقرة) بينما نصت آيات المرحلة الجديدة «إن الدين عند الله الإسلام» (سورة آل عمران) و«ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه» (سورة آل عمران)"
يعتقد بعض المفسرين أن تحليل سيد القمني مشكوك فيه لأنه وطبقاً للمفسرين فمن المعلوم في الشريعة الإسلامية أن المنسوخ هو الأحكام ولم يقل أحد بأن التقرير ينسخ. فآية {إن الذين آمنوا والذين هادوا...} تقصد من كانوا على ديانة اليهودية إلى فترة النبي عيسى ثم النصارى إلى فترة النبي محمد. والصابئة وهم موحدون على الفطرة من غير نبي إلى أن تبلغهم دعوة نبي زمانهم [انظر تفاسير ابن كثير والطبري والقرطبي لآية النسخ: البقرة
حدثت في هذه الفترة الانتقالية حادثتين مهمتين يمكن اعتبارهما من رموز بداية مؤسسة سياسية مركزية واحدة تتجاوز القبائل المتحالفة إلى الدولة الموحدة وهاتان الحادثتان هما مقتل كعب بن الأشرف وغزوة بني قينقاع.

غزوة بني قينقاع

سبب هذه الغزوة كما يقول ابن هشام أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ بها فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها فلما قامت انكشفت سوءتها فضحكوا بها فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله وكان يهوديا وشدت اليهود على المسلم فقتلوه فاصطرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود فغضب المسلمون فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع
وكان من حديثهم: أن الرسول جمعهم في سوقهم ثم قال: «يا معشر اليهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم.» فقالوا: «يا محمد إنك ترى أنا قومك، لا يغرنك أنك لقيت قوماً لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، أما والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس.»
وبعدها لجأ اليهود إلى حصونهم يقاتلون فيها، ففرض الرسول عليهم الحصار، وأحكمه خمس عشرة ليلة حتى اضطروا إلى التسليم، ورضوا بما يصنعه رسول الله في رقابهم ونسائهم وذريتهم، فأمر الرسول أن يخرجوا من المدينة. فرحلوا إلى أذرعات بالشام ولم يبقَوا هناك طويلاً حتى هلك أكثرهم.
ويرى الشيخ محمد الغزالي:
وحسب سيد القمني:
«"يعتبر البعض أن مقتل كعب بن الأشرف الشاعر اليهودي مثالا على موقف باتر لكل لون من المعارضة الداخلية لنواة الدولة الإسلامية في المدينة ". يرى البعض أن هذا الرأي لسيد القمني مشكوك في واقعيته لأن العديد من المصادر التاريخية أوردت أن سبب قتل كعب بن الأشرف هو تحريضه قريش على الانتقام من المسلمين وتشبيبه بنساء المسلمين (التشهير بشكل فاضح) دون أن تورد أن سبب القتل هو مجرد المعارضة السياسية."»

مقتل كعب بن الاشرف

كعب بن الأشرف سافر إلى مكة من المدينة يواسي مشركيها المهزومين في بدر، ويحرضهم على إدراك ثأرهم من النبي محمد وصحابته، وقد سأله أبو سفيان: أناشدك الله، أديننا أحب إلى الله أم دين محمد وأصحابه؟ قال له كعب: أنتم أهدى منه سبيلاً!!
فأنزل في القرآن: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً
وقد صاغ قصائد الغزل في بعض النساء المسلمات...فغضب المسلمون، فأهدر المسلمون دمه.
يرى سيد القمني أن ابن الأشرف كان متعاطفا مع حزن قريش بعد هزيمتهم في معركة بدر. فقال واستنادا إلى سيرة ابن هشام:
طحنت رحى بدر لمهلك أهله ولمثل بدر تستهل وتدمع
قتلت سراة الناس حول حياضهم لا تبعدوا إن الملوك تصرع
كم قد أصيب به من أبيض ماجد ذي بهجة يأوي إليه الضيع
طلق اليدين إذا الكواكب أخلفت حمال أثقال يسود ويربع
ويقول أقوام أسر بسخطهم إن ابن الأشرف ظل كعبا يجزع
صدقوا فليت الأرض ساعة قتلوا ظلت تسوخ بأهلها وتصدع
...إلى أن يقول:
نبئت أن الحارث بن هشامهم في الناس يبني الصالحات ويجمع
ليزور يثرب بالجموع وإنما يحمى على الحسب الكريم الأروع
ويعتبر البعض البيتين الأخيرين في غاية الخطورة لما فيها من تحريض للحارث بن هشام وقريش على غزو المسلمين ويروي ابن كثير في البداية والنهاية أن الرسول هتف قائلا «من لي بابن الأشرف؟» فنهض محمد بن مسلمة يقول: أنا لك يا رسول الله.
بعد أن انتصر المسلمون انتصارا كبيراً في معركة بدر على المشركين وأوقعوا فيهم الكثير من القتلى، عاد من بقي من الكفار إلى مكة حين كانت مكة تحت سلطة المشركين وقد منيوا بهزيمة عسكرية ثقيلة، ووجدوا أن قافلة أبي سفيان قد رجعت بأمان، فاتفقوا فيما بينهم أن يبيعوا بضائعها والربح الذي سيجنونه يجهزوا به جيشا لمقاتلة النبي محمد وأخذ الثأر لمقتل آبائهم وإخوتهم وأبنائهم الذين حاربوا النبي والصحابة، وأرادوا القضاء على الإسلام في بدر.
اجتمعت قريش لقتال الرسول وأرسلت مبعوثين إلى بني عمومتها من قبيلة كنانة وأحلافهم من الأحابيش، فاجتمع ثلاثة آلاف منهم مع دروعهم وأسلحتهم، وكان معهم مائتا فرس وخمس عشرة ناقة عليها ركب الهوادج وهي البيوت الصغيرة التي توضع على ظهور الجمال وجلست فيهن بعض النساء المشركات ليشجعن المشركين على القتال، وتذكيرهم بالهزيمة في بدر.
وفي أثناء استعداداتهم طلب أبو سفيان من العباس بن عبد المطلب عم الرسول الخروج معه لقتال المسلمين ولكنه لم يقبل بذلك، وأرسل العباس سرا إلى النبي يحذره من الخطر المحدق، فوصل الخبر إليه فقال: "إني قد رأيت والله خيرا - أي في المنام – رأيت بقرا تذبح، ورأيت في ذباب سيفي (حد سيفي) ثلماً (كسراً) ورأيت إني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة"، وكان معنى هذا المنام الذي رءاه الرسول أن البقر ناس يقتلون، وأما الثلم في السيف فهو رجل من أهل بيت النبي يقتل.
خرج كفار قريش بجيشهم حتى وصلوا إلى ضواحي المدينة المنورة قرب جبل أحد حيث كان النبي قد صلى صلاة الجمعة بالناس وحثهم على الجهاد والثبات، وخرج بسبعمائة مقاتل من اشجع الصحابة بعد أن رجع بعض المنافقين خوفا من القتال.
وكانت خطة الحرب التي وضعها النبي أن يجعل المدينة المنورة في وجهه ويضع خلفه جبل أحد وحمى ظهره بخمسين من الرماة المهرة صعدوا على هضبة عالية مشرفة على أرض المعركة، وجعل قائدهم أحد الصحابة وهو عبد الله بن جبير وأمرهم النبي أن يبقوا في أماكنهم وأن لا يتركوها حتى يأذن لهم وقال لهم: "ادفعوا الخيل عنا بالنبال" وقسم النبي جيش المسلمين إلى عدة أقسام، جعل قائدا لكل منها وتسلم هو قيادة المقدمة.
وبدأت المعركة فأقبل المشركون فاستقبلتهم سيوف المسلمين بقوة، وكان بين الصحابة رجل شجاع مشهود له بالثبات في وجوه الكفار اسمة أبو دجانة، سلمه النبي سيفاً فأخذه وربط على رأسه قطعة حمراء علامة القتال، ثم شهر سيفه لا يقف شيء أمامه إلا حطمه وأوقعه أرضا، وكان رجل من المشركين لا يدع جريحا مسلما إلا قتله، فلحق به أبو دجانة ليريح الناس من شره، حتى التقيا فضرب المشرك أبا دجانة ضربة تلقاها الأخير بكل عزم وثبات ثم بادله بضربة قوية من سيفه فقتله.
واقتتل الناس قتالا شديدا وفعل الرماة المسلمون فعلتهم، إذ كانوا من أحد أسباب تراجع جيش مكة وفرار جنوده، وكانت الهزيمة على المشركين. ولكن حصلت حادثة غيرت من مسار نهاية المعركة، إذ إن الرماة الذين أمرهم النبي بحماية ظهور المسلمين وعدم ترك أماكنهم حتى يأذن لهم، ترك الكثير منهم مكانه ظنا أن المعركة حسم أمرها وأنه لم يبق أثر للمشركين، ونزلوا ليأخذوا من الغنائم، وبقي أقل من عشرة رماة أبوا أن يلحقوا بهم وقالوا: "نطيع رسول الله ونثبت مكاننا"، فنظر خالد بن الوليد وكان ما زال مشركا إلى من بقي من الرماة فتوجه بمجموعة من المشركين، وتسللوا ففاجأوا الرماة القليلين من الخلف وقتلوهم بما فيهم قائدهم عبد الله بن جبير.
عندها تعالت صيحات المشركين وفوجئ المسلمون بأنهم قد أصبحوا محاصرين، فقتل من قتل منهم واشتد الأمر عليهم، عندها عاد من هرب من المشركين وهجموا على المسلمين هجمة شرسة، ورفعوا عن الأرض رايتهم المتسخة.
وكان عدد من الكفار قد اتفقوا فيما بينهم على مهاجمة النبي دفعة واحدة فاستغلوا فرصة ابتعاد بعض الصحابة عن النبي أثناء المعركة وانقضوا عليه، فمنهم من ضربه بالسيف فأصاب جبهته، ومنهم من رماه بحجارة فكسرت رباعيتة اليمنى وهي أحد أسنانه الأمامية، وشقت شفته، وهجم آخر فجرح وجنة النبي أي أعلى خده بالسيف ورفعه فرده النبي ولكنه سقط فجرحت ركبته وسال دمه على الأرض، وأقبل مشرك اسمه أبي بن خلف حاملا حربته ووجهها إلى الرسول فاخذها منه وقتله بها.
ولما جرح النبي ، صار الدم يسيل على وجهه وأقبل لحمايته خمسة من الأنصار، فقتلوا جميعا وركض أبو دجانة وجعل من ظهره ترسا لرسول الله فكانت السهام تنال عليه وهو منحن يحمي ببدنه وروحه نبي الاٍسلام.
وازدادت المصائب على جيش المسلمين إذ قد جاء عبد حبشي مشرك ماهر بالرماية اسمه وحشي أمره سيده بقتل حمزة بن عبد المطلب عم النبي ووعده بأن يجعله حراً إن قتله، وبقي طيلة المعركة يتحين الفرصة حتى وجد نفسه وجها لوجه أمامه، فرفع حربته وهزها ثم رماها فاخترقت جسد حمزة الذي وقع شهيدا.
وانتهت المعركة بانسحاب المشركين الذين ظنوا أنهم انتصروا، ويقول المسلمون "إن رسول الله لم يخسر بل إن الذين خالفوا أوامره خابوا وسببوا الخسارة لأنفسهم". ودفن المسلمون شهداءهم في أحد حيث قتلوا، ولما عاد الرسول إلى المدينة في جو حزين، جاءت إحدى نساء الأنصار قد قتل أباها وأخاها شهيدين. فلما أخبرت قالت: "ماذا حل برسول الله؟" فقالوا لها: "هو بحمد الله كما تحبين". قالت: "أرونيه"، فلما نظرت إليه دمعت عيناها فرحا بسلامته وقالت: "كل مصيبة بعدك هينة يا رسول الله لا توازي مصيبتنا بفقدك".
وهكذا انتهت معركة أحد التي كانت درسا تعلم منه المسلمون أهمية الالتزام بأوامر النبي وتعاليمه، وأن أوامره كلها فيها الخير والفلاح.

قبل المعركة

استنادا إلى ابن كثير لما رجعت قوات قريش إلى مكة بعد هزيمة معركة بدر مشى رجال من قريش ممن قتل آباؤهم أو أبناؤهم أو إخوتهم فكلموا أبا سفيان الذي تمكن من إنقاذ قافلة قريش فقالوا له «إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال على حربه لعلنا ندرك منه ثأرا». بعد سنة استطاعت مكة أن تجمع 3000 مقاتل من قريش وكنانة والأحابيش ووصل الجيش إلى جبل أحد في مكان يقال له عينين فعسكر هناك يوم الجمعة السادس من شهر شوال سنة ثلاث من الهجرة، واستنادا إلى سيرة برهان الدين الحلبي فإن عم الرسول العباس بن عبد المطلب أرسل رسالة إلى الرسول فيها جميع تفاصيل الجيش ولا يعرف مدى صحة هذه الرواية لكونها مستندة على سيرة ابن إسحاق الذي كتب في عهد العباسيين الذين كان لهم خلافات مع من سبقهم من الأمويين.
لما بلغت الأنباء المسلمين فرح بعضهم وخاصة من لم يخرج منهم إلى معركة بدر ولم يصب مغنما واستنادا إلى سيرة ابن هشام فقد قال بعض المسلمين الذين فاتتهم بدر «يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون إنا جبنا عنهم وضعفنا» واستنادا إلى نفس المصدر فإن الأنصار وعبد الله بن أبي بن سلول كانوا يرغبون بالبقاء بالمدينة والدفاع عنها وكان هذا الرأي مطابقا لرأي الرسول محمد الذي فضل ألا يخرجوا من المدينة بل يتحصنوا بها حيث أن الرسول وحسب بعض الروايات أخبر المسلمين عن رؤيا رأها قال: «إني قد رأيت والله خيرًا، رأيت بقرًا تذبح، ورأيت في ذباب سيفي ثلمًا، ورأيت أني أدخلت في درع حصينة» وتأول البقر بنفر من أصحابه يقتلون، وتأول الثلمة في سيفه برجل يصاب من أهل بيته، وتأول الدرع بالمدينة
وتحت ضغط التيار الداعي إلى الخروج إلى قريش وفي مقدمتهم حمزة بن عبد المطلب قام الرسول بلبس ملابس الحرب وخرج المسلمون ولكن عبد الله بن أبي بن سلول وهو سيد الخزرج ورئيس من أسماهم المسلمين بالمنافقين قرر أن يعود بأتباعه إلى المدينة وكانوا واستنادا إلى سيرة الحلبي 300 مقاتل وناداهم بقوله «ارجعوا أيها الناس عصاني وأطاع الولدان وما ندري علام نقتل أنفسنا ها هنا أيها الناس». أدرك المسلمون الشعب من جبل أحد، فعسكر الجيش مستقبلاً المدينة وجاعلاً ظهره إلى هضاب جبل أحد، واختار الرسول فصيلة من الرماة الماهرين قوامها خمسون مقاتلاً وجعل قائدهم عبد الله بن جبير بن النعمان وأمرهم بالتمركز على جبل يقع على الضفة الجنوبية من وادي مناة واستنادا إلى البخاري فإن الرسول قال لهم «إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم ووطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم».
وهناك رواية في كتاب ابن إسحاق عن جبير بن مطعم الذي كان له عبد حبشي يسمى "وحشيا" وكان ماهرا في قذف الرمح ووعده جبير بعتق رقبته إن قتل حمزة بن عبد المطلب واستنادا إلى ابن هشام فإن هند بنت عتبة كلما مرت بوحشي أو مر بها، قالت "ويها أبا دسمة اشف واستشف" وكان وحشي يكنى بأبي دسمة

وقائع المعركة

عندما تقارب الجمعان وقف أبو سفيان ينادي أهل يثرب بعدم رغبة مكة في قتال يثرب واستناداً إلى سيرة الحلبي فإن عرض أبو سفيان قوبل بالاستنكار والشتائم وهنا قامت زوجته هند بنت عتبة مع نساء مكة يضربن الدفوف ويغنين
نحن بنات طارق نمشي على النمارق
إن تقبلوا نعانق وإن تدبروا نفارق
فراقاً غير وامق
وجعلت هند تقول :
ويها بني عبد الدار ويها حماة الأديا و ضربا بكل بتار

فتقدم رجال من بني عبد الدار، وكانت سدانة الكعبة ولواء قريش، منهم طلحة بن أبي طلحة وطلب المبارزة فخرج إليه علي بن أبي طالب فصرعه علي وخرج رجل ثاني يطلب المبارزة فخرج إليه الزبير بن العوام فصرعه إلى خمسة رجال منهم يسقطون الواحد تلو الآخر، حتى صار اللواء إلى عبد الدار.

أعطى الرسول الراية لمصعب بن عمير وجعل الزبير بن العوام قائدا لأحد الأجنحة والمنذر بن عمرو قائدا للجناح الآخر ورفض الرسول مشاركة أسامة بن زيد وزيد بن ثابت في المعركة لصغر سنهما ] ودفع الرسول سيفه إلى رجل من الأنصار يدعى سماك بن خرشة ولقبه أبو دجانة وكان مشهورا بوضع عصابة حمراء أثناء القتال وكان مشهورا أيضا بالشجاعة والتبختر بين الصفوف قبل بدء المعركة وقال فيه الرسول واستنادا إلى السهيلي في كتابه "الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية" "إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن".

بدأت المعركة عندما هتف الرسول برجاله "أمت، أمت" واستطاع المسلمون قتل أصحاب اللواء من بيت عبد الدار فاستطاع علي بن أبي طالب قتل طلحة الذي كان حامل لواء قريش فأخذ اللواء بعده شخص يسمى أبو سعد ولكن سعد بن أبي وقاص تمكن من قتله وآخر من حمل اللواء عبد حبشي لبني عبد الدار فلما قتل حملته عمرة بنت علقمة الحارثية الكنانية فلم يقتلها المسلمون وبقي اللواء مرفوعا وفي هذه الأثناء انتشر المسلمون على شكل كتائب متفرقة واستطاعت نبال المسلمين من إصابة الكثير من خيل أهل مكة وتدريجيا بدأ جيش أبي سفيان بإلقاء دروعهم وتروسهم تخففا للهرب وآخر وفي هذه الأثناء صاح الرماة الذين تم وضعهم على الجبل "الغنيمة، الغنيمة" ونزل 40 منهم إلى الغنيمة بينما بقيت ميمنة خالد بن الوليد وميسرة عكرمة بن أبي جهل ثابتة دون حراك وفي هجمة مرتدة سريعة أطبقت الأجنحة على وسط المسلمين وتمكنت مجموعة من جيش أبي سفيان من الوصول إلى موقع الرسول .

اشاعة مقتل الرسول صلي الله عليه وسلم

استنادا إلى الطبري فإنه عند الهجوم على الرسول تفرق عنه أصحابه وأصبح وحده ينادي "إليّ يا فلان، إليّ يا فلان، أنا رسول الله" واستطاع عتبة بن أبي وقاص من جيش أبي سفيان أن يصل إلى الرسول وتمكن من كسر خوذة الرسول فوق رأسه الشريف وتمكن مقاتل آخر باسم عبد الله بن شهاب من أن يحدث قطعا في جبهة الرسول وتمكن ابن قمئة الليثي الكناني من كسر أنفه وفي هذه الأثناء لاحظ سماك بن خرشة المكنى بأبي دجانة حال الرسول فانطلق إليه وارتمى فوقه ليحميه فكانت النبل تقع في ظهره وبدأ مقاتلون آخرون يهبون لنجدة الرسول منهم مصعب بن عمير وزياد بن السكن وخمسة من الأنصار فدافعوا عن الرسول ولكنهم قتلوا جميعا وعندما قتل ابن قميئة الليثي الكناني مصعب بن عمير ظن إنه قتل الرسول فصاح مهللا "قتلت محمدا" ولكن الرسول في هذه الأثناء كان يتابع صعوده في شعب الجبل متحاملا على طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام واستنادا إلى رواية عن الزبير بن العوام فإن الصرخة التي ادعت كانت عاملا مهما في هزيمة المسلمين حيث قال ابن العوام "وصرخ صارخ : ألا إن محمدا قد قتل، فانكفأنا وانكفأ القوم علينا"

هناك آراء متضاربة عن الشخص الذي أطلق تلك الصيحة التي اشتهرت عند المسلمين باسم صرخة الشيطان فيقول البيهقي "وصاح الشيطان: قتل محمد" بينما يقول ابن هشام "الصارخ إزب العقبة، يعني الشيطان" وهناك في سيرة الحلبي الصفحة 503 المجلد الثاني، رواية عن عبد الله بن الزبير أنه رأى رجلا طوله شبران فقال من أنت ؟ فقال إزب فقال بن الزبير ما إزب ؟ فقال رجل من الجن

وقد أقبل أبي بن خلف الجمحي على النبي عليه الصلاة والسلام -وكان قد حلف أن يقتله- وأيقن أن الفرصة سانحة، فجاء يقول: يا كذّاب أين تفر! وحمل على الرسول بسيفه، فقال النبي : بل أنا قاتله إن شاء الله، وطعنه في جيب درعه طعنة وقع منها يخور خوار الثور، فلم يلبث إلا يوماً أو بعض يوم حتى مات. ومضى النبي يدعو المسلمين إليه، واستطاع -بالرجال القلائل الذين معه- أن يصعد فوق الجبل، فانحازت إليه الطائفة التي اعتصمت بالصخرة وقت الفرار. ووجد النبي بقية من رجاله يمتنع بهم، وعاد لهؤلاء صوابهم إذ وجدوا الرسول حياً وهم يحسبونه مات.

ويبدو أن إشاعة قتل النبي سرت على أفواه كثيرة، فقد مر أنس بن النضر بقوم من المسلمين ألقوا أيديهم وانكسرت نفوسهم فقال: ما تنتظرون: قالوا: "قتل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم" فقال: "وما تصنعون بالحياة بعده؟. قوموا فموتوا على ما مات عليه".. ثم استقبل المشركين فما زال يقاتلهم حتى قتل...

روى مسلم: "أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما أرهقه المشركون قال: من يردهم عني وله الجنة؟ فتقدم رجل من الأنصار، فقاتل حتى قتل، ثم رهقوه، فقال من يردهم عني وله الجنة، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة. فقال رسول الله: ما أنصفنا أصحابنا -يعني من فَرُّوا وتركوه". وتركت هذه الاستماتة أثرها، ففترت حدَّة قريش في محاولة قتل الرسول، وثاب إليه أصحابه من كل ناحية وأخذوا يلمون شملهم ويزيلون شعثهم. وأمر النبي صحبه أن ينزلوا قريشاً من القمة التي احتلوها في الجبل قائلاً: ليس لهم أن يعلونا، فحصبوهم بالحجارة حتى أجلوهم عنها.

وقد نجح الرماة حول الرسول كسعد بن أبي وقاص وأبو طلحة الأنصاري في رد المشركين الذين حاولوا صعود الجبل، وبذلك أمكن المسلمين الشاردين أن يلحقوا بالنبي ومن معه.

وقد أصاب الصحابة التعب والنعاس فقد داعب الكرى أجفان البعض من طول التعب والسهر، فإذا أغفى وسقط من يده السيف عاودته اليقظة فتأهب للعراك من جديد ويقول المسلمون ان "هذا من نعمة الله على القوم فقد جاء في القرآن ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ .

وظن المسلمون -لأول وهلة- أن قريشاً تنسحب لتهاجم المدينة نفسها، فقال النبي لعلي بن أبي طالب: اخرج في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون؟ فإن هم جنَّبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فهم يريدون المدينة؛ فوالذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرنَّ إليهم ثم لأناجزنهم فيها. قال علي: فخرجت في آثارهم فرأيتهم جنبوا الخيل وامتطوا الإبل واتجهوا إلى مكة.

هناك رواية أن هند بنت عتبة بقرت عن كبد حمزة بن عبد المطلب فلاكته فلم تستطعه فلفظته وبعد أن احتمى المسلمون بصخرة في جبل أحد تقدم أبو سفيان من سفح الصخرة ونادى "أفي القوم محمد" ؟ ثلاث مرات لم يجبه أحد ولكن أبا سفيان استمر ينادي "أفي القوم ابن أبي قحافة" ؟ "أفي القوم ابن الخطاب" ؟ ثم قال لأصحابه "أما هؤلاء فقد قتلوا" ولكن عمر بن الخطاب لم يتمالك نفسه وقال "كذبت والله إن الذين عددتهم لأحياء كلهم" ثم صاح أبو سفيان "الحرب سجال أعلى هبل، يوم بيوم ببدر" فقال الرسول محمد "الله أعلى وأجل لا سواء ! قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار"
ومن المواقف الشهيرة في هذه المعركة موقف أبو دجانة فقد روى ثابت "عن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال أنه أمسك يوم "أحد" بسيف ثم قال: من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فأحجم القوم. فقال أبو دجانة: أنا آخذه بحقه، فأخذه ففلق به هام المشركين". قال ابن إسحاق "كان أبو دجانة رجلاً شجاعاً يختال عند الحرب، وكانت له عصابة حمراء إذا اعتصب بها عُلِم أنه سيقاتل حتى الموت، فلما أخذ السيف من يد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم تعصَّب وخرج يقول:

أنا الذي عاهدني خليلـي ونحن بالسفح لدى النخيـل
ألاَّ أقوم الدهر في الكيول أضرب بسيف الله والرسـول
وموقف حنظلة بن أبي عامر خرج حنظلة بن أبي عامر من بيته حين سمع هواتف الحرب، وكان حديث عهد بعرس، فانخلع من أحضان زوجته، وهرع إلى ساحة الوغى حتى لا يفوته الجهاد وهو جنب فاستشهد وسمي بغسيل الملائكة.

ومنها مافعله سعد بن الربيع فقد روى ابن إسحاق: «"قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : من رجل ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع؟ أفي الأحياء هو أم في الأموات؟ فقال رجل من الأنصار: أنا. فنظر، فوجده جريحاً في القتلى وبه رمق. فقال له: إن رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) أمرني أن أنظر، أفي الأحياء أنت أم في الأموات؟ فقال: أنا في الأموات، فأبلغ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم سلامي! وقل له: إن سعد بن الربيع يقول لك: جزاك الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته! وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم: إن سعد بن الربيع يقول لكم: إنه لا عذر لكم عند الله إن خُلِص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف"».

قال ابن أبي الحديد: «"وقد روى هذا الخبر جماعة من المحدّثين، وهو من الأخبار المشهورة، ووقفتُ عليه في بعض نسخ مغازي محمد بن إسحاق، ورأيت بعضها خالياً عنه، وسألت شيخي عبد الوهّاب بن سكينة عن هذا الخبر، فقال خبر صحيح، فقلت: فما بال الصحاح لم تشتمل عليه؟ قال: أو كلّما صحيحاً تشتمل عليه كتبُ الصحاح؟ كم قد أهمل جامعوا الصحاح من الأخبار الصحيحة"».

بعد المعركة

انتهت المعركة بأخذ قريش ثأرها فقد قتلوا 70 مسلما بسبعين مقاتلا من مكة يوم معركة بدر وفي سورة آل عمران إشارة إلى هذا حيث ينص الآية 165 : أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . وكان من القتلى 4 من المهاجرين ومسلم قتل عن طريق الخطأ على يد مسلمين آخرين وكان اسمه اليمان أبا حذيفة فأمرهم الرسول أن يخرجوا ديته وكانت خسائر قريش حوالي 23 مقاتلا . وأمر الرسول أن يدفن قتلى المسلمين حيث أستشهدوا بدمائهم وألا يغسلوا ولا يصلى عليهم وكان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد .
حزن الرسول على مقتل عمه حمزة، قال ابن مسعود : «"ما رأينا رسول الله باكياً قط أشد من بكائه على حمزة بن عبد المطلب، وضعه في القبلة، ثم وقف على جنازته، وانتحب حتى نشع من البكاء" وروي أنه "كان رسول الله يعز حمزة، ويحبه أشد الحب، فلما رأى شناعة المثلة في جسمه تألم أشد الألم، وقال: لن أصاب بمثلك أبداً، ما وقفت قط موقفاً أغيظ إليَّ من هذا

دعاء النبي

روى الإمام أحمد: "لما كان يوم أحد، وانكفأ المشركون قال رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم): استووا حتى أثني على ربي عز وجل!. فصاروا خلفه صفوفاً فقال: اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت؛ ولا مقرِّب لما باعدت، ولا مبعِّد لما قربت. اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك. اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول. اللهم إني أسألك العون يوم العَيْلة، والأمن يوم الخوف. اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين. اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك. اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق".

مواقف في جيش المسلمين
صور لبعض تضحيات الصحابة
تضحية أنس بن النضر


أنس بن النضر سمع في غزوة أحد أن الرسول قد مات، وأنه قتل، فمر على قوم من المسلمين قد ألقوا السلاح من أيديهم، فقال لهم: "ما بالكم قد ألقيتم السلاح؟" فقالوا: "قتل رسول الله "، فقال أنس : "فما تصنعون بالحياة بعد رسول الله؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ".
واندفع أنس بن النضر في صفوف القتال، فلقي سعد بن معاذ، فقال أنس : «"يا سعد والله إني لأجد ريح الجنة دون أحد"» ، وانطلق في صفوف القتال فقاتل حتى قتل، وما عرفته إلا أخته ببنانه، وبه بضع وثمانون ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم. وقد كان أنس لم يشارك غزوة بدر فعزم النية لله على انه في الغزوة القادمة سوف يفعل ما لا يفعله أحد وصدقت نيته إذا كانت غزوة أحد بعد بدر بسنة واحدة.
تضحية سعد بن الربيع

سعد بن الربيع الأنصاري سأل عنه النبي زيداً بن ثابت قائلاً : «"يا زيد ! ابحث عن سعد بن الربيع بين القتلى في أحد فإن أدركته فأقرئه مني السلام، وقل له: يقول لك رسول الله : كيف تجدك؟"» أي: كيف حالك؟. وانطلق زيد بن ثابت ليبحث عن سعد بن الربيع الأنصاري فوجده في آخر رمق من الحياة، فقال له: «"يا سعد ! رسول الله يقرئك السلام، ويقول لك: كيف تجدك؟"» فقال سعد بن الربيع لـزيد بن ثابت : «"وعلى رسول الله وعليك السلام، وقل له: إني والله لأجد ريح الجنة"» ، ثم التفت سعد وهو يحتضر إلى زيد بن ثابت، وقال: «"يا زيد بلغ قومي من الأنصار السلام، وقل لهم: لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله مكروه وفيكم عين تطرف"».

تضحية عمرو بن الجموح

ذُكر ان عمرو بن الجموح رجل أعرج لا جهاد عليه، فقد أسقط الله عنه الجهاد، لكنه سمع نداء : يا خيل الله اركبي، حي على الجهاد، واراد أن ينطلق للجهاد في المعركة فقال أبناؤه الأربعة : «"يا أبانا لقد أسقط الله عنك الجهاد، ونحن نكفيك"» . فبكي عمرو بن الجموح وانطلق إلى النبي ليشتكي قائلاً: «"يا رسول الله! إن أبنائي يمنعوني من الخروج للجهاد في سبيل الله، ووالله إني لأريد أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة"» ، فقال النبي: «"يا عمرو فقد أسقط الله عنك الجهاد، فقد عذرك الله جل وعلا"» . ومع ذلك رأى النبي رغبة عارمة في قلب عمرو بن الجموح لخوض المعركة، فالتفت النبي إلى أبنائه الأربعة قائلاً لهم: «"لا تمنعوه! لعل الله أن يرزقه الشهادة في سبيله"» . وانطلق عمرو بن الجموح يبحث عن الشهادة في سبيل الله، وقتل في المعركة. ومر عليه النبي بعدما قتل فقال: «"والله لكأني أنظر إليك تمشي برجلك في الجنة وهي صحيحة"

تضحية أم عمارة

لم يشترك من نساء المسلمين في تلك المعركة إلا امرأة واحدة هي نسيبة بنت كعب -أم عمارة- فلما رأت النبي في أرض المعركة قد تكالب عليه أعداؤه من يمنة ويسرة رمت القراب التي كانت تسقي بها جرحى المسلمين، وأخذت تدافع عنه. فقال الرسول عنها: «"ما رأيت مثل ما رأيت من أم عمارة في ذلك اليوم، ألتفتُ يمنة وأم عمارة تذود عني، والتفت يسرة وأم عمارة تذود عني"» ، وقال لها النبي في أرض المعركة: «"من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة ؟! سليني يا أم عمارة"» قالت: «"أسألك رفقتك في الجنة يا رسول الله"» قال: «"أنتم رفقائي في الجنة"

تضحيات شباب الأنصار

لما رأى النبي هجوم الكفار قال لنفر ممن حوله من شباب الأنصار: «"من يردهم عنا وهو رفيقي في الجنة"» فتطايرت الكلمات إلى مسامع شباب الأنصار، فتسابقوا حتى قتلوا جميعاً واحداً تلو الآخر وهم ستة من الرجال.

مقتل مخيريق

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ «"وكان ممن قتل يوم أحد مخيريق، وكان أحد بني ثعلبة بن الفطيون، قال ‏‏:‏‏ لما كان يوم أحد، قال ‏‏:‏‏يا معشر يهود، والله لقد علمتم أن نصر محمد عليكم لحق ، قالوا ‏‏:‏‏ إن اليوم يوم السبت ، قال ‏‏:‏‏ لا سبت لكم ‏‏.‏‏ فأخذ سيفه وعدته، وقال ‏‏:‏‏ إن أصبت فمالي لمحمد يصنع فيه ما يشاء ، ثم غدا إلى الرسول، فقاتل معه حتى قتل ؛ فقال رسول الله - فيما بلغنا – مخيريق خير يهود"

تحليل المعركة

يعتقد بعض المؤرخين إن أسباب الهزيمة أكثر عمقا من 40 مقاتلا تركوا مواقعهم لاهثين خلف الغنيمة أو الصرخة التي إدعت قتل الرسول وفيما يلي بعض التحليلات عن سبب الهزيمة:
عدم ترسخ مبادئ الأممية الإسلامية في مجتمع يثرب حيث واستنادا إلى "الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية" للسهيلي فإن بعض المسلمين خرجوا إلى أحد لأخذ ثأر قديم من مسلم أخر ويذكر السهيلي الحارث بن سويد بن الصامت الذي كان يريد الثأر من المجذر بن زياد الذي قتل أباه في حرب الأوس والخزرج. ولم يقتصر الأمر على الأنصار بل إن مجوعة من المهاجرين إستسلموا بعد سماعهم بصرخة مقتل الرسول واستنادا إلى السيرة الحلبية فإن مجموعة من المهاجرين قالوا "نلقي إليهم بأيدينا فإنهم قومنا وبنو عمنا" عدم نشوء فكرة فصل الرسالة الإسلامية عن شخص الرسول محمد فقد فر من المعركة اقرب المقربين إلى الرسول بعد سماعهم صرخة الشيطان وابرز مثال هوالجدل المستمر لحد هذا اليوم حول ما ورد عن فرار عثمان بن عفان من المعركة فاستنادا إلى البيهقي فإن عثمان بن عفان مع مجموعة من المسلمين قد إبتعدوا عن المدينة بحوالي 30 ميلا ولم يعودوا إلا بعد سماعهم بعودة النبي إلى المدينة واستنادا إلى تفسير ابن كثير فإن هذا الحدث هو مايشير اليه الأية 155 من سورة آل عمران التي تنص : إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ .من مصلحة الإسلام والدولة الإسلامية الأولى أن تصاب برجّات عنيفة تعزل خَبَثها عنها، وقد وقع هذا التمحيص في أحد ففي القرآن:
{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}.
استنادا إلى سيرة ابن هشام فإنه بعد 3 ايام من هزيمة أحد وبالتحديد في ليلة 10 شوال خرجت قوة من المسلمين وعلى رأسهم الرسول في غزوة حمراء الأسد والذي كان عبارة عن الخروج في طلب جيش أبو سفيان العائد إلى مكة ويرى المؤرخون في هذه الحركة معاني عميقة حاول الرسول إيصالها ومنها:
محاولة لعلاج الجانب النفسي من الجيش المنهار حيث طلب الرسول وبالتحديد من المسلمين الذين قاتلوا في أحد فقط ان يخرجوا معه وكان معظم من خرج وعلى رأسهم الرسول جرحى واستنادا إلى سيرة الحلبى فكان منهم من كان به 10 جراحات وكان الرسول نفسه مجروحا في الوجه والشفة السفلى والركبتين.
إرسال إشارة إلى مكة مفاده إن هزيمة أحد لم يوقع الوهن في صفوف المسلمين
إرسال إشارة إلى الحركات المعارضة داخل يثرب ان القيادة المركزية لا زالت متحكمة فقام الرسول بإنزال عقوبة الموت بالحارث بن سويد بن الصامت الذي كان من الأنصار والذي خرج لمعركة أحد خصيصا كي يقتل المجذر بن زياد الذي كان من الأنصار أيضا ليشفي غليله من ثأر قديم اما عبد الله بن أبي بن سلول فقد سقط ما كان يتمتع به من سيادة فعندما حاول أن ينصح اتباعه في صلاة الجمعة بطاعة الرسول اخذ المسلمون بثوبه وقالوا له "اجلس عدو الله، لست لذلك بأهل"

بعض الايات القرآنيه

ورد ذكر معركة أحد في عدة آيات قرآنية، ففي كتاب فقه السيرة يقول الغزالي:
مزج العتاب الرقيق بالدرس النافع وتطهير المؤمنين، حتى لا يتحول انكسارهم في الميدان إلى قنوط يفل قواهم، وحسرة تشل إنتاجهم
قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ .
بيَّن أن المؤمن -مهما عظمت بالله صلته- فلا ينبغي أن يغتر به أو يحسب الدنيا دانت له، أو يظن قوانينها الثابتة طوع يديه.
إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ .
لقد جمع محمد الناس حوله على أنه عبد الله ورسوله، والذين ارتبطوا به عرفوه إماماً لهم في الحق، وصلة لهم بالله. فإذا مات عبد الله، ظلَّت الصلة الكبرى بالحيِّ الذي لا يموت باقية نامية:
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ .






اتمني ما اكون طولت عليكم
__________________
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم











رد مع اقتباس