المشهد الثالث {هكذا يجب أن يكون المُسلِم}
أبي محجن الثقفي
أبي محجن صحابي أدمن الخمور وتعاطيها ..
رغم معرفته إثمها وإثم متعاطيها ..
حتى قال يوصي إبنه :
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة **
تروي عظامي بعد موتي عروقها
ولاتدفني في الفلاة فإنني **
أخاف إذا مت أن لا أذوقها
أبي محجن يوم القادسية
لما تداعى المسلمون للجهاد ولقتال الفرس في معركة القادسية خرج معهم ابو محجن..
وحمل زاده ومتاعه ..
ولم ينس ان يحمل خمرًا..
دسها بين متاعه ..
فلما وصلو القادسية ..
طلب رستم مقابلة سعد بن أبي وقاص قائد المسلمين..
وبدأت المراسلات بين الجيشين..
عندها وسوس الشيطان لأبي محجن فاختبأ في مكان بعيد وشرب الخمر..
فلما علم به سعد غضب عليه وحرمه من دخول القتال..
وأمر أن يقيد بالسلا سل ويغلق عليه في خيمة.
ملاحظة:
لله دُر الصحب الميامين علموا أن المعاصي لا تجلب النصر المبين
و أن الله لا يُطلب بمعصية
ولكن بتقى رب العالمين
يكون قضاء الحوائج والنصر المبين
أولئك رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه ..
فلما ابتدأ القتال وسمع أبو محجن صهيل الخيول ..
وصيحات الابطال ..
لم يطق أن يصبر على القيد ..
واشتاق للشهادة..
بل اشتاق الى خدمة هذا الدين..
وبذل روحه لله ..
وإن كان عاصيا وإن كان مدمن خمر..
إلا أنه مسلمٌ يحب الله ورسوله.
فلما دعى الداع ِ ..
أقبلَ على اللهِ بقلبٍ سليم ..
وأخذ يترنم قائلا:
كفى حزنا أن تدخل الخيل بالقنى ** وأترك مشدودا علي وثاقيا
إذا قمت عناني الحديد وغلقت ** مصاريع من دوني تصم المناديا
وقد كنت ذا مال كثير وإخوة ** وقد تركوني مفردا لاأخى ليا
فلله عهد لاأحيف بعهده ** لإن فرجت لاأزور الحوانيا ثم أخذ ينادي بأعلى صوته..!! فأجابته إمرأة سعد ماذا تريد؟
فقال: فكي القيد من رجلي وأعطيني البلقاء فرس
سعد، فأقاتل فإن رزقني الله الشهادة فهو ماأريد
وإن بقيت فلك علي عهدالله وميثاقه أن أرجع حتى تضعي القيد في رجلي، وأخذ يرجوها ويناشدها
ح
تى فكت القيدوأعطته البلقاء ، فلبس درعه وغطى وجهه بالمغفر ، ثم قفز كالأسد على ظهر الفرس
..والقى بنفسه بين يدي الكفار ..
علق نفسه بالآخرة ولم يفلح ابليس في تثبيطه عن خدمة هذا الدين.
وحمل على القوم برقابهم بين الصفين برمحه وسلا حه، وتعجب الناس منه وهم لايعرفونه ولم يروه بالنهار.. ومضى
أبو محجن يقاتل ويبذل روحه رخيصة في ذات الله عز وجل .. نعم مضى أبو محجن ..
أما
سعد بن أبي وقاص فقد كانت به قروح في فخذيه فلم ينزل ساحة القتال ..
لكنه كان يرقب القتال من بعيد ..
فلما رأى
أبا محجن عجب من قوة قتاله ، وقال الضرب ضرب
أبي محجن والكركر البلقاء و
أبو محجن في القيد ،والبلقاء في الحبس ..!!
فلما انتهى القتال عاد
أبو محجن الى سجنه ووضع رجله في القيد ، ونزل
سعد فوجد فرسه يعرق
فقال :
ما هذا ؟
فذكروا له قصة أبي محجن فرضي عنه وأطلقه وقال : والله لا جلدتك في الخمر أبدا ،
فقال
أبو محجن : وأنا والله لا شربت الخمر أبدا ...
فلله در أبي محجن .. لم تمنعه معصيته من الجهاد في سبيل الله.
المراجع كتاب هل تبحث عن وظيفة د / محمد العريفي
السند سيرة أبي محجن الثقفي صحيح كما برواية ابن حجر يتبع مع المشهد الرابع