السؤال: ما رأي فضيلتكم في مشاهدة الأفلام الإسلاميَّة، وخصوصًا التي تبعث الحماس الديني لدى بعض المسلمين، وخصوصًا منها: (فيلم الرسالة)، وأن هذا الفيلم به أحداث بداية انتصار الإسلام، والدعوة؟ وإن كان جوابكم بعدم الجواز أرجو بيان السبب وردود الفعل. الجواب: لقد أصاب السائل الهدف؛ حينما قال: "إذا كان جوابكم .." ايش قال؟ السائل: إذا كان جوابكم بعدم الجواز. الشيخ: نعم، نقول: لا يجوز، لا يشرع في الإسلام التمثيليات لأسباب كثيرة؛ منها: أولاً: أن هذا طريقة الكفار، وطريقة الكفار تليق بهم ولا تليق بالمسلمين؛ ذلك لأنَّ الكفار يشعرون بأنهم بحاجة إلى حوافز ودوافع تدفعهم إلى الخير، لا يجدون عندهم شريعة، فيها ما عندنا -والحمد لله- من الخير، كما سمعتم آنفًا قوله عليه السَّلام: "ما تركت شيئًا يقربكم إلى الله". آية واحدة فضلاً عن سورة تغني عن تمثيليات عديدة وكثيرة وكثيرة جدًّا إذا عُمِّمت على المسلمين وفُسِّرت لهم؛ فالمسلمون ليسوا بحاجة إلى مثل هذه الوسائل الحديثة، لا سيَّما وقد نبعت من بلاد الكفر الذين قال الله -عزَّ وجلَّ- في حقهم: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾[3]. فأُمَّة لا تُحرِّم ولا تُحلِّل، كيف نأخذ عنها مناهجها وثقافاتها وطرقها، ثم نأتي ونطبقها على أنفسنا؟! لقد أعجبني مرة أنني سمعت محاضرًا يقول: "مَثَلُ المسلمين وتقليدهم للغربيين كمثل شخص بدين يأخذ ثوبًا فُصِّل على إنسان آخر نحيل، فيريد أن يكتسي بهذا الثوب، قطعًا ستكون النتيجة أنه لا يستطيع أن يعيش فيه، والعاقبة أن يتفتَّق هذا الثوب؛ لأنَّه ما فُصِّل على بدنه، والعكس بالعكس". فتلك الوسائل تصلح لهم ولا تصلح لنا؛ لأن عندنا خير من ذلك كما جاء في الحديث؛ حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "رأى النبي صلى الله عليه وسلم يومًا صحيفةً في يد عمر بن الخطاب، فقال له: "ما هذه؟!" قال: هذه صحيفة من التوارة كتبها لي رجل من اليهود؛ [فغضب] عليه السلام وقال: أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟! والذي نفس محمد بيده لو كان موسى حيًّا لما وسعه إلا اتباعي"[4]. لو كان موسى -وهو كليم الله- حيًّا لما وسعه إلا اتباع الرسول عليه السلام، فما بالكم اليوم نحن نكون أتباعًا بل نكون أذنابًا لكل شيء يأتينا من زخرف أولئك الناس الذين لا يحرمون ما حرم الله ورسوله؟! هذا سبب أنني لا أرى جواز التمثيليات هذه. الأمر الثَّاني: هو أنه لابد أن يقع في هذه التمثيليات أمور مكذوبة لا حقيقة لها في التاريخ الإسلامي، أو في السيرة الأولى. وحينئذ فهذا سببٌ آخر يمنع من أن نقلِّد الأوروبيين فيما هم عليه من التمثيليات؛ لأن هم يعيشون على قاعدة معروفة –ومع الأسف بعض المسلمين ينطلقون وراءها أيضًا- قاعدتهم هي: "الغاية تبرر الوسيلة"، " الغاية تبرر الوسيلة". الوسيلة هو -مثلاً- أن يكسبوا المال، أما الطريق مش مهم هو حلال أو حرام. هذا خلاف الإسلام الذي أوضح لنا طريق الحلال والحرام، وقال: خذوا ما حلَّ وضعوا ما حَرُم. فأولئك في تمثيلياتهم يدخلون ما لا حقيقة له إطلاقًا؛ فجرينا نحن أيضًا على خطاهم مصداقًا لقوله عليه السلام: "لتتبعنَّ سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر" إلى آخر الحديث[5]. ثالثًا وأخيرًا: قد يدخل في التمثيليات مخالفة أخرى وهي: تشبُّه الرجال بالنساء أو تشبه النساء بالرجال أو اختلاط الرجال بالنساء، وكما يُقال: "أحلاهما مر" فكيف نستجيز نحن مثل هذه التمثيليات؟! مثلاً: صورة واضحة جيدة بيِّنة تمامًا: يكون الرجل -سبحان الله!- ملتحيًا كما خلقه الله؛ لكن هو اتباعًا لعادات الكفار يحلق لحيته؛ فإذا وُضِعَ في دور يمثله، يمثِّل فيه مثلاً رجلاً من الصحابة؛ وضع لحية مستعارة على طريقة اللوردات الانجليز! فهو يخادع الناس، أولاً: هو خلقةً ذو لحية؛ فيعصي الله ويحلقها، فإذا جاء دور التمثيل يتظاهر أمام الناس بأنه موفِّر لحيته، هذا أليس كذبًا؟! ومنه: أن يكون هناك شاب لا لحية له؛ فتوضع له لحية مستعارة، وهكذا. ولذلك إذا دُرسِت هذه التمثيليات -يعني- نخرج بنتيجة أنها لا تُشرع في دين الإسلام، وبخاصة إذا كانت متعلِّقة برسالة الرسول عليه الصلاة والسلام فهناك سيكون الكذب: هذا يمثِّل عمر بن الخطاب، وهذه تمثِّل أخت عمر بن الخطاب، وإلى آخره، كل هذا زور في زور، وما بُنِىَ على فاسد فهو فاسد. المصدر: برنامج أهل الحديث والأثر / قسم: متفرقات / الشريط رقم: 289 / الدقيقة: 35:58 للاستماع: للتحميل المباشر: من هـنا
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |