عرض مشاركة واحدة
  #227  
قديم 06-07-2013, 10:57 AM
 
Cool






تزجلت سارة بحذاء التزلج الأبيض -طويل الساق- وهي تقوم بدورة حول نفسها فاردة ذراعيها ،
لم تكن محترفة أو بارعة بشكل خاص في تلك الرياضة ،
لكن هذا فقط أضاف إلى مراقبتها متعة و إثارة أكبر من مشاهدة لاعبة متمرسة ...

لقد كانت حركاتها عفوية على نحو جميل ... حتى تعثرها المضحك بين الحين و الآخر -جنبا إلى جنب مع قهقهاتها- بدا ساحرا ،
شعرها الذهبي المنسدل كان يطير حول وجهها بنعومة كلما تحركت ،
عيونها الخضراء تبرق بحماس ... بينما ساقاها بالجينز الباهت تعتادان حركتهما الانسيابية فوق الجليد.

ظل رايان يراقبها بعينيه ... و أكثر ،
مستندا إلى جدار الصالة مرخيا ذراعيه خلفه -على الإطار المخصص للتمسك به- ،
مقاطعا ساقيه التين تنتهيان بحذاء أزرق مشابه لحذاء سارة ...

التفتت إليه ، و ظهر عدم الرضا عليها من إنزوائه هناك ،
فاندفعت تتزلج ناحيته و لم تتوقف أو تخفف سرعتها رغم اقترابها منه ،
فأوشكت أن تصطدم به ... مما أجبره على تحريك ذراعيه ليمسك بكتفيها مانعا الاصطدام الوشيك !

هتف رايان بغضب :
_و لكن ما خطبك أيتها المجنونة ؟!

فاجأته بضحكها ، قبل أن ترفع رأسها إليه مبهورة الأنفاس ،
متوردة الوجه بسبب الحركة المفرطة ...
كان لايزال يمسك بكتفيها حين التقت عيناهما بألفة و لمعة معتادتين ... ليسمعها تقول :
_تزلج معي ... هيا رايان !

_لا !!

تنهدت قائلة :
_لا تكن مفسدا للمرح ، هيا رايان لقد كنت تحب هذا في الماضي !

ترك كتفيها ليعتدل في وقفته فوق الأرضية الجليدية الزلقة ، قال :
_كان هذا في الماضي أنت قلتها ، يستحيل أن أفعل هذا الآن و أنا نجم ... أنت لا ترين كم تبدين سخيفة و أنت تتصرفين كالأطفال !

أضاف الجزء الأخير عالما أنه كذبة قد يحترق في الجحيم بسببها !

_أحقا ؟!

قالت سارة بتهكم ، ثم استدارت تشير إلى الأشخاص المتفرقين في أنحاء الصالة الكبيرة ، و أردفت :
_هؤلاء الناس بعضهم أكبر مني و منك سنا ، لا أرى أي سخف فيما يفعلونه !!

ثم شهقت بغتة في الوقت الذي كان رايان يدير رأسه بضجر من إلحاحها ، سألها :
_ماذا الآن ؟!

تزحلقت جانبا قائلة بمشاكسة :
_أنا أفهم ... ترفض لأنك نسيت كيف تتزلج ... أنت تخشى الوقوع أرضا !

رفع رايان أحد حاجبيه ساخرا :
_محاولة استفزاز فاشلة يا عزيزتي !

_أستطيع أن أقوم بما هو أفضل !

أدار رايان عينيه إلى الأعلى بسأم ، ثم قال :
_فلتفعلي أفضل ما يمكنك إذا ، أنا لا أريد التزلج لقد جئت معك تنفيذا للوعد فقط.

أطلت ابتسامة ماكرة من شفتيها ، و لمعت عيناها بشقاوة :
_لا شيء يروقك أبدا .... "آشي المدلل" !!

اتسعت عينا رايان ثم ضاقتا بتهديد .. تزحلق مقتربا منها وهو يعقد ذراعيه أمامه ، يسأل بنبرة منخفضة :
_بما دعوتني ؟!!

بذلت جهدا كي تكبح ضحكتها ، أولا لأن الاسم فعلا لم يلائمه ...
شعره الرملي أجل ... لكن الشاب الجذاب ، الطويل القامة ، شديد العنفوان ، جعل الاسم يبدو مضحكا ...
بالإضافة إلى غضبه الذي لايزال كما هو منذ صغره ، كلما ناداه أحد بهذا الاسم.

واعية تماما إلى أي مدى ستستفزه ، رمشت سارة ببراءة :
_دعوتك بآشي المدلل ... أمن مشكلة ؟!

_سأريك ما المشكلة !

هربت من يده التي امتدت بعد تلك الجملة لتمسك بها ،
ابتعدت متزحلقة للوراء بابتسامة مشاكسة ... فلم يجد رايان بدا من التزلج لللحاق بها ..

ضحكاتها و صيحاتها الفزعة كلما أوشك على إمساكها ،
جعلاه يضحك بدوره متخليا عن قناع الغضب الواه ...
يمرح متناسيا كل ما كان يشغله قبل دقائق ... يمرح كما لم يفعل منذ زمن !

ناورت في تزلجها قدر استطاعتها ... حتى أنها انسلت من بين فتاتين تتزلجان معا في إحدى المرات ،
لكنه أمسكها في النهاية ... كما كان يحدث دوما في ألعابهما عند الصغر ...


_مدلل ها ؟! ستندمين على ذلك !

همس بنبرة أرادها أن تكون متوعدة ،
لكنها خرجت أخف وطأة بسبب أنفاسه اللاهثة.

_رايان ... لنتفاهم !

تمتمت سارة باسترضاء مضحك ، و همت بأن تدير رأسها للخلف .. حيث كان وراءها ،
لكنها تفاجأت تصيح عاليا عندما رفعتها ذراعاه الملتفتان حول خصرها عن الأرض فجأة ،
هتفت ضاحكة :
_دعني ... أنت مجنون !!

_يفترض أن تعتذري ... لا أن تطلقي مزيدا من النعوت !

بدا صوته صارما بالغضب ، رغم الابتسامة المتسلية التي كانت ترتسم على وجهه ،
سحبت نفسا توقف نفسها عن الضحك ... تنظر حولهما ، حيث اتجهت معضم الأنظار إلى المراهقين اللاهيين ،
همست بإحراج :
_رايان ... ضعني أرضا ، الجميع ينظر إلينا !

_أنت من أراد هذا ... اعتذري أولا أطلق سراحك !

_حسنا .. حسنا أيها المجنون ، أنا آسفة !

_عظيم ... و الآن لا تفعلي هذا ثانية !

_رايااااان !!!

بحركة مفاجئة قامت بها لتحرر نفسها ..
أدت إلى فقدانه التوازن فوق تلك الأرضية الزلقة ...
فانتهى بهما الأمر على الأرض معا ،
جلس رايان يهتف :
_حمقاء !

فهتفت بدورها :
_غبي !

حدقا بوجه بعضهما بوجوم ... ثم انفجرا ضاحكين لعدد المرات المشابهة لهذا المشهد التي عايشاها من قبل ،
دون أن يعبآ بنظرات الناس من حولهما و ابتساماتهم المتعجبة ...


سارة كانت سعيدة كما لم تكن منذ زمن ،
رايان بدا لها الليلة أقرب ما يكون إلى صديق طفولتها ...
إلى الفتى المرح كثير الشغب الذي كانه قبل أن يتغير فجأة باختفاء أخيه و اكتشافه حقيقة هويته ،
لم تره يضحك بهذا الإنطلاق و هذه الراحة منذ سنوات ...

كانت فرحة لأنها رأته أخيرا ... بعيدا عن قناع اللامبالاة خاصته ، كما تعهدت أن تفعل !

ابتسمت و هي تعود بذاكرتها إلى يوم تعده مميزا في حياتها ...


حزنها بعد يوم من عيد ميلادها الرابعة عشر ،
لنسيان رايان الأمر و عدم حضوره لاحتفالها الصغير ...

كيف قدم لها أفضل هدية في اليوم التالي باصطحابها إلى صالة التزلج ..
و غنى لها هناك ... معبرا عن حبه لأول مرة ،
غنى لها ... الأغنية التي لم تنسى و لا تظنها تنسى يوما ..

ترتسم أمامها هيئته في تلك اللحظات ..
يتزلج حولها ضاحكا ، ثم يتوقف قبالتها محتفظا بابتسامة جميلة ...
مراهق صغير في الرابعة عشرة ..
لكن ذا صوت عميق عذب ... و إحساس أعذب ،
يغني و عيناه الزرقاء تنظر في عينيها :

_جففي كل البحار اليوم ..
و امحي جميع الصحارى في طريقك ..


(كان يمد ذراعيه .. بإشارة لتلك المساحات الشاسعة)

_ضعي العالم في صندوق ..


(تذكر أنها ضحكت وهو يرسم بسبابتيه صندوقا وهميا في الهواء أمامه)

_احكمي إغلاقه و ابقني حبيسا ..


(حرك مفتاحا في قفل أمام صدره مشيرا إلى قلبه)

_ازيلي النجوم من السماء ..
و أخبري الشمس أن تحترق عاليا ..
يمكنك أن تمزقي القمر إلى نصفين ..
فلا شيء يساويه من دونك ..


(دار حول نفسه فوق الجليد فاردا ذراعيه ... و كأنه يعني العالم كله ، مقدما عرضا ما كانت سارة وحدها المأخوذة به)

_لا شيء له معنى من دونك ..
لا شيء من دونك ..
كم أحبك ...


ممسكا بكفيها بين يديه ... مطلقا ضحكة صغيرة لذهولها الواضح ، كان قد انهى عرضه ...
سر سعادتها الخاص ...







مستلقيا على السرير الكبير .. محدقا إلى السقف ،
القيثار الأسود بجانبه ... و بضع أوراق خاصة لتدوين النوتات الموسيقية تتناثر فوق السرير ،
كانت تلك حال أليستر ... يشعر بصعوبة كبيرة في إتمام هذه الأغنية بالتحديد ،
أغنية عن عيد الميلاد ... ستكون الإضافة الأخيرة للألبوم الجديد الذي سيطلقونه ،
كان ذلك متعبا ... مستنزفا للطاقة ،
لا يستطيع التفكير في كلمات أو أي نغمات دون أن تتزاحم في عقله ذكرياته المظلمة عن تلك الفترة ،
ربما عليه الاستسلام فحسب ... القبول بالاستعانة بكاتب أغاني هذه المرة !
رغم أنه ما كان راضيا عن ذلك ... فلم يسبق للسيلفري سبيريتز أن غنوا أغنية ليست من تأليفهم !


سمع طرقا على باب الغرفة فأجاب بصوت مرتفع :
_ادخل ليو ...

تقدم ليو إلى داخل الغرفة الكبيرة .. و أدار عينيه في أرجاء "ديكورها الأسود" ثم قال و على وجهه تعبير ارتياب :
_كيف تعرف أنه أنا ؟!

رمقه أليستر من زاوية عينه دون أن يتحرك ،
مط شفتيه مجيبا بنبرة شبه متذمرة :
_لأني سبق و أجريت الحديث نفسه مع رايان و مارتيل و لم يبقى إلا أنت !

هز ليو كتفيه و قال غير موافق :
_ليس التفسير المبهر الذي انتظرته ... عفوا ساترك الباب مفتوحا فأنا أشعر "بطاقة سلبية" قوية كلما دخلت هنا !

أغمض أليستر عينيه مبتسما بينما واصل ليو :
_هذه الغرفة مريبة ... بها شيء شرير !

_اللون الأسود هو السائد فيها تقريبا ... ليس بالأمر المهم.

_و يعطيك قدرة على توقع القادم ... و الرؤية من خلف الأبواب ، شيء مفزع !

_سألقي بك من النافذة ليو !

_حسنا ... لا بأس.

التقط إحدى أوراق النوتات من الأرض و توجه إلى كرسي المكتب الصغير القابع بجوار السرير ،
جلس عليه بوضع مقلوب ... طاويا ذراعيه فوق ظهر الكرسي أمامه ،
نظر إلى الورقة و سأله :
_ماذا تفعل ؟!

تنهد أليستر :
_أعمل على أغنية.

_تعمل ؟!!

ردد ليو و هو ينظر باستنكار إلى وضعيته المستلقية وسط السرير و ذراعاه ممدودتان إلى جانبيه باسترخاء ، قال :
_جيد ... إذا احرص أن لا تتعب نفسك كثيرا في ... "العمل" !

_ساختصر عليك الأمر ...

قال أليستر و أدار رأسه جهته يواصل :
_أنا بخير ... لا يهمني أي مقال ، لا خطط أو نوايا لايذاء أحد تنتابني ، أنا "بخير تماما" ... يمكنكم أن تتوقفوا عن التصرف كالجدة الحنون !

ضحك ليو ثم قال :
_هذا لا ينطبق علي ... و حسنا .. مارتيل مفهوم التصرفات لكن رايان حنون ؟! هل أنت واثق بأنك على مايرام ؟!!

زفر أليستر ... فأردف ليو :
_ أستطيع أن أعرف أنك بخير حالما لا أرى تعبير العاشق المعذب على وجهك !

عبس أليستر و اعتدل جالسا :
_لست عاشقا معذبا !

_لكنك تبدو كذلك ... و هذا ما يجعل الفتيات يحببنك !

ازداد تجهم أليستر ، و قال ليو متجاهلا إياه :
_على ذكر الفتيات ... صديقتك ستأتي غدا ، أليس كذلك ؟!

_ليست صديقتي ...

قالها أليستر وهو ينهض من فراشه بنزق ،
ليتحرك إلى الشرفة ... ينظر من خلالها :
_إنها مجرد فتاة تحتاج إلى العمل.

_فتاة حسناء ؟!!

أشار أليستر باتجاه الباب :
_إلى الخارج !!

ضحك ليو من جديد :
_حسنا لا تغضب ، لست أدري لما تصبح نزقا كلما سألناك عنها ؟!

زفر أليستر دون أن يحرى جوابا.

_على كل ... أريدك في قضية فيزيائية ، سبع مسائل كاملة !!

التفت أليستر إليه ملاحظا -الآن فقط- الكتاب الذي في يده :
_المفترض أن تحلها بنفسك.

_أشياء كثيرة تفترض في هذا العالم ... و لا تحصل جميعا !

_لا بأس أيها المتحذلق ... لكنني أريد مقابلا !

_أي شيء تريده !

قالها ليو وهو يرمي إليه بالكتاب الذي التقطه أليستر مبتسما ...





كان رايان يقود سيارته في طريق العودة إلى الفيلا شارد الذهن ،
بعد إيصاله لسارة إلى بيتها ... و تكبده عناء شديدا ليتجاهل مرأى المنزل الذي عاش فيه طيلة خمسة عشرة سنة !

هادئ التعابير ... كان حنين غريب يجتاحه لماضي بعيد ،
حنين لم يملك شيئا حياله ... لكنه عرف يقينا بأنه لن يرضخ له يوما.

الطريق الفرعي الذي يؤدي إلى طرف المدينة ،
و الذي يسير فيه كان هادئا خاليا هذا المساء ،
ومضات خاطفة كانت تضيء داخل السيارة و تنعكس على وجهه و عينيه الشاردتين ،
جراء أنوار الشارع التي يتعداها بسرعة ...

توسعت عيناه فجأة وهو ينتبه من شروده ..
و أسرع يضغط على المكابح يوقف سيارته قبل أن تصطدم بالسيارة السوداء الواقفة بشكل أفقي وسط الطريق.

تمكن من إيقاف سيارته في الوقت المناسب ...
و أطلق شتيمة للحادث الذي أوشك أن يحصل توا بسبب شروده !
لكن أي معتوه يقف بسيارة مطفأة الأضواء هكذا وسط الشارع ؟!!

رأى رجلا قرب السيارة يشير إليه طالبا المساعدة.
فعقد حاجبيه غير مصدق سوء حظه ... ثم ترجل من سيارته ليتحرى أمر سد الطريق بهذا الشكل ،
خمن أن لدى الرجل مشكلة ... عطل ما ربما ،
خاطبه بينما يتحرك باتجاهه بنزق سببه اضطراره لمغادرة دفء مركبته و الخروج لبرد المساء :
_ما المشكلة يا رجل أنت تعيق المرور ؟!

الرجل الاسمر المهندم الثياب .. منحه ابتسامة مريبة :
_أقوم بإيصال رسالة !

شيئا ما في مظهره ... في إجابته ، أو في الموقف عامة لم يعجب رايان ،
و تأكد صدق إحساسه ذاك حين دفع بعنف من قبل شخص ظهر خلفه فجأة ،
ليجد نفسه مثبتا إلى السيارة السوداء ... و يدان قويتان تلويان ذراعه اليمنى خلف ظهره ،
التصق جانب وجهه بالزجاج البارد ... و برد فعل متوقع حاول تحرير ذراعه و الإفلات ،
كان ذلك غلطة ... فسرعان ما ثبت بقوة مضاعفة جعلت جسده يخبض هيكل السيارة أمامه بطريقة مؤذية !!

_كن هادئا !!

أمره أحدهما ... إذ كان واثقا من أن اثنين من يكبلانه ،
يد تسحق رأسه بضغطه على زجاج السيارة ... و اثنتان تلويان ذراعه بحيث أي حركة منه ستجعلها تكسر !!

لهث رايان مصدوما ، و سرعة المفاجأة تشل أفكاره كما هي أطرافه في هذه اللحظة :
_ماذا يجري ... أهذه سرقة ؟!!!

أطلق واحد منهم ضحكة ساخرة ... ميز رايان صوته على أنه الرجل الاسمر الذي رآه بادئ الأمر ، ثم قال :
_نحن هنا لنحملك رسالة ، ستوصلها إن كانت حياتك تهمك !

بقي رايان صامتا للحظات .. يجاهد للتنفس بصوت مسموع نظرا للوضعية الغير مريحة التي كان عليها ،
تكلم بهدوء أخيرا .. محاولا احتواء الوضع كي لا يسوء أكثر :
_أي رسالة هذه ؟!

_لديك أخ ... جوني ، نريدك أن تكلمه من جديد ... تخبره بما سأقول لك حرفيا !

صدمة أخرى جعلت عينيه تتسعان عن آخرهما ،
جوني من جديد ... ما علاقة جوني برجال كهؤلاء ؟!!

_دعني أولا !

الرد على طلبه كان زيادة الضغط على ذراعه بحيث خالها قد كسرت فعلا لشدة الألم ...
أطلق تأوها مكتوما بشده على أسنانه ..
تكلم ذلك الرجل الاسمر من جديد .. و الذي بدا أنه المسؤول بينهم :
_اتركاه ... لن يذهب إلى أي مكان.

حررته تلك القبضات القوية التي ما إن استدار حتى رأى صاحبيها رجلين ضخمين شبيهين برجال العصابات ،
أحدهما اصلع لديه وشم لأفعى على صدغه ... و الآخر -الأكثر ضخامة- استطاع أن يرى المسدس المعلق بوضوح في حزامه !

ذهنه كان يعمل بسرعة و حدة فاجأته ...
سيستطيع وصف ملامحهم بسهولة للشرطة ، إذا ما تعين عليه ذلك ...
و نوع السيارة -التي غدا واثقا من أن لا عطل فيها- يحتاج فقط أن يرى رقمها ...
الهاتف في جيب بنطاله .. و إجراء اتصال من ثلاث أرقام لن يكون عسيرا ...
لن يفلتوا مهما كان هدفهم ..

_لن يفيدك إبلاغ الشرطة رايان ، في الواقع .. شيء واحد فقط ما سيضمن لك الخروج من هنا حيا !

أجفل رايان وهو ينظر في عيون ذلك الرجل الاسمر التي كانت سوداء خبيثة .. لكن نبيهة أيضا ،
عرف بما يفكر ... و قد كان محقا بكلامه ، فسأله رايان بتوتر :
_إذا ما الذي تريده ، و ما علاقتك بجوني ؟!

_استمع دون أسئلة ...

هتف الرجل بصرامة قبل أن يواصل :
_أخبر شقيقك ... الصفقة ستكون مقابل فلذة كبد الرئيس ، إن لم يرغب رئيسه بخسارة ولده ... فليتنحى جانبا ، فابنه تحت أنظارنا الآن !!

ثم ابتسم ابتسامة خبيثة
أكدت لرايان الجامد مكانه بصدمة أن الأمر ليس مزحة ...

_ماذا يعني هذا ؟! أنا لا أفهم ما شأن جوني و شأني بصفقاتكم أو اختطافكم ... أو أي كان ما تفعلونه !! من أنتم ؟!!

اتسعت ابتسامة الرجل وهو يقول بلطف زائف بدا مناقضا لتعابير وجهه الشرسة :
_فقط أوصل هذه الرسالة لأخيك ... و ستبقى أنت خارج الصورة ، هذا ليس مكان نجم مثلك على أي حال ... ثم إنك أعقل من أن تستمر بطرح الأسئلة !

تقدم بضع خطوات باتجاهه .. بحركة بدت مهددة على نحو خالف كلماته ،
توقف أمامه بالضبط .. قبل أن تمتد يده إلى النظارة الشمسية التي تدلت من ياقة سترة رايان ،
أخذها ليضعها فوق عينيه ببساطة ... قائلا باستخفاف :
_تعجبني ... لا مانع لديك إن أخذتها ، أليس كذلك ؟!

لم يرد عليه رايان بشيء ،
فقال يخاطب رجليه :
_هيا بنا !

و سرعان ما أصبح الرجال الثلاث داخل سيارتهم السوداء ،
أدير المحرك و أشعل الضوء الأمامي ...
تحرك رايان مبتعدا حين التفت السيارة في وضع صحيح على الطريق ...
و تحركت مسرعة تبتعد عن المكان .. متوجهة إلى قلب المدينة من حيث أتى هو ...

بقي رايان واقفا وحده لدقائق عدة .. صامتا حتى بعد اختفاء سيارة أولائك الرجال ،
تنير أضواء سيارته -التي لايزال محركها يهدر- وجهه الذي كان مصدوما غير قادر على الاستيعاب ،
تمتم لنفسه بصوت خافت مرير :
_ما الذي تفعله جوني ، و فيما تورطت ؟!






xX تحذير .. يرجى رجاءا حارا عدم الرد ~





‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
__________________




افتَقِدُني
music4

رد مع اقتباس