[
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://www8.0zz0.com/2015/02/27/17/521660796.jpg');border:3px solid gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
(4)
نظرت حولها، كانت الغرفة مرتبة، هناك سريرٌ كبير في المنتصف،مغطى بمفرشٍ أبيض ومطرز بنقوش ورود ملونة . حاولت أن تنسى خوفها وقالت وهي تبتسم وتلقي نفسها فوق السرير :
- آه! لطيف!
أدارت رأسهاوهي تتأمل بقية الغرفة .. إلى طاولة دائرية خشبية حولها أريكتان صغيرتان حمراوتا اللون . عادت تقول بصوتٍ عالٍ لتشجع نفسها :
- يالها من غرفة جميلـة ..!
خلعت المعطف الرمادي الخاص بعماد، أمسكت به من الكتفين وهي تتأمله جيداً، ثم أمتعض وجهها فجأة وقالت :
- أيها المزعج! أنت مزعج .. أيضاً من امبراطورية الجليد .. ياللبرود! أوف!
طوته على ذراعها وخرجت من غرفتها بسرعة وهي تفكر "ماذا لو استيقظت في الصباح ولم أجده في الغرفة المجاورة؟ ماذا سأفعل ..؟" .. طرقت بقوةعلى باب الغرفة رقم "أربعة عشر" ..
فتح عماد الباب فجأة، ونظر باستغراب، عندما نظرت أمامها شاهدته عاري الجذع مما جعلها تصرخ وترمي بالمعطف في وجهه وهتفت وهي ترجع إلى غرفتها :
- يالك من منحرف!
أمسك بالمعطف ولحق بها وهو يقول معتذراً :
- لـ .. لقد ظننته العشاء! خلت بأنه جاء سريعاً بالفعل!
لم تستدر ودخلت إلى غرفتها وأغلقت الباب بقوة ... كانت تتنفس بسرعة وضربت الأرض برجلها اليمنى وهي تتمتم بعصبية :
- ياله من منحرف! كيف يفتح الباب وهو عارٍ هكذا! حتى ولو كان العشاء!
فكرت " مـ .. ماذا؟ ماذا لو أحضرت العشاء فتاة مثلاً ..؟ ياله من أحمق ومزعج وبغيض .." .. فجأة سمعت طرقاً على باب غرفتها، ولهذا جلست وهي تقول:
- من هنـاك؟
سمعت صوت فتاة تقول :
- إنه العشاء،آنستي!
فتحت الباب بسرعة وركضت إلى الغرفة رقم "اربعة عشر" وهي تضرب الباب بقوة، فتح مجدداً، تلك المرة كان يرتدي قميصاً بلا أكمام وعندها زفرت بارتياح وقالت :
- لم أقصد أن أطرق على بابك القبيح .
" ما الأمر؟ هل هي مريضة..؟ " تأملهاوهي تبتعد، وشعر ان هناك خطباً ما،وعلى الفور رأى فتاة ترتدي فستان كحلي اللون وتدفع عربة خشبية انيقة أمامها وقالت وهي تبتسم :
- العشاء سيدي .
نظر لها عماد وقال:
- هل حصلت الآنسة في الغرفة ثلاثة عشر على عشائها؟
- أجل.
فقط شعر انه يريد التفكير بتلك الطريقة، أنها خائفة بشكلٍ ما .. "ربما، من الأفضل أن أذهب تلك المرة" .. ابتسم للفتاة وشكرها ثم حمل عشاءه وتوجه إلى غرفتها وضرب الباب بقدمه ..
- من هناك؟
- إنه أنا ، افتحي .
فتحت الباب وأخرجت رأسهاوهي تنظر بعدوانية متساءلة بعينيها عن مايفعله ، ولكنه أجاب حيرتها بسرعة وهو يتساءل :
- هل تسمحين لي بتناول العشاء في غرفتك!
" هل يجب علي أن اوافق؟ هل سيظن بأنني فتاة متساهلة .. لكن أنا لا استطيع احراجه بالرفض .. " كانت تفكر فدفع الباب بقدمه وقال:
- هيّا دعيني أدخل ! يالكِ من بخيلة.
دخل الى غرفتها ووضع الطعام على سريرها وهو يتأمل السقف ويقول :
- لماذا تبدو غرفتك أفضل! لقد ظننت بأن الرقم ثلاثة عشر رقمٌ منحوس!
بدأ يضحك وجلس بجانب طعامه وهو ويقول:
- لكنه يظل سيء الحظ بوجودك معه ...
قالت بعصبية :
- أ .. أنت!! من سمح لك بالجلوس على سريري!
بدأ يتناول شطيرته وهو يقول :
- الطعام ليس سيئاً!
جلست على احدى الاريكتين وكشفت عن عشائها الموضوع على الطاولة بدون ان تقول شيئاً ، وهكذا تناولا عشائهما بدون تبادل الأحاديث وعندها تساءل عماد وهو يحمل طبق التقديم ويقول :
- ألن تخبريني عن اسمك ..؟ هل هو محرمٌ أن يعرف احد اسمك .. حتى .. انني سجلت الغرفتين باسمي .
نظرت له بهدوء ولم تقل شيئاً ، وعندها نظر بلؤم وقال مع ابتسامة مضحكة وهو يضيّق عينيه :
- أو .. هل يمكن أن يكون اسمك قبيحاً !
ظهر الامتعاض على وجهها فبدأ يضحك ويهتف :
- شيء مثل "عنزة" ؟؟
وقفت واقتربت منه ثم بدأت تدفعه خارجاً وهي تقول :
- ايها المزعج! أنا لا أريد اخبارك اسمي وحسب!
- عنزة!
- لا تنادني هكذا ..
ضحك وفتح الباب وقبل أن يخرج شاهدت سماعة داخل أذنه، لم تشاهدها من قبل، مما دفعها للسؤال :
- أيها المزعج، ماهذه السماعة في أذنك؟
تحسس اذنه وقال :
- هذه لأنني لاأسمع.
- لاتسمع!
- أجل فقد ولدت أصماً .
كانت متفاجأة، وحدقت إليه بدون قول شيء .. إنها بالأحرى لم تعرف ماذا تقول، وعندها تكلم مع ابتسامة :
- امممـ .. حسناً أيتها العنزة، تصبحين على خير .
نظرت إليه وقالت ووجنتيها تحمر خجلاً :
- انت! أيها المزعج ...
توقف وتساءل:
- ما الأمر؟
- شكراً على كل شيء. كنت اتسائل ماذا سيكون حالي إذا لم أقابلك في قطار منتصف الليل.
ابتسم بهدوء، ولأنه شعر بالخجل الشديد .. انصرف بدون قول أي شيء .
مع بزوغ أول ضوء النهار قفز عماد من سريره، هو في الحقيقة شخصٌ لايحب النوم، ويحب ان يركض هنا وهناك طوال اليوم .
قبل أن يخرج من الفندق ، كان هناك شابٌ مختلف خلف مكتب الاستقبال.. وسأله بسرعة :
- هل تعرف أين تباع معاطف الفتيات؟
- المعاطف؟ ليس هناك سوى متجر آل همام . ولكنها باهظة الثمن .
- وأين عنوانها ...؟
ركض متجولا في المدينة بسعادة وكان الجميع يحدجه بنظرة استغراب، مع قميصه الأسود بلا اكمام وبنطاله من قماش الجينز الرمادي وحذاءه الرياضي الابيض .. بدا غريباً للناس الذين يرتدون ملابس كلاسيكية ثقيلة، ملفتٌ للنظر وكأنه قادمٌ من المستقبل .
كانت هناك عرباتٌ تجرّها الخيول وسأل عماد أحد الرجال الذين يقودونها، كان رجلاً اسمر البشرة غليظ الشارب يرتدي عمامة وثوباً فضفاضاً :
- من فضلك، أين تقع متاجر آل الهمامي .. أوه ان كان اسمهاهكذا!
- هل تريد مني ايصالك؟
- من فضلك ..
في ذلك الوقت استيقظت في غرفتها بالفندق ، نظرت حولها باستغراب للحظة، ثم تذكرت على الفور.
ولهذا وقفت واتجهت إلى ملابسها التي قامت بغسلها وفردها على الاريكتين والطاولة في الليلة الماضية،، تحسستها لكي تتأكد من جفافها . بعد ان لمستها قالت لنفسها بقلق " ما تزال رطبة، ولكن لا بأس .. يجب أن اذهب قبل ان يستيقظ عماد ، لن احتمل رؤيته مجدداً، فأنا محرجة .. محرجة بشدة" ..
ارتدت ملابسها الرطبة، كانت تشعر بالبرد وبأن عظامها تؤلمها .. تجاهلت ذلك ونزلت إلى الاستقبال ثم وضعت مفتاح غرفتها على المكتب الخشبي وهي تقول :
- من فضلك، أنا راحلة، هذا مفتاح الغرفة الثالثة عشر.
ابتسم موظف الاستقبال وقال بتهذيب :
- رحلة موفقة آنستي .
ترددت قليلاً قبل أن تقول :
- هل يمكنك إخبار السيد عماد بأنني رحلت ..؟ وأن تشكره على استضافتي .
- بالتأأأكيد آنستي .
- شكراً لك.
كان الجو بارداً وكئيباً، حاولت أن تلهي نفسها بالنظر إلى المنازل والمتاجر والمارة وبائعوا القماش .. كان هناك الكثير من الخيول التي تحب النظر إليها .. ومع ذلك فقدكانت متجمدة وتشعر بالبرد حتى إنها لم تقدر على الابتسام ..
ومن بعيد شاهدت موكباً يتقدم،، وبدأ الناس يبتعدون عن الطريق وبدلاً عن السير يقفون للمشاهدة،، النساء والأطفال، حتى الرجال والعجائز .. الكل يلوّح بيده بسعادة، فسألت امرأة تقف بجانبها :
- من فضلك ، لمن هذا الموكب الكبير ..؟
- إنه وليّ العهد، الأمير سامي .
- أمير ..؟
لمعت في عيناها الفرحة وهتفت لنفسها :
- يا إلهي أمير سوف يمر من هنا بعد قليل ...
عاد عماد إلى الفندق وهو ينظر بداخل العلبة الورقية ويبتسم، ولكنه سمع صوت موظف الاستقبال ينادي :
- سيد عماد .
التفت خلفه وتساءل :
- ما الأمر ..؟
- لقد تركت لك الآنسة في الغرفة ثلاثة عشر رسالة ..
" تركت .. رسالة !! هل رحلت أم ماذا؟ " تابع الموظف كلامه إلى عماد الذي تغيرت ملامح وجهه :
- لقد رحلت .. وهي تشكرك على استضافتك .
تركه عماد واندفع إلى الخارج، وقف في الشارع ينظر يمنة ويسرة وتكلم لنفسه وهو يشعر بالضيق :
- مـ .. ماهذا الزحام!
حاول أن يمشي وسط الناس اللذين بدؤوا يلوحون للموكب الملكي .. وتطلع عماد وتساءل وهو يدخل رأسه وسط الناس :
- ماهذا؟ هل هو الحاكم؟
أجاب أحدهم :
- إنه ولي العهد ..
زفر عماد وأخرج رأسه وهو يتمتم :
- كل هذا من أجل ولي العهد ..
مشى وسط الزحام وهو يدقق في وجوه الناس وتساءل لنفسه " هل سيعجبها أن تقف وتشاهد الموكب الملكي؟ هل تحب تلك الأشياء يا ترى .. أم أنها استمرت بالسير في طريقها إلى بلدة جدتها ... " ولكنه بالنهاية كان يشعر بأنها تقف لتشاهد الموكب الملكي ..
بدأ يبحث عن فتاة مميزة، بشعرٍ قصير .. ترتدي قميصاً وردياً لطيفاً وبنطالاً أسود اللون .. لكنه لم يصادف أي فتاة ترتدي قميصاً وردياً، جميع الفتيات يرتدين الفساتين .. ولهذا دخل في الزحام وبدأ يمشي نحو الصفوف الأولى وهو يتمسك بالعلبة جيداً .
وقف عند حافة الحاجز الذي وضعه الجنود ونظر يمنة ثم يسرة، وعندها شاهدها .. " أوه! إنها تلوّح أيضاً " انتابته ضحكة قصيرة وصاح باعلى صوته :
- أيتها العنزة!
مرّ موكبٌ من الجنود وأحدثوا ضجة مما جعل صوته يذهب أدراج الرياح، وعندما بدأ الصوت في الخفوت مع اقتراب الموكب الملكي نادى مرة أخرى :
- أيتها العنزة الحمقاء!
- توقف!
توقفت احدى عربات الموكب الملكي وتوقفت بعدها بقيّة العربات . كان الناس متعجبون كثيراً، وأخرجت فتاة غريبة رأسها من داخل العربة المذهبة التي تجرها الخيول وقالت وه يتشير نحو عماد :
- أحضروا ذلك اللعين إلى هنا!
نظر الجنود نحو عماد وتكالبوا عليه! "ماهذا انهم لايقصدونني بالتأكيد!" .. ولكنه مشى معهم إلى العربة بهدوء وعندما وصل كانت الفتاة تحدجه بنظرات الكراهية وقالت:
- كيف تجرؤ على أن تسب أميرة؟! أميرة البلاد باكمله!
" يبدو بانها سمعت العنزة الحمقاء " .. تأمل في وجهها ببرود .. كانت غريبة الشكل، لديها حاجبين دائريين وعينان خبيثتان وملامح مستفزة .. فقال وهو يرفع صوته قليلاً :
- ولكنكِ تشبهين العنزة فعلاً!
ضج الناس بالضحك ، فاشتاطت الأميرة غضباً وهي تقول :
- سوف أزج بك في السجن!
شاهدت ذلك الموقف .. كانت تضع يديها على فمها وهي تراقب بجزع " ماذا سيفعلون به الآن! ذلك المزعج الأحمق! "
أشارت الأميرة الفضولية نحو العلبة وقالت:
- وماهذه؟
أجاب عماد :
- هديّة .. ولكنها ليست لكِ بالتأكيد ، فالعنزات لا يرتدون مثل تلك الأشياء!
صاحت الأميره :
- خذوه إلى السجن ..
- يالها من فتاة متعجرفة ومثيرة للمشاكل! كيف تجرؤ على تخريب موكبي بتلك الطريقة! كان عليها تجاهل الأمر فقط!!
قالها الأمير سامي الذي كان يستقل العربةالمجاورة بضيق، وعندها تكلم مستشاره بسرعة :
- سوف انزل وأحل الأمر، لا تقلق أبداً يا سيدي .
تابعت الأميره :
- اضربوه أولاً حتى تسمعوا تحطم عظامه!
" لا .. لا .. سيضربونه حقاً!" صرخت وهي تزيح الحاجز :
- ارجوكِ لا تفعلي ذلك ، انه .. انه لم يكن يقصد،لقد كان يناديني أنا!
- ابعدوها ..
قالتها بتعجرف، ونظر عماد نحوها بقلق وصاح :
- ابتعدي من هنا! انها لاشيء!
اقترب الأمير ونظر من النافذة يراقب الأمر،وعندها تكلم في نفسه "هذان الاثنان ..!" وبدأ يتذكر :
من أنت، هل هذه المنطقة مهجورة ..؟
لماذا لا تجيب على تساؤلاتنا، هل انت من تلك الأطلال؟
لا تقم باستفزازه ايها المزعج!
ضحك ضحكة خافته وهو يتمتم " لقد تحدث مع دعاء بذلك الاسلوب المستفز، جعلها تغضب .. يجب ان اكافئه على هذا حتى اجعلها تموت قهراً " .. نظر إلى نائبه وقال :
- ادعو هذان الاثنان إلى القصر .
- حاضر سيدي .
اتجه المستشار نحوهما ولكن اقترب أحد الجنود وضربها بقوة فأسقطها أرضاً! ترك عماد العلبة لتسقط واندفع نحوها ولكن الجنود أمسكوا به .. " كيف يجرؤ على ضربها!! كيف .." كان يغلي من الغضب ، وتركه الجنود فجأة عندما تكلم مستشار الأمير :
- اتركوه !
اقترب عماد منها وحملها من فوق الارض فبدأت بضرب كتفه وهي تقول بصوتٍ مهتزٍ بالبكاء :
- دعني انزل ! انا لست طفلة لكي تحملني ..! دعني ! مزعج!
تساءل وهو يتجاهل ضرباتها :
- هل انتِ بخير ..؟
نظرت إليه وأومأت بالايجاب، ولهذا جعلها تقف على الأرض برفق .
تكلمت الاميرة دعاء وهي تنظر إليهما بغيظ :
- ماهذا أيّها المستشار! هل تقبل بشخصٍ يرمي السباب إلى أفراد العائلة المالكة ..؟!
تكلم المستشار قائلاً :
- ولكن، سيدي ولي العهد يدعوهما إلى القصر .
ثم فتح باب العربة الثالثة وقال :
- تفضلا، سيدي الأمير يدعوكما لزيارة القصر وحل الخلاف!
[/[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][