ليالي رمضان بالجزائر: سهرات "الكيتاني" وعازبات بحضرة "البوقالات" مسيحيون يصومون تيمناً بالشهر الفضيل الجزائر-رمضان بلعمري إذا كان نهار الجزائريين في رمضان يتميز بإغلاق كل محلات الإطعام وتباطؤ في وتيرة الحياة العامة، فإن ليالي الشهر الفضيل تطبعها نكهة خاصة تتمثل في توجه العائلات والأفراد إلى بيوت الله لأداء صلاة التراويح.
وما إن تنتهي الصلاة حتى تفتح "المحشاشات" أبوابها، ويبدأ الشباب في تشكيل تجمعات على قارعة الطرقات العامة وبداخل المقاهي. أما النسوة، وخصوصا العازبات منهن، فتتسابقن لتنظيم حلقات لسماع "البوقالات"، إيذانا ببدء ليلة زاهية من ليالي رمضان على الطريقة الجزائرية. مسيحيون يصومون "تيمنا" وفي نهار رمضان، اعتاد الجزائريون على رؤية محلات الطعام مغلقة. أما من "يتجرأ" على فتح محله، فسيبدأ نهاره بالنصيحة وينتهي بالضرب عقاباً على هتك حرمة الشهر الفضيل. ولهذا وجد التجار أنفسهم مجبرين على تحويل نشاطاتهم خلال رمضان إلى بيع الحلويات.
أما الأجانب من غير المسلمين فيبدو أنهم يعلمون بهذا الأمر، واحتراما منهم لمشاعر المسملين فإنهم لا يفطرون في النهار، بل بلغ الأمر ببعضهم، وهو حال الصحفي البريطاني ديلروي أليكسندر والصحفية الأمريكية روز ماري آرمارو، اللذين يزوران الجزائر في مهمة تكوينية، أن بادروا إلى آداء فريضة الصوم مع الجزائريين.
وفي هذا السياق عبرت روز عن سعادتها ل "حضور شهر الصيام في الجزائر، بهدف تجربة الصيام أولاً، والاستمتاع بجو رمضان في الجزائر ثانيا، مثلما سمعت عنه".
وقد التقت "العربية.نت" الصحفية "روز" في ثاني يوم من رمضان، وسألتها عن حالها فأجابت مبتسمة أنها "عطشانة بعض الشيء"!. تقليص ساعات السهر وكان لعودة التفجيرات الإرهابية في الأيام الأخيرة، أثر واضح في تقليص ساعات السهر لدى الجزائريين، رغم أن ذلك لم يغيّر من نكهة ليالي رمضان.
فبمجرد الفراغ من الإفطار تبدأ الحركة تدب في أوصال شوارع العاصمة التي اعتادت على السبات بسبب سنوات الإرهاب، وبالإمكان مشاهدة ذلك الإقبال الكبير على آداء صلاة التراويح في المساجد من مختلف الأعمار خصوصا الشباب والأطفال. المحشاشات.. فضاء شعبي للترفيه وفي غياب فضاءات للترفيه، لجأ الشباب إلى خلق مساحات خاصة بهم تسمى ب" المحشاشات"، وهي عبارة عن محل يبنى بالخشب أو الحديد أو القصدير تماشيا مع المستوى المعيشي لأصحابه.
ويوجد في "المحشاشة" في العادة موقد لشواء اللحم ولطهي الشاي كما يوجد بها كراسي للعب الشطرنج أو النرد والدومينو، وهناك محشاشات تحتوي على تلفزيون لعرض أفلام مقابل أسعار رمزية.
وفي هذا السياق، يقول بلال الزين ل"العربية.نت" إن "المحشاشات ممنوعة قانونا لكنها تلقى رواجا لأنها توفر الجو الرمضاني وتقدم أسعارا في متناول الجميع".
وفيما يخص رمضان العاصميين، فيتميز حي باب الواد الشعبي بأجواء رمضانية رائعة، خصوصا بعد تهيئة "كورنيش الكيتاني" عقب فيضانات نوفمبر 2001. ومع الوقت تحول هذا المكان الذي يطل على البحر إلى مقصد لعائلات باقي أحياء العاصمة. أما في شهر رمضان فيزداد الإقبال على الكورنيش في كل لياليه، فمنهم من يقصد المقاهي لاحتساء الشاي والقهوة ومشروبات حمود بوعلام، ومنهم من يجلب معه الأطفال للاستمتاع باللعب في ساحته الفسيحة. العازبات وقصص "البوقالات" أما نصيب النسوة في سهرات رمضان، فلا يقل متعة مع قعدات" البوقالات" التي تنتظم في العادة داخل البيوت، حيث تتكفل إحداهن باستضافة جمع من النسوة أغلبهن عازبات حول أطباق الحلوى والشاي، وتقوم بتحضير إناء فخاري (يسمى بوقالة) وتضع فيه قليلا من الماء، ثم تطلب من كل واحدة منهن نزع خاتمها ووضعه داخل الإناء، ثم يتم تغطية الإناء بقماش ناعم.
و تكمن متعة البوقالات حسب (ب.ح) في "إسقاط معاني تلك الأشعار الشعبية أو الألغاز التي تلقيها في العادة عجوز طاعنة في السن على النسوة الحاضرات، وتقضي قواعد اللعبة أن تخرج إحداهن خاتما من الإناء-البوقالة، وتطلب العجوز من صاحبة الخاتم تمني شيئاً ما في نفسها، قبل أن تقرأ عليها مقطعا من الشعر أو تطلب منها فك لغز، وهكذا دواليك حتى تنقضي السهرة وقد عادت الفتيات العازبات بأحلام فارس الأحلام"!. |