كانت تتقدم بخطى سريعة في ذلك الزقاق المظلم لا يسمع فيه شيء عدا صوت خطواتها التي تناغمت مع قطرات المطر المنهمر بشدة حاملة بيدها مظلة سوداء مزركشة أطرافها بلون ذهبي تناسب مع لون معطفها الذي يصل إلى ما تحت الركبة ذا اللون الأسود بنفس لون حذائها ذي الكعب العالي و قبعتها التي كانت تخفي وجهها بينما يدها الأخرى تحمل ما يشبه الرسالة, فتحت حقيبتها السوداء التي كانت معلقة في كتفها بعد أن وصلت لشقة صغيرة لتخرج مفتاحا ذهبي اللون فتحت به الباب و دخلت بعجل لغلقه خلفها و ترمي بالمظلة على الأرض بفوضوية و عيناها البنفسجيتان معلقتان بالرسالة التي كانت تحملها أمسكتها بكلتا يديها بعد أن أسندت نفسها على الباب و راحت تلتفت يمينا و يسارا و كأنها تتأكد ان لا أحد يراها و هي تعلم أنها أساسا تعيش وحدها أخذت نفسا عميقا و أطلقته لتهم بفتح الرسالة التي كانت مغلقة بختم احمر بلون الدم و هو عبارة عن شعار لرصاصة بالسكين الصغير الذي أخرجته من حقيبتها و ما ان أخرجت الرسالة حتى بدأت تقراها و يدها الأخرى في الجانب الأيسر من صدرها و كأنها تحاول إيقاف نبضات قلبها الذي كاد ان يخرج اعترت ملامحها الصدمة التي سرعان ما أصبحت ابتسامة واسعة على وجهها ذي البشرة ناصعة البياض رمت الرسالة على الأرض و ارتمت على الارض و هي تصرخ بعفوية :
لقد قبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلت
ضحكت بخفة و أخذت تتحسس قلادتها الفضية التي كانت على شكل قطرة ماء مزينة في وسطها بأحجار كريمة ليحل محل تلك الابتسامة نظرة حزن و قد كانت تقول في نفسها:
لن اخلف بوعدي أبدا و سأحقق حلمك
¤**¤**¤**¤**¤**¤
جهزت حقيبتها الوردية المزينة بصور لكثير من الشخصيات الكرتونية و وقفت أمام المرآة لتعدل من منظرها ابتسمت لنفسها فحتى هي لا تنكر أنها جميلة بذلك المعطف الزهري الذي يصل الى ما فوق الركبة و الظاهر من تحته قميص بلون رمادي و سروال اسود مع حذاء يصل إلى ركبتها بلون اسود أمسكت بوجنتيها كالأطفال لتصرخ بعدها:
لطـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيف
جرت حقيبتها خلفها و على وجهها نفس الابتسامة لتصل إلى غرفة الجلوس حيث تناولت كوب شوكلاته ساخن أعدته لنفسها بينما تحمل بيدها الجريدة راحت تقلب العناوين حتى توقفت عند عنوان استحوذ على اهتمامها و قد كتب بالخط الأحمر الغليظ:
جرائم القتل الغامضة تتوالى في اليابان
رمت الجريدة على الأرض بابتسامة ساخرة لتخرج من المنزل
و تغلق الباب خلفها بعد ان نظرة لشقتها للمرة الأخيرة لترمي حقيبتها في سيارتها الوردية المكشوفة و تنطلق مخلفة الغبار خلفها مشوبة بأنظار لفتى كان يراقبها منذ الصباح ليقول هذا الأخير على هاتفه بعد أن رآها قد رحلت بابتسامة ماكرة:
-الآن ستبدأ المتعة
لينزل أمامه سلم من مروحية سوداء عليها شعار رصاصة فيمسك به ليصعد على متنها و يرحل بها
في هذه اللحظة كانت كات قد وصلت إلى المطار و وقفت في وسطه و آخذت تحدق بالمكان باستغراب شديد :
{ترى اي طائرة على ان استقل انا لا اعرف حتى اين سأذهب او موقع تلك المدرسة آخ}
فاجئها اصطدام احد بها لتسقط على الأرض بجانب حقيبتها رفعت رأسها لترى من الأحمق الذي اصطدم بها لتجدها فتاة ذات شعر اسود و عينان بنفسجيتان و ترتدي ملابس كلها سوداء و لكن بدت صغيرة في السن ذات نظرة جامدة وقفت هذه الأخيرة بتوتر و راحت تلملم حاجياتها بتوتر كل هذا تحت أنظار كات التي ابتسمت ابتسامة سعيدة ووقفت لتساعدها لكن الفتاة نظرت لها بقسوة ما ان كادت تلمس حقيبتها و أخذت أغراضها و رحلت تاركة كات في حيرة من نفسها :
{ما تلك النظرة القاسية أفعلت شيء خاطئ لكن تبدو لطيفة جدا رغم الملابس الكئيبة التي ترتديها}
فجأة توقفت عن الإبتسام ببلاهة و نكست رأسها لتقول:
و الآن ماذا علي ان افعل
-آنسة كاتلين
استدارت لترى رجل في العقد الثلاثين يرتدي نظارة و زيا رسمي لتجيبه بتعجب:
نعم أنا
-اتبعيني من فضلك
قالها و بدأ بالسير لتتبعه و هي تجر حقيبتها و تنظر للمكان بابتسامة واسعة و كأنها طفل صغير و بعد دقائق وصلوا أمام طائرة ضخمة عليها شعار رصاصة لترى ذلك الرجل منحني بأدب طالبا منها الدخول ابتسمت بهدوء و شكرته لتصعد الطائرة تاركتا اياه في حالة من الذهول لم تكن اقل من ذهولها بعد ان دخلت الطائرة لتمحى ابتسامته بأخرى متوترة و هي تقول في نفسها:
{في ماذا اقحمت نفسي ما بال هذه النظرات و لما الجميع يرتدي الأسود هل نحن ذاهبون لجنازة أم ماذا}
و بعدها ابتسمت بتحد و اخذت بالبحث عن مقعد و قد أخافتها نظارات المسافرين القاسية الى ان رأت الفتاة التي اصطدمت بها في الصباح فابتسمت بفرح و تقدمت نحوها:
هل يمكنني الجلوس
و ما ان استدارت لتراها حتى عقد لسانها لتقول :
ا أهذه أنتَ
بالطبع أنا من اصطدمت بها
عذرا هل أخطأت في الطائرة
هم لا الطائرة الى مدرسة نيكساس صحيح؟
لا اصدق
قالت هذا بتنهيدة و هي تعيد نظرها الى النافذة لتنكس كات وجهها و تقول بنفسها :
لما الجميع هاكذا ذو نظرات قاسية و لا احد يهتم امر ممل
كانت شاردة و هي تضع يدها على خدها ليوقضها صوت من أفكارها:
اهلا انا ليون مارشيل سررت بالتعرف اليك يمكنك مناداتي بليو
استدارة له لترى فتا ذا شعر ازرق و عينين بنفس لون شعره و قد كان يبدو طفوليا:
مرحبا انا كاتلين روبينس سررت بالتعرف اليك يمكنك مناداتي بكات ثمــــــــــــا {و أخذت تمطط خده و ابتسامة واسعة
شاقة وجهها}انت لطيف جدا كم عمرك كل شيء فيك رائع ماعدا هذا اللون الأسود الذي ترتديه كالبقية
بقي ينظر إليها ثم أردف بإبتسامة و هو يبعد يدها بلطف:
ههه لطيف انا سعيد لأني التقيت بمن تستطيع الابتسام على الأقل
الجميع هنا بارد الملامح و كأنهم ذاهبون إلى جنازة سعيدة أكثر بمعرفة شخص مثلك
هههههه بل أنت الغريبة لارتداك مثل هذا اللون و هذه الحقيبة التي تحملينها
و ان يكن انا هي انا اينما اكون
ختمت كلامها بابتسامة جعلت الفتاة التي بجوارها تنظر بدهشة ثم تبتسم بلطف لتقلع الطائرة بعد أن آمرهم الربان أن يجلس كل بمكانه
المخرج:
ابتسم للحياة
مهما كانت آلمك
لا تستسلم
عشها بحلوها و بمرها