من طريف ماقرأت عن أخبار العشاق المتعففين ماأورده ابن الجوزي في كتابه أخبار النساء هذه القصة اللطيفة ,والتي تحمل الكثير من الدروس والحكم .. فقيد ثقيف عاشق زوجة أخيه قال الأصمعي: كان فتىً من ثقيفٍ شديد الحياء، كريماً أديباً، فبينا هو جالس، إذ مرّت به امرأةٌ من أجمل النّساء فلم يتمالك أن قام من الحياء من مجلسه ليعلم من هي، وأين تريد. وقد كلف بها واشتدّ عشقه لها، فاتّبعها حتى دخل منزل أخيه فإذا هي امرأته، فضاق به الأمر ولم يدر ما يصنع، وكتم شأنه، وجعل ما به يزداد كل يومٍ حتّى نحل جسمه، فأنكر شأنه أخوه وأهله وسألوه عمّا به. فلم يخبرهم بشيءٍ من أمره. فدعا أخوه الأطبّاء فعالجوه فلم يغنوا عنه شيئاً، فلمّا أعياهم ما به، وزاد سقمه، سلّمه أخوه إلى الحارث بن كلدة وكان من أطبّاء العرب فنظر إليه الحارث فلم يرى به داءٌ ينكر، غير أنّه ظنّ أنّه عاشق. فخلا به الحارث فسأله، فأبى أن يقرّ له بشيءٍ. فلمّا أعيا الحارث جعل يسأل عن أسمائهم وأسماء نسائهم، والفتى ملقىً بين يديه، كلّما سمّيت امرأةٌ منهم نظر الحارث وجه المريض حتّى جاء اسم امرأة أخيه فارتاح وتنفّس، واغرورقت عيناه بالدّموع. فعلم الحارث أمره، وقال لأخيه: إذهب فجئني بجميع أهليكم، ولا يتخلّف عنّي منهم امرأةً ولا رجلاً، فإنّي قد وقعت على دائه. فخرج أخوه حتّى أتى أهله، فجمعهم في منزل ونقل الحارث المريض إليهم، وقال: لا يغيبنّ عنه امراةٌ ولا رجلٌ. فلمّا نظر الرّجل إلى امرأة أخيه خفّ عنه بعض ما كان يجده. فعرف الحارث ذلك منه، فأمر بشاةٍ فذبحت، وأخرج كبدها فوضعها على النّار، ثمّ أطعمه منها فأكل ثمّ مزج له شربةً خفيفةً فسقاه، وفعل به ذلك أيّاماً يزيده في كلّ يومٍ شيئاً قليلاً في مطعمه ومشربه. فحسنت حاله، ورجع إليه بعض جسمه. فلمّا رأى الحارث أنّه قوي بعض القوّة صنع له طعاماً وهيّأ له شراباً ثمّ أحضر الفتى وأخاه فطعما وشربا، وأمر الحارث أخاه أن ينصرف وقام هو ووكّل هو بالفتى من يسقيه ويغنيه، وقال: احفظ حديثه، وكلّ ما يتكلّم به، وحدّثه كلّ حديثٍ تعرفه في العشق وأخبار العشّاق، وأشعارهم. فلمّا أخذ الشّراب في الفتى تغنّى: أهل ودّّي، ألا سلموا
وقفوا كي تكلّموا
أخذ الحيّ حظّهم
من فؤادي وأنعم
فهمومي كثيرةٌ،
وفؤادي متيّم
وأخو الحبّ جسمه
أبد الدّهر يسقم فلمّا أصبح الحارث، دعا الموكّل بالفتى فسأله، فعرّفه بكلّ شيءٍ، فحدّثه وأنشد الأبيات التي تغنّى بها. فدعا أخاه فعرّفه إنّه عاشقٌ لامرأته. فقال له: يا أخي أنا أنزل لك عنها وتتزوّجها. فلمّا سمعه الفتى استحيا وخرج هارباً على وجهه، فلم يقفوا له على خبرٍ إلى اليوم فسمّي فقيد ثقيف.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |