العدل والظلم ( 2 ) العدل والظلم في ميزان الإسلام ( 34 )
( بين العدل والظلم ) الحسبة ، الاحتساب ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بين العدل والظلم
( بين العدل والظلم ) الحسبة ، الاحتساب ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بين العدل والظلم ( 1 )
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ودراسات وبحوث إسلاميّة أخرى ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان
من يقوم بدراسة هذه الظاهرة ( وضع الأمّة الإسلامية المتردّي ، وحيرة وتردّد الناس وتفكيرهم بهجر هذا الدين والبحث عمّا يمكن أن يحقّق مطالبهم وأحلامهم ويحفظ حقوقهم كالديمقراطية والعلمانية والليبرالية والقومية وغيرها ، والفتاوى السياسية أو سياسة الفتاوى أو القرارات السياسية التي تصدر كفتاوى أو القرارات السياسية أو الإدارية التي تأتي من الحاكم مكتوبة ولا يكون للفقهاء دور فيها سوى كتابة أسمائهم تحتها ، ... إلخ ، ويرجع إلى عشرات المصادر الموثّقة ) يجد أنّ المشهد يتكرر وأن المنطقة قد تعرضت - منذ سقوط الخلافة العثمانية ( الاستعمار التركي ) واحتلال بريطانيا وفرنسا وإيطاليا للعالم العربي والإسلامي حتى الآن - إلى الأحداث نفسها والأساليب ذاتها ، وإذا الدين والفتاوى أحد أهم أسلحتهم في توجيه الرأي العام الإسلامي أو تحييده من خلال تفاهم الاحتلال مع بعض الفقهاء أو من خلال التفاهم مع السياسيين الذين يقومون بدورهم بتوجيه الفقهاء بما تمليه سياسة الاحتلال الأجنبي . والأدلة كثيرة جدا ممّا يؤكد مدى تحكم العدو الخارجي وضبطه لموضوع بعض الفتاوى داخل العالم الإسلامي بما يخدم مصالحه الاستعمارية .
وهكذا تسوء الأحوال ! وهكذا يختلط الحابل بالنابل ، وهكذا تصير قاعدة ( أول الخروج الكلمة ) أصلا من أصول السنة وسلف الأمة ، بعد أن كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدع بالحق هو أوجب الواجبات بإجماع الأمة لآيات وأحاديث منها حديث ( وأن نقول الحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ) .
وإذا أردت معرفة أبعاد الأزمة وخطورتها ، فانظر كيف كان الجهاد في أفغانستان ، وغيرها ، من أوجب الواجبات ثمّ صار من أعظم المحرّمات !
وإذا أردت معرفة أبعاد الأزمة وخطورتها ، أيضا ، فانظر كيف ترك أكثر من نصف الشعب العراقي مقاومة الاحتلال تقليدا لفتوى رجل واحد ليحتلّ العدو أرضهم وينهب ثرواتهم ويقتل رجالهم ويسجن أحرارهم ، وليعبث الاحتلال الأجنبي بأوطان المسلمين بمثل هذه الفتاوى المشبوهة التي لا يحتاج العدو ليحصل عليها إلّا إلى قليل من التفاهم من وراء الكواليس مع هذا الحاكم أو ذاك فإذا الملايين تتعطل قدراتها وتتخلى عن واجباتها بفتوى كتبها الحاكم وأعلنها الفقيه ! ، لا لشيء ، إلا لغياب نور العقل والعلم والفطرة السليمة التي تدفع البوذي الفيتنامي لمقاومة الاحتلال مهما كان الثمن فلا يحتاج إلى فتوى فقهية ليعرف ما يجب عليه القيام به تجاه أرضه ووطنه ودمه وماله وعرضه وحقوقه مما تقتضيه العقول السليمة والفطر الصحيحة !
مشهد يتكرّر ، ويكشف عن مدى تخلف الأمة وغيبة الوعي الإسلامي الصحيح الذي صار أسير فقه ديني غريب متقلّب ! وحتى صار بعض الفقهاء أحد أسباب سقوط الإنسان وسقوط الأوطان وضياع الحقوق وسيادة الحكام المستبدين الظالمين الجائرين أو الفاسدين أو المستأثرين أو الفاسقين أو الغالّين أو السارقين أو المعتدين على دماء أو أموال أو أعراض أو حقوق المسلمين في أجزاء من عالمنا العربي والإسلامي ، مما يجعل دعاة العلمانية ينشطون لطرح مشاريع الحكم العلمانية وكأنهم كانوا في حلف سرّي مع هؤلاء الفقهاء !
أضف إلى ذلك كارثة عامّة شاملة ، فإذا نظرت على امتداد العالم الإسلامي رأيت طائفة عظيمة من الناس قد تعطلت ملكاتها وعقولها وذلك باتّباعها هذا الشيخ أو ذاك الفقيه أو ذاك الواعظ أو المبلّغ ، لا في دقائق الفقه فحسب بل في أصول الدين وقطعياته البدهية ، ولا يحتاج العدوّ لتوظيفهم في خدمة مشروعه أو تحييدهم إلا التفاهم مع ولاة أمورهم ! فإذا هم أدوات في يده فلا يصدر عنهم قول إلا بإذنه ولا فتوى إلا بأمره ، وقيل : ربمّا يصل الأمر إلى أن الفتاوى تأتي مكتوبة جاهزة ولادور للحكّام سوى إيصالها إلى بعض العلماء الذين لا دور لهم سوى إصدارها بأسمائهم !
قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ، و : ( كُنْتُمْ خَيْرَ اُمَّةٍ اُخْرِجَتْ لِلْنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرَهُمُ الْفَاسِقُونَ ) ، و : ( لُعِنَ الَّذينَ كَفَرُوا مِن بَني إسرائيلَ عَلى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابنِ مَريَمَ ذَلِكَ بِما عَصَوا وَّكَانُوا يَعتدُونَ * كَانُوا لا يَتَناهَونَ عَن مُّنكَرٍ فَعلَوهُ لَبِئسَ مَا كَانُوا يَفعَلُونَ ) ، و : ( فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ) ، و : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ، و : ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) ، و : ( فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ، و : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) ، و : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ، و : ( وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ) ، و : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ) ، و : ( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ) .
الحسبة ، الاحتساب ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ، العدل والظلم ، العدل والظلم في ميزان الإسلام .
من : سلسلة العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ( ك : حقوق الإنسان ، والعدالة الاجتماعية ، والدماء ، والأموال العامّة والخاصّة ، والأعراض ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والمعارضة ، والمقاومة ، والخروج ، والتغيير ، والثورة ، والحكم ، والسلطات ( التشريعية ، والتنفيذية ، والرقابية ، والقضائية ) ، والشورى ، والديمقراطية ، والاستئثار ، والاستبداد ، والطاعة ، والموالاة ، والفساد ، والفقر ، والبطالة ، والتشرّد ، وغيرها . ( دراسات وبحوث إسلامية ، ومقارنة ) . تأليف : عبدالله سعد اللحيدان . وهي غير خاصّة بوقت أو أحد أو حالة أو جهة ، مع إيراد أمثلة - حسب الحاجة - من التاريخ والواقع .
وحرصا على أن يبقى خيط هذه السلسلة العلمية متّصلا وطريق سيرها واضحا ، وأن أزوّد من يتابعها بكلّ ما يستجدّ فيها - إن شاء الله تعالى - أذكر التالي :
الجزء الأول من هذه السلسلة العلمية بدأته ب : آيات الظلم في القرآن الكريم ، وفي الجزء الثاني أضفت : الدعاء ، دعوة المظلوم ، الدعاء للمظلومين ، الدعاء على الظالمين .
وتقع هذه السلسلة في دائرة الهمّ الأساسي لمؤلفاتي السابقة ، وغيرها من الكتابات والنشاطات الثقافية والإعلامية ، وإن كان لكلّ منها مجاله ، أو تخصّصه ، الذي قد يختلف - في الشكل - عن الآخر .
والهدف : إبراء الذمّة ، ومساهمة بسيطة في استنتاج معيار واضح للعدل والظلم ، ونشر فكر وثقافة العدل واجتناب الظلم .
ولابد للعدل والظلم من معيار ، وإلّا كانت الأهواء والأغراض هي المعيار !
قال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) .
وأوجز ما قلت في مقدّمات الأجزاء السابقة بالتالي :
سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .
القرآن الكريم ثمّ السنّة هما الأساس والمنطلق الأوّل ، والتأكيد على العلم الشرعي والدعوة والوعظ والتبليغ والاحتساب والإصلاح والدعاء وحثّ المظلوم على اللجوء إلى الله تعالى والتمسّك بأسباب زوال الظلم عنه .
وهذه الدراسات والبحوث ليست في علوم الدين فقط ، التي هي المصدر والمورد ، بل تشمل علوم اللغة والاقتصاد والاجتماع والطبيعة وغيرها .
وما تمّ نشره من هذه السلسلة - حتى الآن ، في أكثر من ألف وخمسمائة ( 1500 ) حلقة ( في اثنين وستين - 62 - مجموعة ) ، مع نشر الجزء الخامس - هو كتابات مبدئية موجزة وعرض تليه مناقشات لاحقة .
وبعد استيفاء ما يستجدّ ويرد من إضافات وملاحظات ، والتحقيق والمناقشة والتحرير والمراجعة ، واكتمال السلسلة ، سأقوم بتصنيفها وطباعتها إن شاء الله تعالى .
وأعترف بأنّ المواضيع كثيرة والقضايا كبيرة ، وأنّها تحتاج إلى بحوث ودراسات أشمل وأعمق ممّا نشرت حتى الآن ، لكن ذلك لا يمنع من محاولة الوصول إلى بعض الحقائق وتبيينها . قال تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ) .
وهذه السلسلة ، أعتمد فيها - بعد الله سبحانه وتعالى - على عشرات المصادر والمراجع ، وأبذل وسعي ، و ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) . ( إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) .
سلسلة العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .